عمل الباحث مدثر زروق بمركز البحوث الهيدروليكية بوزارة الري والموارد المائية منذ عام 2003. حصل على درجة الماجستير من هولندا في مجال النماذج المائية. ودكتوراة في النماذج المناخية الإقليمية وتطبيقاتها على حوض النيل بالمعهد العالمي للفزياء النظرية بإيطاليا و جامعة الخرطوم تحت إشراف الخبير العالمي بروفسير الفاتح الطاهر وبروفسير فليبو من إيطاليا وبروفسير عابدين صالح وبروفسير جمال مرتضى من جامعة الخرطوم. كما قام بعمل دراسات فوق الدكتوراة بجامعة كيب تاون بجنوب أفريقيا على تأثير النماذج المناخية العالمية على أفريقيا. و يعمل حاليا بسكرتارية مبادرة حوض النيل بمدينة عينتبي بيوغندا بوظيفة خبير نماذج مناخ و مصادر مياه إقليمي. ولديه العديد من الأوراق العالمية والبحوث. ومحكم للعديد من المجلات العالمية. سد النهضة الأثيوبى يقع على النيل الأزرق بولاية بني شنقول- قماز بالقرب من الحدود الإثيوبية السودانية، و يبلغ طول بحيرة الخزان ومساحتها في أعلى منسوب للخزان حوالي 246 كلم و 1874 كلم2 على التوالي. وللمقارنة فإن طول بحيرة السد العالى حوالى 500كلم، بينما تبلغ مساحة بحيرة التخزين أكثر من 6000 كلم2. في الفترة الأخيرة انتشرت كثير من المعلومات المغلوطة في الوسائط الإجتماعية و كذلك في الصحف المحلية عن الآثار المناخية السالبة على السودان نتيجة لقيام سد النهضة والتي فيها تضخيم و تهويل غير حقيقي و هذا قد يعود غالبا لعدم توفر المعلومات المسنودة علميا بصورة مختصرة و مبسطة، ولهذا كان من الضروري بمكان توضيح إن كان هنالك آثار سالبة على السودان أم لا. وهذا المقال يستعرض وبإختصار شديد نتائج دراسات قام بها كاتب المقال بالإشتراك مع مختصين ذو خبرات عالمية، ويعملون فى أكبر وأهم المراكز البحثية المتخصصة فى علوم التغيرات المناخية فى كل من أوربا والولايات المتحدةالأمريكية. أشارت العديد من الدراسات العلمية و بعض الدراسات التي قمت بها عن أثر تغير الغطاء الأرضي1، مثل المسطحات المائية الطبيعية (البحيرات)، الصناعية (مثل بحيرات الخزانات)، على المناخ الإقليمي في المناطق المدارية، فإنه لابد أن يحدث هذا التغيير في مساحات كبيرة حتى يكون هنالك أثر يذكر، بمعنى آخر لابد أن تكون مساحات هذه المسطحات المائية كبيرة. و من خلال دراستي للنماذج الإقليمية و أثر تغيير الغطاء النباتي فإنه حتى لو تضاعفت مساحة سد النهضة لأكثر من عشر مرات فإن تأثير ذلك سيكون محلي و محدود، أي انخفاض طفيف في درجات الحرارة في بحيرة السد و زيادة طفيفة للأمطار في بحيرة السد. فبالنظر لمساحة سد النهضة في أعلى منسوب وما يمثله من مساحة في النماذج المناخية الإقليمية والنماذج المناخية العالمية، فإن مساحة الخلية الواحدة في النماذج العالمية تساوي 9 إلى 81 ضعف مساحة سد النهضة ، وفي النماذج المناخية الإقليمية تساوي مرة و نصف ضعف مساحة سد النهضة، وهذا يدل على أنه لا يوجد أي تأثير يذكر على مناخ السودان من سد النهضة. و كذلك لا يمكن لسد النهضة أن يكون سببا في زيادة الإحترار الذي يؤثر على مناخ السودان وسبب في فيضانات عالية وفترات طويلة من الجفاف الشديد. لأنه كما ذكرنا فإن مساحة سد الهضة أقل من مساحة الخلية الواحدة. وهنا يجب علينا أن نفرق بوضوح أن التغيرات المناخية وزيادة درجات الحرارة بصفة عامة قد تؤدي لفيضانات عالية و فترات جفاف طويلة2 ولكن ليس بسبب سد النهضة. لأن الأمطار في هذه المنطقة تتكون نتيجة لظواهر أخرى كحركة الفاصل المداري، و كذلك نتيجة لدرجة حرارة سطح المحيطات كالمحيط الهادي والهندي والأطلنطي وعوامل مناخية أخرى. ونجد أن الجفاف والفيضانات في هذه المنطقة مرتبط بصورة كبيرة بظاهرة تسمى الألنيونو واللانينا وليس بسبب سد النهضة3، 4. نجد أن المحيط الهادي يغطي تقريبا نصف مساحة الكرة الأرضية وله تأثير كبير جدا في تشكيل مناخ الكرة الأرضية. وهناك العديد من الدراسات العالمية المختلفة تشير إلى وجود علاقة قوية بين ارتفاع أو انخفاض درجة حرارة سطح المحيط الهادي بالعديد من الفيضانات والجفاف التي تحدث في مختلف المناطق المدارية والإستوائية في العالم. وكتعريف مبسط تسمى ظاهرة إرتفاع درجة حرارة سطح المحيط الهادي بظاهرة الألنينو و ظاهرة إنخفاض درجة الحرارة للسطح بظاهرة اللانينا. وقد قام الخبير العالمي بروفسير الفاتح الطاهر في عام 1996 بإجراء أول الدراسات حول تأثير ظاهرة الألنينو واللانينا على كمية تصريفات نهر النيل والنيل الأزرق5، 6، 7. ووجد في هذه الدراسة أن ظاهرة الألنينو مرتبطة بجفاف النيل الازرق وظاهرة اللانينا مرتبطة بفيضان النيل الازرق في أغلب الأحيان. وهنالك العديد من الدراسات تشير إلى ارتباط وثيق بين أمطار الهضبة الاثيوبية ووسط السودان ومنطقة الساحل8، 9 بهذه الظواهر وليس بسبب سد النهضة. فنجد أن الألنينو قد يؤدي الى جفاف جميع هذه المنطقة والعكس في حالة اللانينا. هناك حديث عن الغازات التى سوف تنبعث من بحيرة سد النهضة وأثرها على التغير المناخى للبلاد، مثل غاز الميثان وهو أحد الغازات الدفيئة و التي تؤثر في زيادة الاحتباس الحراري. ولكن نجد أن الغلاف الجوي يتكون من 78.084% من غاز النيتروجين، 20.946% من غاز الأكسجين، و 0.934% من غاز الأرجون10. و نجد أن النسبة القليلة المتبقية تتكون معظمها من الغازات الدفيئة و التي زيادتها تؤثر في الاحتباس الحراري، و هي 36-72% بخار ماء، و 9-26% ثاني اكسيد الكربون، و 4-9% غاز الميثان و غيرها11. و عليه فإن نسبة غاز الميثان في الغلاف الجوي 0.000187%10، وكذلك فقد أشارت الدراسات إلى أن 27% من الثروة الحيوانية، 24% من النفط و الغاز، 11% من معالجة والتخلص من النفايات، 9% من استخراج الفحم، 7% مياه الصرف الصحي، 7% من زراعة، 5% مصادر زراعية أخرى، 10% من الحرائق وتغيير الغطاء النباتي وأخرى. وهنالك عوامل عديدة تساعد على تكوين غاز الميثان في الخزانات منها: العمق، المساحة، تركيز الفسفور، الكربون العضوي المذاب، ودرجة الحرارة، و غيرها. فنجد أن الانبعاث لغاز الميثان يزيد في البحيرات الضحلة ودرجات الحرارة العالية وهذا عكس ما هو موجود في سد النهضة. فنجد أنه يمتاز بالعمق الكبير ودرجة الحرارة المنخفضة نسبيا. وهذا يدل على أنه لا يوجد أي تأثير يذكر على مناخ السودان من سد النهضة أو غاز الميثان الذى قد ينبعث منه. و كذلك اذا نظرنا إلى بحيرات الخزانات الكبيرة الموجودة داخل السودان أو الممتدة داخل السودان و تأثيراتها. فنجد أنه لم يتم توثيق أي تأثير لبحيرة السد العالي (بحيرة ناصر) على مناخ السودان، بالرغم من أن مساحتها (6000 كلم2) تبلغ أكثر من ثلاث أضعاف بحيرة سد النهضة. و كذلك اذا نظرنا لبحيرة خزان جبل أولياء و التي تبلغ مساحتها (1700 كلم2) تقريبا نفس مساحة سد النهضة (1874 كلم2) و تقع تقريبا في منتصف السودان، إلا أنها لم تؤثر في عمل فيضانات أو جفاف بالسودان. مراجع: 1/ http://dx.doi.org/10.1007/s00704-012-0751-6 2/ https://doi.org/10.1002/0470848944.hsa211 3/ https://doi.org/10.5194/hess-18-1239-2014 4/ https://doi.org/10.5194/hess-18-4311-2014 5/ http://eltahir.mit.edu/eltahir/journals/?pg=4#gallery-4 6/ http://eltahir.mit.edu/eltahir/journals/enso-and-the-natural-variability-in-the-flow-of-tropical-rivers#gallery 7/ http://eltahir.mit.edu/eltahir/journals/?pg=3#gallery-29 8/ https://agupubs.onlinelibrary.wiley.com/doi/abs/10.1029/96GL00246 9/ https://link.springer.com/content/pdf/10.1007/s003820100172.pdf 10/ https://en.wikipedia.org/wiki/Atmosphere_of_Earth#cite_note-CO2-2 11 / https://en.wikipedia.org/wiki/Greenhouse_gas 12/ https://www.nature.com/articles/s41598-020-63698-x#Fig1 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.