عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. 18/6/2020 نحاول من خلال هذا المقال تسليط الضوء على الشفافية المالية لحكومة السيد حمدوك وفق المعايير الامريكية. خاصة وان حكومة السيد حمدوك تضم عددا من الوزراء الذين اكتسبوا خبرة وتجربة بالعمل في المؤسسات العالمية التي تلتزم بذات المعايير الامريكية للشفافية المالية وفق النظريات الاقتصادية العالمية المعروفة. وسنوضح مدى التزام الحكومة بهذه المعايير. إلا أننا نبدأ تحليلنا بتعريف بالقائمة التي أدرجت فيها الادارة الامريكية، السودان ضمن قائمة الشفافية المالية السوداء. متهمة فيها الحكومة السودانية بعدم الشفافية المالية فيما يتعلق بالميزانية العامة للدولة وأيضا صرف أموال المنح والمساعدات المقدمة من الدول الخارجية. ثم نوضح تبعا لذلك منهج التفكير ومتطلبات ومعايير القياس التي تتبعها الحكومة الامريكية في الحكم على الشفافية المالية للدول. ثم نستعرض عددا من التصريحات الحكومية حول الموضوع ونتعرف على أدائها وفقا لذلك. لنستطيع ان نخلص الى الحكم ونجري المقارنة المطلوبة ونستخلص التتائج. أولا تقرير الشفافية الماليةالأمريكية 1/ محتوى تقرير الشفافية الأمريكية يصف التقرير مدى استيفاء الدول المستهدفة بالحد الأدنى من متطلبات الشفافية المالية للموازنة المالية والمساعدات الخارجية المقدمة للدولة المعنية. 2/ المعايير المستخدمة: يستخدم التقرير عدة معايير لقياس الشفافية المالية. وضعت هذه المعايير وطورتها ، وتقوم بتحديثها ، وتعزيزها، وزارة الخارجية الامريكية وذلك بالتشاور مع الوكالات الفيدرالية الامريكيلة الأخرى ذات الصلة. 3/ الجهة المستهدفة بالتقرير: عدد من الدول التي تم تحديدها مسبقا في تقرير الشفافية المالية منذ العام 2014 4/ الهدف من التقرير: 1/ تيقيم أداء الحكومات المستهدفة فيما يتعلق بالموازنة والمساعدات الخارجية المقدمة لها، وفق متطلبات الشفافية المالية. 2/ توضيح ما إذا كانت تلك الحكومات قد أحرزت تقدمًا كبيرًا نحو تلبية متطلبات الشفافية، في فترة المراجعة من 1 يناير - 31 ديسمبر 2019. 3/ تقديم تحليل مالي لاستخدام تلك الدول لأموال السنة المالية 2019 و أموال السنة المالية 2020 . يشمل الاموال الوطنية والمعونات المقدمة من الخارج. 4/ تقديم توصيات محددة بشأن الخطوات قصيرة وطويلة المدى التي يجب أن تتخذها هذه الحكومات لتحسين واستكمال الشفافية المالية فيها. 4/ المتطلبات: وفق المعايير المحددة مسبقا، فان متطلبات الحد الأدنى من الشفافية المالية تشمل التحقق من وجود الاتي: 1/ كل وثائق الميزانية الرئيسية للدولة والمساعدات الخارجية، منشورة ومتاحة للجمهور بكل يسر. 2/ أن تكون كل هذه الوثائق، مكتملة، وموثوقة. ومجازة. 5/ الوثائق التي تتم مراجعتها: 1/ اجراءات منح وتوقيع العقود الحكومية مع شركات القطاعين الخاص والعام المحلية والاجنبية. 2/ اجراءات منح التراخيص الحكومية لاستخراج الموارد الطبيعية. 6/ النتيجة المتوقعة حال التزام الدول بمعايير الشفافية: 1/ زيادة فعالية الإدارة المالية العامة. 2/ بناء ثقة السوق. 3/ دعم استدامة الاستقرار الاقتصادي. 4/ زيادة المساءلة الحكومية من خلال الشفافية المالية واطلاع المواطنين على كافة الاجراءات والمستندات. 5/ اطلاع المواطنين على الميزانيات الحكومية والمساعدات الخارجية ومساءلة قيادتهم ، وتسهيل النقاش العام المستنير. وايجاد اجابات واضحة لكل ما يثار عن العقود والتراخيص الحكومية. 6/ متابعة وضمان استخدام أموال دافعي الضرائب الأمريكية، الممنوحة لتلك الدول، بشكل مناسب ومحكم وشفاف. ثانيا أداء حكومة السيد حمدوك: 1/ نماذج لتصريحات وأداء حكومة السيد حمدوك: نستعرض عدد من تصريحات المسؤولين السودانيين التي تظهر مدى الشفافية الحكومية في قضية الصرف المالي. واضعين في الاعتبار المعايير والنتائج التي استهدفها التقرير الأمريكي. نذكر من هذه التصريحات الاتي: 1/ الاتهامات التي وجهها وزير الصحة السوداني، د. أكرم علي التوم، الى وزير المالية د. ابراهيم البدوي، بصرف الأموال القادمة من الخارج لمكافحة كورونا في غير ما خصصت له، وضرب أمثلة على ذلك بالصرف على مياه وكهرباء بورتسودان من المنح الخارجية المخصصة لمكافحة جائحة كرونا وكذلك لتسديد مستحقات المبعوثين للخارج. كما سجل السيد وزير الصحة اعتراضه على استفراد وزارة المالية في تحديد أوجه الصرف المالي للدولة. ولكن لاحقا تراجع السيد وزير الصحة نفسه عن هذه الاتهامات. 2/ تضارب التصريحات الحكومية ومن أعلى مستويات المسؤولين حول الاحتياطات النقدية بالاموال المحلية وكميات الذهب والنقد الأجنبي الموروث عن نظام الإنقاذ. حيث ذكر السيد رئيس الوزراء د. حمدوك أنهم استلموا خزينة الدولة خاوية تماما. بينما ذكر السيد حميدتي انهم سلموا حكومة السيد حمدوك ما لايقل عن 2 مليار دولار ورثوه عن النظام السابق ولم يبذلوا فيها اي مجهود. 3/ ظل السيد حميدتي يتبرع بالأموال الطائلة لفك كثير من الضائقات المالية التي واجهت الحكومة. مثل تبرعه ببعض المرتبات ودعمه للجنة الاقتصادية وصرفه على قوات الدعم السريع، وغيرها. يتساءل الرأي العام دون أن يجد إجابة، عن هذه الاموال ان كانت داخل النظام المالي للدولة ام خارجه. 4/ أثار الرأي العام ضجة لانهائية حول العقود الاحتكارية المليارية التي وقعتها وزارة المالية مع شركة الفاخر المملوكة لشخصين، لشراء وتصدير الذهب واستيراد السلع الاساسية. دون أن تخضع هذه العقود لأي نوع من العطاءات المعلنة. وقد قامت الحكومة بتحويل مئات المليارات لهذه الشركة الخاصة لتغذي بها رأس مال الشركة كي تستطيع شراء عشرات الأطنان من الذهب. وقد سمحت الحكومة لهذه الشركة بشراء حاجتها من النقد الاجنبي من السوق السوداء. 5/ إلا أن عدم الشفافية الأكبر يكمن في عدم اجازة الموازنة العامة للدولة. وظهور ثلاث نسخ من الموازنات غير المجازة. تتحدث احداهم عن الإبقاء علي الدعم الحكومي للسلع. بينما تتحدث النسخة الاخرى عن الرفع الكامل للدعم. أما الثالثة فقد حدثت فجأة بعد انتهاء الجدل السابق عن نسختي الميزانية. اذ رفعت الدولة فجأة الزيادة في أجور العاملين بالدولة الى نسبة 500%. وماصاحب ذلك من جدل اضافي حول مصادر تمويل هذه الزيادة. اوفت الحكومة بهذه الزيادة لبعض مؤسسات الدولة الا أنها لم تستطع الايفاء للمؤسسات الأخرى ومنذ الشهر الأول. كما اعلنت بعض الولايات عدم مقدرتها على صرف مرتبات موظفيها وفق الهيكل الجديد. خاصة في ظل توقف النشاط التجاري والزراعي والانتاجي بسبب حظر التجوال الشامل الذي فرضته الحكومة. كذلك عجزت الحكومة عن توفير بعض الاموال اللازمة لشراء محصول القمح من المزارعين. وأخيرا اضطر وزير المالية الى تكوين لجنة للنظر في مراجعة الهيكل الراتبي الجديد ومنذ الشهر الأول لتطبيقه. 5/ لم تحرز حكومة السيد حمدوك اي تقدم في أنظمة التحول الي نظام النقود الرقمية والتداول الرقمي. بل تراجعت عن صرف المرتبات عبر النظام المصرفي. كما توقفت المرحلة الثالثة والاخيرة من تعميم الفاتورة المصرفية. ايضا مازالت المصارف السودانية خارج المنظومة المصرفية العالمية الأمر الذي يعقد عمليات تتبع التحويلات النقدية العالمية من والي السودان. 6/ الصرف السياسي خارج الموازنه عبر واجهات حزبية. مثل لجان المقاومة التي تتغول على صلاحيات كثير من مؤسسات الخدمة المدنية. أيضا الصرف على اللجان السياسية التابعة للحاضنة السياسية للحكومة. 7/ نشاط السوق الموازي للاتجار بالنقد الأجنبي لتمويل كثير من انشطة الحكومة. 8/ الجدل الكثيف عن التصريحات الحكومية الرسمية المتضاربة حول مصدر الاموال البالغة 70 مليون دولار وكيفية شرائها من السوق الموازي والهاصة بتعويضات الاسر الأمريكية. مصحوبا مع ارتفاع معدل التضخم خلال عام من 45% الى 114% و تدني قيمة الجنيه مقابل الدولار من 70 الى 150 . 9/ التكتم على مقدار الكميات الكبيرة المطبوعة من النقد بالعملة المحلية التي كانت ضمن خطة رئيس الوزراء السابق السيد معتز موسي، لتغيير فئات محددة من العملة المحلية. النتائج من خلال الاستعراض الاول لتقرير الخارجية الأمريكية حول الشفافية، والاستعراض الثاني لتصريحات المسؤولين وأداء مؤسسات الحكومة الانتقالية. نخلص الى تحديد عدد من النقاط الجوهرية التي تعيق عمل الشفافية المالية لحكومة السيد حمدوك منها: 1/ عدم اجازة الميزانية العامة للدولة لأكثر من عام. يعتبر أكبر معوق للشفافية. 2/ تضارب التصريحات وتبادل الاتهامات بين الوزراء حول اوجه الصرف المالي. 3/ الصرف السياسي خارج اطر وزارة المالية و التكتم على كميات المبالغ المالية الموروثة عن النظام السابق وكمية المبالغ المطبوعة وعائدات الذهب. 4/ عدم اتباع الاجراءات السليمة وعدم الشفافية في تفاصيل بعض العقود التجارية. الخاتمة نتساءل عن أداء الخبراء المستجلبون من الخارج ليتسنموا كرسي الوزارة ونخشى أن يتكرر إدراج اسم السودان على قائمة الشفافية الامريكية السوداء عاما بعد عام.