التغيير الحقيقي في السودان مرهون بتغيير العقيدة العسكرية وتفكيك مؤسستها الحالية وإعادة بناءها وتأهيلها. سأحاول في هذا المقال؛ تشخيص التركيبة الخاطئة للمؤسسة العسكرية السودانية وبنيتها العنصرية... لأن الجيش السوداني والقوات الأمنية الأخرى لكها شكلت لا أساس خاطئ، هذا الخاطئ الجسيم أدى إلى خلل الكبير في التركيبة الأمنية في السودان التي ألغى بظلالها على التكوينات العسكرية الأخرى التي تم تكوينها لاحقاً كرد فعل طبيعي من أبناء المناطق التي تم تهميشها وقهرها باسم الجيش السوداني! وهنا اقصد جيوش الحركات المسلحة والدعم السريع... هذه الجيوش أيضا لا تختلف تركيبها عن الجيش السوداني. وسأوضح هذه الخلل بتجرد ومصداقية تامة بعيداً عن الميول والإنتماءات الأخرى غير للوطن السودان الذي أصبح يحتاج لنا جميع ولاراءنا، وبهذا الأراء عسى أن نضيف شيئ في حل أحد ابرز الأزمات السودانية المتشابكة. لماذا تفكيكها؟... لأن المؤسسة العسكرية وقوات الأمنية الأخرى كلها مركبة على اساس عنصري طبقي ضيق، فالفواصل العنصرية واضحة بين ضباط وضباط الصف والجنود في صفوف الجيش السوداني والشرطة والأمن والمخابرات. فإذا نظرنا إلى الضباط وخاصة الرتب العليا في صفوف هذه القوات، نجد أن غالبيتهم من مناطق جغرافية معنية أو مجموعات تربطهم وأوصر الدم، أو بالاحرى من مجموعات قبلية معنية، بينما الجنود من مناطق جغرافية ومجموعات قبلية من تلك المناطق والقبائل التي لم تجد أبناءها حظهم أو أنفسهم في صفوف الضابط وقادة الجيش... وهذه الوضعية مخلة ومعيبة في حق مؤسسة لها صفة وسيادة الدولة. وهذه الوضعية المخلة جعلت من المؤسسة العسكرية سهلة الإختراق من قبل الأحزاب السياسية والنفوس القبلية. فباسم الجيش السوداني تم إرتكاب أبشع وافظع أنواع الانتهاكات في السودان وشعبها: من إنقلابات عسكرية، وقتل وتشريد العديد من ابناء الشعب السوداني. وكل هذه الإنتهاكات تمت بشكل عنصري بغيض، ولن نسمع في يوم من الايام إدانة أو إستنكار أو رفض من قبل مؤسسة الجيش، بل كلها كانت مباركة ومقبولة مما يفسر عنصرية هذه المؤسسة. والملاحظ أن كل الإنتهاكات تمت في مناطق وجغرافيات ذات الانتماءات القبلية من أولئك الذين تم تغيب دورهم القيادي في المؤسسة العسكرية. والأخطر من ذلك على مستقبل السودان هو عدم الإعتراف بالوضعية المخلة للمؤسسة العسكرية من قبل الأحزاب السياسية و الناشطين والمثقفين من ابناء المناطق والقبائل التي تسيطر أبناءها على قيادة المؤسسة العسكرية. وعدم الإعتراف هذا؛ يدل على رضا والقبول بالوضع القائم حاليا. وبل يحاولون طمس الحقائق بوصفهم للذين يتحدثون عن الحقائق وجرائم، هذه المؤسسة بالعنصرون. فإذا كان هنالك عنصرية فمن هم العنصريين اذن؟ هل الذين يتحدثون عن الحقائق المخلة والمعيبة ويطرحون حلول، ام الذي يسكتون ويدافعون عن الخلل وأس المشكلة، التي بسببها فقدنا أرواح عزيزة إلينا وفقدنا جزء من تراب وطننا الحبيب، وما ظلنا نفقد أرواح وممتلكات في كثير من أجزاء السودان؟.... فمن الحقائق الواضحة للعنصرية هذه المؤسسة، خذ مثال ( لعينة من عشرين ضباط من الجيش برتبة فريق وعشرين آخرين من صفوف الجنود من رتبة عريف من الجيش واكتب السيرة الذاتية لكل والواحد من هؤلاء الاربعين واكتب اسماء مناطقهم وقبائلهم ستعرف الحقيقة المرة) . ومن العيوب عندنا في السودان اغلب الناشطين يتحدثون ويشخصون المشكلات ولكن لا يطرحون الحلول. أما جيوش الحركات المسلحة هي أيضا لا تختلف عن تركيبة الجيش السوداني في تكويناتها القبلية، إلا أنها أثبتت كفاءتها وعقيدتها في المناطق الواقعة تحت سيطرتها وامكانيتها فى حفظ الأمن وعدم الانجرار في الصراعات القبلية رغم استفزازات النظام السابق ومحاولة جرهم إلى صراعات اثنية ضيقة. ورغم تكوينها القبلي إلا أن عقيدتها كانت أقوى من تركيبتها. ولو نحن فعلا غيورين على هذا البلد وشعبها، فعلينا جميعا الاعتراف بالأخطاء التي ورثناها من الذين تمت على أيديهم بناء مؤسسات الدولة السودانية في بواكيرها. بعيداً عن الميول الإثنى والثقافي والجهوي والديني والسياسي والايدولوجي. فيجب على قادة الجيوش المختلفة في السودان وكل المثقفين والسياسيين الجلوس سويا والنظر في كيفية تأسيس جيش وطني قومي من الجيوش الموجود حاليا. يجب أن يتم تكوين الجيش السوداني الجديد بحسب وجه نظري كالاتي. 1_ يجب أعفاء جميع الرتب ما فوق الفريق إلى المعاش. 2_ أن يتم تحديد عدد عشرة فريق فقط من ضباط الجيوش المختلفة الموجودة حاليا، وأن كل واحد من منطقة جغرافية مختلفة وألا يكون أكثر من واحد من اثنية واحدة. 3_ أن يتم تحديد عدد عشرين لواء فقط ويتم اختيارهم بنفس طريقة التي تمت بها اختيار الفرق. 4_ أن يتم اختيار الرتب الأخرى بنفس الطريقة التي تمت بها اختيار الفرق والالوياء مع مراعاة العدد، كل ما نزلنا إلى الرتب الدنيا. 5_ يجب توزيع الأدوار في الإدارة الجيش الجديد بالتساوي. مثلا إذا جاء الوزير الدفاع من ابناء منطقة معينة، فرئيس هيئة الأركان يجب أن يكون من منطقة أخرى، والقائد العام للجيش يكون منطقة أو إقليم أخرى بعيدا أن الأول والثاني، وهكذا قائد المدرعات يكون من منطقة وجهة غير التي ينتمي عليها الثلاث الأوائل وبهذه الطريقة في جميع إدارة الجيش الجديد. 6_ يجب قبول الدفعات الجديد في الكلية الحربية دون شروط اثنية أو دينية اوجهوية ولا حتى بسؤال عن المنطقة أو القبيلة أو الدين فقط يجب القبول على اساس الانتماء للسودان. 7_ يجب أن يتم انتهاء الوضعيات الخمسة الأوائل بالتدريج بعد تخرج دفعات الجديدة، فبعد تخرج الدفعات الجديد وفقا الفقرة خمسة يتم الغاء اي شرط من الشروط الخمسة بعد أن يصل رتب المتخرجين الجدد مستوى تولى الإدارات. 8_ يجب تكوين لجنة عسكرية مشتركة من قادة جميع الجيوش الموجودة حاليا لتفتيش جميع المؤسسات التابعة للقوات المسلحة السودانية والقوات الأمنية الأخرى. 9_ يجب تكوين لجنة عسكرية مشتركة من قادة الجيوش المختلفة لكتابة قانون للجيش الجديد الذي سيتم تكوينه لاحقا. آدم على عبدالله عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.