لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر التعليم بجامعة الخرطوم من أجل منظومة وطنية حديثة لتطوير التعليم .. بقلم: المكاشفي عثمان دفع الله القاضي
نشر في سودانيل يوم 15 - 08 - 2020


الأسس العلمية الصحيحة لبناء المناهج في السودان
مساهمة الدكتور/ المكاشفي عثمان دفع الله القاضي
دكتوراه الإدارة والتخطيط التربوي ( في استراتيجيات تطوير المناهج )
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
علمت أن هناك مؤتمر للتعليم تعقده جامعة الخرطوم مطلع الأسبوع القادم و أحببت من على البعد أن أقدم مساهمة وطنية مخلصة في بعض المقالات للقائمين على أمر المؤتمر و لوزارة التربية والتعليم ببلادنا و لاطلاع الرأي العام لشعبنا السوداني على الحقائق العلمية والتربوية التي يبنى عليها تطوير تعليمنا ليساهموا بعلم ووعي في واحدة من أهم قضايانا السودانية على المستوى القومي .
هناك أربعة عوامل أساسية في وضع المناهج و تطويرها تتمثل فيما يلي:
الأساس الأول : الأساس الفلسفي :
هو عبارة عن الآراء والأفكار التي توصل إليها علماء التربية والفلاسفة و التي يمكن أن تعد لنا النشء حتى يصيروا مواطنين صالحين في مجتمعهم .
الاستناد إلى فلسفة تربوية واضحة تتضمن نظرة كلية للكون والحياة والإنسان تتمشى مع مبادئ المجتمع وقيمه وتطلعاته أمر لا بد منه , إذ أن الفلسفة التربوية دليل عمل للعملية التربوية والتعليمية بما فيها المناهج , وهي الإطار الشامل والمحرك للعمل التربوي.
إن معيار صدق هذه الفلسفة وفاعليتها تتجلى في مدى التحامها بواقع التعليم والتعبير عن نفسها في أهدافه وسياسته وتنظيمه ومناهجه وخصائص المتعلمين وطبيعتهم وطرائق تفكيرهم وخصائص نموهم , ولكي تحقق الفلسفة التربوية كل ذلك , لا بد لها من أن تكون انعكاسا للفلسفة الاجتماعية القائمة التي تجسد أهداف البلاد في الوحدة الوطنية وبناء المجتمع المنشود وربط الحياة القومية في أفقها الإنساني والعالمي .
هناك العديد من الحركات الفلسفية لبناء المنهج المدرسي في العالم تختلف أفكارها ومنطلقاتها , و نستعرض اثنتين منها هما الفلسفة الأساسية او التقليدية Essentialism or Traditional التي تندرج تحتها أنواع فرعية من الفلسفات كالمثالية والواقعية والعلمية والإنسانية والعقلية , والفلسفة التقدمية Progressionism والتي تندرج تحتها أنواع أخرى من الفلسفات الفرعية كالفلسفة التجريبية والتجريدية والطبيعية والوجودية .
الفلسفة الأساسية : تؤكد هذه الفلسفة على ما يلي :
- التربية عملية حفظ ونقل الارث الاجتماعي .
- أهمية حصول الطلبة على أساسيات المعرفة ارضاءا لدوافعهم وتنمية لخبراتهم و لعقولهم .
- يؤمن أصحاب هذه الفلسفة بان حرية الطلبة مهمة وتوفيرها لهم أمر ضروري .
- تؤكد هذه الفلسفة على أهمية وضع مستويات للتحصيل يتعين على الطلبة بلوغه .
-الإبداع في نظرهم عملية نشاط لتهذيب الذات .
الفلسفة التقدمية :
يمكن إرجاع هذه الفلسفة أوائل هذا القرن حيث يعود الفضل إلى قادتها من أمثال جون ديوي ( John Dewey) وكلباترك ( W.H.Kilpatrick ) حيث قدموا مجموعة واسعة وقوية من الأسس التربوية للتجارب والعمل التجريبي التربوي بهدف تحسين المنهج المدرسي وتتميز الفلسفة التقديمية بما يأتي :
- الأيمان بحرية الطالب واستقلاله الفكري والعلاقة الديمقراطية بين المتعلم وطلبته .
- يرى بعض أصحاب هذه الفلسفة بضرورة اهتمام التربية بمشكلات المجتمع والمسؤولية الاجتماعية وتحسين مستوى المعيشة في المجتمع.
- تهتم بأنواع الأنشطة الإبداعية والبنائية و التدريب على حل المشكلات.
- تؤمن هذه الفلسفة بالتغيير والتجديد والتطوير في بناء المناهج .
- تؤمن باستخدام الأسلوب التجريبي في التعليم والتدريس .
الفلسفة التقديمية قد أحدثت ثورة كبيرة في المجال التربوي ولها أثرها الملموس في المناهج المدرسية بخاصة والعملية التربوي في المدرسة بعامة .
هل يمكن التوفيق بين الفلسفة الأساسية والفلسفة التقديمية ؟
قال بعض التربويين انه يمكن تحقيق ذلك نظرا لان التلميذ يحتاج في نموه الى خبرات التراث الثقافي , وعلى العموم ان الفلسفة التربوية في عصرنا تحتاج الى ان تجمع بين الفلسفتين , أي بين إشباع حاجات وميول الأطفال والشباب وخدمة حاجات البيئة المحلية والمجتمع بوجه عام والاستمرار بالاهتمام بالتراث الاجتماعي وبقدر معين بحيث يساعد على فهم المشكلات القائمة ويدعم تطوير المجتمع وتقدمه .
ولعل هذا ما دأبت عليه فلسفة التربية في وطننا العربي , و يمكن ترجمة الأفكار الى حيز الواقع من خلال البرامج والمناهج التربوية واختيار مفرداتها ومحتوياتها .
و أوصي عند تخطيط وبناء مناهجنا بالسودان التوفيق بين الفلسفتين الأساسية والتقدمية لتحقيق التطور بتدرج آمن لمجتمعنا واستقراره ووحدته ويراعي أوضاعنا .
الأساس الثاني لبناء المنهج : الأساس الاجتماعي :
تعريف المجتمع : هو مجموعة ناضجة من الأفراد تحكمهم عادات وتقاليد خاصة بهم تتمثل في الولاء وحب مصلحة الجماعة .
التربية عملية اجتماعية تختلف من مجتمع لآخر حسب فلسفته .
المناهج في أي مجتمع تقدم تصور المربين في هذا المجتمع للمقررات التي يمكن أن يتعلم التلاميذ من خلال المرور بها وتمثل فكرا من حصيلة البحوث العلمية أو نقل افكار عن الاخرين وقد يكون خليطا من هذا وذاك .
الاتجاهات الرئيسة في ميدان المناهج :
ثلاثة اتجاهات : 1- الطالب محور المناهج . 2- المعرفة ونقلها للطالب .
3- المجتمع محور والتركيز يكون على ما يريده المجتمع وحاجاته و فلسفته و تغييراته .
توجه التربية عملية الضبط الاجتماعي بإطارين :
1- قيود الضبط الاجتماعي حيث أن الخالق عزوجل يحدد معالم الحلال والحرام وبينها الرسول صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى :" وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ "( النحل : 116)
2-أن يكون الضبط الاجتماعي نابعا من ضمير الإنسان وفطرته بالرقابة الذاتية
قال الله تعالى : « وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴿7﴾ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴿8﴾ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴿9﴾ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴿10﴾ . ( سورة الشمس ) .
المدرسة مؤسسة تحقق أهداف معينة يريدها المجتمع لأبنائه، فهي تسير على نهج معين هدفه تحقيق الغايات التي يريدها المجتمع والتي يعتبرها هامةً وأساسيةً لاستمراره في الحياة، لذا نجد الأسس الاجتماعية للمنهج تهتم بالمنهج المدرسي نابعاً من التراث الثقافي والقيم والمعتقدات والعادات والأخلاق التي يرتضيها أفراده، كما تهتم المناهج المدرسية بجانب ذلك بالاكتشافات الحديثة والمخترعات التي لا تتعارض مع القيم والأخلاقيات وتراث المجتمع.
ظهرت تطورات مجتمعية أثرت على بناء المناهج منها:
تفريد التعليم ، التعلم الذاتي ، التعليم المبرمج ، والتعلم عن بعد وبرزت أهميته أكثر بعد وباء كورونا الحالي 2020م.
جاء في مجلة إيكنومست البريطانية : إن التعليم هو ثروة الأمم و إن مؤسسات التعليم لا يمكن فصلها عن الأمن القومي ، والمدرسة هي ساحات المعارك في القرن المقبل .
دراسة سودانية حول المناهج والمجتمع :
بعنوان : دور المركز القومي للمناهج والبحث العلمي بخت الرضا في تحقيق الأمن القومي السوداني ، ماجستير ، كلية التربية ، جامعة السودان ،2015م، للباحث / علي أحمد إبراهيم خليفة .
أهم ما توصلت إليه الدراسة :
1-القيم والمعتقدات والثقافات الوطنية وكرامة المواطن تحافظ على وحدة المشاعر الوطنية وتقوي الحس والانتماء الوطني
2-المعرفة التامة بالموارد الطبيعية والثروات بالبيئة المحيطة والاستغلال الأمثل تقلل من خطورة الاستهداف الخارجي لأمن الوطن .
الثقافة الاجتماعية :
وتتجسد خطورة الفصل بين التعليم والثقافة على مجتمعنا هو بروز ظواهر اجتماعية لم تكن في أسلافنا مثل : عدم ضبط السلوك الاجتماعي ، وضعف احترام القوانين ، وتفكك الأسرة ، و ضعف الروابط الاجتماعية وبالتالي ضعف الانتماء مما يولد هشاشة في بناء المجتمع بشكل يهدد أمن وسلامة المجتمع ووحدة الوطن .
قسم ( رالف لنتون ) الثقافة إلى ثلاثة عناصر هي : العموميات والخصوصيات والبدائل ، وتنشأ البدائل نتيجة اختراع أو احتكاك مع ثقافة أخرى مثل دخول طعام المندي أو البرغر لجانب من الطعام السوداني أو جلابية على الله ويعود أصلها لبعض الدول الأفريقية المجاورة .
يشير د.زغلول النجار إلى خطورة نماذج التعليم التي غرسها الاستعمار في بلادنا وتعاون معهم أصحاب الفلسفات المنحرفة و المفتقرين إلى فلسفة محددة و إقصاء فلسفة الحياة الصحيحة المناسبة لمجتمعاتنا.
بناء المنهج وحاجات المجتمع :
يجب أن يستصحب بناء المنهج تلبية احتياجات المجتمع التالية :
1- التربية أداة للاستقرار : يتعلم الصغار السلوك المقبول في المجتمع بتشربهم لثقافة مجتمعهم .
2-التربية أداة للتنمية الاقتصادية: يكتسب الفرد المهارات المهنية المناسبة لمجتمعه وسوق العمل 3-التربية أداة التغيير :تعلم الطلاب كيفية مواجهة المواقف المتغيرة .
4- الحفاظ على الثقافة والتراث ومواكبة التطور العلمي والتكنولوجي .
تجارب في بناء المنهج :
بناء المنهج بالاستفادة من بعض التجارب الناجحة:
يمكن الاستفادة من التجارب الناجحة في بناء مناهجنا وتطويرها بشرط وضعها في سياقنا الثقافي وحاجات مجتمعنا وواقعنا المعاش ومنها تجارب أمريكا وبريطانيا وفرنسا وفنلنده واليابان و سنغافورة وكوريا الجنوبية والصين وماليزيا وتركيا و السعودية وقطر وجنوب أفريقيا وغيرها .
ومثال لتجارب أفريقية مجاورة لمنهج يلبي حاجات المجتمع المحلي :
في تنزانيا وضع منهج يقوم على مبدأ الاعتماد على النفس Ujammaa وتتعني باللغة السواحيلية جماعة وتنادي بتحقيق سياسة التربية من أجل خدمة المجتمع .
وفي كينيا أنشئت مدارس الحرية Harambee Schools و تتمثل في حشد الطموحات ومهارات المجتمع المحلي لتحقيق التقدم التربوي .
مؤثرات اجتماعية على واضعي المنهج :
يتأثر واضعي المنهج بالأفكار والمعتقدات السائدة والقيم السائدة في المجتمع وحاجات ومشكلات المجتمع مما يؤثر بدوره في تحديد محتوى المنهج .
أبعاد قيادة تغيير المناهج وصلاحيتها للمجتمع تتمثل في :
1-تطوير رؤية مشتركة . 2-بناء اتفاق جماعي بخصوص الغايات والأولويات .
3- بناء ثقافة مشتركة . 4-نمذجة السلوك .
5-مراعاة الفروق الفردية . 6- -الاستثارة الفكرية Intellectual Stimulation
7-توقع مستويات أداء عالية ( المهارة – الاتقان – الجودة ). 8- 8- هيكلة التغيير .
مقترح توصيات لبناء المنهج السوداني على الأساس الاجتماعي:
1- احترام تنوع الأعراق والقبائل المكونة للمجتمع السوداني .
2- احترام معتقد غالبية المجتمع السوداني المسلمة والأقلية المسيحية وبقية المعتقدات الأقل وحسن رعايتها .
3- اثراء الثقافة العربية المشتركة بين كل السودانيين وابراز الثقافات المحلية المتعددة عند بناء المنهج .
4-التركيز على ممسكات الوحدة الوطنية من خلال دعم القيم والاتجاهات والأعراف والتقاليد الاجتماعية المحققة لها .
5- تطوير الأرياف ( زراعية ، رعوية ، رحل ، الخ .. ) وتحديثها كقطاعات منتجة بمكان تواجدها وبيان سبل كسب العيش ودور المجتمع في الانتاج ونهضة البلاد والاستفادة من وسائل الاتصال الحديثة في ذلك .
6- الاستفادة من إيجابيات العولمة عند بناء المنهج لتطوير مجتمعنا وربطه بالمعرفة والتكنولوجيا وتواصله مع العالم الخارجي ليكون له دور في البناء الحضاري العالمي .
7- استخدام التخطيط الاستراتيجي عند بناء المنهج على الأساس الاجتماعي لأنه جزء مهم من إدارة عمليات المنهج ويعبر عن إدراك المستقبل والتعامل معه .
الأساس الثالث : الأساس النفسي :
هو مجموعة المقومات أو الركائز أو القواعد ذات العلاقة بالطالب أو المتعلم من حيث اهتماماته و قدراته و ميوله , والتي ينبغي على مخططي المناهج مراعاتها جيدا عند التخطيط لمنهج جديد أو عند تعديل أو تطوير أي منهج حالي .
يتضح من المفهوم الحديث للمنهج أن هنالك غايتان لطبيعة المنهج فالغاية الأولى هي مراعاة طبيعة التلميذ وهي غاية سيكولوجية، والغاية الثانية هي مراعاة طبيعة المجتمع وهي غاية اجتماعية، لهذا عند وضع أي منهج يجب أن تدرس هذه النواحي جميعها وتوضع في شكل خبرات يكتسبها التلميذ في المدرسة حسب رغباته واهتماماته وقدراته واستعداداته.
جوانب تؤثر في البناء النفسي للمنهج تتمثل في:
- مبادئ النمو : من حيث أن النمو عملية مستمرة
-التعلم و نظرياته : لابد من التطرق لماهية التعلم , و أهم نظريات التعلم قديمها وحديثها , مع بيان التطبيقات التربوية لهذه النظريات.
مطالب النمو وعلاقتها بالمنهج :
مطالب النمو: هي تلك الشروط والاحتياجات التي تظهر في فترة ما من حياة الفرد , والتي إذا تم إشباعها له بنجاح , أدى ذلك إلى شعور الفرد بالسعادة والارتياح .
المظاهر الرئيسة لمطالب النمو :
المنهج ومطالب النمو في مرحلة الطفولة : تتمثل مطالب النمو في هذه المرحلة ( التي تقع ما بين الولادة وسن الثانية عشر ) في تعلم المشي , والأكل , والكلام , والمهارات الجسمية.
ويتمثل دور مخططي المناهج في هذه المرحلة بتركيز المنهج المدرسي على عدد من الأمور الآتية :
الاهتمام بالأنشطة الحركية المناسبة لقدرات المعلم الصغير وعضلاته , التركيز على المهارات اللغوية ومطالبة المتعلم الصغير بتقليد ما يسمعه من أصوات , تزويد المنهج بموضوعات تركز على القيم والاتجاهات والأنماط السلوكية الإيجابية و تنمية مهارات الخط اليدوي.
المنهج ومطالب النمو مرحلة المراهقة : تتمثل مرحلة المراهقة في الأفراد الذين تتراوح أعمارهم مابين 12 – 18 سنة .وتتلخص مطالب النمو في هذه المرحلة بانجاز الفرد للعلاقات الأكثر نضجاً مع رفاق السن , وتقبله للتغيرات التي تحدث له نتيجة لنموه الجسمي , وتقبله للمسؤولية الاجتماعية , وتنميته لمجموعة من المهارات والمفاهيم العقلية الضرورية, وذلك عن طريق الاهتمام أو التركيز على الموضوعات التي توضح العلاقة السليمة بين أفراد الجنس الواحد أو العلاقة بين الجنسين , مع إتاحة الفرص المختلفة في المدرسة لممارسة التعامل مع الرفاق , مثل تكوين الجمعيات الرياضية والعلمية ،ويمكن للمنهج المدرسي أن يركز على أنشطة خدمة البيئة أو خدمة المجتمع عن طريق مجالات النشاط المختلفة.
مشكلات النمو وموقف المنهج منها :
يواجه بعض الأفراد مشكلات نمو مختلفة في حياتهم , تؤثر على سلوكهم من جهة وتحصيلهم الدراسي من جهة ثانية . ومن أكثر هذه المشكلات شيوعاً مشكلة الضعف أو التخلف العقلي , ومشكلة التأخر الدراسي ولابد بيان موقف المنهج .
نظريات التعلم و علاقتها بالمنهج المدرسي :
يقصد بالنظرية في علم النفس , المسلمات الأولية التي يفترض التسليم بصحتها دون برهان ومن أشهر نظريات التعلم وعلاقتها الوثيقة بالمنهج المدرسي .
شرط التعلم وعلاقتها بالمنهج المدرسي :
المقصود من شرط التعلم هي تلك المجموعة من الظروف التي يمكن للإنسان أن يتحكم فيها ويوجهها بشكل يؤثر في نواتج التعلم. وتتمثل هذه الشروط بالآتي: الدافعية ، والنضج ، والممارسة .
وتوصيتي للأخوة الزملاء مخططي وواضعي المناهج بالسودان مراعاة الجوانب النفيسة عند تصميم المنهج الدراسي ومراعاة كل الفئات الطلاب العاديين و الضعاف والموهويبن و ذوي الاحتياجات الخاصة .
الأساس الرابع : الأساس المعرفي التاريخي :
كانت المناهج القديمة المبنية على الأسس التاريخية تقتصر فقط على تحصيل قدر معين من المعلومات واكتساب قدرات بغض النظر عن ميول واهتمامات ومقدرات التلاميذ، وعلى التلاميذ حفظ المعلومات، وبالتالي تهمل طريقة التفكير واكتساب المهارات والابتكار، وتوجيه سلوك التلميذ، وهذا النوع من المناهج أدى إلى عزل المدرسة عن المجتمع، و آثار الأسس التاريخية واضحة على المادة الدراسية وعلى المدرس والتلاميذ وعلى الحياة المدرسية العامة.
أهمية الأساس المعرفي : في المجتمعات الحديثة والصناعية المعرفة نفسها معقدة والمجتمع في تركيبة معقدة نجد الفجوة كبيرة ، ومن هنا تصبح هناك ضرورة لوجود المدرسة وما يعرف بالمنهج .
نراعي عند وضع المعرفة بالمنهج ما يلي :
- طبيعة المتعلم ( تؤثر كثيرا في نوع المحتوى ) ، و طبيعة المادة المعرفية .
- طبيعة المجتمع الذي نعيش فيه .
وهناك نظرات فكرية حول شكل وطبيعة المعرفة داخل المنهج وهي تقريبا ثلاث نظرات بيانها يأتي تاليا :
النظرة البنائية : تتلخص في إعطاء معلومات تضيف للمعلومات الموجودة لدى المتعلم ، ( المعرفة تبنى على ما قبلها ولا يجوز فصلها ، والمراحل متداخلة ومترابطة وتعتمد المرحلة على ما سبقها وتمهيد لما بعدها )
النظرة الوظيفية : ينظر فيها للمعرفة على انها نتاج خبرة الإنسان وان تنظيم المعرفة هو عبارة عن تجديد بناء نظام معرفي معين ، يكون من إبداعات الإنسان ويتم تنقيحه وتعديله في ضوء المعرفة الجديدة ، في هذه النظرة يعتقد متبنوها بأن المعرفة يجب ان تكون أكثر وظيفية . النظرة التوفيقية : هي نظرة مركبة من كل من النظرتين السابقتين ويرى Bellack صاحب النظرة أن انتقال أثر التعلم يتم عندما يتحقق البناء والنظام والتشابه فيما نتعلمه أو نعلَمه وبناء النظم المعرفية غالبا ما يساعد في تحقيق النظام ولكن امام ذلك يحتاج المتعلم إلى تنمية قدراته اللازمة لمواجهة مشكلاته من جانب ، وفهم مشكلات مجتمعه من جانب آخر .
أهم الأهداف في الاساس المعرفي عند وضع المنهج :
- اكتساب المعرفة باكتساب المهارات والخبرات ، وتنمية القدرة على التفكير ، و اكتساب الاتجاهات المناسبة .
- تنمية المهارات الضرورية في المجالات التعليمية المختلفة ( لكل مادة مهارة ) ، و معايير اختيار المحتوى المتميز .
بعض المشكلات الخاصة بتنظيم المنهج أو تنظيم المحتوى او تنظيم المادة المعرفية :
مشكلة التتالي : يواجه مخططو المناهج مشكلة تحديد التتالي المناسب لعناصر المحتوى المعرفي ، عندما يتعاملون مع مجال معرفي معين تطلب مفاهيمه وأفكاره نموا منطقيا .
مشكلة الاستمرارية : الاستمرارية لها بعد رأسي حيث تؤثر على استمرارية خبرات معينة خلال فترات زمنية متتالية وللاستمرارية ايضا بعدا أفقيا حيث تؤثر على استمرارية خبرة تعليمية محددة خلال يوم دراسي معين .
المشكلة التوازن : مشكلة التوازن بين خبرات يفترض انها تناسب كل التلاميذ والخبرات المعدة خصيصا لحيث تتناسب مع حاجات واهتمامات الطالب الخاصة .
ويعتبر الأساس المعرفي تتويج للأسس الفلسفية و الاجتماعية والنفسية و هو مخرجات لها في شكل منهج يتمثل في محتوى تعليمي .
وتوصيتي لمن يقومون بتخطيط المناهج و بنائها معرفيا كما يلي :
1- الالتزام بمسميات المواد كما هي عالميا الرياضيات ، التربية الإسلامية / المسيحية ، التاريخ ، الجغرافيا ، اللغة العربية ، الحاسوب ، الأدب الانجليزي إلخ .....
2- اعداد مادة باسم المهارات الحياتية تتضمن مهارات للمجتمع المحلي و العالمي و البحث العلمي ومهارات الكسب وسوق العمل وتحقيق الوحدة الوطنية وحقوق الانسان إلخ ...
3- ادخال مواد ذات طبيعة أنشطة مرحة و ممتعة للطلاب في الجدول الدراسي اليومي ووضع منهج دراسي لها مثل : التربية الرياضية ، التربية الفنية ، التربية المسرحية و إعادة حصة المكتبة لمادة اللغة العربية للقراءة والتلخيص وابداعات الطلاب .
4- مادة التربية الإسلامية تطوير الكتاب وتقسيمه لست أقسام ليكون متكاملا : القرآن الكريم ، الحديث الشريف ، العقيدة الإسلامية ، الفقه الإسلامي ، السيرة والشخصيات الإسلامية ،و القيم و لآداب الإسلامية ، ويعطي التطوير المناسب لكتاب التربية المسيحية حسب مختصيهم .
5- احتواء بعض أنشطة و تدريبات الدروس في المواد المختلفة صيغة مفتوحة تستوعب اللغات واللهجات المتنوعة و الأنشطة المحلية للمجتمع والمنطقة وفائدة ذلك للسودان والعالم ، فمثلا عندنا اللغة النوبية ولها كتب وقواميس لغوية وتشمل شمال السودان و حلفا الجديدة شرق السودان وبعض الأحياء بالعاصمة الكلاكلة مثلا ، واللهجات الأخرى
في أجزاء عزيزة من الوطن دارفور و كردفان والنيل لأزرق و البجا وغيرهم بشرق السودان إنه ثراء التنوع لابد من حسن توجيهه لبناء وحدتنا الوطنية ونهضة السودان.
6- اصدار دليل للمعلم لتدريس المناهج الجديدة توضع بها مقترحات لاستراتيجيات تدريس حديثة محورها المتعلم ، و مقترحات إعداد وسائل تعليمية ودمج التكنولوجيا في التعليم والتدريس ما أمكن ، وتوفير ورش تدريبية متنوعة أثناء الخدمة للمعلمين وتطويرهم .
7- ادخال فكرة التدريب الداخلي بالمدارس بواقع ورشة شهرية بالمدرسة لمدرس له خبرة أو نجاح وتميز في أمر معين أو جانب تكنولوجي أو مدارسة كتاب تربوي وكيفية تطبيقه ، والاستفادة من الموجهين أو المختصين في التبرع بالتدريب .
ولعل المجال لا يتسع وهذه بعض النقاط المهمة الخاصة بالمناهج وتحديثها وضمان تطبيقها بطريقة جيدة ، قدمتها من واقع خبرتي في التعليم و المشاركة في تأليف المناهج ، وتدريب المعلمين على معايير المناهج و استراتيجيات التدريس ، ومشاركتي في عدة مؤتمرات لتطوير التعليم ، وتأليفي لعشرة كتب في مجال العلوم التربوية المتخصصة ، وطننا الغالي السودان يستحق من الأفضل ، ونسأل الله أن يصلح حال البلاد والعباد ، وأمنياتنا بالتوفيق والسداد للقائمين بالمؤتمر و لجان تطوير التعليم في بلادي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.