عرف القائد/ باقان اموم الامين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان بوضوح المواقف فى كافة قضايا الساحة السياسية، و التمتع بحس سياسى و قبول جماهيرى حتى عند الكثير من الذين يخالفونه الرؤى و الاتجاه السياسى، كما انه من القلائل داخل الحركة الشعبية الذين يدرون مفهوم السودان الجديد بتفصيلاته الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية بجانب معرفته المتكاملة لادق تفاصيل اتفاقية السلام الشامل، اضف الى ذلك تقاطعات علاقته السياسية بالتنظيمات الاخرى باعتباره الامين العام للتجمع الوطنى الديموقراطى. ولكن السؤال الذى يطرح نفسه أين إختفى باقان اموم هذه الايام و هل كان حضورا فى اجتماع المكتب السياسى غير المكتمل الذى قرر سحب ترشيح ياسر عرمان، و ما هو رأيه و ما هى قرآءته لردود الافعال فى الجنوب و الشمال و جنوب كردفان و النيل الازرق و بقية انحاء السودان، و تأثير ذلك على وحدة الحركة الشعبية خاصة بعد المذكرة التى رفعها قياديو الحركة بقطاع الشمال لمقاطعة الانتخابات فى كافة مستوياتها بولايات الشمال الثلاثة عشر، و توجيهات سلفا كير لمواصلة الانتخابات وسط احتجاجات جماهيرية امام مكتب الحركة الشعبية بأركويت لاعادة عرمان للمنافسة الرئاسية، و هل هناك امكانية لذلك و ما مدى نجاحها مع العلم بان الحملة الانتخابية ستنتهى يوم 8 أبريل كما حدد لها ذلك. فمن المعروف واقعيا و بعيدا عن المجاملات ان قرار سحب عرمان مهما كانت اسبابه و مبرارته قد احدث هزة كبيرة و احباط وسط جماهير الحركة الشعبية داخليا و خارجيا، و اذا لم تتدارك قيادة الحركة هذا الامر بجراءة و شجاعة و موضوعية، فإن ذلك سيساهم حتما فى التأثير على وحدة الحركة ليس على مستوى الشمال فحسب بل على مستوى الجنوب و المناطق الثلاثة الذى سعى المؤتمر الوطنى الى تفكيكها منذ اصراره على تفصيل برتكول مشاكوس، و قد حرصت الحركة على تماسكها حتى بعد وفاة الشهيد د. قرنق، و رغم تعنت المؤتمر الوطنى طلية الخمس سنوات الماضية فى عدم التطبيق الجيد للاتفاقية و محاولاته المستمرة لشق الحركة الشعبية و اضعافها داخليا مستخدما كافة الاساليب و الطرق، الا ان الحركة استطاعت ان تجابهة آلية المؤتمر الوطنى الاعلامية و الامنية و تمسكه بمفاصل السلطة و الاقتصاد ..الخ، و استطاعت الحركة عبر مجهودات كتلتها البرلمانية التى يقودها عرمان بجانب مساهمة القوى السياسية الاخرى ان تمرر العديد من بنود الاتفاق و الدستور، مما أكسب الحركة الشعبية جماهيرية كبيرة و احترام مقدر محليا و اقليميا و دوليا. و رغم اصرار المؤتمر الوطنى هذه الايام فى تضليل الرأى العام للوصول الى 10 أبريل و فرضه واقعا عبر وسائل الدولة الاعلامية بان هنالك بينه و الحركة الشعبية صفقة متحدثا رئيسة باسم رئيس الحركة الشعبية حول تلك الصفقة و ناشرا فى كل اجهزته الاعلامية توجيه رئيس الحركة الشعبية سلفا كير لجماهير الحركة للتصويت لصالح عمر البشير مقابل تمرير مستحقات حق تقرير المصير و الاستفتاء و الانفصال، و رغم نفى الحركة الشعبية لذلك إلا ان النفى رغم من انه جاء من قيادات فى الحركة و ناطقها الرسمى الا ان جمهورها ما زال حتى هذه اللحظة بين مكذب و مصدق خاصة ان مبرر السحب غير مقبول جماهيريا حتى بعد صدوره من ياسر عرمان نفسه، و هم حتى اللحظة فى انتظار تصريح رئيس الحركة الشعبية لنفى او اثبات تلك الصفقة التى يرددها اعلام المؤتمر الوطنى و رئيسه، و ما لم يحدث هذا النفى فان ذلك سيؤثر على امتناع كثير من ناخبى الحركة من الذهاب الى صناديق الاقتراع للتصويت فى الجنوب و الشمال مما سيقلل من فرص فوز الحركة الشعبية فى الشمال و الجنوب ايضا، فترشيح عرمان كان قاسما مشتركا داعما لالتفاف الجنوبيين حول الحركة رغم التناقضات القبلية و الصراعات الظاهرة و المستترة بين المجموعات الاثنية الجنوبية اضافة الى ما احدثه المستقلين بجنوب السودان من تأثير بجانب الاحزاب الجنوبية الاخرى ..الخ. و لعل المتابع لتصريحات مرشح المؤتمر الوطنى للرئاسة عمر البشير بعد الهزة التى حدثت داخل الحركة الشعبية نتيجة لسحب عرمان، يرى مدى تحول الخطاب السياسى و تاكيده ضمان الفوز من الجولة الاول، بل ترديده الى انه سيعمل على تسهيل اجراءات الاستفتاء التى ستقود الى وحدة السودان، و ما يدعم خطى البشير الجولات التى يقوم بها مستشاره لشئون الامن بجنوب السودان الفريق صلاح قوش و معه عدد من القيادات الجنوبية بالمؤتمر الوطنى. اذا بحسابات القراءة السياسية اذا حدثت انتخابات بمباركة الحركة الشعبية لكافة مراحل هذه الانتخابات المزورة بمشاركة جزئية، فحتما سيقود ذلك الى سيطرة المؤتمر الوطنى لمفاصل الدولة بنسبة أكبر مما هى عليه الان، و سيكون للبرلمان المنتخب وضع المؤسسات و القوانين المعقدة لممارسة حق تقرير المصير و الاستفتاء و المشورة الشعبية ..الخ، و هو ما يطيح بآمل و طموحات من يظنون ان المؤتمر الوطنى سيتعامل بشفافية لتنفيذ ما تبقى من اتفاقية السلام فى حالة وصوله للسلطة، مستفيدا من الوضع الحالى الذى لايخفى على احد جراء سحب عرمان و حالة الذهول و اللامبلاة التى اصابت الناخبين، بجانب تخلخل الحد الادنى لاجماع قوى المعارضة، و التى بدأت احزاب منها تتقرب للمؤتمر الوطنى بشكل او بآخر سعيا وراء مصالحها أيضا. و رغم ضيق الزمن و صعوبة اعادة اللبن المسكوب الى الاناء الا ان السياسة لا تعرف المستحيل فهل أفادنا الرفيق باقان اموم و الرفيق جيمس وانى ايقا بحول سريعة تخرج هذا الشعب من الحيرة التى هو فيها؟ 5 أبريل 2010