راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    ياسر عبدالرحمن العطا: يجب مواجهة طموحات دول الشر والمرتزقة العرب في الشتات – شاهد الفيديو    وزارة الخارجية القطرية: نعرب عن قلقنا البالغ من زيادة التصعيد في محيط مدينة الفاشر    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    حقائق كاشفة عن السلوك الإيراني!    البيان الختامي لملتقى البركل لتحالف حماية دارفور    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    تجارة المعاداة للسامية    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفقات الانتخابات بين غياب النّصوص وتغييب النّفوس 1-2 .. بقلم: إمام مجمد إمام
نشر في سودانيل يوم 08 - 04 - 2010

دخلت العملية الانتخابية في السودان مرحلة مفصلية في إنفاذ الاستحقاقات الانتخابية كافة؛ كمدخل مهم لإنفاذ استحقاقات التحول الديمقراطي في البلاد. ولما كان إجراء الاستحقاق الانتخابي في المستويات المختلفة في دول العالم كلها- وليس السودان وحده- من الصعوبة القطع بالنزاهة الكاملة عند إجراء الانتخابات؛ لأن النزاهة الانتخابية عملية نسبية. من العسير جداً الاتفاق على مجموعة من القيم المحددة، وحسبانها قيماً، ومعايير قاطعة متفق عليها لتحديد ماهية معالم الانتخابات الحرّة، والنزيهة؛ ولكن ذلك لا يعني عدم الاتفاق على منهجية معينة يمكن الاتفاق عليها كشرائط مطلوبة، ومؤشرات محددة للانتخابات الحرّة النزيهة التي يتراضى المرشّحون، والناخبون على ما تفرزه من نتائج، مهما كانت فيها من عللٍ وشططٍ لا تقدح كثيراً من نزاهتها. فقد أجمع الكثير من المفكرين الغربيين على ضرورة وجود عناصر أساسية لحسبان النظام القائم، نظاماً ديمقراطياً، ومن بين هؤلاء المفكرين، روبرت دال الذي أكد على مجموعة من الشرائط التي تختص بها الديمقراطية، ومن بينها حق الانتخاب، وحق المواطن في ترشيح نفسه للمناصب السياسية، وضرورة وجود انتخابات حرّة، ونزيهة. وبالنسبة لدال فإن الانتخابات الحرّة والنزيهة هي "ذروة الديمقراطية، وليس بدايتها". والسودان في سعيه لقيام نظام ديمقراطي من خلال إنفاذ الاستحقاقات الانتخابية، عليه أن يعي وجوب توافر شرائط لقيام نظام ديمقراطي إلى جانب إجراء انتخابات حرّة، ونزيهة، إذ أكدت النظريات الغربية ضرورة وجود شرائط معينة تسبق قيام نظام الحكم الديمقراطي، ومن هؤلاء البروفسور الأميركي صومائيل هانتينغتون الذي يؤكد على ضرورة وجود مؤسسات سياسية تساهم في التوسط بين القوى السياسية، هي بمثابة قنوات لسماع صوت المعارضة، وتستعين فيها كذلك القوى الاجتماعية؛ لإسماع صوتها، ومطالبها. ولذلك من الضروري التأكيد على أهمية المؤسسات السياسية في السودان، ودعمها دعماً قوياً، لتؤدي دورها المنشود في تطور البناء السياسي في البلاد.
وفي رأيي الخاص أنه من النادر خلو الاستحقاقات الانتخابية في أي بلد من بلدان العالم من الاتفاقات، والصفقات الحزبية، وعقد سلسلة من لقاءات بين القيادات السياسية الحزبية؛ لإبرام هذه الصفقات، والتدارس حول تنسيق المواقف، ومنها ما يعلن للملأ، ومنها ما يتسرَّب، أو يُسرّب إلى وسائل الإعلام المختلفة، ومنها ما يُحرص أن يكون في طيّ الكتمان؛ كل ذلك من أجل تحقيق الأهداف المنشودة. ونحن في بريطانيا نعيش هذه الأيام، منذ أن أعلن غوردون براون رئيس الوزراء البريطاني يوم الثلاثاء الماضي إجراء الانتخابات في مايو المقبل، أجواء انتخابات برلمانية، إذ نقرأ ونسمع أن هناك صفقات تُبحث بين حزبي العمال، والأحرار الديمقراطيين- في حال لم يحصل- أي حزب على الأغلبية البرلمانية التي تمكنه من تشكيل الحكومة المقبلة. وأحسب أن الاستحقاقات الانتخابية في السودان- تشهد هذه الأيام المتبقيات من اليوم الكبير، ألا وهو يوم الاقتراع الذي يبدأ يوم الأحد 11 إبريل الحالي حتى يوم الثلاثاء 13 إبريل الحالي-؛ أي تبقت ثلاثة أيام فقط، حراكاً سياسياً محموماً، وعقد صفقات حزبية لتنسيق المواقف تفادياً للمفاجآت عند إعلان النتائج. ولكن هذه الصفقات بعضها يعلن عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، تأكيداً لأهمية الصفقة التي أصبحت اتفاقاً برضى الطرفين، أو الأطراف المعنية. وقد شهدت، وتشهد هذه الانتخابات السودانية صفقات خفية بين الأحزاب، والقوى السياسية، حكومةً، ومعارضةً، من ذلك أن المؤتمر الوطني على الرغم من خلافه، واختلافه ومشاكسته مع شريكه في الحكم، الحركة الشعبية، حرصت قياداته على التحرك جنوباً، قولاً ليناً، وفعلاً قوياً، ووعداً مبرماً، واجتماعاً متواصلاً، علناً وسراً، للوصول إلى توافقٍ، واتفاقٍ مع الحركة الشعبية؛ إذ كانت البداية إعلان من طرف واحد، إذ أعلن المؤتمر الوطني رسمياً انسحابه من الترشح لرئاسة حكومة الجنوب، وتقديم دعمه لترشيح سلفاكير ميارديت، في إشارة واضحة تزيل كثيراً من اللبس، وبعض الغموض، والتكهنات حول موقفه من ترشّح الدكتور لام أكول رئيس الحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي لرئاسة حكومة الجنوب، وإن كان باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية قلّل من دعم المؤتمر الوطني لترشيح سلفاكير لرئاسة حكومة الجنوب، بدعوى فشل المؤتمر الوطني في إقناع عدد من كوادره، وآخرون مرتبطون به، للترشّح ضد مرشّح الحركة الشعبية، أو العمل على تشتيت الأصوات في مواجهة سلفاكير. ولقد وجدت هذه البادرة صدىً طيباً وقبولاً واضحاً لدى سلفاكير، ومعاونيه المقربين، من أهل القول اللّين في التعامل مع الشريك (المؤتمر الوطني). وقد كان ذلك ملحوظاً في مرافقة سلفاكير للرئيس عمر البشير خلال زياراته، في إطار حملته الانتخابية في بعض مدن جنوب السودان. كما استوقف الكثير من مراقبي الشأن السياسي السوداني داخل السودان وخارجه هتافات سلفاكير أمام حشد جماهيري خلال زيارة الرئيس عمر البشير المرشح الرئاسي للمؤتمر الوطني لبعض مدن الجنوب أخيراً، منها هتافه الحماسي الصريح: "مؤتمر وطني ويّيي.. شراكة ويّيي"؛ وهكذا ردت الجماهير الجنوبية المحتشدة ذات الهتافات. وقد بثت هذا اللقاء الانتخابي الجماهيري بعض القنوات الفضائية، إضافةً إلى نشر ما جاء في ذلك اللقاء في بعض الصحف السودانية. ومن الصفقات المهمة غير المعلنة، استجابة الحركة الشعبية للمطلب المتكرر، سراً وعلانيةً، من قبل المؤتمر الوطني بسحب مرشحه للاستحقاق الانتخابي الرئاسي ياسر سعيد عرمان، للاستفادة من الصوت الجنوبي في الاستحقاق الانتخابي الرئاسي، والمبررات التي ذكرها سلفاكير أثناء لقاءات انتخابية جماهيرية له في البحيرات، وإعلانه "سحب ترشّح ياسر سعيد عرمان من السباق الرئاسي لمصلحة المرشح عمر البشير حفاظاً على السلام، ولتهيئة الأجواء لإقامة الاستفتاء في ظروف مواتية"- حسبما ذكرت صحيفة "الرأي العام"-، ولكن توماس كنيت مدير مكتب سلفاكير نفى يوم الجمعة الماضي أن يكون سلفاكير قد دعا مواطني الجنوب التصويت لمرشح المؤتمر الوطني للانتخابات الرئاسية عمر البشير. لكن صحيفة "الرأي العام" نشرت يوم الإثنين الماضي رداً تؤكد فيه صحة خبرها، ولتأكيد صدقية خبرها أشارت إلى أنها "تملك ما تستطيع تقطع به ألسنة المشككين".
وأذكر أنني كنت مشاركاً في برنامج "بانوراما" في قناة "العربية" يوم الجمعة الماضي، إذ أوردت بعض الحقائق، والتسريبات المتعلقة بعقد صقفات بين المؤتمر الوطني، والحركة الشعبية، وبعض الأحزاب السياسية المعارضة، ولكن ين ماثيو أشول المتحدث باسم الحركة الشعبية نفى حدوث أي صفقة بين الحركة الشعبية، والمؤتمر الوطني، وكانت حجته في دحض ما أوردنا من حقائق ونماذج بُثت في القنوات الفضائية، وبعض الصحف السودانية، أنه لم يشاهد ذلك، ومتهماً تلكم الصحف بالتبعية للمؤتمر الوطني. ونقول لأشول: حديث الصفقات ليس بدعةً في الانتخابات السودانية، فلنتذكر جميعاً كيف أن الأحزاب والقوى السياسية السودانية تكتلت ضد الدكتور حسن عبد الله الترابي الأمين العام للجبهة الإسلامية القومية آنذاك في انتخابات 1986 البرلمانية، في الدائرة الجغرافية في الصحافة، ونجحت مجتمعةً في إسقاطه، على الرغم من أن الجبهة حصلت على الترتيب الثالث في تلك الانتخابات، بعد حزبي الأمة، والاتحادي الديمقراطي. وكانت هذه من الصفقات الشهيرة في الانتخابات السودانية. وصفقة التنازل للسيد الصادق الصديق المهدي رئيس حزب الأمة، بعد بلوغه السن القانونية في عام 1966. وأحسب أن مثل هذا المتحدث باسم الحركة الشعبية يجب عليه المتابعة اللصيقة لما يجري في دهاليز حركته؛ قبل أن يتصدى بالنفي، ونفي النفي، لأن نفي النفي، لغةً، يعني الإثبات. ويكفي أن سلفاكير بعدم حضوره إلى الخرطوم لاجتماع هيئة الرئاسة يوم الثلاثاء قبل الماضي، قد أسدى معروفاً غير منكور للمؤتمر الوطني، من حيث تأجيل الاجتماع إلى أجل غير مسمى، لتفادي النظر في مذكرة قوى تحالف جوبا، المطالبة بتأجيل الانتخابات، وغيرها من الشرائط. ومنذ أن باغت الرئيس عمر البشير المرشح الرئاسي للمؤتمر الوطني الحركة الشعبية،- من حيث لا تحتسب-؛ وذلك بتحذيرها يوم الإثنين قبل الماضي من أن استحقاق الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب في 6 يناير 2011 لن يجري إذا رفضت الحركة الشعبية المشاركة في الانتخابات المزمع إجراؤها في 11 – 13 إبريل الحالي، سارت الأمور في صالح مرشح المؤتمر الوطني للاستحقاق الانتخابي الرئاسي. ولقد رفض سلفاكير مذكرة قدمها قطاع الشمال في الحركة، تطالب بمقاطعة الانتخابات على المستويات كافة في الشمال، احتجاجاً على سحب مرشح الرئاسة ياسر سعيد عرمان، ولكن الحركة في سعيها للمحافظة على وحدتها، ومكانتها بين قوى تحالف إعلان جوبا، أصدرت بياناً تركت الباب موارباً، إذ خوّلت قطاع الشمال لاتخاذ قرار مشاركته في العملية الانتخابية في الشمال. وبالفعل بعد مداولات مطولة، أعلنت الحركة الشعبية مساء يوم الثلاثاء الماضي مقاطعتها للانتخابات في مستويات قطاع الشمال كافة، باستثناء ولايتي النيل الأزرق، وجنوب كردفان (جبال النوبة). وقال باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية في مؤتمر صحافي في دار الحركة في أركويت في الخرطوم مساء أول من أمس "إن الحركة الشعبية - قطاع الشمال أعلنت مقاطعة الانتخابات في المستويات كافة، في(13) ولاية في الشمال، عدا النيل الأزرق وجبال النوبة"، وعزا قرار المقاطعة "إلى عملية التزوير في الانتخابات التي انتهجها المؤتمر الوطني"، مضيفاً احتجاجهم على "استغلال المؤتمر الوطني لأجهزة الدولة والسيطرة عليها، بما في ذلك مفوضية الانتخابات". وأشار أموم إلى سبب آخر للمقاطعة، وهو ما يجري في دار فور من تزوير، ووجود حالة الطوارئ في ولايات دار فور الثلاث. ولكن المؤتمر الوطني سارع إلى حسبان "انسحاب الحركة الشعبية من انتخابات الشمال، دلالةً واضحةً على الانقسامات الحادة، والتباين الواسع داخلها، وأن الحركة أدركت بؤس قطاع الشمال وعدم قدرته على المنافسة في أيّ دائرة في الشمال". ويبدو أن المؤتمر الوطني لن ينفذ تهديد رئيسه بانسحاب الحركة الشعبية من الانتخابات في الشمال، لأنها بصفقة، أو غير صفقة حققت له مأربه في سحب مرشحها للاستحقاق الانتخابي الرئاسي؛ الذي كان سيشكل صداعاً لحملة مرشح المؤتمر الوطني للاستحقاق الانتخابي الرئاسي. وإن كان الحادبون من الحركة الشعبية، وغيرها على الوحدة يرون في هذا الانسحاب دعماً قويا،ً ومؤشراً واضحاً، لانفصال الجنوب، عندما يحل موعد إنفاذ استحقاق الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب في مطلع العام المقبل، وفقاً لاستحقاقات اتفاقية نيفاشا للسلام.
وعند الحديث عن الصفقات، والاتفاقات، يجهل كثير من الناس الدور المميز لإحداث قدرٍ من التقارب بين الشريكين (المؤتمر الوطني، والحركة الشعبية) في الأيام الأخيرة، للسيد رياك مشار نائب رئيس حكومة الجنوب، ونائب رئيس الحركة الشعبية، وأحد العقول المدبرة لإنفاذ استحقاقات اتفاقية نيفاشا في سلاسة، وسلام، ونشأت بينه وبين السيد علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية ونائب رئيس المؤتمر الوطني، علاقة متميزة ساهمت بقدر ملحوظ في معالجة بعض القضايا العالقة بين الشريكين. ومشار لمن لا يعرفه نقول إنه يحب العمل بعيداً عن الأضواء، ولكن دوره غير منكور في الكثير من المعالجات التي تمّت، وتتم في إطار القضايا العالقة بين الشريكين. أما الدكتور منصور خالد مستشار رئيس الجمهورية، والقيادي البارز في الحركة الشعبية، فإنه يبذل جهداً مقدراً في صمت، في بعض المعالجات لخلافات الشريكين، إضافةً إلى أنه قامة فكرية- جهدها لا تخطئه عين، ولا ينكره منصف-؛ فقد كتب سلسلةً من المقالات الفكرية التي تؤصل لوحدة جاذبة، أو انفصال محسوب، نُشرت في بعض الصحف السودانية؛ وأحسب أنها مشروع كتاب. فالدكتور منصور يعمل من وراء حجاب، ولكنه يقدم نصحه، وتجربته الثرة، من أجل أن تمر الانتخابات في سلام؛ كي يعمل الجميع في الشمال، والجنوب- بروح اتفاقية نيفاشا الداعية-؛ إلى جعل خيار الوحدة خياراً جاذباً، كي يفضي ذلك إلى وحدة حقيقية لسودان مستقر، ومزدهر؛ تنزع المرارات من الجنوبيين، وتزرع الاطمئنان في الشماليين.
أما الحزب الاتحادي الديمقراطي(الأصل) فقد أعلن عن مشاركته في المستويات الانتخابية كافة، على الرغم من حدوث بعض البلبلة في موقفه، عند إعلان بعض قياديّيه سحب حاتم السر عن الاستحقاق الانتخابي الرئاسي؛ ولكن سارعت قيادة الحزب بنفي الانسحاب، وأعلن مشاركته في جميع المستويات الانتخابية. ونشرت بعض الصحف السودانية مرافقة نجل السيد محمد عثمان الميرغني للرئيس البشير في زيارته إلى كسلا، لما في ذلك من دلالة واضحة، وإشارة عميقة.
أخلص إلى أن حديث صفقات الانتخابات لا يكتمل إن لم نبسط القول عن مواقف بعض الأحزاب، والقوى السياسية، حكومةً ومعارضةً، حول إبرام مثل هذه الصفقات التي ذكرناها في هذه العجالة، ودور المضاغطات الأميركية في سبيل إجراء انتخابات حرّة ونزيهة، وحديث الصفقات فيه شُبهة غياب النصوص، مع تغييب في بعض الحالات للنفوس. أحسب أنه من الضروري أن نبسط القول في الحلقة الثانية يوم السبت المقبل عن جوانب أخرى من حديث الصفقات، والمضاغطات؛ لاسيّما مضاغطة السيد الصادق الصديق المهدي، رئيس حزب الأمة القومي بشرائطه الثمانية، ونتطرق إلى المؤتمر الشعبي بزعامة الدكتور حسن عبد الله الترابي، ورفضه تأجيل الانتخابات، أو مقاطعتها، كما يجب ملاحظة أنه مهما أخفى بعض هؤلاء السياسيين لهذه الصفقات ستُعلم، كل ذلك بُغية تسليط الضوء على ما يجري في دهاليز هذه الأحزاب والقوى السياسية، ليكون الناخب على بينة من أمره عندما يدلي بصوته، ويشكل ذلكم الصوت الانتخابي خارطة النظام الديمقراطي الجديد، وإنفاذ أولى لبنات استحقاق التحول الديمقراطي في السودان.
ولنتذاكر معاً في هذا الصدد قول الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سُلمى:
وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ أمرِيءٍ مَنْ خَلِيقَةٍ وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَمِ
وَكَائِن تَرَى مِنْ صَامِتٍ لَكَ مُعْجِبٍ زِيَادَتُهُ أَو نَقْصُهُ فِي التَّكَلُمِ
لِسَانُ الفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فُؤَادُهُ فَلَمْ يَبْقَ إَلاّ صُورَةُ اللَّحْمِ وَالدَّمِ
Imam Imam [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.