اول مرة تمت فيها سرقة هويتي، حدثت في زمن سحيق، قبل أن يخترع البشر شرور الهكارة، وموبقات الإنتحال، كنت في بغداد في قسم تسجيل الطلاب الوافدين الجدد، أقف أمام المسجل العراقي، والذي خاطبني بآلية، دون ان يعنى برفع راسه الضخم من الفايل الضخم: حظرتك من السودان؟ قلت: نعم اهلا فيك عيني في بلدك الثاني ارض البعث والرافدين... شِسمك بلّا (بالله)؟ قلت: تاج السر انتفض الرجل ورفع رأسه فالتقيت بعويناته قعر القارورة: شاكو إسم يا معود؟ تيسير تقصد؟ لم اكن املك في تلك اللحظة، قدرة او طاقة على المحاججة والملاججة، أوالشرح، تلفت يمينا ويسارا، وتأكدت أن خلا لي الجو، فقلت أبيض وأصفر، فأمنت موافقاً بهزة يائسة من راسي وقلت نعم تيسير! ثلاثة اشهر تصرمت، عقب ذلك اللقاء، وبغداد وكل ضواحيها،وحتى أبو غريب، ينادونني بتيسير السوداني، ثم انني لم اعد التفت حين يناديني البني كجة بتاج السر، فاضطرو مرغمين علي مناداتي بتيسير، واستفحل الامر فصارو حينما يسالهم قادم من السودان عني، يتعجبون ويقولون: تاج السر ده منو، في تيسر غايتو، من مدني!. ثم شاءت الأقدار ان أجد نفسي دون مبرر، سوى القدر السوداني المتشابه، في اليونان، أعمل في سفينة صخمة، سالني ضابط الهجرة عن اسمي، قبل أن يختم على تصريح دخول المدينة، فقلت بكل ثقة: تيسير، فرفع زوربا الإغريقي رأسه الإسبرطي، وكان يشبه ديميس روسوس، وحدق في بعويناته الملونة، وقال: كايسي؟ فاجبته : كالي ميرا ضحك وقال لي الدنيا ضهر، لكن مقبولة منك يا كايسي. وكما حزرتم، فطوال إقامتي وتجوالي في الجزر اليونانية، فأنا حيثما حللت.. كايسي، وما أجمله في خشوم أخوات افرودايتي. ثم شاءت الظروف ان نتوقف في واحدة من رحلاتنا ونحن في الطريق الي رومانيا، بميناء تركي صغيراسمه مرسين، قيل أن اهل الكهف لبثوا فيه، أول تركي رسمي، سالني عن إسمي، فرحت وقلت ان اسمي سيكون سهلاً عند النطق لدى الأتراك، فقال: اضني اركاداش؟ قلت تاج السر رفع التركي راسه بعويناته الهالكة وتهلل قائلاً: طاجيكيستان؟ خاب ظني، فقلت ابيض وأصفر. قلت: بلي وفي النيسان راحة الإنسان، فضحك وقال لي، الظاهر كنت كمسنجي في خط المناقل، فضحكنا معا، وتجرعنا الجعة. وحيثما حللت في تركيا وجبال الاناضول، بعد ذلك اللقاؤ الأردوغاني، فانا طاجيكستان، من (مملكت) سودان.. الأفارقة الذين كنت التقيهم في منافي العالم، وحتي الذين هاجروا علي ظهر برميل جاز، إتفقو من السهل إلى الساحل، علي مناغمتي .. تاجي ملاجي، منهم من وصل، ومنهم من ينتظر، ومنهم من حتل ببرميله في جوف المتوسط، ولم يعد منهم يونس واحد من بطون الحيتان. في بيروت رفع الزلمه القومسيير رأسه وعويناته سوداء وقال وهو مضطرب الوجدان: شو هيدا الاسم بربٌك من وين عم تچيبو ها الاسامي؟ شو معناتا تيييچ؟ أجبته شو معناتا وسيم طبارة، وفرنجية وجعبة سعيد فريحة، ومشيل شلهوب، فانتهرني ، فأمسكت. فصرت تييج، لك أن. ثم أذن الله كي ألقي عصا ترحالي، في بلاد السودان، أعز مكان، فعدت وانا بلاهوية، وبلا اسم، مثل أحمد المنسي بين فراشتين، مضت الغيوم وشردتني، ورمت معاطفها الجبال وخبأتني، عدت إلي بحر العلوم ودمدني، المجافي النوم ود مدني، ذات نهار خريفي مدوعش، قلت بسم الله وانا أخطو باحة دارنا، وحوشها المضفور، بقدمي اليمنى، فصاحت أمي من منتجعها في البرندة، والتي تسمى النملية ..... منو؟ أبو السرة؟ صحت من غيابة الجب: أأي يا حاجة ابو السرة ما تضوق المرة. فانتفضت واقفة مثل ديدبان ، صرخت ورقصت وعرضت وبكت وضحكت وأمطرت مثل مزنة ثم قلدتني وشمتني فعاد لي اسمي وهبطت علي هويتي، في التو واللحظة، ناصعة من غير تشفير، فنزلت من نحلة الجرح القديم إلى تفاصيل البلاد، وفي تلك الليلة، دعوت الله ان يرد غربة اسم صديقي عبدالله في البرونكس، والذي لا يزال الاسبان ينادونه ب (عبدبلب). تاج السر الملك عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.