أين أعضاء مجلس السيادة؟ لدينا شك معقول في أن المجلس يعمل بصورة مؤسسية، مع أن الوجوب فيه أن يكون مثل كل مجالس الدنيا يعمل بعضوية متوازية ومتساوية الواجبات والصلاحيات، لأنه في مثل هذه الهيئات لا يستطيع رئيس المجلس أن يبرم أمرا أو ينقضه بغير موافقة أعضائه، فليس في الوثيقة الدستورية ولوائح تأسيسه ما يمنح رئيسه ميزة إضافية تجعله رئيسا تنفيذيا للدولة (في حكم رئيس جمهورية رئاسية) يبرم وينقض وحده، ونرجو إذا كان حديثنا هذا خطأ إعلامنا بذلك، ونحن ننتظر التصويب والتصحيح حتى نهرب إلى الاعتذار الصريح، ونسحب حديثنا هذا وكأنه لم يكن ولا نترك خلفنا غير الطمأنينة وراحة البال، بل نمضي ونقول إن الوثيقة الدستورية لم تحدد نائبا لرئيس المجلس بصلاحيات مجهولة أو معلومة تجعل له ميزة خاصة، ولكن ربما سكتت أطراف السلطة الانتقالية على اختلاق هذا المنصب من باب تمرير الأمر وابتلاعه على مضض بحجة عدم تعكير الأجواء ومن باب الصبر على المكاره والوصول بالفترة الانتقالية إلى بر السلام، بالنظر إلي الواقع الناشز الذي صنعته الإنقاذ المشؤومة بشق القوات النظامية وتقنينها لأجسام عسكرية خارج الجيش الوطني. لا يمكن أن يكون لمجلس السيادة الذي حددت الوثيقة الدستورية صلاحياته ممارسات سياسية وتنفيذية (من العيار الثقيل) في السياسة الداخلية والخارجية، وهي من صميم أعمال الحكومة المدنية، وهذا لا يعني أننا نتجاهل ضرورات التنسيق والمواءمة والتشاور بين مؤسسات السلطة الانتقالية، ولكن هذا لا يعني في ذات الوقت التغول الكبير على صلاحيات مكونات السلطة الانتقالية بما يشبه محاولات الاستحواذ والاستباق وبناء مراكز قوى، فهذا يناقض الوثيقة الدستورية نصا وروحا، بل يناقض (بالدرب العديل) مبادئ وشعارات ومطالبات ثورة ديسمبر التي اشتعلت لتهدم المعادلات القديمة البالية للتركة الإنقاذية التي لا يمكن القبول باستمرارها تحت أي مسمى. من حق أعضاء مجلس السيادة أن يمارسوا ما منحتهم له الثورة التي جاءت بهم، ولا يمكن إلا أن يكونوا في قلب المسؤولية في كل ما يتم إعلانه أو فعله من جانب رئيس المجلس أو ما يسمى (نائب الرئيس)، فهذا هو قسم توليهم مناصبهم كأعضاء في مجلس سيادي نيابة عن شعب السودان، ولا يمكن أن يقتصر دورهم على المقابلات الاجتماعية وتدشين بعض المحافل والمبادرات، هذه مطلوبة وجيدة، ولكن يجب أن يتضح دورهم في ما يخرج عن رئاسة المجلس من (أمور عظمى) منها الإيجابي ومنها ما يناقض الإيجابية، وهم مسؤولون عن كل ما يصدر باسم المجلس لأن أي تصريح أو فعل يصدر من رئيس المجلس ونائبه يصدر عنهما بحكم المنصب وليس بصفتهما الشخصية، فلماذا لا نحس بوجود عضوية المجلس بالقدر الكافي في ما يصدر من رئاسته؟، وهل هناك شخص أكبر من أن يحاسبه مجلسه أو أن يطالبه بأخذ رأي العضوية في أي فعل أو قرار يصدر باسم المجلس؟، هل هذا الكلام معقول؟ وهل يؤكد لنا أعضاء مجلس السيادة أنهم فعلا يمارسون واجبات عضويتهم بالكامل؟، وهل هم شركاء في كل ما يصدر من رئاسة المجلس من أفعال وقرارات أم أنهم يتلقون التنوير بعد اتخاذها على طريقة نهج مخلوع الإنقاذ؟، إذا كان في هذا الكلام تصوير يناقض أوضاع مجلس السيادة وأداءه لأعماله فليكن حديثنا من باب التذكير ومن أجل الاطمئنان ومن باب التساؤل البريء، فليس في التساؤل من غضاضة، (وكثير من السؤال اشتياق، وكثير من رده تعليل). عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.