بقلم : كاميرون هدسون – Atlantic Council ترجمة صلاح الماحي الكاتب كاميرون هدسون من المعنيين بالشأن السوداني وهو زميل كبير في مركز إفريقيا التابع للمجلس الأطلسي. شغل سابقًا منصب كبير موظفي المبعوث الخاص للسودان ومديرًا للشؤون الأفريقية في مجلس الأمن القومي لإدارة جورج دبليو بوش. لاهمية المقال قنت بترجمته. إن الإعلان اليوم (14 ديسمبر 2020) عن إنقضاء فترة الخمسة وأربعين يومًا من تلقي الكونغرس الأمريكي الإخطار من الرئيس عن نيته رفع الحظر عن السودان يعتبر حدثا تاريخيا ... مما يعني أخيرا أن السودان أصبح خارج قائمة الدول الراعية للإرهاب. وهذا يؤكد الاتجاه الجديد للبلاد ، الذي حددته منذ ما يقرب من عامين من خلال احتجاجات الشوارع السلمية التي عمت البلاد. والأهم من ذلك ، أنه يمثل قطيعة نهائية مع ماضي السودان المضطرب - والنهاية الحقيقية لعهد البشير ، الذي بدأ منذ أكثر من ثلاثين عامًا- ويحمل الأمل في مستقبل أكثر ازدهارًا لجميع السودانيين. لذا لا يمكن التقليل من أهمية هذه اللحظة. إذا تركنا جانباً جهود اللحظة الأخيره التي بذلتها إدارة ترامب لتوسيع خطته الخاصة بسلام الشرق الأوسط - وإستغلال جهود وحوجة السودان لإزالة اسمه من لائحة تصنيف الإرهاب- لإنجاح خطة إدارته ، مع ذالك ينبغي الاعتراف برهان الإدارة على احتمالات التحول الديمقراطي في السودان. فمنذ الأيام الأولى للإنتقال ، كانت واشنطن والعديد من العواصم الأخرى متشككة في أن النصف المدني من الحكومة الانتقالية كان قوياً بما يكفي للبقاء في المسار وتحييد بعض الجهات الانتقامية داخل الاجهزة الامنية. ومما كان موضع تساؤل بصورة مماثلى هو احتمال أن لا تتجاوز قوات الأمن السودانية حدودها الدستورية وأن تظل شريكة في توجيه السودان نحو مستقبله النهائي بقيادة مدنية . في حين أن الانتقال لم يكتمل بعد ، ويواجه رياحًا معاكسة على نحو متزايد ، فإن إزالة التصنيف من قائمة الإرهاب اليوم يجب أن يُنظر إليه على أنه تأكيد على أن الأجنحة المتنافسة أحيانًا للحكومة الانتقالية لديها ولا تزال تلتزم إلى حد كبير بمبادئ الثورة: الحرية ، السلام والعدل. من الناحية الإجرائية ، يعد إعلان اليوم تتويجًا لعملية مفاوضات ثنائية بدأت في أوائل هذا العام وشهدت استيفاء السودان للمتطلبات السياسية والقانونية مما يدل على أنه لم يعد يدعم الإرهاب الدولي وسيدعم جهود الولاياتالمتحدة لمكافحة الارهاب مستقبلا . ربما يزيل (الإعلان) أكبر نقطة شائكة وهي عدم الاتساق في سياسة الولاياتالمتحدة والعلاقة الثنائية (معاملة الولاياتالمتحدة للسودان كشريك موثوق به في مكافحة الإرهاب وإعتباره دولة إرهابية في ذات الوقت). فمنذ ما يقرب من عقدين من الزمن ، كانت هذه أول وآخر نقطة نقاش لكل مسؤول سوداني في أي محادثة ثنائية مع دبلوماسي أمريكي. مع إزالة هذا النفاق ، فإن فرص علاقات ثنائية أعمق وأكثر جدية صارت ممكنة في النهاية. تشير تصريحات اليوم لكل من وزير الخزانة منوتشين ورئيس العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ريش إلى أنه مع إزاحت قيود الإرهاب عن الطريق ، فإن الولاياتالمتحدة سوف تميل إلى تسوية المتأخرات ، والقروض المؤقتة ، وتخفيف الديون في نهاية المطاف لإنعاش اقتصاد السودان المتعثر. ربما يمثل هذا الجائزة الأكثر واقعية وفورية مرتبطة بشطب السودان من القائمة. لكن خلال الأيام الأخيرة من ولاية ترامب قد لا تتحقق الوعود الأخرى - مثل الوفود التجارية ، ومؤتمرات القمة الاستثمارية ، والواردات الأساسية المدعومة ، المقدمة كجزء من مناورة الإدارة بشأن إسرائيل . لكن بدء عملية متعددة الأطراف تسمح للأوروبيين والمؤسسات المالية الدولية بالمضي قدمًا في هذه المشاركة الحاسمة هو الأمر الأكثر ضرورة الآن . ولكن على الرغم من أخبار اليوم ، تظل التحديات قائمة في فيما يخص قصة الارهاب هذه (Terror Saga ). فلا تزال المفاوضات جارية بشأن موعد وكيفية استعادة السودان للحصانة السيادية ومنحه السلام القانوني الذي يسعى إلى حمايته من المطالبات المستقبلية المتعلقة بالإرهاب. ينبع أكبر عائق أمام الحصانة السيادية من ادعاء مجموعة من ضحايا 11 سبتمبر الذين حاولوا المجادلة بأنه بسبب تواطؤ السودان في هجمات إرهابية مدبرة أخرى للقاعدة ، مثل يو إس إس كول وتفجيرات السفارة الأمريكية ، يجب أن يحاكم السودان الأن لاحتمال تورطه في هجمات 11 سبتمبر. ومن المفارقات أن هذه الادعاءات قد ظهرت الآن لأن ضحايا 11 سبتمبر شعروا لأول مرة أن السودان قد اعترف بشرعية نظام العدالة الأمريكي عليهم وكانوا على استعداد لدفع مبالغ كبيرة من المال لتلبية المطالب السياسية للخروج من قائمة الإرهاب. ففي عهد حكم عمر البشير لم تكن عائلات 11 سبتمبر تعتقد أن دعواها القضائية ستنجح ولم تعتقد أبدًا أنه يمكن إجبار السودان على الدفع ، لذلك اختاروا عدم متابعة دعاواهم عندما كانت الفرص كثيرة. لكن كل هذا تغير كليا في ظل الحكومة الانتقالية، التي أظهرت استعدادًا للتفاوض والتعويض. إن فكرة احتمال معاقبة السودانيين الآن لتعاونهم هي فكرة مؤسفة. إن حقيقة أن هذه المجموعات قد وجدت أبطالًا بين القادة الديمقراطيين في مجلس الشيوخ أمر مسببا لاحباط بصورة اكبر. يبدو أن الجهود حسنة النية لحل عقبة التسوية النهائية مستمرة داخل مجلس الشيوخ وبين مجموعات الضحايا. حتى أن إدارة ترامب عرضت تسويات مالية كبيرة - من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين - لتعويض الضحايا الذين ليس لديهم حتى حكم قضائي لصالحهم. إذا لم تنجح هذه الجهود ، فقد يواجه السودان دعاوى قضائية مستقبلية من مدعين متضررين من الإرهاب وربما تواجه الشركات الأمريكية إحتمال وضع رهونات علي عائدات استثماراتها القادمة من السودان. وهذا من شأنه أن يقوض ويردع جهود ترويج وتشجيع الاستثمار المرجوه بعد إزلة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب. كما أنه سيمثل جرحًا آخر من صنع الذات لسياسة الولاياتالمتحدة من النوع الذي كان إعلان اليوم يحاول تصحيحه. ولكن في النهاية ، فإن إعلان اليوم يخرج الولاياتالمتحدة في نهاية المطاف من نجاح أو فشل السودان. مع ارتفاع معدلات التضخم واستمرار الهبوط السريع للجنيه السوداني ، فإن ما يستفيده السودان من هذه الفرصة متروك الآن لقادته. رابط المقال باللغة الانجليزية https://www.atlanticcouncil.org/blogs/africasource/what-sudans-terror-delisting-really-means/ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.