(بناء جسور لربط الفشقة وتزويد الجيش بمدفعية ثقيلة ومضادات الطيران والدرون هي ضمان لعدم سحل جنودنا في الخريف أو انسحابهم) حقق الجيش السوداني إعادة انتشار ناجحة في أغلب مناطق الفشقة والمناطق السودانية المحتلة الاخرى وذلك بعد انسحاب المليشيات الاثيوبية ومعسكرات الجيش الاثيوبي من المنطقة في اعقاب حرب اقليم التغراي. الانتشار نفسه تصاعد بعد أن قامت المليشيات الاثيوبية بعمل كمين وقتل عدد كبير من الضباط والجنود السودانيين بدم بارد في جريمة حرب. ومن البديهي ان الجيش السوداني قد استغل احداث التغراي لإعادة سيطرته على هذه المنطقة العزيزة من الوطن، والتي كان نظام البشير قد تركها لأثيوبيا بعد عام 1996 وتم احتلالها منذ ذلك الوقت وعاثت المليشيات والجيش الاثيوبي فيها الفساد، وتم قمع مواطنينا ومزارعينا هناك وانتهاك حرماتهم وسرقة اراضيهم عنوة وغصبا من قبل مليشيات اقليم الامهرا ووحدات الجيش الاثيوبي. وقد دافع اهلنا في تلك المناطق عن أنفسهم وحموا الارض والعرض في ظل تضحيات جبارة كانت الدولة فيها غائبة تماما. اننا نؤيد بصورة قاطعة انتشار الجيش في تلك الاراضي السودانية العزيزة؛ ونعتبر ذلك فاتحة لاستعادة كل اراضينا المحتلة ومن أهمها حلايب. إن حماية الارض والمواطنين هي من اهم واجبات الجيش والدولة، وفقط من يرهنون نفسهم للمحتل يمكنهم ان يرفضوا هذا التوجه وحماية مواطنيهم من الاحتلال البغيض. لكن قراءة متمعنة للوضع العسكري في المنطقة تفرض ضرورة النظر في الاستراتيجية العسكرية السودانية هناك. ذلك ان الجيش دفع بقوات برية على عربات عسكرية خفيفة وبتسليح خفيف. إن هذه المركبات تسمح بسرعة الحركة والانتشار ولكنها لا تسمح بالتمركز والدفاع الجيد وخصوصا في فصل الخريف. ومن هنا نقدم بعض الاقتراحات لتحسين وتحصين الموقف العسكري في منطقة الفشقة وعلى طول الحدود الاثيوبية التي يواجهنا منها اولا خطر الجيش و المليشيات الاثيوبية ورد فعلهما الانتقامي وكذلك تداعيات حرب التغراي المستمرة. ان تحليل قدرات الجيشين السوداني والاثيوبي والمليشيات المتحالفة معهما توضح ان هناك تقاربا استراتيجيا في القوة، رغم ان اثيوبيا تحتل الموقع 60 ضمن تصنيف دول العالم عسكريا ونحن نحتل الموقع 76، الا ان اغلب هذا التفوق هو تفوق في عدد السكان الكلي وفي المقدرات الاقتصادية وخصوصا الاحتياطي النقدي. الا ان ميزان القوى العسكري الحقيقي يكاد يكون سجال بين البلدين. فمن ناحية العدد يملك الجيش الاثيوبي 162 الفا بينما نملك 104 ألف، لكننا نتفوق عليهم بحوالي 82 ألف احتياط رسميا (معظمهم دفاع شعبي غير مؤهل)، بينما يملكون هم فضلا عن ذلك عدد كبير من مليشيات الامهرا. ان دفع قوات الدعم السريع (حوالي 50 الف) وقوات الحركات الثورية التي وقعت السلام (25-30 الف) للمنطقة يمكن ان تحقق لنا التوازن الاستراتيجي، خصوصا ان العقيدة العسكرية الاثيوبية تركز على الكثرة العددية في حسم النزاعات (الحرب الاثيوبية - الارترية، حرب التغراي) أما في مجال الطائرات فإننا نتفوق على اثيوبيا بنسبة الضعف (190 الى 86) بما في ذلك الطائرات المقاتلة وكذلك في عدد المروحيات (73 الى 33)، مما سيحرم أثيوبيا من التفوق الجوي الذي استخدمته ضد ارتريا والتغراي (لا اتوقع دعما لها من طيران دول اخرى دعمتها في حرب التغراي). ولكن اثيوبيا تتفوق علينا كثيرا في مجال الطائرات بدون طيار والتي اشترت او استلمت كميات كبيرة منها من الصين واسرائيل. كما تتفوق علينا في مجال الدفاع الجوي ومضادات الطائرات الحديثة الامر الذي يحتاج الى معالجات عاجلة وحديثة. في المجال البري نتفوق على اثيوبيا في عدد الدبابات بنسبة الضعف تقريبا (690 الى 400) وفي العربات المدرعة بنسبة اربعة اضعاف تقريبا (400 الى 114). الا اننا نكاد نكون صفرا في مجال المدفعية ذاتية الحركة (67 لأثيوبيا مقابل 10 لنا) وفي مجال مدفعية الميدان (650 الى صفر) وراجمات الصواريخ (183 الى صفر) الامر الذي يحتاج لمعالجة أكثر من سريعة حيث ان عرباتنا الخفيفة يمكن ان تكون هدفا سهلا لتلك المدفعية القاتلة والراجمات (تم استخدامها بكثافة ووحشية من قبل الجيش الاثيوبي في حرب التغراي) إن أي معرفة دقيقة بتركيبة الانظمة الحاكمة الاثيوبية عموما والنظام الاثيوبي الحالي، وكذلك بفاشية النخبة الحاكمة في اقليم أمهرا (والتي تشكل الداعم الرئيسي للنظام الحاكم في اثيوبيا حاليا) توضح انهم لن يقبلوا باستعادة ارضنا السليبة منهم، وانهم سيهاجمون في زمن الخريف حيث تنقطع منطقة الفشقة عن السودان وتكون مفتوحة أمام اثيوبيا. ان اي انسحاب من الجيش السوداني وقتها سيؤدي لسحل اهلنا المزارعين هناك، كما ان الحفاظ على تركيبة الجيش الحالية في المنطقة ستؤدي لسحقه في حالة اي هجوم وقتها من قبل الجيش الاثيوبي ومليشيات اقليم الامهرا حسب التحليل السابق أعلاه. عليه يجب ان تكون استراتيجية الجيش في المنطقة كالتالي: 1- بناء جسور عاجلة على طول نهر عطبرة ونهر ستيت وتأمينها وكذلك جسور متحركة للعبور على تلك الأنهار والاخوار العديدة في منطقة الفشقة وذلك كي لا يحبس أهلنا وجنودنا في الخريف. 2- الانتشار التام في باقي المناطق السودانية في الفشقة التي لم يدخلها الجيش وكذلك تنظيم انتشار كبير في محليات القلابات وعلى طول الحدود الاثيوبية شمال وجنوب الفشقة حتى حدودنا مع ارتريا وجنوب السودان (بعض هذه المناطق تعرضت للهجوم من مليشيات الامهرا والجيش الاثيوبي قبل أشهر) 3- انشاء ما لا يقل عن 10 حاميات ثابتة مزودة بالدبابات ومضادات الطيران والدرون على كامل المنطقة وعلى طول الحدود الاثيوبية، مع الاحتفاظ بعدد كبير من العربات خفيفة ومتوسطة التسلح لتتحرك خارج الحاميات وبينها للتمشيط والتدخل السريع والاسناد. 4- نقل عدد كبير من الطائرات المقاتلة والهجومية وطائرات الهيلكوبتر الهجومية لمطارات القضارف وكسلا وذلك لضمان التفوق الجوي ولضرب أي تجمعات للمدفعية الاثيوبية الخطرة، 5- الحصول بشكل عاجل على كميات كبيرة من المدفعية ذاتية الحركة ومدفعية الميدان وراجمات الصواريخ والطيارات بدون طيار ومضادات الطيران والصواريخ الحديثة لسد النقص الاستراتيجي في تسليحنا بهذه الأسلحة مقابل الجيش الاثيوبي. 6- استخدام بعض الإمكانيات السودانية التقنية في مجال محاربة الطيارات بدون طيار الاثيوبية والتشويش عليها والسيطرة عليها في حالة استخدامها ضد السودان، 7- اعداد الدراسات وتنظيم مناورات للدخول في العمق الاثيوبي لضرب مراكز انطلاق القوات الاثيوبية في حالة شنها حرب شاملة على الحدود والنظر في دعم ثوار التغراي وبني شنقول والارومو في حالة تلك الحرب. الا هل بلغت؟ اللهم شعبي فأشهد! عادل عبد العاطي 29/12/2020م المراجع: 1- معلومات عن الجيش الاثيوبي : https://en.wikipedia.org/wiki/Ethiopian_National_Defense_Force 2- مقارنة بين القدرات الاستراتيجية والعسكرية الاثيوبية – السودانية https://www.globalfirepower.com/countries-comparison-detail.asp?form=form&country1=ethiopia&country2=sudan&Submit=COMPARE 3- خرط متعددة للمنطقة عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.