الدعوة التى اطلقها د. غازى صلاح الدين لكل الاحزاب لتشكيل حكومة قومية بعد الانتخابات يجب الوقوف عندها طويلاً و على الاحزاب الاخرى ان تتمهل فى الرد , حيث اننى ادرك ان د.غازى هو رجل يتمتع بقدر عال من الذكاء و المعرفة, و الهاجس الاساسى للدكتور غازى وبعض الذين يفكرون فى المؤتمر الوطنى انهم يعلمون ان المرحلة القادمة مرحلة حرجة من تاريخ السودان و الحكومة القادمة سوف تكون مسئولة عن اجراء الاستفتاء الذى سوف يفضى الى انفصال الجنوب و سوف يسجل التاريخ ذلك الحدث المفصلى وسوف يكون اسم تلك الحكومة و رئيسها مقرون بفصل الجنوب و تمزيق السودان. بعض اعضاء المؤتمر الوطنى يريدون ان يشاركهم الاخرون فى ذلك الحدث " فانتبهو ايها السادة " فالمسالة ليست مناصب وزارية ولامبالغ تدفع فى صفقات فهى اكبر من ذلك بكثير. من الواضح ان المتشددين فى المؤتمر الوطنى يودون ان يبقوا فى السلطة بالتزوير و التخويف و الخداع وعلى حساب كل القيم والاخلاق, إذا ان ما يحدث الان فى الانتخابات دليل على مدى الانحطاط الاخلاقى الذىى اوصلت اليه البلاد, لدرجة اصبح الشيطان الاعظم (امريكا) العدو اللدود صديق حميم و يستشهدون باقوالهم لتبرير اصرارهم على عدم تاجيل الانتخابات, وقد قامت الممثلة ميي فارو بكتابة مقالة فى جريدة ووال استريت جيرنال قالت فيه ان على الرئيس البشير ان يضع صورة اسكوت قراشن بجانب صورته المعلقة فى كل الشوارع تقدير لمواقفة فى خدمة حملتة الانتخابية. و الاهداف المشتركة بين البشير وقراشن هى ان تتم الانتخابات ويفوز البشير و يضمن اجراء الاستفتاء و انفصال الجنوب و بالنسبة للبشير المهم السلطة حتى لو انحصر السودان من مليون ميل مربع الى ميل مربع حول القصر الجمهورى و يبقى هو الرئيس. وبالنسبة لتحسين العلاقات الامريكية مع المؤتمر الوطنى فاننى اود ان اذكرهم بان ذلك سوف لن يخدمهم كثيرا فقد تعاونوا مع امريكا امنيا بتسليهم عدد من العرب و الافغان و ذلك لم يفيدهم كثيرا حتى لو افترضنا ان العلاقات تحسنت لدرجة علاقة عبود او نميرى مع امريكا فان ذلك لن يساعدهم كثيرا للبقاء فى السلطة حيث ان نميرى اسقط وهو فى امريكا وكان من ابناؤهم المدليين. الفرصة التى كانت متاحة لبقاء السودان موحد بعد توقيع اتفاقية السلام فى 2005م ضاعت بسبب تمسك المؤتمر الوطنى بالسلطة على حساب كل شئ وذلك برفضهم تنفيذ اهم بنود الاتفاقية و تعزيز الديمقراطية وخلق جبهة وطنية قوية تحت مظلة حكومة الوحدة الوطنية لتعمل على جعل خيار الوحدة جاذب, لكن كل ذلك تبدد وقد ادركوا فى نهاية الفترة الانتقالية ان الانفصال اصبح حقيقة, وهو مجرد وقت واصبح ذلك جليا عندما قال رئيس حكومة الجنوب و النائب الاول لرئيس الجمهورية سلفاكير اذا اراد الجنوبيين ان يعيشوا مواطنيين من الدرجة الثانية عليهم التصويت لخيار الوحدة وذلك لخص كل شئ بوضوح. و السؤال الذى يجب ان نجد له اجابة الان هو هل ستبقى بقية اجزاء السودان موحدة ام سيتاثر بالجنوب (Domino- Factor ( وتلك مسالة يجب ان يتعامل معها بقدر من الجدية فى ظل الاستقطاب الحاد, حيث ان انفصال الجنوب سوف يترك ظلاله فى جبال النوبة وجنوب النيل الازرق, و يجب معالجة قضايا تلك المناطق بسرعة وبقدر من المسئولية الوطنية وليس بحسابات الربح و الخسارة الحزبية كما تعامل المؤتمر الوطنى مع قضية الجنوب فاضاعة (الجبهة القومية الاسلامية/ المؤتمر الوطنى) يجب ان يتحمل مسئولية انفصال الجنوب كاملة حيث انهم قاموا بانقلاب فى 30 يونيو 1989 لايقاف اتفاق الميرغنى /قرنق الذى ادى الى وقف لاطلاق النار و تحديد زمن لمؤتمر دستورى يعالج كل قضايا الحكم فى السودان و ليس الجنوب فقط ولم يكن تقرير المصير مطروحا فى ذلك الوقت. و بعد استمرار الحرب لمدة 15 عاما تحت اسم الجهاد و الحرب المقدسة و فقدان حوالى 2 مليون شخص يتم انفصال الجنوب على مراء و مسمع الجميع وعلي المؤرخيين ان يسجلوا ذلك الحدث. و ايضا دارفور اذا استمر هذا الصراع لزمن طويل سيكون تقرير المصير احدى الخيارات فى دارفور لاسباب بسيطة ممثل فى النظرة المتعالية لعدد من القيادات فى الوسط و الشمال لاهل دارفور. و لماذا يفضل نساء دارفور البقاء فى بلد رئيسه يعد اغتصابهم شرف و ليس انتهاك لحقوقهم كبشر. على السادة ان ينتبهوا و يعلموا ان التشبس بالسلطة باى ثمن سوف يؤدى الى تمزيق الاجزاء المتبقيه من هذا البلد الحبيب. ا[email protected]