نقلا عن صفحة الاستاذ/ محمد جميل أحمد على الفيس "أثيوبيا تدرك أن فتح جبهة الحرب في الحدود مع السودان (على ما في ذلك من حيث لا أحقيتها في أراض هي أراض سودانية، بحسب الخرائط الدولية والرسمية) سيكون مكلفاً لها خصوصاً في أعقاب حرب أهلية لم تنتهي بعد، فقد يؤدي إعلان الحرب على السودان إلى انقسامات داخلية لأن الجبهة الداخلية الأثيوبية غير موحدة في اقليم التقراي، إضافةً إلى أن قوميات أثيوبية أخرى مثل الصوماليين والعفر، قد لا يرغبون في خوض حرب ضد السودان، كما أن ردود الفعل المحتملة لأي حرب شاملة مع السودان ستترتب عليها تداعيات في جبهة التقراي ذاتها، إذا فتح السودان حدوده مع إقليم التقراي، أو لعب دوراً مضاداً في تحريك جبهة بني شنقول، وكلها أوراق تدرك أثيوبيا أنها بيد السودان، علاوةً على أن السودان اليوم ربما هو الدولة الوحيدة في القرن الأفريقي التي تتهيأ لدور محوري في ظل الرعاية التي توليها الولاياتالمتحدة في دعم المكون المدني للثورة السودانية. فالسودان من حيث قدراته وإمكاناته يعتبر دولة محورية في القرن الأفريقي ووسط أفريقيا، وربما يكون الأكثر تأهيلاً لدعم المجتمع الدولي على حساب أثيوبيا؛ التي كشفت الحرب الأخيرة فيها عن احتمالات كبيرة تهدد ديمقراطيتها بخطر الانقسام. هذا إلى جانب حاجة أثيوبيا الماسة إلى الدعم والمساعدات الدولية لناحية تعدادها السكاني الكبير، والذي قد يؤدي أي تفريط في حاجاته الأساسية إلى ظهور شبح الضائقة المعيشية. من ناحية ثانية، سيشكل الدخول في حرب شاملة مع أثيوبيا مأزقاً للسودان، لأنه في حال الدخول في الحرب سيترجح صالح المكون العسكري في السلطة الانتقالية، ذلك أن الحرب هي الميدان الوحيد الذي يجيده العسكر، ما سيعني أن الواقع الذي سينتج عن الحرب – إذا وقعت ل اسمح الله – سيكون بمثابة تعزيز لحظوظ المكون العسكري في السلطة الانتقالية، ولا يخفى أن هناك مصالح كثيرة للعسكر في ترتيبات كهذه سيكون أهمها؛ ضمان سلطة حكم شبه منفرد قد تهدر استحقاقات كثيرة في مصائر محتملة لبعض الذين تم استجوابهم في أحداث فض اعتصام القيادة العامة (من أمثال البرهان وحميدتي وكباشي وياسر العطا وكلهم أعضاء في مجلس السيادة السوداني) من قبل لجنة التحقيق بقيادة الحقوقي السوداني الضليع نبيل أديب. وغني عن القول أن الدخول في حرب مع أثيوبيا سيعني بالضرورة خصماً كبيراً من سلطة المدنيين لاسيما وأن المكون العسكري يدرك اليوم المفاعيل المحتملة ل(قانون الانتقال الديمقراطي والشفافية والمسائلة) الذي تم إقراره في الكونغرس الأمريكي بغرفتيه خلال شهر ديسمبر الماضي، وبمجرد التوقيع عليه من قبل الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن سيكون سارياً. وهو قانون تم تصميمه في جزء كبير منه لتكبيل يد المكون العسكري في السلطة الانتقالية عبر شروط جزائية محتملة ضد المكون العسكري حال اخلاله ببنود القانون الجديد، بعد ما تبين أن هناك عمليات أمنية لشد الأطراف كان هدفها إفشال الحكومة المدنية؛ مثل زعزعة الأمن في شرق السودان وغربه (اللجنة الأمنية في ولاية البحر الأحمر بشرق السودان التي وقع في ظل إدارتها 5 موجات من الاقتتال الأهلي لا يزال قادتها في مراكزهم حتى الآن في مدينة بورتسودان تحت سمع وبصر المكون العسكري في الخرطوم) ولقد انكشفت حقيقة الأمور مع الهدوء الذي تشهده اليوم منطقة شرق السودان، حيث لا نكاد نسمع ضجيج الأصوات التي كانت تؤجج نزعات الكراهية والإقصاء بين المكونات المحلية، وهو ما يؤكد أن ثمة في الخرطوم من أوعز لتك الأصوات بالصمت لأن هناك ترتيبات جديدة وتطورات وضغوط قد لا تبدو نتائجها في صالح المكون العسكري للسلطة الانتقالية. "