نتحدث اليوم بالأرقام والإحصاءات، ونتناول ثلاثة جداول فقط، والأول ورد في النشرة الإقتصادية للبنك المركزي، وتشير للآتي : - عرض النقود في ديسمبر 2018م بلغ 430 مليون جنيه. - عرض النقود في ديسمبر 2019م بلغ 689 مليون جنيه بنسبة زيادة 62٪. - عرض النقود في أكتوبر 2020م بلغ مليار و90 مليون جنيه وتضاعفت النسبة إلى 280٪، والأمر الأكثر إثارة للقلق ان عرض النقود في نوفمبر 2020م بلغ مليار و222 مليون جنيه، أي أن الحكومة طبعت في شهر واحد 131 مليون جنيه (اي 131 مليار جنيه بالقديم). وتشير هذه الحقيقة ان تركيز وزارة المالية الآن طباعة المزيد من النقد، وهذا أمر يكشف غياب العملية الإنتاجية، وعجز الحكومة الإيفاء بمتطلبات التسيير العادية للوزارات والمؤسسات وتحريك دولاب العمل، ناهيك عن تمويل المشروعات الكبرى أو تحقيق نهضة إقتصادية، مع غياب السياسات الحكومة وضعف الرقابة القانونية التي تتحكم في عرض النقود والإستدانة من النظام المصرفي، ووراء هذه الأرقام تختبيء حقيقة التضخم الجامح وغلاء الأسعار وضنك المعيشة. (2) والجدول الثاني، تصريح ورد في الغراء صحيفة الصيحة بتاريخ 25 يناير 2021م منسوب لمدير إدارة التخطيط الإستراتيجي بالبنك المركزي، جاء فيه : إن حصيلة صادر الذهب للعام 2020م هو 3.5 طن بمبلغ 180 مليون دولار وأضاف تفاصيل أخرى كالآتي : صادر الذهب عام 2016م، 27.1 طن بقيمة 1.04 مليار دولار. صادر الذهب عام 2017م، 31.3 طن بقيمة 1.1 مليار دولار. صادر الذهب عام 2018م، 18.8 طن بقيمة 670 مليون دولار. صادر الذهب عام 2019م، 18.5 طن بقيمة 1.29 مليار دولار. لكن العرض الإقتصادي للبنك المركزي يشير لإحصاءات تختلف كثيرا عن هذه المعلومات، فهو يورد ان عائد صادر الذهب للعام 2020م وحتى شهر سبتمبر الماضي أكثر من 920 مليون دولار، فهل الفارق بين الرقمين وهو مبلغ 770 مليون دولار، يشير لكمية الذهب الذي قامت بتصديره بعض الشركات الخاصة مثل (الفاخر) والتي منحت تفويضا بالتصدير؟ ألا يعتبر ذلك إهدارا للمال العام والحكومة تتحدث ولاية وزارة المالية على الموارد وهي تتخلى طوعا عن مورد مهم و سلعة إستراتيجية!.. (3) وفي الجدول الثالث، كانت موازنة الحكومة في يناير 2020م، 265 مليار جنيه سوداني، بينما قيمة الدولار 88 جنيه سوداني، وفى بداية يناير 2021م رشحت معلومات عن موازنة قدرها 900 مليار جنيه سوداني بينما قيمة الدولار 265 جنيه سوداني وامس الأربعاء يناير 2021م قفز الدولار لأكثر من 315 جنيه سوداني، هذا التزام في قفزات اسعار العملات الأجنبية وتراجع العملة الوطنية مع إعلان تفاصيل الموازنة يمثل توصيفا واقعيا عن (محنة) الموازنة في بلادنا، و الموازنة تعبير رقمي عن الواقع السياسي والإقتصادي وقياس لإستشراف المستقبل، ومن الواضح أن القراءات سلبية وقاتمة وقد أحتل السودان المركز الثالث للتضخم بعد فنزويلا في المركز الأول وزمبابوي في المركز الثاني، وكانت النسبة 269٪، بينما الموازنة الجديدة تسعى لتثبيته في نسبة 95٪ وهذا تقدير إفتراضي وبعيد عن الواقعية.. والغريب ان هذا الحال بعيد عن نقاشات الفاعلين السياسيين وإجتماعاتهم، و مشاغلهم منصبة علي التشكيل الوزاري الذي راوح شهره الرابع، ومع ذلك خرج بثلاث قوائم مختلفة في كل شيء ومتفقة على المحاصصات الحزبية والإبتعاد عن معيار الكفاءة. إن من قادنا لهذا الدرك في العام الماضي لا يمكن أن يكون مؤهلا لإخراجنا منه، وأول خطوات حل المشكلات إزالة المسببات، وهو هذه الحكومة وحاضنتها السياسية وأبواقها.. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.