ما أقدم عليه ياسر العطا، يستحق الوقوف عنده، وبذل الشكر والتقدير له، إن كان قراره هذا، جاء نتيجة صحوة ضمير، وإدراك أن لا جدوى من سياسة اللف والدوران، مع شعب بلغ وعيه السياسي درجة لا تسمح بالعودة إلى الوراء، لذلك أقدم على هكذا خطوة إستجابة لإرادة الشعب السوداني المُصِرة على التحول الديمقراطي، وبناء دولة القانون والمؤسسات، بعد تفكيك بنية النظام السابق وملاحقة أوكار الفساد، عبر قيادة مدنية من بين صفوف الثوار كما هو حاصل من جانب الدكتور صلاح مناع والأستاذ المحامي وجدي صالح وبقية أعضاء اللجنة الشرفاء. لأنه لا معنى لإسقاط رأس النظام بينما بنيته الأمنية والإقتصادية قائمة وراسخة.! الأمر الذي جعل شكوى الشارع السوداني العريض حاضرة، نتيجة فشل مؤسسات الفترة الإنتقالية، في تحقيق العدالة، وتحسين معاش الناس، بجانب إتساع رقعة الخلافات وحدة الإستقطاب مع غياب أي مؤشر حقيقي على جدية هذه المؤسسات في إتخاذ خطوات عملية تضع حدا لعبث بقايا النظام السابق، الذين يحاولون الإصتطياد في الماء العكر من خلال العبث بأمن المواطن والتحكم في معاشه، مستغلين سياسات عملاء صندوق النقد والبنك الدوليين، وتقاعس العسكر في تحمل واجباتهم الأمنية! تجليات المشهد السياسي، تبعث على القلق، في ضوء ما يجري من مؤامرات شريرة تهدف إلى إفراغ الثورة من مضمونها، لصالح مشروع العمالة والخيانة الرامي لقطع مسيرة التحول الديمقراطي.! وبهذه المناسبة أتمنى على ياسر العطا أن يكمل جميله، ويقدم إستقالته من مجلس السيادة، وبذلك يكون قد قدم درسا في قيم التفاني ونكران الذات لبقية أعضاء اللجنة الأمنية التابعة للنظام السابق بقيادة البرهان وحميدتي، ليحذو حذوه، ويقدموا إستقالاتهم من رئاسة اللجان الأخرى وعضوية مجلس السيادة حفظا لماء الوجه، في ظل توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة جو بايدن التي أكدت رفضها القاطع، للإنقلابات العسكرية ودعمها المطلق للديمقراطية، ودعوتها لوقف الحرب في اليمن، ودشنت ذلك بتعيينها مبعوثا خاصا لها في اليمن لتحقيق هذا الهدف، بجانب وقف صفقات السلاح مع كل من السعودية والإمارات.! في هذا الإطار، أرى إن الإستقالة فيها بشريات خير كثيرة، إذ تمكن بقية أعضاء اللجنة من ومواصلة جهودهم لمكافحة الفساد وملاحقة كل من يشتبه فيه حتى لو كان من قوى الحرية والتغيير ، لإسترداد أموال الشعب السوداني التي سرقها اللصوص والحرامية في عهد الكيزان، لوضع حد للتجازوات والسطو على المال العام بلا وجه حق، ترسيخا لثقافة الشفافية والنزاهة وصولا إلى مرحلة التحول الديمقراطي كامل الدسم القائم على إرادة الشعب السوداني وتطبيق القانون على الجميع دون إستثناء، في ظل قضاء مستقل، ومجتمع مدني فاعل، وإعلام حر، يساهم في كشف الفساد وتوطيد دعائم الدولة المدنية الحديثة الحاضنة لكل أبناءها وبناتها. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.