الامارات .. الشينة منكورة    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    شركة توزيع الكهرباء تعتذر عن القطوعات وتناشد بالترشيد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    بايدن يعين"ليز جراندي" مبعوثة للشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هنا أمدرمان إذاعة جمهورية السودان (1-2): بمناسبة اليوم العالمي للراديو ، محاولة لتوثيق هام لكل الاجيال .. بقلم: صلاح الباشا
نشر في سودانيل يوم 14 - 02 - 2021


** رحلة عطاء ممتد ووعاء تثقيف للشعب لن ينضب معينهُ
*** شاركت شعب السودان كل أفراحه وأتراحه ... وقدمت العلماء والإبداع
***؛ظلت لأكثر من ثمانية عقود من الزمان تدخل كل بيت وتعبر السهول وتتسلق الجبال لتصل للناس.
البداية :
في العام 1940م ومن داخل مبني بوستة ام درمان الحالي كانت البداية للاذاعة ولمدة ثلاث سنوات ثم انتقلت الي موقع بجوار مدارس بيت الامانة الابتدائية الحالية وليست ببعيدة عن مستشفي الدايات وايضا لاتبعد من ميدان الخليفة بام درمان.. ثم إنتقلت الاذاعة لاحقا إلي موقعها الحالي بالقرب من النيل وجنوب حي الملازمين بام درمان ، ثم أتي المسرح ثم التلفزيون مجاوران لها ، فأطلق أهل الإعلام علي تلك المواقع ( الحيشان الثلاثة ) وذلك حين أطل صلاح إبن البادية باغنيته سيد الحيشان التلاتة وعريسنا جالس بانبساطة وكسا الجيل الفي السباتة ونفض الكيس قطع الرحاطة ودفع الميه للمشاطة ( عريسنا سار ) وبالطبع كانت مية قرش في زمانها (يعني جنيه فقط ) لكنه كانت عظيمة وقتذاك .
فكان الإرسال في البدايات الاولي لساعة واحدة فقط بث مباشر بالصباح ، ومثلها في العصر.
وقيل وقتها أن هدف الإذاعة الأساس كان لخدمة أخبار جيوش الحلفاء في بداية الحرب العالمية الثانية ( 1938 – 1945 م ) . فالسودان كان سنداً للحلفاء بإعتبار أن الحكم كان إنجليزياً ، وبالتالي تم إرسال قوة دفاع السودان ( الجيش الحالي ) للحرب في مرتفعات أرتيريا ، وقد عسكرت القوة الضاربة بمدافعها وطيرانها المحدود القدرات في مناطق كرن داخل الحدود الأرتيرية الحالية ، حيث كانت قوات المحور بقيادة ( إيطاليا وألمانيا) تقف في الجانب المعاكس لتحمي عرين الإمبراطور الأثيوبي من سلالة آباء هيلاسلاسي . وقد كان يطلقون عليها ( حرب السودان مع الطليان ) . وكذلك تم ارسال بعثات فنية للترفيه علي الجنود السودانيين في الكفرة الليبية جنبا الي جنب مع الجيش البريطاني بقيادة الفيلد مارشال مونتجمري و الذي كان يحارب الجيش الالماني بقيادة روميل بشمال افريقيا.
كان للإذاعة أعظم الأدوار في ظهور كل أهل الفن علي إمتداد بلادنا ، جنباً إلي جنب مع الشعراء والعلماء وأهل الرياضة والأدب وشيوخ الدين وأهل المدائح والتعليق الرياضي ، وتفسير القرآن وتلاوته، بجانب حوارات السياسية ، والتغطيات للفعاليات الوطنية وفي الأعياد ، وفي أحزان عيون الناس وأفراحهم... كل ذلك حملته الإذاعة السودانية علي عواتقها ، أو بالأصح عواتق الأجيال التي ساهمت قي بنائها وفي تطورها من إداريين ومهندسين ، وفنيي صوت وإخراج وبالطبع أجيال المذيعين ومقدمي البرامج ، الراحلين منهم ، أو الذين لازالوا علي قيد الحياة.
بعض أجيال المذيعين في هنا أم درمان
متولي عيد :
يعتبر الراحل متولي عيد صاحب أكبر بصمة وطنية بعد الإنجليز في إدارة الإذاعة السودانية ، بماعرف به من صرامة ، مقرونة بجهد متواصل حتي ينصع شيئاً إسمه ( هنا أم درمان ) ، وهو من الرعيل الأول المؤسس للعمل الإذاعي بما ظل يتمتع به من قدرات إكتسبها بالمران والتجريب والدربة ، ومتابعة الإذاعات الكبري كالقاهرة وبي بي سي العربية من لندن والتي أنشئت مع بداية الحرب الثانية ( 1938م ) ، ربما لخدمة ذات أغراض جيوش الحلفاء سابقة الذكر .
محمد صالح فهمي :
كان محمد صالح فهمي – رحمه الله – من أميز الإذاعيين الذين مروا علي تاريخ الإذاعة ، بدأها متدرباً ، وأنتهي بها إداريا فذاً في فنيات البرامج وإدارة العمل ، فكان لغوياً لايشق له غبار، وصاحب قدرات عالية في مجاله المهني ، وقد إرتبط إسم الإذاعة به لسنوات طوال.
خانجي :
تعود جذوره إلي ودمدني ، تلك المدنية المبدعة علي مر التاريخ ، والتي أعطت للوطن الكثير في عدة مجالات ، منذ مؤتمر الخريجين وأحمد خير وعلماء الإقتصاد كما مامون بحيري وحتي أعمدة الفن والرياضة والأدب والثقافة ، كان الخانجي يتميز بصرامة لا تقبل الجدل في إدارته للمهام التي يوكل بها ، رعي الكثير من المواهب وكان أساس تطوير العمل الإذاعي مع رفقائه من جيل الإذاعيين في ذلك الزمان
صلاح أحمد محمد صالح :
بدأ العمل الإذاعي منذ نهاية الأربعينات من القرن الماضي عقب تخرجه من الكلية ، وقد ظهرت مواهبه وفكره المتسع ، فكان لابد للإدارة الإنجليزيه أن تبعث به في كورس تدريبي طويل المدي بهيئة الإذاعة البريطانية ( بي بي سي ) فسافر ، ولعله قد كتب لسيد خليفة الذي كان لايزال بالقاهرة أغنية ( يا مسافر وناسي هواك .. أرواحنا وقلوبنا معاك ) .. وفي لندن كان خير معين للراحل الأستاذ الطيب صالح الذي إلتحق بإذاعة لندن في العام 1953م حين تقدم لها من الخرطوم عبر مكتب الإتصال البريطاني ، وقد كان الطيب وقتذاك معلماً يتدرب في معهد بخت الرضا في كورس السنتين المعروف لمعلمي المرحلة الوسطي القديمة والذي يدرب كل معلمي السودان. وحين عاد الأستاذ صلاح أحمد إلي إذاعة أم درمان ، فقد أشرف علي تقديم برنامج ( من حقيبة الفن ) الأكثر شهرو وقتذاك ، حيث كان يختار الغناء من الأسطوانات التي كان يحفظها في شنطة حديد ، فأطلق عليها إسم البرنامج منها .وبعد نيل البلاد لإستقلالها ، إلتحق صلاح أحمد بالسلك الدبلوماسي عند تأسيس وزارة الخارجية في العام 1956م التي كانت من نصيب السياسي الراحل القدير مبارك بابكر زروق المحامي ، وقد كان والد صلاح أحمد هو الشاعر الأديب أحمد محمد صالح أول رئيس لمجلس السيادة السوداني ومعه محمد صالح الشنقيطي ، وأحمد محمد يسن ، والدرديري محمد عثمان ، وسريسرو آيرو .
الصاغ التاج حمد :
أتي التاج حمد من بين صفوف مبدعي الجيش في فترة حكم الرئيس الراحل الفريق إبراهيم عبود ، وقد إختاره لمنصب مراقب عام الإاذعة اللواء محمد طلعت فريد وزير الإستعلامات وقتها ، وقد أدار التاج حمد إذاعة هنا أم ردمان وجدد في أجهزتها ، وفتح مجالات التدريب للمذيعين ، وقد ترك بصمات واضحة المعالم في سجلات الإذاعة السودانية ، وقد إستفادات من خبراته دولة الإمارات العربقية لسنوات طوال ، يرحمه الله .
علي محمد شمو :
كان من الإذاعيين الأوفر حظاً والأكثر عطاءً من أبناء جيله ، فقد كان محظوظاً أن بدأ حياته من الإذاعة المصرية عقب تخرجه في الأزهر ، وبالتالي فإن سمعته قد سبقته إلي فضاءات الوطن ، وقد تخصص في البداية في التعليق الرياضي لمباريات كرة القدم ، غير أن التخصص لم يكن مطلوباً في ذلك الزمان ، فإستفادت الإدارة من قدراته في عدة أنشطة إذاعية ، فقدم السياسية وقدرأ التحليل ، وتخصص في عدة مجالات ، وقد كان يجيد فن التغطيات كاملة للأحداث من موقعها الحدث وعلي الهواء مباشرة .
كان علي شمو محظوظاً حين أوكل له زميله صلاح أحمد برنامج حقيبة الفن ، بسبب الإقبال الجماهيري للبرنامج الذي كان يستغر ق ساعة واحدة ، غير أن علي شمو قد إقترح علي صلاح بأنه سوف يغير من نمط البرنامج ، وسوف يستغني عن الأسطوانات التي شاخت خامتها بفعل الزمن بسبب صناعتها من البلاستيك ، فيأتي بالفنان عياناً بياناً ليغني في البرنامج علي الهواء ويتحمل كامل تبعات ذلك ، فكان أول ضيوفه هما الراحلين ( عوض وإبراهيم شمبات ) ، وقد كان أجرهما فقط 25 قرشاً ، أي ربع جنيه ... فتأمل معي قوة ذلك الجنيه السوداني قبل خمسه وستين عاماً ، ليصبح الأستاذ علي شمو أول إذاعي يحول برنامج الحقيبة إلي مادة حية بشخوصها وبمطربيها وبشعرائها .
وتدرج الأستاذ شمو في الإذاعة حتي وصل أعلي قممها ، وعند إفتتاح التلفزيون ، كان الأنسب في تولي إدارته انه كان قد ابتعث الي الولايات المتخدة ليدرس ادارة وتشغيل التلفزيون قبل ان يدخل التلفزيون الي السودان .. فكان الانسب لتولس ادارته عند افتتاحه ، ومن محطات شمو الشهيرة كانت له حواره بالتلفزيون حين إستضاف سيدة الغناء العربي الراحلة أم كلثوم في حوار كامل حين حضرت للسودان في العام 1968م لإحياء حفلين بالمسرح القومي لصالح المجهود الحربي لبناء الجيش المصري بعد هزيمة الخامس من حزيران 1967م والتي سميت بالنكسة. وقد كان وزير الإعلام وقتها الأستاذ عبدالماجد أبو حسبو المحامي .
محمد خوجلي صالحين :
كان صالحين من جيل الإذاعيين من أصحاب الإمكانات الصوتية القوية ذات الجرس العالي ، كان جهور الصوت ، يكاد صوته يشق غطاء الراديو ، كيف لا ، وقد إرتبط بقراءة الأخبار التي تحمل أخطر القرارات ،فضلاً علي البرامج الحوارية التي كان يقدمها ، فتدرج وتدرج حتي أصبح مديرا للإذاعة ، ثم وزيرا للإعلام لاحقاً ، وقد كان يقدم بعض البرامج الإذاعية الهامة ، حيث كان صوته قد رسخ تماماً في مخيلة أهل السودان.
حمدي وحمدي :
كانا فارسين من فرسان الإذاعة أولاً قبل التلفزيون ، حمدي بدرالدين ، وحمدي بولاد ، فبدرالدين كان يجيد قراءة الأخبار بصوته القوي الملامح ، ومخارج الحروف تتضح معالمها ، والراديو يكاد يهتز من قوة صوته ، وقد قدم العديد من برامج الإذاعة ، قبل أن ينتقل نهائياً إلي التلفزيون ويصبح مديرا له لاحقا.
أما حمدي بولاد ، فكان ملك برامج المنوعات ، وكيف ينسي له شعبنا تلك الإشراقة الصباحية مع الر احلة ليلي المغربي ، وهي بعد صغيرة في السن ، وكبيرة في إبداعها وفهمها ، وصوتها الندي الذي يطل في صباحات السودان فكانت ليلي الطالبة الصغيرة خير سند لفكرة بولاد الصباحية حتي ان شاعرنا الراحل محمد يوسف كتب فيها قصيدة بالفصحي( ياصوتها لما سري عبر الاثير معطرا)، فكان الفنان الراحل سيد خليفة لها فتغني بها بلحن جميل ظل خالدا ، وتمددت ليلي اعلاميا عبر الاجهزة الي ان رحلت في العان 1999م في رحلة الحج وقتذاك.. فيتبادل بولاد وليلي التقديم لتلك الاشراقة الصباحية ، ويبعثان علي الأمل واستقبال يوم جميل بعد قراءة نشرة أخبار الساعة السادسة والنصف صباحاً ، ثم إنتقل الإسم لنفحات الصباح بتقديم ليلي ... وكان يهل علي الجمهور قبل ذهابهم الي أعمالهم ومدارسهم صوت ليلي حين تقول ( إلي من نحيي هذا الصباح ) .. ثم تختار فئة أو شريحة محددة ذات عطاء لتهديهم تحية الصباح ولحن الصباح وتفحات الصباح.. ونذكر تحيتها لنا نحن شخصيا في السابع من مارس 1970م وقد كنا في طريقنا إلي حجرات إمتحانات الشهادة الثانوية بمدرسة ودمدني الثانوية ،حيث قالت ( وكان معنا راديو ترانزيستر صغير بالداخلية ): إلي طلابنا في كل مكان وهم يتوجهون لإنجاز إمتحانات الشهادة السودانية ، ثم أطل علينا صوت الفنانة أماني مراد ( مبروك النجاح .. زاد قلبي إنشراح ) ورحم الله ليلي المغربي وليلي الإذاعة وليلي الإبداع الفخيم .
وللمذيعات ألق وإشراق :
جئن إلي حوش الإذاعة بكل القوة والثبات والثقة في النفس ، جئن زرافات ووحدانا ، فقدمن الفكرة والبرنامج وقرأن الأخبار .. كيف لنا أن ننسي عفاف صفوت ، الرضية آدم ، محاسن سيف الدين ، رجاء حسن حامد ، سهام المغربي ، ليلي المغربي ، وحتي جيل إسراء زين العابدين والكواكب الجديدة.
ثم ... تمدد عطاء إذاعيون آخرون عرفهم شعبنا.
ظلت أجيال عديدة من الإذاعيين وأهل الإعلام يتسيدون العمل الإذاعي ، وقد ظل شعبنا يعرفهم فرداً فرداً ، وكيف ننسي جهود كل من الصاغ التاج حمد مراقب عام الإذاعة في زمان حكم الرئيس إبراهيم عبود ، يسن معني ، أحمد قباني ، عبدالكريم قباني ، صالح محمد صالح ، عبدالرحمن أحمد محمد صالح ،إسماعيل طه ، حديد السراج ، أيوب صديق ، علم الدين حامد ، أبوعاقلة يوسف ، الفكي عبدالرحمن ، أحمد سليمان ضو البيت ، صالح بانقا ، صالح محمد صالح عمر عثمان ، سمير أبوسمرة الذي إلتحق بإذاعة موسكو العربية في زمان باكر ، وعمر الجزلي ، ومحمد سليمان وحتي جيل عبدالمطلب الفحل وبرامجه الرشيقة .
والبقية ستأتي في الجزء الثاني .
أشهر البرامج الإذاعية:-
كثيرة هي برامج الإذاعة ، التي سكنت داخل وجدان أهل السودان ، حين كان الراديو هو المتكأ وهو الترفيه ، وهو إعتدال المزاج . كان الناس يتوقون إلي سماع برنامج ما يطلبه المستمعون عصر الإثنين والجمعة من كل إسبوع ، وكانت حقيبة الفن تتبختر ، فجاءت تحمل كل الإرث الغنائي القديم المحفوظ في أسطوانات العم الراحل ديمتري البازار الذي كان يجهد نفسه في أخذ الفنانين بالقطار حتي القاهرة لينجز التسجيل في الأسطوانات التي يقوم بتوزيعها تجاريا بالسودان حيث كانت الفونغراف والذي يطلق عليه الأفندية البك أب (Pick Up ) هو سيد الموقف قبل ظهور المسجلات ماركة قرندنق الألمانية ذات الشريط الدائري ( Reel ) .
كما كان هناك برنامج ( من ربوع السودان ) والذي ألف شعاره فنان الرباطاب الذي جييء به من أبوحمد ( أحمد عمر الرباطابي ) .. وهو ذو صوت تطريبي مهول ، فكان يغني والشيالين معه : ( من أم در لربوع سودانا ... نحييك وإنت كل آمالنا ) ، فلم ينس الرطب في الشمال ومن دار كردفانا غنينا ، وربوع البادية ، وهضاب الشرق ، وشمالك فيه بركاوينا ، وودعناك خلاص ياربوع ونجيلك تاني بعد إسبوع ، نلقاك فوق زحل مرفوع ، وخيراتك تفيض نوع نوع ، ولكن ... حين تحول البرنامج إلي مرتين في الإسبوع ، تم تعديل النص ليصبح : ونجيك مرتين في سبوع .
نعم كان للبرامج السياسية نكهتها ، فكيف لنا أن ننسي حديث الأربعاء الذي يكتبه ويقدمه الإذاعي اللامع الراحل أبوعاقلة يوسف طيب الله ثراه والذي له قصب السبق هو وزميله علي شمو حين اقنعا الفنان الكابلي بضرورة الغناء في المسرح القومي بنشيد آسيا وافريقيا امام الرئيس جمال عبدالناصر حين زار السودان بدعوة من الرئيس الراحل الفريق ابراهيم عبود .. والنشيد كتبه الراحل الاديب الشاعر بروفيسور تاج السر الحسن حين كان طالبا بالقاهرة في العام 1955 وقد انفعل بمؤتمر باندونق لحركة التحرر الوطني من الاستعمار في اسيا وافريقيا. . ومن ذلك الحفل اشتهر كابلي وعرف كفنان واعد .
ونذكر من برامج الاذلعة الراسخة في اذهان ذلك الجيل وعقب صلاة الجمعة يأتي المبدع الأصيل الإذاعي الراحل عمر عثمان في( ساعة سمر) ، وياله من سمر ، حفلات نهارية يجهد فيه عمر نفسه ليأتي في كل مرة بفنان جديد ليغني حفل نهاري كامل ، ثم سرعان ماترسخ أقدامه في ساحة الغناء ، فجاء بالتاج مكي ورائعة الحلنقي ( حبيتك عشانك كسلا وخليت دياري عشانك ... وعشقت أرض التاكا الشاربة من ريحانك ) فتمدد بها التاج وإنتشر ، وكيف ننسي صاحب ( ياناس .. شوفي لي حلل ) إنه ذلك الفنان النحيف وهو يستخدم آلة الطنمبور في غناء حديث لأول مرة ، وقد عرفت الآلة بغناء الشايقية ، نعم جاء أبو عبيدة حسن وتمدد وإنتشر أيضاً ، فأردفها : يا سواقو ليه سقتو .. من البيت لمدرستو . وقد ظهر فنانون كثر في برنامج الراحل احمد الزببر ( اشكال والوان ).
ثم تقدم الإذاعة برامج الرياضة ، وتنتقل بنا في إذاعة خارجية ، بدءاً بدار الرياضة بأم درمان حين تكون هلال مريخ ملتهبة ، فيأتي صوت ذلك الرائع الراحل ( طه حمدتو ) الذي لم يكن يذيع فحسب ، بل يأتي لنا بثقافة رياضية علية المقام ، فهو مواكب للرياضة العالمية ، ويأمرنا طه حمدتو بأن نمسك ورقة وقلم ليحدد ويقسِّم الملعب عن طريق المربعات ، نعم قدم طه حمدتو لنا أسماء مشاهير الرياضة منذ عهد عبدالخير بالهلال الذي إنتقل لنادي الترسانة القاهري ، والسد سليمان فارس الذي جاءه الإسم من جمهور النادي الأهلي القاهري حين كان عبدالناصر يشيد السد العالي ، وسمير محمد علي حارس أهلي الخرطوم فالزمالك القاهرة وإستقر هناك ، و لخق به الهداف الخطير عمر النور ، إبن نادي الرابطة بودمدني ، ذلك الغزال الأسمر الذي عشقه جمهور الزمالك ، وغيرهم كثر ، ثم كان مع حمدتو علي الحسن مالك ، واحيانا حسين أبو العائلة ثم علي الريح ، وحتي عصر الرشيد بدوي عبيد( تلميذي في الابتدائية بمدرسة بيت المال) حين كنت طالبا وقتذاك بجامعة القاهرة في العام 1970 م الي 1974م ثم الجيل الحالي من المعلقين.
كنا مع طه حمدتو قد تعلمنا ثقافة الكرة ، وتعليقات طه حمدتو لاتزال ترن في أذني : سبت دودو حارس الهلال يعمل Diving في الهواء ويستلم الكرة من قذائف ماجد المريخ الصاروخية القاتلة التي هزم بها الهلال ثمان مرة في موسمين 1962 للير1963م ، فلم ينصلح الحال إلا بعد أن توفق الهلال في تسجيل درة الكرة السودانية علي إطلاقها نصرالدين عباس جكسا من نادي الربيع بحي العرضة في العام 1963م بمبلغ أربعمائة جنيه فقط وللربيع 200 جنيه، دفعها قطب الهلال الراحل مصطفي كمال راشد ( كيشو ) صاحب فندق دي باريس الذي تعسكر فيه الفرق الرياضية والفنية الأجنبية بشارع الحرية بالخرطوم ..... نواصل ،،،،،
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.