قال الرئيس كارتر أن إنتخاباتنا لا ترقى للمعايير العالمية والمقصود بها الغربية بالطبع . ومنذها ونحن بين من ينعى على الإنتخابات سقوطها عن تلك المعايير ومن يقول: "حرام نحن شن قدرنا عليها". ونحن في الحالين عالة على معيارية الغرب. وهذه ضِعة ثقافية. سأستغرب لأي ماركسي أو تابع يقول إن الممارسة الغربية للإنتخابات معيارية. فالديمقراطية الغربية هي في نهاية التحليل تمكين للبرجوازية من الحكم بوسائط المال. فهي إذاً ديكتاتورية وإنتخاباتها شكلية. ولذا رأت الماركسية الاضطلاع بمهمة نزع "ديكتاتورية البرجوازية" وإحلال "ديكتاتورية البروليتاريا" أو ديمقراطية الطبقة العاملة مكانها. والذي رأيناه من هذه الديمقراطية العمالية في التطبيق في المعسكر الاشتراكي محبط. لن يمنع تهافت الماركسية من القول بصوابها في وصف الديمقراطية الغربية بالشكلية. ودا ما خائل على ديمقراطية معيارية. فقد أصبح فوز النواب الشاغلين للدوائر قبلاً (incumbents) من المعلوم بالضرورة عن الإنتخابات الأمريكية. ففي انتخابات الكونغرس لعام 2002 فاز 98% من هؤلاء النواب وبنسبة أصوات عالية. وقد رأي المحللون في هذا دليلاً على بطلان مفعول الإنتخابات بنتائجها المعروفة قبلاً. فمع كفالة حرية التصويت للناس إلا أن اصواتهم لا هنا ولا هناك. وفوز الشاغلين الأزلي هؤلاء راجع الي ما يسمي الي "الجيريماندرينق" وهو اعادة ترسيم الدوائر الانتخابية بعد كل احصاء سكاني لإستبعاد المناطق التي تصوت ضد شاغل الدائرة وضم المناطق التي تصوت له. ولجأ قبل سنوات 12 نائب ديمقراطي من تشريعي تكساس الي نيومكسيكو ليحرموا المجلس من النصاب حتي لا يجيز مشروع "جيرماندرينق" ظالماً لحزبهم. وبلغ سلطان المال في الإنتخابات الأمريكية حداً استفز السناتور الجمهوري جون ماكين المعروف لتقديم مشروع يٌخضِع تبرعات الأفراد والمؤسسات المالية للأحزاب لمعايير فدرالية. وأجاز مجلس الشيوخ القانون ولم يعجب جماعة. فرفعت دعوى للمحكمة العليا لتحكم بلا دستورية القانون. فالمال عند هؤلاء الأغنياء واجد. وتريد أن تصرف على الإنتخابات صرف من لا يخشى الفقر مثل المؤتمر الوطني. واستعرض آدم كوهين، المحرر بالنيويورك تايمز، وثائق للدفاع في القضية تكشف أن التبرعات المالية للأحزاب قد نخرت الديمقراطية الأمريكية في أساسها. فالأحزاب ضالعة في تمويل مرشحيها للكونغرس وتستخدم شاغلي الوظائف الدستورية لخدمة مصالح المتبرعين. ومن بين تلك الوثائق خطاب من الجمهوريين لشركة أدوية يسألها التبرع ب 250 الف دولار لقاء ميزة التعليق علي مشروع تقدم به الحزب حول مسألة صحية. وقال الحزب في خطابه للشركة : "يهمنا ان يتصل التفاهم بيننا متي ما أردنا عرض مشروع علي الكونغرس من الذي لشركتكم منفعة منه". وليس الديمقراطيين بمنجاة من سلطان المال بالطبع. فقد طلبوا من مستثمر في صناعة النفط 100 الف دولار بعد لقاء بالرئيس كلينتون انتهي بالتعجيل بمشروع استثماري يخصة. وتلعب اموال التبرعات دوراً في اختصار طريق أصحابها الي المتنفذين في الدولة. فقد استلم الحزب الجمهوري تبرعاً ب 100 الف دولار من احدهم وكتب يسأله إن كان لقاؤه بالسناتور ترنت لوت مثمراً. وشكر متبرع الجمهوريين علي تيسيير لقائه بحاكم ولاية إلينوي. ووصف الحاكم بأنه تفهم غرضه وأجازه. والتزم متبرع آخر للجمهوريين انه سيزيد تبرعه من 100 ألف الي 250 ألف إذا ما غرضه انقضي. وانزعج كوهين للطريقة التي قربت هذه التبرعات بين الأغنياء ورجال السياسة يلقون بعضهم في الفنادق الممتنعة والمشاتي ويتواددون. فبين الخطابات واحد من سياسي يقول لرأسمالي "جميل ان التقيت بك في بلازا نيويورك". وله وحشة! رمى كارتر بكلمة وسهرنا جراها نختصم. يا صفوة ضحكت . . .