معروف ان الأحزاب السياسية تولد لحاجة موضوعية وتاريخية فهي ليست نتاج رغبات ذاتية او امنيات افراد او مجموعات... كما ان الاحزاب ايضا لا تنتهي الا بانتهاء الضرورة التاريخية التي اوجدتها... فهي لا تنتهي بقرارات حكومات او رغبات أفراد... لا يخفى على احد ان تطاول عمر الإنقاذ كان بسبب ضعف الاحزاب السياسية و شبه مواتها ولم يكن بسبب قوة حزب المؤتمر الوطني... نجاح ثورة ديسمبر المجيدة اعتمد اعتمادا رئيسا على القوى الشبابية غير المنضوية للاحزاب السياسية السودانية.. هذا لا يلغي دور الشباب المسيس في الثورة ولكن الغالبية العظمى من القوى الثورية لم تكن منهم... وكما قلت في المقدمة ان الأحزاب السياسية تنشأ بضرورات تاريخية... فستبقى هذه الاحزاب السياسية الموجودة الان في الساحة ستبقى الا ان تنتفي الحاجة التاريخية التي اوجدتها في المقام الاول.. و المعروف ان معظم هذه الأحزاب ظهرت ابان فترة ما قبل الاستقلال اي في زمن الاستعمار... لذلك كان طبيعيا ان يكون هاجسها الاول هو الموقف من المستعمر... اما قضايا مثل الحرية و العدل و السلام و الديمقراطية فقد كانت في ذلك العهد تبدو قضايا ثانوية... في تلك الفترة التاريخية كان المثقف و المفكر السوداني يتطلع الى خارج الوطن الذي لم يتشكل بعد.. يتطلع الى الفكر العالمي ليبحث فيه عن مخرج وحلول لإشكالات الوطن(مرة اخرى الوطن الذي لم يتشكل بعد)... لذلك كان طبيعيا ان تنشأ غالبية الأحزاب على افكار واردة و مستوردة من الخارج... ناضلت هذه القوى السياسية واستطاعت تحقيق الاستقلال لكن فشلت بعد ذلك في تحقيق الدولة الحديثة الديمقراطية وذلك لخلل بنيوي و فكري في طبيعة نشأتها لازمها منذ ميلادها...وايضا ادى انعدام الديمقراطية في داخلها الى تكلسها وعدم تجددها.. اليوم وسعت الهوة بين هذه الأحزاب و جماهير الشعب السوداني العريضة... والواضح لكل ذي بصيرة ان الغالبية لم تعد ترى في هذه الأحزاب المخلص او المنقذ لها من الحياة السيئة و المعناة الطويلة الأمد...ولن يكون بمقدورها بناء الوطن الذي حلم به ذات يوم شهداء الثورة... الوطن الذي حلم به معتصموا القيادة العامة.. الان وبعد ان استطاع الشباب و الكنداكات إسقاط راس الانقاذ وحتى يستطيعوا اكمال ثورتهم وقيادتها الى بر الامان وتحقيق شعاراتها عليهم ان يستلموا زمام المبادرة السياسية... لن يتم هذا الا بتأسيس تحالف سياسي يجمع كل هذه القوى الثورية في برنامج يحمل روح ثورة ديسمبر و تطلعات شعبنا في حياة حرة و كريمة يستحقها بجدارة... تحالف سياسي يبعد عن العقائدية و الطايفة و القبيلة و الاثنية... تحالف لا يميز انسان على اخر على اساس الدين او العرق او الجنس...تحالف يعلي من قيمة الوطن و السلام و العدالة و الحرية... هذا التحالف يجب ان يفتح ابوابه لكل الحادبين و التائقين لمصلحة الوطن ... نعم هناك محاولات تمت لنشوء بعض الاحزاب هنا و هناك ...كما ان كثير من الناس تداعوا لتكوين تنظيمات سياسية جديدة... وهذه مسألة طبيعية فالان حقيقة هناك حوجة تاريخية لنشوء حزب جديد..او قل تحالف سياسي جديد... استخدمت مصطلح تحالف سياسي جديد... لان التحالف يستطيع ان يستوعب الكثير من الاختلافات و تكون مظلته اوسع و أشمل من الحزب.. يبدأ هذا التحالف من لجان المقاومة مرورا بالحركات الشبابية و الأحزاب الصغيرة التي نشات بعد او خلال ايام الثورة... هذا التحالف يجب ان يقوم على هيكلية مرنة تسمح لكل منطقة ان تخاطب قضاياها الخاصة في اطار قضية الوطن الكلية... سأواصل ان شاءالله.. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.