سكت الجنرال سكوت غريشون عن تزوير الإنتخابات ،بل قال انهم (سوف يعترفون بها من أجل الوصول لإستقلال الجنوب) سودانايل 26 ابريل 2010 .وليته سكت عند هاتين الجملتين الصادمتين فلسنا بحاجةٍ في التدليل على حصر الرجل وسطحيته إلى أكثر من هاتين العبارتين ،إلا أنه عبر على كل حال عن طيب مقصده وعن دافعه النبيل (تفادي العودة إلى الحرب). لنغض الطرف عن تنكُر الرجل للقيم الأمريكية الديمقراطية ،وعن سكوته ، بل إسهامه الكبير،في إنجاح عملية التزوير واسعة النطاق التي عايشناها وتابعنا فصولها العبثية بدءً من عملية التعداد مروراً بالتسجيل ونشر الكشوف ،ثم الحملة الإنتخابية التي إستأثر فيها البشير بجُل إن لم يكن كل إمكانيات الدولة وسخرها لخدمة حملته ولخدمة مصالح حزبه ، إنتهاءً بعمليتي الإقتراع والفرز وما شهدناه خلالهما ممالاحصر له من المخالفات والخروقات ، دعك عن هذا كله ، بل غُض الطرف تماماً عن تصريح لذات المبعوث الامريكي قبيل الإقتراع بأيام شهد فيه صراحة بنزاهة مفوضية البشير رغم أنف الحقائق التي أحاط بها علماً رعاة الإبل في أقاصي بوادي السودان!.تصريحات (سكوت ) هذه تُشعرك بغير قليلٍ من الإشمئزاز كون الرجل يستّخِفُ بعقولنا شأنه في ذلك شأن البشير وشيعته ، فضلاً عن كونها تفتح الباب على مصاريعه لتساؤلات على شاكلة : هل تمثل مواقف غريشون الإدارة الأمريكية حقاً؟ وإذا كان ذلك كذلك هل الولاياتالمتحدة جادة فعلاً في تجفيف منابع الأرهاب؟ (2) لم يكن من الوارد عندي أن يكون المبعوث (الأكبروالأهم) بهذه السذاجة : الإعتراف بنتائج الإنتخابات المزورة ليس ثمناً مناسباً لفصل جنوب السودان ،وليس هنالك ضمانات تُغل أيادي (المزور الوطني ) عن تزوير إستفتاء شعب جنوب السودان في مطلع عام 2011 م. لكونه يملك كثيراً مما تفتقر الحركة الشعبية إليه!. ثُمّ إنه من الغباء تصور أن الإنفصال سوف يكون آمناً وسلمياً : كثير من الشواهد تقول بغير ذلك ، مسألة الحدود ، مسألة عائدات النفط ، فضلاً عن مشاعر الكراهية التي نجحت مجموعات الظلام في بثها.اخطأ غريشون حين قبل بنتائج التزوير تفادياً للعودة إلى الحرب ، فعلاقة دولة الجنوب إذا وقع الإنفصال بدولة الشمال سوف تكون علاقة حرب وستتحكم في العلاقة مشاعرٌ سيئة بما لايقاس ،هذه المشاعر العدائية غذتها أقوال وكتابات شخصيات متنفذة في النظام الحالي ممن هم على شاكلة الطيب مصطفى صاحب الإنتباهة وإسحق فضل الله وغيرهم من كتاب المؤتمر الوطني الذين يفتقرون لأبسط أدوات التحليل المنطقي العقلاني فضلاً عن فقرهم الأخلاقي المشهود .ومن غرائب الإنتخابات ،التي يناضل المؤتمر الوطني ومن خلفه مبعوث أوباما لإثبات صدقيتها ،أنها كانت منبراً لخطاب كراهية عنصري لم يشهد السودان على إمتداد تاريخه مثيلاً له وقد كانت هذه العبارات العنصرية البغيضة التي لاتمتُ بصلة إلى مايتشدقون به من معتقدات كريمة ( كلكم لآدم وآدم خُلِقَ من تُرابْ ) و(لينتهين قوماً يتفاخرون بآبائهم أو ليكونُنّ أهوَنُ عندَ الله من الجِعْلان) أو كما قال صلى الله عليه وسلم .ثُم إن القانون يُجرِم هكذا أقوالٌ وأفعال كتجريمه لإستغلال سلطات وممتلكات الدولة في الدعاية الإنتخابية وكتجريمه للأساليب الفاسدة !ولاتثريب على الطيب وفضل الله فيما رغبوا طالما لم يخرجا عن خط إعلام المؤتمر الوطني الذي بات صريحاً في التعبير عن عنصريته قولاً وفعلاً. (3 ) أسباب الإنفصال ولاريب متعددة ،والممارسات الطاردة شتى صنوفُ ،وإستمرار البشير وحاشيته في السلطة زوراً دافعٌ لايحتاج إلى مايعززه لكيما يصوت أهل الجنوب للإنفصال . مع كل ذلك لا يوجد مايؤكد الإنفصال سواءً كان آمناً أو غير ذلك سوى أن المؤتمر الوطني لايريد الوحدة حتى الآن بل يدفع الجنوبيون دفعاً صوب التصويت للإنفصال .ولكن كيف يكون الحال إذا غير الله حال المؤتمر الوطني وكبرت في دماغه مسألة الوحدة لأسباب نفطية أو لأسباب متعلقة بتأمين البشير من ملاحقات المحكمة الجنائية الدولية؟في هذه الحالة سوف لن يتوانى المؤتمر الوطني في إعداد عُدة تزوير الإستفتاء مستخدماً أساليبه الفاسدة وأفانينه المشهودة .سوف لن يكون ذلك من الأمور المستحيلة مهما كان من أمر إشراف الحركة الشعبية على عملية الإستفتاء ومهما كان من أمر (الرقابة!) الدولية. إذا تغير موقف المؤتمر الوطني قبل أشهر معدودات من الإستفتاء وأفرد شراعه صوب الوحدة فسوف يجد من يدعم إتجاهه بقوة شريطة أمرين:أولهما أن تكون الوحدة المنشودة طوعاً وإختياراً لأهل الجنوب، وثانيهما أن يفعل كل مامن شأنه جعل الوحدة خياراً جاذباً .ويقيننا أن شيئاً من ذلك لن يحدث لأسباب متعلقة (بثوابت ) المؤتمر الوطني التي لن يتنازل عنها حتى آخر قطرة دم سودانية حتى ولو لم يبق للسلطة شبراً تحكمه سوى القصر الجمهوري! ولذلك سيكون الخيار : أن يعمل المؤتمر الوطني إن كان له هوىً في الوحدة على تزوير الإستفتاء. حينها ماذا ترونه فاعل؟أعني سكوت غريشون. refaat alameen [[email protected]]