في الوقت الذي أعلن فيه سلفاكير رئيس حكومة الجنوب المنتخب دعمه للوحدة بين شمال السودان وجنوبه في الاستفتاء القادم، صدرت تصريحات مناهضة لخيار الوحدة من الإدارة الأمريكية ومن يسيرون في ركابها، ومن يجرون عربتها الثقيلة المحملة بالأوزار والدزيا. فقد أعلن سلفاكير في الحوار الذي أجراه معه التليفزيون المصري: إن الحركة الشعبية تؤمن بضرورة وحدة السودان، ، واعتبر أن الوحدة قوة لجميع الأطراف، أما في حالة الانفصال فسيخسر الجميع.. وأن الحركة تعمل من أجل الوحدة في كافة الأصعدة، واتهم المؤتمر الوطني بالعمل على تقسيم السودان. ومن زاوية مناهضة لوحدة السودان، كشف الجنرال سكوت غدايشون مبعوث الرئيس الأمريكي للسودان عن علم بلاده بالتزوير والصعوبات التي واجهت العملية الانتخابية في السودان بالقول: "كلنا يعلم أن الانتخابات مزورة وواجهت صعوبات عدة لكننا سوف نعترف بها من أجل الوصول لاستقلال السودان وتفادى الحرب"، وفي نفس اللقاء الذي تم مع أبناء الجالية الجنوبية في واشنطن الذي أدلى فيه غرايشون بهذه التصريحات النارية، قال وزير مالية حكومة الجنوب ديفيد أتروبي: "إن استقلال الجنوب قادم (والحاضر يكلم الغائب)، تغيير لغة الخطاب من "انفصال الجنوب" إلى "استقلال الجنوب" يوحي، ضمن ما يوحي، بأن هناك إرباكاً وارتباكاً في مواقف الفاعلين الجنوبيين، فالتصريح الذي أدلى به سلفاكير أثناء الحملة الانتخابية لايزال يدوي في جميع الجبهات حين قال: إذا أراد الجنوبيون أن يصبحوا مواطنين من الدرجة الثانية عليهم التصويت لصالح الوحدة "السؤال الذي لا يستطيع المتابعون الإجابة عليه: هل تعكس تصريحات الحركة الشعبية تناقضاً صارخاً بين تيارات انفصالية وأخرى وحدوية؟ أم أن سلفاكير وقادة الحركة بأقوالهم تلك إنما يناورون، ويتكتكون ويطلقون البالونات في الفضاءات الواسعة، وفي البلد الشاسع. بلا جدال، فإن المزاج السوداني العام يتجه صوب الوحدة بين شمال السودان وجنوبه، وقد انعكس هذا المزاج في التصريحات التي أدلى بها الدكتور نافع علي نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون التنظيمية حين قال: "المؤتمر الوطني يجدد حرصه على وحدة السودان والعمل من أجلها ظاهراً وباطناً.. وأن حزبه سيكرس جهده في سبيل تحقيق وحدة السودان واعتبارها عملاً وطنياً". الساحة السودانية الملتهبة والمسكونة بالصراع بين الحكومة والمعارضة حول جدلية نزاهة الانتخابات ومدى ما شابها وعلق بها من أخطاء وتزوير وإعادة الانتخابات في بعض الدوائر، توجب على جميع الفاعلين السياسيين وضع مستقبل السودان نصب الأعين والضمائر.. بمعنى أن مستقبل السودان يكمن في الوحدة لأنها تجسد قوة الشعب وقوة الوطن وقدرته على تحدي الصعوبات والمحن والدسائس والمؤامرات. ولتخطي هذه الأزمة يتوجب على الرئيس البشير تشكيل حكومة وطنية عريضة تحتضن المعارضة وتستفيد من رؤاها في إدارة البلاد التي أصبح البرلمان فيها بلا معارضة، وبلا مساءلة، وتجيز قراراته الأغلبية الناطقة ب"نعم"! المصدر: الشرق 2/5/2010