وثائق امريكية عن عبد الله خليل (11): مشكلة حلايب قوات مصرية تدخل حلايب صحف بريطانيا تهاجم مصر هجوما عنيفا واشنطن تريد حلا سلميا واشنطن: محمد علي صالح في هذه الحلقات من وثائق وزارة الخارجية الامريكية عن السودان: في السنة قبل الماضية: وثائق عن اسماعيل الازهري، اول رئيس وزراء (1954-1956)، بداية من اول انتخابات، واول برلمان. كانت خمسة وعشرين حلقة. في السنة الماضية: وثائق عن الحكومة العسكرية الثانية، بقيادة المشير جعفر نميري (1969-1975، آخر سنة كشفت وثائقها). كانت ثمانية وثلاثين حلقة. في هذه السنة: وثائق عن عبد الله خليل، رئيس الوزراء بعد الازهري (1956-1958)، خلال الديمقراطية الاولى. بعد وثائق عبد الله خليل، ستأتي وثائق الحكومة العسكرية الاولى، بقيادة الفريق ابراهيم عبود (1958-1964). وبعدها، وثائق ثورة اكتوبر سنة 1964، والديمقراطية الثانية (1964-1969). عن وثائق عبد الله خليل، حتى الأن ظهرت الحلقات الأتية: سقوط الازهري، الشيوعيون، المصريون، الجنوبيون، الجنوبيون والحضارة (تقرير امريكي)، حاجة كاشف، انتخابات سنة 1958. وهذه الحلقة عن مشكلة حلايب: بداية المشكلة: التاريخ: 20-2-1958 من: السفير، الاممالمتحدة الى: وزير الخارجية الموضوع: شكوى السودان "هذا نص خطاب حكومة السودان الى سفيرها في الاممالمتحدة، يعقوب عثمان: (مقتطفات من الخطاب): "الرجاء نقل هذا الى معالي داق همرشولد، الامين العام للامم المتحدة: يوم 1-2، ارسلت حكومة مصر خطابا الى حكومة السودان اعلنت فيه سيادتها على اراضي سودانية، وقالت ان ذلكحسب اتفاقية مصرية بريطانية سنة 1899، وطلبت ضمها الى السيادة المصرية. هذه هي الاراضي: اولا: شمال شرق السودان، شمال خط العرض 22 شمالا (منطقة حلايب). ثانيا: شمال مدينة حلفا، مناطق: سره، ودبيرة، وفرس. لكن، تؤمن حكومة السودان بان هاتين المنطقتين تتبعان لها للاسباب الآتية: اولا: حسب اتفاقيات وملحقات بين الحكومتين السودانية والمصرية سنتي 1902 و 1907. ثانيا: منذ ذلك الوقت، ظلتا تتبعان للسيادة السودانية، وتديرهما حكومة السودان. ثالثا: ابدا، لم تشتركا في اي انتخابات او استفتاءات مصرية. رابعا: اشتركتا في الانتخابات السودانية سنة 1953 والتي اجريت حسب اتفاقية سنة 1953 البريطانية المصرية التي منحت السودان الحكم الذاتي، في الطريق نحو تقرير مصيره. يوم 9-2، وصلت الينا معلومات بأن قوات مصرية ارسلت لدخول المنطقتين. وعندما استفسرنا من حكومة مصر، نفت حكومة مصر. ويوم 13-2، وصلنا خطاب تاريخه 9-2 من حكومة مصر طلبت فيه ان يصوت سكان المنطقتين في استفتاء رئاسة الجمهورية المصرية الذي قالت انه سيكون يوم 21-2. وسارعنا، بداية من يوم 13-2، باجراء اتصالات مكثفة بهدف تأجيل بحث الموضوع. خاصة لان حكومة مصر مشغولة بالاستفتاء، ونحن مشغولون بالانتخابات العامة التي حددنا لها يوم 27-2. لكن، يوم 16-2، وصلنا خطاب من حكومة مصر بأنها سترسل موظفي الاستفتاء الى المنطقتين، وان قواتا مصرية ستسبقهم لحمايتهم. وخلال يومين، ومرتين، طلبنا تأجيل مناقشة الموضوع. ويوم 18-2، وصلنا خطاب من حكومة مصر بنفس المعنى، بالاضافة الى طلب بان نسحب فرقة عسكرية كنا ارسلناها الى هناك لضمان الامن خلال الانتخابات السودانية. يوم 18-2، سافر الى القاهرة وزير الخارجية السوداني لبحث الموضوع مع المسئولين المصريين. وأسفا، لم يصل الجانبان الى اتفاق. ووصلت الينا معلومات بان القوات المصرية تحتشد، وتتسلل بكميات كبيرة، على الحدود. لهذا، نعلن الآتي: اولا: نحرص على الدفاع عن السيادة السودانية على المنطقتين. ثانيا: مستعدون للتمهل لحل المشكلة سلميا. ثالثا: نرى ان المشكلة يمكن ان تتطور الى مواجهة عسكرية. رابعا: نطلب من الامين العام للامم المتحدة عقد جلسة عاجلة لمجلس الامن لبحث الموضوع ... " الرد المصري التارييخ: 20-2-1958 من: السفير، القاهرة الى : وزير الخارجية الموضوع: بيان مصر حول حادث السودان صور الى: السفير، الخرطوم "وصلنا البيان المرفق من حكومة مصر عن مشكلة الحدود مع السودان (مقتطفات من البيان): اولا: تنص المادة الاولى من اتفاقية سنة 1899 بين حكومتي مصر وبريطانيا على ان اراضي ما يسمي "السودان" تقع جنوب خط العرض 22 شمالا. ثانيا: تنص المادة الثانية من دستور السودان المؤقت لسنة 1953 على ان حدود السودان هي "كل المناطق في السودان البريطاني المصري التي مباشرة سبقت" صدور الدستور. ثالثا: في سنة 1899، بهدف "توفير خدمات الى القبائل في منطقة الحدود، قررنا وضع مناطق مصرية معينة شمال خط العرض 22 شمالا تحت الادارة البريطانية المصرية، مع استمرار السيادة المصرية." (ملاحظة: "الادارة البريطانية المصرية" في السودان، وليس "السودان"). رابعا: في سنة 1902، "قررنا وضع مناطق معينة جنوب خط العرض 22 تحت الادارة المصرية مع استمرار السيادة السودانية عليها." (ملاحظة: "السودانية"، وليست "الادارة البريطانية المصرية" في السودان). خامسا: في سنة 1956، بعد استقلال السودان في تلك السنة، "وافقنا على طلب من حكومة السودان بتأجيل البحث، او البحث في بطء، في الموضوع، وموضوعات اخرى، حتى يستقر الوضع في الدولة الجديدة." سادسا: في سنة 1958، اعلنت حكومة السودان دوائر لانتخابات قادمة، شملت مناطق شمال خط العرض 22 شمالا. (تعليق: لا اشارة الى انتخابات سنة 1953، قبل استقلال السودان، والتي اشرفت عليها الحكومتين البريطانية المصرية، وشملت المنطقة المتنازع عليها). سابعا: يوم 1-2-1958، "ارسلنا خطابا الى حكومة السودان بان تضمين المنطقة في الانتخابات السودانية يخرق اتفاقية سنة 1899." سابعا: يوم 13-2، "ارسلنا طلبا الى حكومة السودان باستعجال التغيير لاقتراب ميعاد استفتاء رئاسة الجمهورية في مصر، يوم 21-2." ثامنا: يوم 16-2، "لان حكومة السودان لم ترد علينا، ارسلنا لها خطابا باننا سنرسل فرق الاستفتاء الى المنطقة، ومعها قوة من شرطة الحدود." تاسعا: يوم 17-2، "اتصل بنا رئيس وزراء السودان، وطلب تأجيل موضوع الحدود حتى تنتهي انتخابات السودان. في نفس الوقت، تحركت قوات سودانية الى المناطق المصرية، مما نعتبره خرقا لاتفاقية سنة 1899." عاشرا: يوم 17-2، ورغم ان "حكومة السودان كانت طلبت ان تكون المفاوضات في الموضوع سرية، ولا تنشر في الصحف. لكن، بدون ابلاغنا، اصدرت بيانا صحافيا عنوانه: "تدخل الحكومة المصرية داخل الحدود السودانية." احد عشر: "نود ان نؤكد على متانة واهمية العلاقات التاريخية بين شعبينا، وعلى رغبتنا في حل المشاكل بين حكومتينا حلولا سلمية ... " صحف بريطانيا: التاريخ: 20-2-1958 من: السفير، لندن الى: وزير الخارجية صورة الى: السفير، الخرطوم، والسفير، القاهرة الموضوع: مشكلة السودان ومصر في صحف بريطانيا "نرسل لكم مقتفطات من اخبار وتعليقات صحف بريطانية عن مشكلة الحدود المصرية السودانية: (من بين العناوين): "ديلي تلغراف": "قوات مصرية تدخل السودان". "ديلي هيرالد": "قوات عبد الناصر تدخل السودان". "ديلي ميل": "مصر: اخرجوا، والسودان: لا". (من بين التعليقات): "تايمز": "عاد عبد الناصر الى عادة التحرش والاستعلاء. وقرر وضع السودانيين امام الامر الواقع بارسال فرقة الاستفتاء وشرطة الحدود الى المناطق الحدودية المتنازع عليها. وانذر القوات السودانية بان تنسحب سريعا. لكنه، بهذا، ربما يسبب توترا وخيبة امل في كل مكان ..." "مانشستر قارديان": "حتى اذا كان رأي مصر صحيحا، ليس هذا عذرا لفرض رأيها بغزو دولة اخرى. يبدو ان مصر تريد التأثير على الانتخابات في السودان لصالح المرشحين المؤيدين لها. ونأمل نحن الا يتطور النزاع، والا يلجأ السودان الى خطوات تؤثر على انسياب نهر النيل ..." "ديلي تلغراف": "ها هي دولة توسعية (مصر) تريد تحقيق اهدافها باستغلال اشياء صغيرة لا تستحق كل هذه الضجة. وتبقى حقيقة قبيحة، وهي ان الكولونيل عبد الناصر، مرة اخرى، "بريزنلي فلاوتد كوميتي اوف نيشنز" (يهين في وقاحة وقار الامم). ونحن لا نعتقد ان السودانيين سيهربون مثل الارانب ..." "ديلي اكسبريس": "ها هو "بولي او ذا نايل" (مستبد النيل) مرة اخرى يريد ان يعبر عن غضبه على السودانيين لانهم رفضوا الاتحاد مع مصر. لانهم رفضوا ان يكونوا جزءا من مصر ..." ابراهيم انيس: التاريخ: 21-2-1958 من: وزارة الخارجية الى: السفير، الخرطوم، السفير، القاهرة الموضوع: مقابلة مع سفير السودان "طلب ابراهيم انيس، سفير السودان، مقابلاتنا، وتحدثنا عن مشكلة الحدود بين مصر والسودان. قال ان مصر تريد اجراء استفتاء في منطقة ظلت تابعة للسودان منذ سنة 1902. وقلنا ان آخر الاخبار التي وصلتنا قالت ان مصر تراجعت، وقررت عدم اجراء الاستفتاء. وقال انه لم يسمع الخبر، واذا كان حقيقة، سيكون شيئا مشجعا. وقلنا ان راينا كالاتي: اولا: هذه مشكلة قانونية وتاريخية معقدة، ونفضل الا يلجأ اي جانب الى خطوات متطرفة، وان يعمل كل جانب على حل المشكلة سلميا. ثانيا: حتى يحدث ذلك، يجب ان يستمر الوضع الحالي. وقال سفير السودان ان حكومته طلبت من حكومة مصر تاجيل بحث الموضوع حتى بعد نهاية الانتخابات في السودان، والتي قال انها ستكون يوم 27-2. وسألناه: ماذا ستفعلون بعد الانتخابات؟ واجاب: سنتفاوض، واذا فشلنا، سنرفع الموضوع الى محكمة العدل الدولية او مجلس الامن. وقال ان السودان، امس، رفع المشكلة الى مجلس الامن ليس لاتخاذ قرار فاصل حول الحدود، ولكن لتأجيل الموضوع حتى بعد نهاية الانتخابات في السودان، ولسحب القوات المصرية حتى لا تؤثر على الانتخابات السودانية في تلك المنطقة. وقلنا اننا نتفق معه على حل المشكلة سلميا. وشكرناه على اعلان حكومة السودان بانها تريد حلا سلميا. وسألناه: هل ستواصلون رفع المشكلة الى مجلس الامن اذا لم تجرى مصر، اليوم، الاستفتاء في المناطق المتنازع عليها؟ واجاب: نريد من مجلس الامن ان تنسحب القوات المصرية من الاراضي السودانية ... " اسماعيل الازهري: التاريخ: 21-2-1958 من: السفير، الخرطوم الى: وزير الخارجية الموضوع: تطورات مشكلة الحدود مع مصر "نرفق مع هذا نص خطابين متبادلين بين اسماعيل الازهري، رئيس الحزب الوطني الاتحادي (المعارض)، والرئيس المصري جمال عبد الناصر، عن مشكلة الحدود بين السودان ومصر. (مقتطفات من خطاب الازهري): "اود منكم ايها الاخ الكريم ان يستمر الوضع الراهن حتى بعد نهاية الانتخابات. وانا متأكد انه، بعد ذلك، ستقدر العلاقات والعواطف الاخوية بين شعبينا على الوصول الى حل سلمي. وليوفقنا الله على طريق الحكمة والتعقل ..." (مقتطفات من خطاب عبد الناصر): "نحس بالاسف لتطورات الايام الثلاثة الماضية. ونحن نبذل كل جهد لحل المشاكل بيننا حلولا سلمية. لكننا فوجئنا بالاخبار غير الصادقة بان الجيش المصري يغزو السودان. ستساعد مثل هذه الاخبار فقط الامبريالية التي تريد خلق مشاكل بين الشعبين المصري والسوداني. واتفق معكم على ان روح العلاقات والتعاون بين شعبينا ستقدر على وقف اي تطورات الهدف منها خدمة اعدائنا. وستقدر على عدم تدهور الموقف. وستقدر على الوصول الى حل يرضى الجانبين ... " عبد الله خليل: التاريخ: 21-2-1958 من: السفير، لندن الى: وزير الخارجية صورة الى: السفير، الخرطوم، والسفير، القاهرة الموضوع: مشكلة الحدود بين مصر والسودان "حسب معلومات حصلنا عليها من وزارة الخارجية البريطانية، قال عبد الله خليل، رئيس وزراء السودان، للسفير البريطاني في الخرطوم ان على حسن عبد الله، وكيل وزارة الحكومة المحلية في السودان، عاد من منطقة حلايب، واثبت ان المصريين كانوا يخططون لعمليتهم منذ فترة طويلة. وانهم اتصلوا مع زعماء القبائل هناك. ووزعوا منشورات. ووعدوا الاهالي بمدارس ومستشفيات ومساجد. ووزعوا سكرا وشايا ودقيقا ونقودا وملابس. وقالوا ان خمسمائة جمل محمل بمساعدات في طريقها الى حلايب. ولاحظ السفير البريطاني في الخرطوم ان سبب عدم معرفة حكومة السودان مسبقا بهذه التطورات ربما بعد حلايب جغرافيا، والتي يربطها بميناء بورتسودان طريق وعر. وقال السفير البريطاني الآتي، حسب التقارير الاستخباراتية السودانية، وحسب معلومات سفارته في الخرطوم: اولا: دخل المصريون المناطق المتنازع عليها وهم يعتقدون ان السودانيين سيقبلون بالامر الواقع. ثانيا: الان، بعد ان عرفوا ردود فعل السودانيين الصاخبة والحاسمة، يريدون الانسحاب مع حفظ ماء وجههم. ربما يريدون الا تجرى الانتخابات السودانية في هذه المناطق، مثلما لم يجرى الاستفتاء المصري ... " ----------------------------------- (يتبع) --------------------------------------- [email protected]