[email protected] العاطفيون .. الانطباعيون.. الباحثون عن الوجاهة أو المنافع الذاتية .. جماعة رزق اليوم باليوم يضرون بالهلال أكثر مما يفيدونه. تفوق الهلال على المريخ - وهو شيء لم أتوقع شخصياً غيره - فظن العاطفيون الانطباعيون أن تلك فرصة للنيل من منتقدي المجلس. هؤلاء المساكين يصفون منتقدي مجلس الهلال بالشمات. واعتقادي الشخصي أن الناقد شخص يقدم لكيانه أكثر من ( المطبلاتية) والعاطفيين الذين لا أظنهم يقوون على إعانة أنفسهم دع عنك دعم الكيانات. فالشخص الذي يطاوع عاطفته وترتفع وتيرة الفرح عنده إلى أقصى الدرجات يوم النصر ويبلغ به الإحباط ما يبلغ يوم الهزيمة يعرض نفسه للخطر وربما تصيبه بعض الأمراض جراء ذلك. لكن العقلاء ومن يحملون أقلاماً لأداء مهام نبيلة لابد أن يؤسسوا مواقفهم على معطيات محددة لا أن ينحنوا مع كل ريح تهب من أي اتجاه. المعطيات المحددة هي التي تحدد الموقف الذي لا بد أن يكون مبدئياً لا يتغير إلا حين تتغير هذه المعطيات. لذلك فالموقف من مجلس الهلال لا علاقة له بالفوز في مباراة واحدة أو الهزيمة في مباراتين أو ثلاث، بل هو موقف مبدئي يرتبط بطريقة إدارة هذا النادي الكبير الذي يفترض أن يرتفع أعضاء مجلس إدارته إلى حجمه ومكانته الكبيرة. ومن يظن أن التفوق علي المريخ معناه إسكات كل الأصوات الناقدة أعتبره من أكبر الواهمين. الحلول الوقتية لا يمكن أن تمثل هماً لأي كاتب يفهم الدور المناط به جيداً. وحتى الآن لم تتغير المعطيات التي يتأسس عليها الموقف السلبي من مجلس الهلال لكي يتغير هذا الموقف. صحيح أن هناك خطوة أو خطوتين في الاتجاه الصحيح مثل تعيين طارق أحمد آدم كمساعد للمدرب. لكن الناقد الحقيقي ينظر لهذه الخطوة ضمن سياق محدد هو إحساس المجلس بالضيق الذي أصاب جماهير الفريق وعزوفها عن مؤازرة فريقها ولذلك كان لابد من خطوات سريعة لإنقاذ ما يكمن إنقاذه. كل من تابع حديث رئيس الهلال بعد المباراة وتأمل ذلك الحديث بذهن صاف وتركيز جيد يتأكد له أننا ما زلنا نقف في ذات المربع الأول. فحين قال مقدم البرنامج أن فوز الهلال وإحراز مهند لهدف سيغطي على بعض إخفاقات اللاعب في لقاءات هلال مريخ السابقة، قال رئيس الهلال المغرم بالمغالطات و( المكاجرة) لا .. الفوز لن يغطي حتى على خلافاتنا الإدارية! ولكم أن تتخيلوا رئيس نادي الهلال يقول بعد تفوق فريقه على غريمه المريخ بلحظات فقط مثل هذا الكلام. وما دام رئيس الهلال مقتنعاً بأن خلافاتهم الإدارية عصية إلى هذه الدرجة فلماذا لا يجدون لها حلولاً جذرية حتى إن تمثل ذلك في ذهابهم جميعاً من أجل الهلال. تحدث رئيس الهلال عن حالة طرد المعز الآن فقط وبعد كل هذه السنوات الطويلة من تصرفات المعز الحمقاء أدرك السيد صلاح إدريس أن ما أتى به هذا اللاعب يحتاج للجلوس معه! رغم أننا كمتابعين ظللنا ننبه لتصرفات المعز من زمن طوووووويل. قال رئيس الهلال أن الدعيع ( جبناه اسم بس وبي عين واحدة ) لأننا لم نرغب في أن ندخل الحارس الثالث محمد في تجربة أكبر منه.. هذا حديث غريب للغاية. كيف ياتي ناد في حجم الهلال لمباراة كبيرة بحارس ثان ( اسم بس) ولماذا هذه الفوضى؟ هذا الحارس الثالث الذي لا يريدون أن يدخلوه في تجربة أكبر منه ما جدوى تسجيله إن كان الفريق لن يستفيد من جهوده عندما يحتاج لها حقيقة؟ ولماذا لم يشرك في مباريات سابقة حتى يكون جاهزاً ولو بقدر معقول للمباريات الكبيرة؟ كلها أسئلة تؤكد أن العشوائية لا تزال سيدة الموقف في الهلال مع سبق الإصرار. رغم كل شيء لابد من إشادة خاصة بالدعيع الذي أفلح في المحافظة على شباكه نظيفة رغم المعاناة الصحية ونشكره كثيراً على الكرة التي مررها لكاريكا ليسجل منها الهدف الثاني الجميل دون أن يواجه الأخير مقاومة من قلبي دفاع المريخ اللذان نال أحدهما نجومية المباراة مشاركة مع مهند!!! لاحظنا جميعاً لقطات ما بعد المباراة وتلك الفرحة الغامرة لرئيس الهلال بالفوز وركضه باتجاه الملعب ومعانقته لعدد من اللاعبين في مشهد يؤكد أن الرجل انتظر الفوز حتى يقول أنا موجود. العاطفيون طبعاً هللوا لذلك المشهد وفرحوا به، لكنني استغربته بصراحة. ليس لأنني استمتع بانتقاد رئيس الهلال كما يتوهم البعض دائماً، لكن عودوا بذاكرتكم للوراء وقولوا لي متى رأيتم رئيساً للهلال يتصرف بتلك الطريقة عند الفوز, بل قولوا لي متى رأيتم صلاح إدريس نفسه يتصرف بتلك الطريقة! قلت أكثر من مرة وأعود وأكرر أن رئيسي الهلال والمريخ الحاليين يلعبان على وتر العاطفة لدي جماهير الناديين وهذا أمر يتأكد لي كل يوم. فحديث جمال الوالي بعد المباراة عن النقص في المهاجمين يصب في ذات الاتجاه. فكما نعلم جميعاً ليس لدينا في السودان أولئك النجوم المؤثرين بمعنى أن الواحد منهم يغير مجري أي مباراة يخوضها. ويا ما شارك اللاعبون الذين تحدث عنهم الوالي في مباريات لم يقدموا خلالها شيئاً. كما أن الشكل العام للمريخ كان ينبئ بالهزيمة وقد بدا ذلك واضحاً منذ مباراة جزيرة الفيل. بعد تلك المباراة قلت أكثر من مرة أن الهلال رغم ظروفه السيئة قادر على تخطي المريخ في لقاء القمة وبالطبع أخذت في الاعتبار دافع الهلال للفوز في مقابل الأداء السيء للمريخ في آخر مباراة. لم يكن أقل ذلك لدغدغة عواطف الأهلة، وإنما لأن المؤشرات بدت واضحة لكل من يفهم في الكرة وظروفها. نخلص من ذلك إلى أن المريخ الذي يهللون له ليس بذلك الفريق المهاب كما يقولون، بل هو ضعيف وواهن ويحتاج لعمل كبير وهذا العمل لا علاقة له بغياب فلان أو مشاركة علان. كل يعزف على وتر العاطفة والضحية هي هذه الجماهير التي تبالغ في الفرح يوماً وتتألم وتحبط في اليوم التالي لتعود وتقدم اعتذاراتها على أي موقف سلبي من مجلس إدارة فريقها في اليوم الذي يليه. كل هذا التأرجح سببه عدم وجود شغل منظم في أنديتنا يفضي في النهاية إلى استقرار وتقارب في وتيرة الأشياء. بالطبع لن يعني ذلك تحقيق الفوز على الدوام، لكنه يعني على الأقل الأداء بشكل معقول وتقليل المنغصات إلى أقصى درجة. أقول ذلك وأعلم أن تحقيقه صعب جداً لأن لدينا صحافة رياضية تعزف هي الأخرى على وتر العاطفة ولا يؤسس معظم كتابها مواقف مبدئية.