اثار الحديث الذى ادلى به مؤخرا على كرتى وزير الخارجية عن ضعف الدور المصرى فى السودان، شجون الاخوة المصريين فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها وهرول السفير المصرى الى وزارة الخارجية السودانية بناء على تعليمات رئيسه ابو الغيط يطلب توضيحا رسميا ، بعد ان كان المتحدث باسم الخارجية قد شرح واطال عن الدور المصرى وتواجده فى السودان، وكانه يريد ان يلفت النظر الى اشياء لا يدركها الناس ولو كان هذا الدور قائما ومؤثرا بالفعل لما صرح كرتى ولما اجتهد المصريون فى الشرح والتوضيح. ان هذه الضجة المفتعله تعبر عن حساسية فائقة بسبب ان هذه التصريحات جاءت على نقطة حساسة نكأت جراح الدور الاقليمى المتراجع لمصر. فى صلة بهذا الموضوع طالعتنا الكاتبة المصرية الدكتورة امانى الطويل فى جريدة (الاخبار) بحديث طويل عريض بعنوان (سيارة المخابرات المصرية) حيث شرحت بالتفصيل الممل كيف ان هذه السيارة (النوبيرا) تخصها وانها منحتها اكراما لضيوفها السودانيين مصطفى البطل وعادل الباز ومحمد لطيف، وان هذه السيارة ليست للمخابرات المصرية وانما تخصها هى، وللتاكيد قالت انه لديها المستندات الرسمية الكافية لاثبات ذلك، وقد زعمت أن هذا المقال لتبرئة ذمه هؤلاء السودانيين الثلاثة من تهمة العمالة للمخابرات المصرية التى اشارت اليها صحيفة الانتباهة، فى حين انها لم تفعل سوى ان تكفلت باذاعة هذا الاتهام وجعله قضية شائعة وبما قد يؤدى الى نشره عوضا عن نفيه كما اشار محمد لطيف فى المقدمة التى تعمد وضعها مرفقة بالمقال لكى يتبرأ منه ويقول انه نشره مضطرا. كما ان هذا السياق لم يكن يستدعى هذا الحديث المسهب عن ثمن السيارة واقساطها ودوافع الكاتبة لاقتنائها، وانها بالتاكيد ليست "مكركبة" كما قال الباز وانما فاخرة وفارهة كما قال البطل، تقول الكاتبة (يبدو أن الباز في معرض تفنيده للاتهامات التي لحقت به من منسوبي الإنتباهة قد تناسى أني لا أحب السيارات المكركبة وأني على استعداد ان ادفع كامل دخلي الشهري في قسط سيارة محترمة على أي سيارة مكركبة مهما كان سبب ذلك فحر المحروسة وسوء مرورها يعرض راكب أي سيارة مكركبة للهلاك الجسدي والمعنوي، فما بالك أولا وأنا مريضة بالربو, بما يعني أني لا احتمل حرا ولا رطوبة. وما بالك ثانيا وان السيارة في القاهرة هي أحد مقومات التصنيف الاجتماعي لدى العامة وربما الخاصة أيضا, وهو أمر بلا شك يستحق النضال من أجل ان يقترب هذا التصنيف من نطاق الشريحة المتوسطة من الطبقة الوسطى خصوصا بعد مسيرة مهنية تزيد عن 25 عاما يستحق فيها المرء ان يحظى بهواء بارد في سيارة محشورة يوميا في شوارع القاهرة). والسؤال هنا هو ما علاقة ذلك كله بحكاية المخابرات ونفيها، وما هو الغرض من هذا المقال!! ثم انها تستطرد بالقول انها غيرت هذه السيارة باخرى لونها كذا وماركتها كذا .. (وليعلم القاصي والداني أني قد بعت سيارتي الرمادية واستبدلتها بسيارة ميتسوبيشي بيضاء) ولم تحدد لنا موديل هذه السيارة البيضاء او سنه صنعها، حتى نعرف ما اذا كانت ( مكركبة ) مثل سابقتها ام لا ، فهذا الموضوع يبدو انه بالغ الاهمية كما ترى الكاتبة، التى حرصت ايضا على ان توضح لنا ان السائق يحمل المؤهل الفلانى وانه جاء لخدمة هؤلاء السودانيين المنقطعين بالقاهرة تطوعا منه وشعورا بالواجب .. فكل هذه التفاصيل لا علاقة لها بموضوع الخلاف وانما لها علاقة بمقولة الباز ان السيارة مكركبة.. فكيف لسودانى بعد هذه الضيافة ان يقول ذلك . اذا كانت الكاتبة ممن يشار اليها باعتبارها جزءا من النخبة المهتمة بالسودان، فعليك ايها القارئ ان تتامل حال هذه النخبة ونوعية اهتماماتها وطريقة التفكير ومستوى التناول ..