من المؤكد أن قيام البنوك بمنح القروض لعملائها بشروط معقولة وضمانات مصرفية ميسرة قد حسن نوعية حياة الكثيرين عبر اقتناء المساكن والسيارات وحقق مصلحة البنوك في الحصول على أرباح أو فوائد بوصفها مؤسسات ربحية ومصلحة العملاء في الحصول على خدمات مصرفية متميزة ومصلحة الدولة في حدوث انتعاش اقتصادي. وفيما يتعلق بقوة الضمانات المصرفية ، نلاحظ أن قرض السيارة يكون عادةً مضموناً بتسجيل السيارة في إسم المقترض والبنك كما أن العقار المُشترى بموجب عقد قرض عقاري يكون في الغالب الأعم مضموناً برهن من الدرجة الأولى لصالح البنك، كذلك فإن بعض القروض تكون مضمونة بشيكات وفاء تتمتع بحماية جنائية الأمر الذي يضمن سداد تلك القروض بشكل أو بآخر في نهاية المطاف ! بالمقابل فإن التوسع في منح القروض الشخصية وتسهيلات بطاقات الإئتمان المضمونة بالراتب فقط لا غير قد يؤدي إلى نشوء مشكلة القروض إذا اقترن ذلك بظروف معينة مثل تفشي النزعات الاستهلاكية التفاخرية فهناك من يقترض لقضاء الإجازة في الخارج ، نقص الرشد المالي فهناك من يأخذ قرضاً ويعجز عن السداد لعدم تناسب دخله مع التزاماته ، نقص الثقافة المصرفية والانجذاب للإغراءات المصرفية دون الانتباه إلى شروط السداد، سيادة نمط العائل الأوحد في الأسر التقليدية قد يقود للفشل في السداد عندما تكبر وتتعدد الالتزامات المالية ، ضعف روابط التكافل الاجتماعي والتقاعس عن مساعدة الغارمين في سداد ديونهم، وعدم الاستقرار الوظيفي والإحالة إلى التقاعد المبكر قد يؤديان إلى الفشل في سداد القروض طويلة الأجل! وتبلغ مشكلة القروض ذروتها حينما يعجز المقترض عن سداد الأقساط أو يتم إنهاء عمله أو ترتد شيكات الوفاء المحررة من قبله، فعندها يقاضيه البنك ويحظر سفره ثم يصدر ضده حكم بالسجن ويُوضع إسمه في القائمة السوداء ومن ثم تتفاقم المشكلة حتى بعد خروج المقترض من السجن فيصبح عاجزاً عن العمل لانعدام حسن السير والسلوك ويتسبب ذلك في خلق مشكلة أخرى للبنك إذ يصبح الدين المستحق السداد في عداد الديون الهالكة المستحيلة التحصيل ويؤدي ذلك كله في نهاية المطاف إلى تعطيل بعض القوى المنتجة في الدولة كما يؤدي إلى خلق مشاكل اجتماعية أو قانونية غير مرغوب فيها! إن قيام المقترض بالاقتراض من بنك لحل قرض بنك آخر لا يشكل حلاً للمشكلة بل قد يفاقمها كما أن الهروب إلى خارج الدولة لا يجدي نفعاً فمكاتب التحصيل موجودة في الخارج وتستطيع مقاضاة المقترض حتى في مسقط رأسه ، كذلك فإن التهرب من اتصالات قسم التحصيل الخاص بالبنك يعقد المشكلة ولا يحلها لأن مرور المدة يؤدي إلى تراكم الفوائد بحيث تصبح في نهاية المطاف أكبر من مبلغ القرض الأصلي! في ظل التداعيات الكارثية لمشكلة القروض على النحو المذكور أعلاه ، يعتقد أغلب الخبراء المصرفيين أن الحلول القانونية المتاحة للمقترض قبل الدخول في دوامة التقاضي تتمثل في إجراء تسوية مع البنك إما باعادة جدولة أقساط السداد أو دفع جزء معتبر من المبلغ المستحق السداد مقابل الاعفاء من الباقي، أما الحلول الأخرى المتاحة ، والتي يعتقد بعض الخبراء المصرفيين أنها تحقق المصلحة المشتركة للبنوك والحكومات والأفراد ، فتتمثل في قيام الدول ذات الفوائض المالية بتغطية الديون المتعثرة لمواطنيها الأكثر حاجة للمساعدة ، قيام ديوان الزكاة بحل مشاكل المقترضين الغارمين، ترويج الثقافة الانتاجية ، نشر الوعي المصرفي ، قيام البنوك المركزية بتخفيض فوائد ، مدد ومبالغ القروض الشخصية عن طريق تحديد سقوف عليا إلزامية ووضع معايير للضمانات المصرفية تستوجب التناسب بين الدخول ومبالغ القروض بحيث لا يتم منح القروض الشخصية أو تسهيلات بطاقات الإئتمان إلا بالقدر الذي يتناسب مع الراتب أو الدخل أو ضمانات السداد المقدمة من قبل المقترضين! فيصل علي سليمان الدابي/المحامي