[email protected] نتفق حول أن الكثير من لاعبي المريخ وجدوا دلالاً غير مستحق. ولا نختلف حول انعدام الروح لدى بعضهم وضعف موهبة البعض الآخر. ونقر بأن المباريات الأخيرة التي قدمها لاعبو المريخ لا ترقى لما يكتب ويقال عن فريق الكرة بالنادي. لكننا نختلف تماماً مع الهتافات المعادية التي لا تزيد الأمور إلا سوءً. هتافات من شاكلة " الليق الليق يا عواليق" و" برة برة" لا تشبه الجماهير التي تفهم في الكرة وظروف الملعب، دع عنك جمهوراً يحلو للبعض وصفه بلقب الصفوة. فأي صفوة بالله عليكم يمكن أن تبلغ هذه الدرجة من العدوانية في التعامل مع لاعبين سبق أن حملتهم على الأعناق! ما يصدر من بعض جماهير الكرة في بلدنا سببه الأساسي هو النفخ الزائد ورفع سقف توقعات هذه الجماهير إلى درجات لا يزال لاعبنا بعيداً عنها كل البعد. هتاف " برة برة " الذي أبكى اللاعبين محمد كمال وعبد الحميد عماري ما كان يجب أن يردده بعض حضور مباراة المريخ الأخيرة، لأن اللاعبين قد تم استبدالهما وفي مثل هذه الحالة يفترض فيمن يتمتعون بروح الرياضة أن يصفقوا للاعب المستبدل لا أن يهتفوا ضده بهذا الشكل العدواني. لكن متى وكيف يحدث ما أوردته في الفقرة أعلاه؟ يمكن أن يحدث ذلك عندما تكون لدينا صحافة رياضية راشدة وواعية لا تفرط في المدح والثناء ولا تضخم الانجازات الصغيرة ولا توهم جماهير ناد معين بأنهم الصفوة وكل من سواهم ليسوا أكثر من كفوة! والواقع أنه لا يوجد في أنديتنا جمهور يمكن أن يطلق عليه لقب مثل هذا الذي نحن بصدده. لأن كلاً من ناديي القمة تشجعه الملايين، وهذه الملايين تضم شتى شرائح المجتمع ولذلك يصعب جداً أن نطلق مثل هذه الألقاب الرنانة التي تصيب البعض بالغرور وتجعلهم يتصرفون بالطريقة التي تصرف بها بعض جمهور المريخ في الفترة الأخيرة. والغريب أن الجماهير المُضللة هتفت ضد اللاعبين لكنها عبرت عن مساندتها الكاملة لمجلس الإدارة ورئيسه الوالي. ولم تكلف هذه الجماهير نفسها مشقة إعمال الأذهان وطرح أسئلة مثل " من الذي يتسبب في دلال اللاعبين وحالة الفوضى التي تسود معسكرات الفريق وتقاعس المدرب وعدم انضباط البعض سوى هذا المجلس الذي لا يعرف الحزم إلى أساليب عمله طريقاً." كيف ترضون يا جماهير المريخ عن المجلس الذي لم يعرف كيف يختار المدرب أو اللاعب المناسب، ولم يفلح في فرض الانضباط والنظام وسط اللاعبين وفي نفس الوقت تلومون اللاعبين على تقصيرهم! والأغرب أن نفس الجماهير التي هتفت ضد محمد كمال وعبد الحميد رحبت بكل من هنو وضيف الله ولو كنت مكانهما لأدركت أن لي يوماً، أي سيأتي يوم يسمعان فيه نفس الهتاف الذي أبكي محمد وعبد الحميد. لكنني أعذر هذه الجماهير بدرجة ما ، بينما ألوم بعض الأقلام المريخية التي تتغاضى عن الأخطاء وتكيل أطناناً من المدح والتطبيل كل يوم وهي بهذه الأساليب الخاطئة قد أوهمت هذه الجماهير بأن فريقها قادر على قهر كل من ينازله، مع أنه من الصعب جداً أن يكون لدينا قاهر أبطال في سودان العز والكرامة ووسطنا الرياضي يعاني ما يعانيه من مشاكل لا حصر لها. وتظل كرة القدم السودانية يوم في السماء ويومان في الأرض، ولو أن جماهير الكرة أدركت هذه الحقيقة لما خرجت عن طورها في الكثير من المواقف. لكن صحافتنا الرياضية لا تفسح المجال لهذه الجماهير لإعمال أذهانها أو التفكير بترو فيما يجري. مع بدء موسم التسجيلات يوهمونهم بأن كل شيء قد صار مثالياً. وأثناء المعسكرات يقولون لهم أن التنافس بين النجوم على أشده والكل يسعى لحجز مكانه في التشكيلة. وبعد أن تحين ساعة الجد يُفاجأ هذا الجمهور بأن الأمور ليس كما تم تصويرها في بعض الصحف، فيحدث الانفعال وتخرج هذه الجماهير عن طورها. والمحزن أن هذا المشهد يتكرر كل عام دون أن يضطر بعض الكتاب إلى تغيير أساليبهم. ولماذا يغيرون أساليبهم طالما أن جماهير الكرة عندنا تقبل نفس البضاعة كل عام ولا تعود بالذاكرة لما ما كتب في العام الماضي لتسأل عما تحقق وما لم يتحقق منه!