الحوار هو القدرة على التفاعل المعرفي والعاطفي والسلوكي مع الآخرين، وهو ما يميز الإنسان عن غيره؛ الأمر الذي سهّل تبادل الخبرات والمفاهيم بين الأجيال.. هذه المفاهيم الراقية تصطدم بعنتريات ما يسمى بتحالف المعارضة الذي أزبد وأرعد ورأغى في مؤتمر صحفي أمس.. أولئك قالوا أن تأجيل الاجتماع التفاكري حول ترتيبات الاستفتاء وكيفية تحقيق اجماع وطني الذي كان مقررا أمس السبت، كان بسبب (الفيتو) الذي رفعوه في وجه هذا الاجتماع وأنهم وضعوا (شروطا) لاقامته؟!.. شروطهم هي بحث موضوع الحريات أولا ثم يلي ذلك في الأولوية موضوع الاستفتاء؟!.. لا نقول أن دعوة تلك القوى الفاقدة للسند الجماهيري بحكم نتائج الانتخابات الأخيرة منة، ولكن أن ذلك تم مراعاة للظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد وحرص الجميع على جمع الصف الوطني خاصة في موضوع شديد الحساسية ومصيري مثل موضوع الاستفتاء.. المعارضة الشرعية والمعترف بها وفقا لتقاليد العمل الديمقراطي هي تلك المعارضة التي تعمل من خلال البرلمان، فأي حديث عن معارضة خارج البرلمان لابد من تجاهلها.. من شروط أولئك الحالمون أن تدعى الأحزاب بدون تسمية أشخاصا بعينهم.. حسنا ما الذي يضير أن يحدد أفرادا بعينهم ممن يحسنون أدب الحوار من أصحاب الأفق السياسي؟!.. أصل القضية أن تلك الأحزاب تحمل من التناقضات في أحشائها أكثر من تلك التي بينها وبين قوى سياسية أخرى.. أحزاب تفتقد إلى الديمقراطية في صناعة قرارها وتشكيل هياكلها لاشك كفاقد الشيء الذي لا يعطيه.. يقولون أن من لا يمارس الفضيلة فهو قريب من الرذيلة.. ونقول أن ما لا يمارس فضيلة الحوار الجاد فهو قريب من خصلة النفاق.. النفاق أن تملأ الساحة ضجيجا بمفاهيم الديمقراطية ولكن تنكص عن ممارسة فضيلة الحوار الجاد والمسؤول.. نعلم أن للحوار مستويات؛ المستوى الأول: حوار داخلي مع الذات بمحاسبتها وحملها على الحق. ويكون بين النفس الأمارة بالسوء والنفس اللوامة حتى يصل الإنسان للاطمئنان. أما المستوى الثاني: حوار بين المجموعات السياسية ويفضي إلى تعاون فيما اتفق عليه من الثوابت الوطنية وتعذر تلك القوى بعضها بعضا فيما اختلفت عليه.. أكاد أجزم أن هذا التحالف التعيس يريد أن يقودنا إلى طريق مسدود وإلى نوعين من الحوار، الحوار السطحي الذي لا يقترب من الأعماق وحينها يصبح التحاور حول الأمور الجوهرية محظورا أو محاطا بالمخاطر ويلجأ ذلك الطرف إلى تسطيح الحوار طلباً للسلامة أو كنوع من الهروب من الرؤية الأعمق، أو حوار الطريق المسدود، أي لا داعي للحوار فلن نتفق فيعلن الطرف المتخاذل منذ البداية تمسكه بثوابت متضادة تغلق الطريق منذ البداية أمام الحوار وهو نوع من التعصب البغيض وانحسار مجال الرؤية. آن لهذه الأحزاب أن تجري حوارات داخلها وأن تعمل عملا صالحا وتقدم للشعب السوداني ما هو مفيد بدلا عن اثارة الزوابع والجدل غير المفيد.. لأن الجدال لا يثبت شيئاً إلا أماني تلك الاحزاب.. هناك كثير من القضايا المهمة التي تنتظر النقاش الجاد.. لا أعتقد أنهم سيفعلون. Yasir Mahgoub [[email protected]]