• لقد كانت الأزمة المالية العالمية الأخيرة بمثابة إعلان عن نهاية البراءة الكوربوتية كما اوضح جون إسميث ؛ فقد انكشف المستور واعلنت خطيئته على الملأ ؛ وهذا الملأ في غالبته هم الضحايا من المستثمرين في أسواق المال ، حيث كانت الأزمة بؤرة لنقد حاز على أكبر قدر من الدعاية الاعلامية ؛ حازت على الغضب والحنق الذي لا يعيد أموال المستثمرون التي تبخرت إلى جيوب الكوبوروتيين ، تمَ التحدث في كل شيء إلا شيء واحد هو الفرصة الآسرة بالإثراء التي منحت لعالم الكوربوتيين الذي يستحسن الاثراء الذاتي كمكافأة أساسية لأهلية اقتصادية زائفة . • إنه نمط من اقطاع الرأسمالية الحديثة التي اتخذت من الاحتيال وسيلة لغاية شفط أموال الغالبية العظمى وهم صغار المستثمرين أي بثراء هذه الفئة على حساب الغالبية العظمى من مكونات الطبقات الصغيرة والمتوسطة لحساب الرأسمالية الجشعة المفترسة دون أن تكون هناك مؤسسات رسمية تحمي مقدراتها تحت شعار " اقتصاد السوق" وحرية التجارة ، إذن أن العولمة ما هي إلا وسيلة لضياع دم المستثمرين بين القتلة. • إن الكوربوتية أصبحت هي القوة المهيمنة على مؤسسات الطاقة والاتصالات والتأمين وصناعة السيارات بينما أصبحت الملكية غير ذات نفوذ ؛ لتشتيت رأس المال بإسم العولمة في كل القارات على شكل شركات متعددة الجنسيات يصعب على المستثمر متابعتها أو ملاحقتها . كانت استراتيجية الكوربوتية أن وفرت غطاءً للإجرآت الفاسدة والمنحرفة عبر مؤسسات المحاسبة والمراجعة القانونية حتى تطورت إلى لصوصية مباشرة واضحة . • وقد تمّ إختبار عملي لكفاءة النظام اللصوصي في انهيار اسواق النمور الاسيوية حيث تمّ الاستيلاء على كل المؤسسات الصناعية العملاقة بعد اغراقها بقروض باهظة الفوائد لتوسيع الانشطة ؛ ولما صُور من انتعاش اقتصادي زائف ؛ وفجأة تمت المطالبة بالسداد ولما عجزت هذه المؤسسات الصناعية من رد تلك القروض ذهبت نيسان لرينو الفرنسية ودايو لجنرال موتورز وكيا ومازدا لفورد وذهب الجميع لجيوب الكوربوتية في انهيار 2008. الملفت للنظر أن بعض النمور الآسيوية التر رفضت الانخراط فيما رُوِّج له تحت شعار فضفاض هو العولمة فلم يتأثر بتسونامي الاحتيال المُعولم لأنه لم يقع في الفخ ؛ والاقتصاد الماليزي وبعض الصناعات الكورية كانت خير مثال للنجاة . وقد نال من نجا من هذا التسونامي النقد اللاذع لعدم انخراطه في الاحتيال المُعولم.!! • منذ أن ظهرت المؤسسات المحاسبية التي تقوم بمراجعة القوائم المالية إعتبر القائمون عليها أنهم من ذوي المهنية والاقتدار والامانة ولكن مع ظهور مصطلح العولمة إتضح أن بعض القوائم المالية التي تصدرها هذه المؤسسات المحاسبية ما هي إلا قناعاً يخفي لصوصية بلا ضجيج يلفت النظر ولا تخطر على بال صغار المستثمرين. • ليس ثمة بديل غير الاشراف الفاعل للدولة على هذه المؤسسات وهذا ما يخشاه لصوص آخر الزمان ؛ لذا بدأت حملة تحت شعار أن هذه الاجراءآت تعد نزعة (اشتراكية) وبالتالي هي ضد الرأسمالية وهي انتكاسة لما يسمى بالاقتصاد الحر الذي يمارس في الغرب، والآن فقط بدأ مصطلح (الاشتراكية) يطفو مرةً أخرى للسطح الذي رُوِّج للعامة أنه (الشيوعية) ؛ بدأ يظهر إلى السطح ولكن لم يدرك الكوربروتية أن بريق هذا الشعار قد خبا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ؛ إذ انخرطت روسيا الاتحادية في الاقتصاد الحقيقي وضمان الملكية الخاصة والفردية تحت اشراف ومراقبة الدولة فنجت نسبياً من الانهيار.إذاً أن فرية الاشتراكية والشيوعية ما عادت تنطلي على المستثمر ولكن بعد فوات الأوان ولكن تعلم المستثمرون الدرس ولكن متأخر جداً بعد تبخر مدخراتهم أو بعد طردهم من مساكنهم المشتراة بقروض باهظة لم يعلن عن نسبة فوائدها منذ الوهلة الأولى بل بلغ الاحتيال بالافصاح عند الاقتراض بنسبة ضئيلة من الفوائد ولكنها في حال التأخر عن السداد تتراكم الفوائد المركبة حتى تفوق أصل الدين لذا تمت مصادرة المساكن لعجزهم عن السداد.!! • لا بد من تحسن سلوك الادارة الكوربورتية بالتمعن في امكانية السجن أو الاحتجاز وهذا الأمر غير محبب لما يسمى بنظام اقتصاد السوق. والحقيقة التي لا يمكن لأحد أن يتجاهلها هو أن الادارة الكوربروتية ستستمر بسوء استخدامها واثرائها الشخصي ولكن لا بد أن يكون هناك أمل بالتغيير ؛ وحتى يأتي التغيير فلا بد من أن يكون هناك إشراف على المؤسسات والمشروعات والانتباه إلى مكافآت هذه الادارات الكوربورتية مع مراقبة للتنظيم والادارة فيها. • إن كان مستوى نسبة الفساد المالي في الدول النامية كبيراً بالقياس إلى نظيره في المجتمعات الاقتصادية المتقدمة إلا أن العبرة ليس بالنسبة ولكن بالحجم ؛ إن الاحتيال البريء وشبه البريء ربما يكون أعظم في المجتمعات المتقدمة ولكن ربما لو قمنا بجمع الدخل الناشيء عن الفساد والدخول المتولدة عن الاحتيال فقد تكون نسبة ذلك إلى اجمالي الناتج المحلي في الدول النامية هائلة ولكن مضاعفاته سوف تكون رهيبة فتزيد الفقراء فقراً على فقرهم وهذا ينعكس بالمقابل على مجمل سياسات النمو والاستقرار. • لقد بحث عالم الاقتصاد البارز جون إسميث جالبريث فيما كتب الدور المشبوه التي تقوم به إدارة كبرى الشركات في التلاعب والاحتيال والسرقة بالاسواق والمستهلكين والمستثمرين والحياة الاقتصادية بل والسياسية برمتها ، إن نبوءة الكاتب بالازمة الاقتصادية يجب أن نتعلم منها كدرس لمستقبل اقتصاداتنا حتى لا نصبح شعوب من المتسولين خاصة أننا نعيش تحت خط الفقر، والشعوب التي تقبع تحت خط الفقر لا تعدو إلا أن تكون شعوباً يتسلط عليها ساسة نفعيون وانتهازيين وجدوا في الخصخصة مجالاً للإثراء والثراء رغم الاستعانة ببيوت هي في الأصل صاحبة باعٍ في السرقة والاحتيال إعتماداً على الترويج لخبرة احتيالية في دراسات التخصيص والتثمين وخير مثال لذلك سودانير الناقل الوطني. فنأخذ على سبيل المثال لا الحصر ونتساءل : ماذا لو طرحت سودانير للخصخصة الوطنية في شكل أسهم تطرح على الشعب؟!!! انتهى... abubakr ibrahim [[email protected]]