عبد الله حمدوك.. متلازمة الفشل والعمالة ..!!    بريطانيا .. (سيدى بى سيدو)    كريستيانو يقود النصر لمواجهة الهلال في نهائي الكأس    المربخ يتعادل في أولى تجاربه الإعدادية بالاسماعيلية    شهود عيان يؤكدون عبور مئات السيارات للعاصمة أنجمينا قادمة من الكاميرون ومتجهة نحو غرب دارفور – فيديو    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    دورتموند يسقط باريس بهدف فولكروج.. ويؤجل الحسم لحديقة الأمراء    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    واشنطن: دول في المنطقة تحاول صب الزيت على النار في السودان    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    شاهد بالصور.. المودل والممثلة السودانية الحسناء هديل إسماعيل تشعل مواقع التواصل بإطلالة مثيرة بأزياء قوات العمل الخاص    شاهد بالصورة والفيديو.. نجم "التيك توك" السوداني وأحد مناصري قوات الدعم السريع نادر الهلباوي يخطف الأضواء بمقطع مثير مع حسناء "هندية" فائقة الجمال    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني الشهير "الشكري": (كنت بحب واحدة قريبتنا تشبه لوشي لمن كانت سمحة لكن شميتها وكرهتها بسبب هذا الموقف)    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    طبيب مصري يحسم الجدل ويكشف السبب الحقيقي لوفاة الرئيس المخلوع محمد مرسي    "الجنائية الدولية" و"العدل الدولية".. ما الفرق بين المحكمتين؟    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فلوران لم يخلق من فسيخ النهضة شربات    رئيس نادي المريخ : وقوفنا خلف القوات المسلحة وقائدها أمر طبيعي وواجب وطني    لأول مرة منذ 10 أعوام.. اجتماع لجنة التعاون الاقتصادي بين الإمارات وإيران    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    دولة إفريقية تصدر "أحدث عملة في العالم"    والي الخرطوم يدشن استئناف البنك الزراعي    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشكلة السودانية في إقليم دارفور وكيفية حلها ... بقلم: يعقوب آدم سعدالنور
نشر في سودانيل يوم 30 - 08 - 2010

تبلغ مساحة دارفور 547/507 كيلومتر مربع تحده من الشمال مصر وليبيا ومن الشرق إقليم كردفان ومن الجنوب ولاية بحر الغزال ومن الغرب جمهورية تشاد ومن الشمال الغربي الجماهيرية الليبية ومن الجنوب الغربي جمهورية أفريقيا الوسطى .
وحسب تقديرات التعداد السكاني لعام 2003 يبلغ عدد سكان دارفور 15/6 مليون نسمة .
إندلع الصراع في إقليم دارفور في السودان في شهر فبراير من سنة 2003 بين الحكومة السودانية ومليشيا الجنجويد التابعة لها من جهة وحركة وجيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة من جهة أخرى.
ومن أسباب إندلاع الصراع حسب حركة جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة هو التهميش الكامل لإقليم دارفور منذ إستقلال السودان وإنعدام البنية التحتية وإنعدام الخدمات وشح المؤسسات التعليمية والصحية وإنعدام المؤسسات الإقتصادية وعدم إشراك المواطن الدارفوري في السلطة وعدم حصوله على نصيبه من الثروة القومية .
أسفرت هذه الحرب حسب تقارير الأمم المتحدة عن مقتل قرابة 250ألف مواطن دارفوري وتشريد مليوني مواطن من قراهم يعيشون في معسكرات النزوح واللجوء في دولة تشاد وأفريقيا الوسطى .. وحسب تقارير الأمم المتحدة أن هنالك إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تم إرتكابها من قبل القوات الحكومية ومليشيا الجنجويد المسلحة التابعة لها . وتتمثل هذه الإنتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان في قتل أكثر من 250 ألف مواطن وحرق أكثر من 350ألف قرية من قرى القبائل ونهب كافة ممتلكات المواطنين وإغتصابات جماعية للنساء .
إن هذا الصراع المسلح الدائر في دارفور في السودان تسبب في إنتهاكات واسعة لحقوق الإنسان وأيضاً زحزح السلام والأمن الإقليميين والدوليين الأمر الذي أقلق المجتمع الدولي ووصفه مجلس الأمن بأكبر كارثة إنسانية في هذا القرن .
ومنذ إندلاع النزاع في إقليم دارفور في السودان عام 2003 أصبح هذا النزاع مصدر قلق دائم وإنشغال بالنسبة لمجلس الأمن والأمانة العامة للأمم المتحدة وفي بداية عام 2004م بدأ مجلس الأمن إتخاذ عدد من القرارات بشأن دارفور تدعو فيها إلى وقف القتال في إقليم دارفور في السودان , وبعضها لتمديد مهام لقوات مفوضية الإتحاد الأفريقي , أو لتمديد عقوبات سنوية . فمنذ عام 2004م حتى عام 2009م صدر عن مجلس الأمن بشأن أزمة دارفور والنزاع في هذا الإقليم أكثر من عشرون قراراً ونذكر هنا بعضاً من هذه القرارات على سبيل المثال وهي :
القرار رقم 1556 (2004)
هذا القرار الذي إتخذه مجلس الأمن في جلسته رقم 5015 المنعقدة في 30 من شهر يوليو من سنة 2004 وفيه : ( ان مجلس الأمن إذ يشير إلى البيان المؤرخ يوم 25 من شهر مايو من سنة 2004 إلى قراره رقم 1547 (2004) المؤرخ يوم 11من شهر يونيو 2004 وقراره رقم 1502 (2003) المؤرخ 16 من شهر أغسطس 2003 بشأن إمكانية وصول العاملين في مجال المساعدة الإنسانية إلى السكان المحتاجين .
# وإذ يرحب مجلس الأمن بالدور القيادي الذي يؤديه الإتحاد الأفريقي ومشاركته في معالجة الوضع في دارفور ,وإذ يعرب عن إستعداده لتقديم الدعم الكامل لتلك الجهود .
# وإذ يعرب مجلس الأمن من جديد عن قلقه البالغ إذاء الأزمة الإنسانية الراهنة وإستشراء إنتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك الهجمات المستمرة على المدنيين التي تعرض حياة مئات الألوف للخطر .
# إذا يدين جميع أعمال العنف وإنتهاكات حقوق الإنسان , والقانون الإنساني الدولي من جانب جميع أطراف الأزمة وبخاصة ً الجنجويد بما في ذلك شن هجمات عشوائية ضد المدنيين والإغتصاب والتشريد القسري وأعمال العنف وبخاصة ما ينطوي منها على بعد عرقي .
# وإذ يعرب عن أبلغ القلق إزاء عواقب الصراع الدائر في دارفور على السكان المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال والمشردين داخلياً واللاجئون .
# وإذ يشير في هذا الصدد إلى أن الحكومة السودانية تتحمل المسئولية الرئيسية عن إحترام حقوق الإنسان مع القيام في الوقت نفسه بالحفاظ على القانون والنظام وحماية سكانها الموجودين داخل إقليمها وإلى أن جميع الأطراف ملزمة بإحترام القانون الإنساني الدولي .
#وإذ يرحب بإلتزام الحكومة السودانية بالتحقيق في الأعمال الوحشية المرتكبة ومقاضاة المشئولين عن إرتكابها .
# وإذ يؤكد إلتزام حكومة السودان بتعبئة القوات المسلحة السودانية على الفور من أجل نزع سلاح الجنجويد .
# وإذ يشير أيضاً في هذا الصدد إلى قراراته 1325 (2000) المؤرخ 31 من أكتوبر (2000) بشأن النساء والسلام والأمن , و1379 (2001) المؤرخ في يوم 2 نوفمبر (2001) و1460 (2003) المؤرخ 3 يناير (2003) و 1539(2004) المؤرخ 22 إبريل (2003) بشأن الأطفال في الصراعات المسلحة و1265(1999) المؤرخ 17 سبتمبر (1999) و1296 (2000) المؤرخ 19أبريل 2000 بشأن حماية المدنيين في الصراعات المسلحة .
# وإذ يعرب عن قلقه أزاء القتارير التي تفيد بوقوع إنتهاكات لإتفاق وقف إطلاق النار الموقع في نجامينا في 7 أبريل عام 2004 وإذ يكرر تأكيد أن جميع الأطراف في إتفاق وقف إطلاق النار عليها أن تمتثل لجميع الشروط الواردة فيه .
# إذ يشير إلى أنه يوجد ما يزيد على مليون شخص في حاجة ماسة إلى مساعدة إنسانية عاجلة وإلى تقديم المساعدة قد أخذ يزداد صعوبة مع بداية الموسم المطير , وأن مئات الآلاف من الأشخاص ستتعرض حياتهم للخطر إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة لتلبية الإحتياجات الأمنية المتصلة بسبل الوصول والسويقات والقدرات والتمويل .
# وإذ يؤكد أن عودة أي من اللاجئين أو المشردين إلى ديارهم لابد أن تكون طوعية وتوفر لها المساعدة المناسبة والأمن الكافي .
# وإذ يشير مع بالغ القلق إلى أن ما يصل إلى 000/200 لاجئ قد فروا الى دولة تشاد المجاورة مما يلقي عبئاً خطيراً على كاهل ذلك البلد وإذ يعرب عن قلقه البالغ إزاء التقارير التي تفيد بقيام مليشيا الجنجويد بمنطقة دارفور بالسودان بشن غارات عبر الحدود على تشاد , وإذ يحيط علماً أيضاً بالإتفاق الذي أبرمته حكومتا السودان وتشاد بشأن وضع آلية مشتركة لتأمين الحدود .
# وإذ يقرر إن الوضع في السودان يمثل تهديداً للسلام والأمن الدوليين والإستقرار في المنطقة .
# وإذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة
1 – يطلب حكومة السودان أن تفي على الفور بجميع الإلتزامات التي تعهدت بها في البيان الصادر في 3 يوليو 2004 بطرف منها على وجه الخصوص تسهيل أعمال الإغاثة الدولية للتحقيق من هذه الكارثة الإنسانية وذلك عن طريق إلغاء جميع القيود التي يمكن أن تعوق تقديم المساعدة الإنسانية وتوفير سبل الوصول الى جميع السكان المتضررين وتعزيز أعمال التحقيق المستقل في إنتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي بالتعاون مع الأمم المتحدة وعن طريق تهيئة أجواء أمنية موثوق بها من أجل حماية السكان المدنيين والجهات الإنسانية الفاعلة , وإستئناف المحادثات السياسية بشأن دارفور مع الجماعات المنشقة في منطقة دارفور , ولا سيما حركة العدل والمساواة وحركة جيش تحرير السودان..
هذه بعض من النص الكامل للقرار 1556 الصادر في شهر يونيو من سنة 2004.
و في عام 2005 وافق مجلس الأمن الدولي في قراره 1591 على توسيع نطاق العقوبات لتشمل إضافة إلى الحظر العسكري , إجراءات أخرى من بينها حظر السفر على بعض الأفراد إضافة إلى تجميد الأرصدة المالية وشملت العقوبات أثنين من قادة المتمردين والرئيس السابق للقوات الجوية السودانية , إضافة إلى أحد زعماء مليشيا الجنجويد التابعة للحكومة السودانية .
وأيضاً إتخذ مجلس الأمن الدولي القرار رقم 1593 في عام 2005 الذي أحال بموجبه الوضع في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية للنظر في إتهامات إرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية .. وفي شهر مارس أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة إعتقال بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق وزير الدولة للشئون الداخلية السابق أحمد هارون وبحق القائد الميداني للجنجويد علي محمد علي كوشيب .
ويلي هذا القرار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1706 في عام 2006 الذي فتح تفويضاً لبعثة الأمم المتحدة في السودان تعزيز وجود قوات الإتحاد الأفريقي في دارفور .
وجود القوات الأفريقية وتقديم الدعم اللوجستي والعسكري وإقراره بما يسمى بحزمة التجهيزات الثقيلة .
ونلاجظ من أن تسارع القرارات الدولية خلال الخمس سنوات , بشأن الأزمة السودانية السودانية في دارفور ,إنما يدل على أن هذه الأزمة وما أسفرت عنها من إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وخروقات كبيرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني , الأمر الذي يهدد السلم والأمن الدوليين .
ورؤيتي لحل الأزمة السودانية السودانية في دارفور حسب قواعد القانون تتمثل في
إن النزاع المسلح الذي نشب في إقليم دارفور في السودان هو صراع سياسي عسكري أفرز عنه وضع إنساني كارثي في إقليم دارفور للحد الذي وصفه الأمم المتحدة بأكبر كارثة إنسانية في هذا القرن .
وهذا الوضع الإنساني الكارثي يمكن له أن لا يقع أو أن يكون أخف بكثير مما هو عليه الآن إذا ما إلتزم أطراف الصراع في صراعهم بمراعاة والإلتزام بقواعد القوانين الدولية والقانون الدولي الإنساني ,ولهذا أرى أن الحل الأنسب لهذه الأزمة تكمن في محورين أساسيين , المحور الأول وهو معالجة الوضع الإنساني بعد تطبيق العدالة والقانون بالنسبة للذين إرتكبوا جرائم في هذه الأزمة والمحور الثاني هو التسوية السياسية بين الأطراف المتصارعة في دارفور بين الحكومة والثوار ثم التواثق بين هذه الأطراف على إعتماد الديمقراطية نهجاً في السلوك السياسي ووسيلة لتولي السلطة السياسية في السودان والتفكير والعمل الجاد لقيام دولة القانون والمؤسسات في السودان .وسوف أتناول هذين المحورين كل محور على حدا .
أولاً : تطبيق العدالة القانونية ومعالجة الوضع الإنساني .
إن النزاع المسلح في دارفور أحدث وضعاً قانونياً حرجاً وفكك النسيج الإجتماعي السوداني في دارفور ,جراء الخروقات الواسعة لحقوق الإنسان والإنتهاكات الكبيرة لحقوق الإنسان المتمثلة في عمليات القتل والنهب والإغتصابات الجماعية والتهجير القسري للمواطنين وحرق القرى. وحسب تقارير الأمم المتحدة أن هنالك حالات إغتصابات جماعية للنساء في دارفور, وقتل أكثر من 250ألف مواطن سوداني في دارفور ونهب ممتلكات ما لا يقل عن 2مليون شخص ممن هجروا من قراهم وحرق أكثر من 350ألف قرية ونزوح أكثر من مليوني مواطن دارفوري من قراهم المحروقة إلى مخيمات النزوح واللجوء في كل من دولتي تشاد وأفريقيا الوسطى ,الأمر الذي أجبر المجتمع الدولي على التدخل سريعاً في أزمة دارفور في السودان والمؤسف هو أن عمليات القتل والنهب والإغتصابات الجماعية للنساء تمت على أساس هوية الشخص وإنتمائه العرقي وجميع هذه الجرائم تم إرتكايها من قبل الجيش الحكومي ومليشيا الجنجويد المسلحة التابعة للحكومة الأمر الذي يجعلنا نعتقد أن هذه الجرائم ترقى الى مستوى جرائم التطهير العرقي وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وعودة هؤلاء النازحين واللاجئين إلى قراهم الأصلية والعودة إلى حياتهم الطبيعية يتطلب توفير الأمن وإعادة ثقة المواطن في الحكومة التي ساهمت بشكل أو بآخير في الوضع الذي هم فيه ويكون ذلك أولاً :
بإلتزام كافة أطراف النزاع ببنود برتكولات وقف إطلاق النار الموقعة بينهما والإلتزام بالقوانين الدولية وقوانين حقوق الإنسان .
ثانياً : على الحكومة السودانية التي إستنفرت مليشيا الجنجويد المسلحة وسلحتهم للقتال إلى جانبها , عليها نزع أسلحتهم ونزع أسلحة كافة المليشيات المسلحة التي إحترفت القتل والنهب وهذا ما جاءت به قرارت مجلس الأمن الدولي وإلتزمت به الحكومة السودانية في الفقرة الخامسة عشر من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1556 في جلسته رقم 5015 المنعقدة في 30 من شهر يوليو من سنة 2004. والجدير بالذكر هو أن إلتزام الحكومة السودانية بقرار مجلس الأمن القاضي بنزع سلاح الجنجويد هو إعتراف ضمني من الحكومة السودانية بأنها قامت بتسليح مليشيا الجنجويد وعليه سيظل هذا الإلتزام على عاتق الحكومة السودانية إلى أن تنزع أسلحة مليشيا الجنجويد .
وأيضاً نجد أن الحكومة السودانية في تعاملها مع هذه الأزمة قد خالفت الدستورالإنتقالي السوداني, عندما إستغلت الحكومة السودانية شريحة عرقية معينة في دارفور لخلق هذه الأزمة الإنسانية وذلك عندما أستغلت الجنجويد وسلحتهم بفهم عرقي لكي يقاتلوا إلى جانبها وهذا يخالف الفقرة (ج) من المادة الرابعة في الفصل الأول في الباب الأول من الدستور السوداني الإنتقالي لسنة 2000والتي تنص على الآتي ( التنوع الثقافي والإجتماعي للشعب السوداني هو أساس التماسك القومي ولا يجوز إستغلاله لإحداث الفرقة )
والإلتزام بالدستور وقواعد القانون , من قبل كافة الأطراف فيما يتعلق بهذه الأزمة من شأنه أن يشعر المواطن السوداني في دارفور وخاصة هؤلاء الذين ما زالوا في معسكرات النزوح واللجوء بالطمأنينة والأمان , الأمر الذي سوف يساهم بقدر كبير في عودتهم إلى قراهم ومواقعهم الأصلية التي هجروا منها قسراً .
إن هذه الخطوة مهمة ولكن يجب أن تسبقها الخطوة الأهم ألا وهي تطبيق العدالة القانونية بحق من إرتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم التطهير العرقي,لأن من غير تطبيق العدالة القانونية ومحاسبة كافة الذين إرتكبوا جرائم في دارفور وتعويض المواطنين الذين نهبت ممتلكاتهم لا يمكن أن يصل المواطن الدارفوري إلى مرحلة السلام الإجتماعي وإذا لم يصل المواطن الدارفوري إلى مرحلة السلام الإجتماعي لا يمكن أن يستتب الأمن في دارفور , وما لم يستتب الأمن في دارفور تصعب العودة الطوعية بالنسبة للاجئين والنازحين إلى قراهم الأصلية , وبعدم عودتهم يصعب على المجتمع الدولي التمكن من وضع حد نهائي للوضع الإنساني الراهن في دارفور .
إن تحقيق العدالة القانونية بحق من إرتكبوا الجرائم في دارفور , ليس بالأمر السهل وذلك لأن الطرف الذي هو المسؤول عن تطبيق العدالة القانونية هو بذاته المتهم بإرتكاب هذه الجرائم سيما وأن القضاء السوداني غير مستقل و عدم توفر هذا الشرط يسلب القضاء السوداني القدرة على تحقيق العدالة القانونية ولهذا نرى لابد من وجود جهة محايدة لتطبيق العدالة في هذه الأزمة كإنشاء محاكم دولية خاصة مثل المحكمة التي أقيمت في رواندا لمحاكمة مرتكبي جرائم التطهير العرقي في رواندا أو مثل المحكمة الدولية التي أقيمت في لبنان لمحاكمة قتلة رفيق الحريري أو أن تكون ولاية الحكم لمرتكبي الجرائم في دارفور للمحكمة الجنائية الدولية التي بدأت بالتحقيق في الجرائم التي أرتكيت في دارفور بعد أن أحال إليها مجلس الأمن الدولي وقد أصدرت هذه المحكمة قراراتها بحق أفراد في الحكومة السودانية بما فيهم الرئيس السوداني عمر البشير والوزير أحمد هارون وآخرون ينتمون إلى مليشيا الجنجويد المسلحة التابعة للحكومة .
وضرورة وجود مثل هذه المحاكم ليس فقط لأن القضاء السوداني غير محايد بل أيضاً لعدم وجود نص قانوني في قوانين الجزائية السودانية تجرم وتعاقب مرتكبي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية وتطهير عرقي وهنا نورد قراءة سريعة للقانون الجنائي السوداني والعقوبات التي تقع على مرتكبيها لنؤكد القول الذي ذهبنا إليه .
إن القانون الجنائي السوداني الحالي يحتوى على 185 مادة موزعة على سبعة عشر باباً حدد فيه المشرع السوداني الأفعال التي تعتبر جرائم يعاقب عليها القانون الجنائي السوداني والعقوبات التي تقع على مرتكبيها .
ففي الباب الأول من هذا القانون فيه الأحكام التمهيدية وسريان القانون موزعة في فصلين في المواد من المادة (1) إلى المادة (7)
الباب الثاني وفيه المواد من المادة (8) الى المادة (18) وهذه المواد تصف المسئولية الجنائية وسريان القانون .
الباب الثالث من هذا القانون وفيه الشروع والإشتراك الجنائي موزع في المواد من المادة (19) الى المادة (26)
الباب الرابع وفيه الجزاءات والعقوبات وهي موزعة في المواد من المادة (27) الى المادة (49).
الباب الخامس ويصف فيه المشرع السوداني الجرائم الموجهة ضد الدولة وهي مواد موزعة في المواد من المادة (50) الى المادة (57)
الباب السادس وفيه الجرائم المتعلقة بالقوات النظامية ويحتوي على المواد من المادة (58) الى المادة (62).
الباب السابع وفيه جرائم الفتنة والدعوة لمعارضة السلطة العامة بالعنف وهي موزعة في المواد من المادة (63) الى المادة (66) .
الباب الثامن وفيه وصف للجرائم المتعلقة بالطمأنية العامة وهي موزعة في المواد من المادة (67) الى المادة (69).
الباب التاسع وفيه الجرائم المتعلقة بالسلامة والصحة العامة وهي موزعة في المواد من المادة (70) الى المادة (87) .
الباب العاشر وفيه الجرائم المتعلقة بالموظف العام والمستخدم والرشوة وهي موزعة في المواد من المادة (88) الى المادة (103) .
الباب الحادي عشر وفيه الجرائم المخلة بسير العدالة وهي موزعة في المواد من المادة (104) الى المادة (116)
الباب الثاني عشر وفيه جرائم التزييف والتزوير وهي موزعة في المواد من المادة (117) الى المادة (124) .
الباب الثالث عشر وفيه الجرائم المتعلقة بالأديان وإهانة العقائد الدينية وهي موزعة في المواد من المادة (125) الى المادة (128) .
الباب الرابع عشر وفيه الجرائم الواقعة على النفس والجسم وهذه الجرائم موصوفة في المواد من المادة (129) الى المادة (144) .
الباب الخامس عشر ةيحدد فيه المشرع جرائم العرض والآداب العامة والسمعة وهي موزعة في المواد من المادة (145) الى المادة (160) .
الباب السادس عشر وفيه جرائم الإعتداء على الحرية الشخصية وهي محصورة بين المواد من المادة (161) الى المادة (166) .
الباب السابع عشر وفيه الجرائم الواقعة على المال وهي في المواد من المادة (167) الى المادة (185)
وهكذا نرى من خلال قراءتنا للقانون الجنائي السوداني أغفل المشرع السوداني في القانون الجنائي السوداني وصف جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم التطهير العرقي , وهذا يعني أن هذا القانون غير صالح لمحاكمة مرتكبي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم التطهير العرقي في دارفور إلا إذا طور المشرع السوداني هذا القانون بحيث يحتوي هذه الجرائم .
أما المحور الثاني الذي أراه لحل أزمة دارفور فهو التسوية السياسية بين طرفي الصراع وهما الحركات المسلحة والحكومة السودانية عبر تفاوض جاد بإرادة حقيقة من الطرفين لأجل الوصول إلى تسوية سياسية تفضي إلى سلام شامل ودائم .وعندما أقول طرفي الصراع أعني الطرف الحكومي وكافة الحركات المسلحة الدرفورية دون إستثناء لأحد , لأن إذا تخلف فصيل مسلح واحد عن ركب العملية السلمية سوف لا يكون هنالك أمن في دارفور وبالتالي أية عملية سلمية توقعها الحكومة السودانية مع البعض من الحركات المسلحة تكون مجرد إعادة إنتاج للأزمة , وسيظل تخوف الأطراف المتصارعة موجود ولا يمكن أن نصل الى السلام الإجتماعي المنشود في دارفور.. والدخول في مثل هذه المفاوضات يحتاج الى وسيط قوي يلتمس فيه النزاهة من قبل الطرفين وأن يكون لهذا الوسيط القدرة على الضغط على الأطراف في حالة ظهور عدم الجدية في التفاوض أو في تنفيذ الإلتزام فيما تم الإتفاق عليه عبر التفاوض .
وأخيراً على الشعب السوداني الإلتزام بالنظام الديمقراطي منهجاً وسلوكاً في إدارة البلاد وأن تكون المواطنة هي المعيار الوحيد للحقوق والواجبات بين المواطنين السودانيين , ومعالجة موضوع الهوية الذي هو المحور الأساسي للصراع في السودان منذ الإستقلال وعليهم أيضاً وضع أسس راسية لقيام دولة القانون والمؤسسات
يعقوب آدم سعدالنور
نائب رئيس حركة التحرير والعدالة لشئون التنظيم والإدارة
حركة وجيش التحرير والعدالة
saad _yagoub [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.