نِداءتُ الزَّمنِ الضائعِ جِدَّاً: آلآنَ تُنادُونَنا ....؟! عصام عيسى رجب [email protected] "وها أنا في ساعةِ الطعانْ ساعةَ أنْ تخاذلَ الكماةُ .. والرماةُ .. والفرسانْ دُعيت للميدان !! أنا الذي ما ذقتُ لحمَ الضأن .. أنا الذي لا حولَ لي أو شأن .. أنا الذي أقصيتُ عن مجالسِ الفتيان، أُدعى إلى الموتِ .. ولم أُدع إلى المجالسة !!" أمل دنقل – قصيدة: البكاءُ بين يدي زرقاءِ الْيمامة مرَّ أمام عيني هاتين قبل قليل شريطُ أخبار قناةٍ فضائية سودانية، جاء فيه: معرضٌ للتشكيليين السودانيين لدعمِ خيارِ الوُحدة ..... تبسَّمتُ ضاحكاً مِن الخبر ..... لا نعرِف بالطبع مِن هُم هؤلاء التشكيليون، ولا إلى أيِّ طيفٍ يتنمون ...؟! ويقيناً أنّ إطلاق الخبرَ على عواهنهِ هكذا أمرٌ مقصودُ، فعدم التحديد والتعيين والدِّقة وال .... كُلُّها مُتعمَّدةٌ لتسيهل مهمَّة الروغانِ من أسئلةِ المُشَكِّكين أمثالي، والممحِصين الذين علّمتهم السّنواتُ مِن لدُن 30 يونيو 1989 م إلى ما شاء الله، ألا ينخدعوا للدعواتِ المريبة والنداءات المشبوهة التي لا تعدو أن تكونَ سوى كلمات حقٍّ أُريدَ بها باطل ..... وأنْ ليس وراء كُلِّ حرَكةٍ برَكة، بَل العكس، إذْ يكونُ وراءها أجندةٌ ظاهرة وباطنة وما بين ذلك .... بدءً: هو لا شك نِداءٌ في الزَّمِنِ الضائعِ جِدِّاً وما تفصلنا عن انفصالِ الجنوبِ أو عدمه إلا شُهيرات لا يُقمِنَّ صُلبَ وُحدةٍ لوطن ...... ونِداءٌ في الزَّمِنِ الضائعِ جِدِّاً كونه يجيء بعد مرور واحدٍ وعشرينَ سنةً، على 30 يونيو "الأغَر"، أصابَ الفنونَ والآدابَ فيها ما أصابها على أيدي هؤلاء المُنادِين ..... فما أظنُّ أنَّ ذاكِرَتَنا خَرِبة إلى هذا الحدِّ حتى ننسى إعدام شرائط التلفزيون التي عدّها هؤلاء لا تستقيم وطَيَِبِ الذَّكْرِ "المشروع الحضاري"، ولا التحطيمَ "الطالِباني" لتماثيل كُليَّة الفنون "معهد الكليّات التكنولوجية / جامعة السودان" وسواها من أعمال النحت التي زانت وجه الخرطوم حيناً من الجمال ..... ولا جَلْدَ الفنّانين إذا ما سرحوا وغنّوا إلى ما بعد الحادية عشرة ليلاً .... وإشاعة الهوس وإطلاق يد الْمَهوِوسين في الأرض يُصيبون بهوَسهم مَنْ يشاؤن ....!!! وسؤالٌ بريءُ هُنا كأبرأِ ما تكونُ البراءة: هل استشار انقلابيو 30 يونيو 1980 م فنّاناً تشيكيليّاً واحداً أو سِواه وهم يُطيحون بالنظام الديمقراطي الذي كان قائماً وقتها في السودان .....؟! أمْ وهُمْ يعيثون في الأرض فساداً وإفساداً حتى أوردوا البلاد والعِباد كلَّ موارد التَهلُكةِ هذه والتي لن يكونَ الجنوب، حين انفصاله، الحلقةَ الأخيرة فيها، مِنْ يقولُ ذلك ....؟! فلماذا إذاً كلُّ هذا الْهَرجُ والْمَرج: هيئاتٌ ولجانٌ ومؤتمراتٌ ودعَواتٌ ونداءتٌ واستغاثات و وأناشيج ولافتات وأهازيج و ..... أليس مجيءُ الإنقاذ واقِعةً مصادِمة للفنونِ و الآدابِ والجمالِ أنّى كان .....؟! فمنذ متى عرَفت الدكتاتوريّات هكذا مفردات ....؟! وهل الدكتاتوريّات إلا البطش والقهر والجبروت ومصادرة الحريّات .....؟! وسؤالٌ آخر أقلّ أو أكثر براءة: هلْ من بين هؤلاء التشكيليين السودانيين الداعمِين لخيارِ الوُحدة مَنْ هو مِنْ أبناء الجنوب ....؟! أسألُ هذا السؤال لأنَّهم هُمْ، عنيتُ أبناء الجنوب، مَنْ يُقرِرُ انفصال الجنوب أو عدمه .... وما هذي "الجعجةُ الجوفاء ..... والقعقعةُ الشَّديدة" إلا محاولة بائسة مِنْ قِبلِ "أولي الأمر والنَّهي" لذرَّ الرّمادِ في العيونِ، كما يقولون .... حتى إن سألهم السائلون فيما بعد، أجابوا: وهل تركنا أمراً يحولُ دون الانفصال لم نقُمْ به، فقد عقد المؤتمرات وأنشاء اللجان وأقمنا الحفلات ودعونا الفنّانين، التشيكليين منهم وغير التشكليين، والشعراء والغاوين ..... ولكن كما ترون: قدّرَ اللهُ وما شاءَ فعل .....!!!!! وكأنّهم ليسوا هُم مَنْ أدخل مشكلة الجنوب وقضيَّته هذه المداخل العصيّة والتي أكبُرها جريرةُ تَدْيينِ القضية وتسويقها على أنَّها حربٌ أديان بين الإسلام وأهله والمسيحيين وسواهم في جنوب السودان ...... أمرٌ كهذا لم يحدث منذ أنْ تفجَّرت قضيّةُ الجنوب على مرِّ العصور والأنظِمة، ولكنَّ فضل السبق فيه للإنقاذيين، ولا فخر، وأبإسْ به مِنْ فضل ..... وما أحسبُه غير وَلعِهم أنْ يمسحوا كلما صنعته أيادي غيرِهم في كلِّ شيء ليبدؤه مِن صفرِ إنقاذِهم الكبير ...... وما قولكم في مَنْ يقفز فوق قوانين جفرافيا الأرض ويقول: إذاً فليبدأ يومُ السودان أبكَرَ ساعةً مما كان عليه الوقتُ قبل مجيء الإنقاذ، وحيَّ على البكور .....!!!!!! ولَعٌ، بَلْ هوَسٌ يائسٌ بادِّعاءِ السَّبْق، أُتراهُمْ يمُدُّونَ لأبي العلاء الْمَعرِّي بسبَبٍ أو نسَبٍ ما في بيتهِ الشَّهير: وإنِّي وإنْ كنتُ الأخيرُ زمانُهُ ...... لآتٍ بما لمْ تستطعْهُ الأوائلُ ....؟! أظنُّ ذلك ....!!!!!! لا يا سادتي الأماجِد: هذا كسبُ أيديكم، وهذه سِهامُكم ترتدُّ إلى نحورِكم، فلا تطلبوا عُوناً مِن الفنّانين التشيكليين أو غيرهم وقد أذقتموهم والبِلاد الويلات والمرارت وأضعتموهم سنينَ عددا ..... فَبُوؤوا بحرثِكم وغرسِكم .....!!!!! أما الفنّانون التشيكليون، بَلْ والسودانيون أجمعين، فيسضربوا أخماساً في أسداس لينظروا ماذا هُمْ فاعلونُ بكم وببلادِهم التي ما عادتْ بلادَهم منذُ صباحِ إنقاذِكم الْ ...... وكُلُّو أوَّلْ ...... ليهو آخِرْ