حسناً.. فإن الموضوع لا يحتمل المزاح والحكاوي.. وإنه لأمر جد.. وإن الله لسائلهم.. فماذا هم قائلون.. وسائلنا.. فها ربي.. قد أوصلتهم نصحى بمنعطف اللوى .. وعوداً على بدء قد كررناه كثيراً.. ما هو التدريب الذي يجب أن يناله المهندسون في سنواتهم الأولى واللاحقة؟.. وما هي الجهة التي يجب أن تقوم بتلك المهمة؟. و عن الجهة فليست الحكومة هي المنوط بها هذا الدور على كل حال ولا الكيانات الهندسية بوضعها الراهن لديها من الطموح والتحدي والاقدام وبقية من عمر لتقوم بهكذا عمل. و كانت الانباء قد تواترت في مجالس المهندسين عن اجتماع السيد وزير تنمية الموارد البشرية بالمجلس الهندسي والتوجيه باعداد دراسات عن مركز قومي لتدريب المهندسين تحت مظلة المجلس الهندسي. سيدي الوزير.. ألا أدلك على خير من ذلك؟! حسناً.. فاستمع لي مشكوراً. تُمثّل مهنة الهندسة في دولة السودان الفتية بثلاثة مجالس حكومية تصرف ميزانيتها من الخزينة العامة وهي المجلس الهندسي، مجلس تنظيم بيوت الخبرة للخدمات الاستشارية وأخيراً مجلس تنظيم مقاولي الاعمال الهندسية، وشعبياً ( علو وزن رسمى و شعبى ) هنالك أربعة كيانات رئيسية شبه متخاصمة فيما بينها (وفي اختيار الكلمة رأفة شديدة بها) ويظن كل منها أنه الأول فلا شيء قبله والآخر فلا شيء بعده .. وهي الاتحاد العام للمهندسين السودانيين والجمعية الهندسية السودانية واتحاد مهندسي ولاية الخرطوم والجمعية المعمارية، وما بين الرسمي والشعبي دنيا تجعل الحليم حيراناً، فيها اتحاد المقاولين السودانيين واتحاد المكاتب الاستشارية وجمعية المهندسات السودانيات وجمعية هندسة التعدين وجمعية الهندسة الطبية وأخيراً جمعية المقيميين والمثمنيين السودانيين وغيرها. (الدنيا دي كلتها) سيدي الوزير تضع في برامجها ودساتيرها حديثاً عن ترقية المهنة هدفاً وتدريب المهندس وسيلة وانعدام البرامج وضعف الخطط عنواناً وراحة لها من كل شر. معظم السبعة الكبار لديهم أمانات تدريب ومعظم الأمانات تلك ليست لها رؤية واضحة عن ماهية الدور الذي يجب أن تلعبه في هذا الجانب الحيوي.. هل هذا كل شيء؟! اللهم لا!. ما تبقى وهو مهم جداً يتلخص في فقرات ثلاث وهي أصل القضية ولبها. أولاً.... ان هؤلاء السبعة الكبار (المجالس الحكومية الثلاث والشعبية الاربع) تتشكل في غالبها من ذات الشخصيات التي تدير عجلة الشأن الهندسي في البلاد.. فهم أساتذة الجامعات فهناك تجدهم، وهم في المكاتب الاستشارية وشركات المقاولات فذلك رزقهم، وهم في الكيانات الهندسية منذ قديم الزمان وقد أبلو فيها بلاءً حسناً (في الزمن الجميل طبعاً).. وعندما نظرت الدولة حولها عمّن يمكن أن تستعين به ليكون أميناً على شأن مهنة الهندسة في البلاد لم تجد إلا ذات الشخصيات فكانوا هم الحكومة.. ولا أعني ذلك بدقة طبعاً ولكن الأمر على غالبه، فمن لم يأتي ممثلاً لكيان هندسي أتى ممثلاً لآخر أكاديمي وبعضهم تسبقهم شهرتهم فهم خيرة علماء بلادي. هذه الأولى. الثانية.... أن معظم هؤلاء القوم غير متفرغين لخدمة الشأن العام أو ترقية المهنة أو خلافها، فهم يأكلون من عمل يدهم في شركاتهم وجامعاتهم ولجانهم.. ثم تأبى أنفسهم إلا وأن يواصلو العطاء فيما تبقى من زمن حباً في المهنة التي عاشوا من أجلها.. والحال كذلك.. تفحّص سيدي الوزير لجنة التدريب بالمجلس الهندسي (لا أعلم من هم).. رغم علمي ببعضهم.. افحصهم واكتب أمام كل منهم الوظائف التي يتقلدها (خاصة وعامة).. والمناصب التي يشغلها (في الكيانات الهندسية).. واللجان التي يشارك فيها (فهم نشيطون).. ثم توقع من بعد، في كم من الزمان يمكن أن تدرّب عشرة آلاف مهندس على باب الله ويرفدهم التعليم العالي بألفين الى ثلاثة آلاف آخرون كل عام.. إن اجتماع الساعة الثالثة (بعد الدوام) لمناقشة أمر هؤلاء هو ديدن أمانات التدريب بالكيانات الهندسية.. فهم متطوعون.. وفي أحسن الاحوال غير متفرغين.. وهذه الثانية. أما الثالثة.... وليسامحني فيها ربي.. وبكل الأدب والاحترام لهؤلاء الأساتذة الأكارم والعلماء الاجلاء.. فهي أن متوسط السن لأي شريحة من تلك الشرائح التي ذكرتها والكيانات الحكومية والشعبية السابقة هو ستون عاماً، يزيد قليلاً أو ينقص قليلاً.. وهي سن الخبرة والدراية والمشورة والحكمة وسديد الرأي.. ما في ذلك شك.. ولكنها ليست سناً للعمل التنفيذي. فإن أمراً بعظم تدريب المهندسين وترتيب شئونهم يحتاج لدماء حارة مزودة بعلم وخبرة.. قرارات جريئة تحرسها الأعين الساهرة والاجساد دائمة الحركة.. طموح ورؤى تستسهل الصعب وتخوض المخاطر.. ثم من خلفها عند الملمات و فى المجالس الاستشارية يكون هناك أصحاب الخبرة والمشورة والرأي من هؤلاء الاساتذة الكرام. سيدي الوزير كمال عبد اللطيف.. إن البيت يحتاج لترتيب من الداخل قبل أن يستقبل ضيوفه.. و إن تدريب المهندسين في هذه المرحلة لا يحتاج لمركز وليس ذلك من الأولويات.. إن التدريب يحتاج لخظة.. منهج.. واستراتيجية، معاني قبل المباني، ولم أجد من يجيبني على استفساراتي المتكررة في شأن التدريب ولكأني أرى انها أحق بالاجابة أولاً وهي ما هو نوع التدريب الذي يجب أن تقدمه للمهندسين (تفصيلاً).. وما هي الجهة التي ستقوم بذلك التدريب؟! و هى اسئلة لا تجيب عليها جلسات ما بعد الثالثة. سيدي الوزير.. (الكلام كتييير).. لكنها اشارات .. و ان اللبيب بالاشارة يفهم .. وثالوث النجاح هو هيكلة الكيانات .. والتفرغ.. وسد مروي؟!.