في الوقت الذي كنت اهم فيه بكتابة موضوع عن اللون الاسود ونفور الاجيال الجديدة من الفتيات السودانيات منه على الرغم من رسوخه في التراث السوداني وخاصة مجتمع النساء وتميزه كلون جمالي، اطلت علينا السيدة وصال المهدي زوجة الشيخ حسن الترابي بتجديد تاكيدها على ضرورة تغير اسم السودان وقالت زوجة الشيخ لصحيفة الراي العام (نحن عندنا ثقافة عربية إسلامية زنجية وبيننا قبائل أشد عُروبةً من تلك الموجودة في الجزيرة العربية ولا نريد أن يصبح اللون الأسود هوية لنا) . وتوضح دعوة السيدة وصال مدى نفورها من هذا اللون وانها (تستعر) من هذا السواد شانها شان الكثير من فتياتنا في هذا الزمن اللاتي اصبحن يبذلن الغالي والرخيص لتحويل الوان اجسامهن مستخدمات شتى انواع المركبات الكيمائية غير آبهات بمدى خطورة تاثيرها عليهن المهم ان تصبح الواحدة ذات لون ابيض فاتح، وبصراحة كنت اجهل انواع ومسميات تلك المركبات الكيماوية ولا احفظ الا بودرة ديانا التي اشتهرت ردحا من الزمن حتى امدتني احد الاخوات باخر هذه المنتجات والذي تمت سودنة اسمه بعد ان اطلق عليه "الجيران انهجموا" يعني اصابتهم الدهشة، ولكن الذي لا تعلمه الاستاذة وصال المهدي وهولاء اللاتي يعبثن بالوانهن الطبيعية الرائعة، ان اللون الاسود في التراث السوداني لون جمالي فمعظم غناء اهل السودان لم يكن للفتاة البيضاء او ذات اللون الفاتح وانما كان للخضراء ومعروف ان السودانيين يطلقون صفة اللون الاخضر بالنسبة للاشخاص وهم يعنون الاسود وظهر حديثا مصطلح الاسمر والذي يعني بالسوداني ايضا الاسود، كما ان معظم ادوات المكياج تحتفي باللون الاسود ابتداء من توب الزراق في الزمن الماضي الى وضع الحناء التي على الرغم من سواد رجل المراة الى ان الحناء لا تكون مكتملة ما لم تكن حالكة السواد، كما اشتهر وسط السودانيات دق الشلوفة حتى تصبح سوداء هي الاخرى، وياتي بعد ذلك الدخان ليجعل جسم المراة اكثر سوادا، والادهى من كل ذلك ان في كل الدنيا ارتبط الاسود بالحزن والحداد الا في السودان حيث تلبس المراة اللون الابيض للتعبير عن السواد، فهذا الامر يجعل الحفاوة التي يجدها اللون الاسود عند السودانيين لا يماثلها اي حب وتقدير لاحد الالوان في اي امكان في العالم، ايضا قرأت مرة مقال لاحد الاخوة نقل عن مذكرات احد زوجات المسؤولين البريطانيين الذين كانوا يعملوا في السودان ايام الاستعمار كتبت تلك السيدة الانجليزية عن نساء السودان في تلك الفترة انهن على قدر اعجابهن بالمراة الانجليزية وعيونها الزرق وشعرها الطويل الا ان العيب الوحيد الذي كن ياخذنه عليهن هو لون الانجليزيات الابيض، فهذا يؤكد ان السودانية تعتبر ان اللون الاسود مفخرة لها وانها معجبة به اشد الاعجاب، وبكل اسف ظهرت اجيال تزدري هذا اللون وتحاول تغيريه حتى لو ادى ذلك الى اذيتهن، فاذا وجدن العذر الى الشابات اللائي يستعملن تلك المواد لتغير الوانهن وذلك بسبب الغزو الفضائي وانقطاعهن عن التراث فكيف تتدعي وتتنكر زوجة الترابي لهذا اللون، وحتى ان سلمنا بانه قبيحا ودميما فهو من الله ولا سبيل لتغيره لان ذلك يعد تغير لخلق الله، واقول ان راي وحديث زوجة الترابي هو نابع من فكر الترابي وربما يكون هو نفس رائه ولكن لظروف السياسة والميكافيلية لا يظهره، وعندي نفس الامر ينطبق على حديث خال البشير الطيب مصطفى عن الجنوبيين والانفصال فحديث هذا الرجل لا يخرج كثيرا عن عقيدة البشير والموتمر الوطني لبتر جسم جنوب السودان من السودان لانه يشكل عقبة امام دولتهم الاسلاموية، وافيد السيدة الفاضلة وصال المهدي ان اخوتنا العرب التي تريد ان ننتمي لهم فهم يقبلوننا في الحديث وفي العمل وفي كل شيء ولكن عندما يتعلق الامر بالزواج او النسب فهم لا يقبلوننا لانهم يعتبروننا بكل صراحة عبيد، وهذه نظرة العرب لنا في كل الدول العربية دون استثناء، واعتقد وارجو ان لا يكون اعتقادي مجروح بسبب لون بشرتي السوداء، اعتقد ان ظروف دينية عند بعض القساوسة من ازمنة سحيقة واسباب سياسية واجتماعية هي التي ادت الى تجريم سواد البشرة عمقها الاستعمار الاوروبي لقارة افريقيا بعد ان استعبد اهلها. لكن بمرور الزمن وتبدل الهيمنة ربما تغير الامر واصبح اللون الاسود هو المفضل واصبح اصحاب البشرة البيضاء وغيرها هم من يسعون الى اللون الاسود، ولكن هذا ربما يحتاج لسنين طويلة اذا امد الله في بقاء الكون. ولنا عودة عن جمال اللون الاسود محمد عثمان [[email protected]]