بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين قد تكون المناطق الثلاث معروفة للذين يتعاطون السياسة بمعناها العام اما الذين لا يعرفونها فانها (جنوب السودان،جبال النوبة،النيل الازرق) ومما لاشك فية ان الحرب التى دارت رحاها فى السودان خلال الحقبتين الماضيتين قد القت بظلالها على الثقافة السودانية عموما وثقافة المناطق الثلاث بصفة خاصة وبروز بعض الاصوات الثقافية التى تنادى بضرورة الاستفادة من الجو الصحى للسلام فى اعادة ترميم المجتمع ثقافيا وثقافة المناطق الثلاث على وجة الخصوص باعتبارها اكثر بقعة جغرافية تاثرت بالحرب و ظلالها السالبة وضرورة ان تكون التنمية الثقافية موازية للتنمية الاقتصادية وان يكون الشأن الثقافى جزء من الاهتمام العام للجهاز التنفيذى. مما لاشك فية ان ثقافة المناطق الثلاث جزء لا يتجزء من الثقافة السودانية فمن الطبيعى ان تتاثر الثقافة السودانية بغياب تلك الثقافة من الساحة السودانية الثقافية بسبب تلك الحرب وان البعد الثقافى لتلك المناطق كان خصمأ على الثقافة السودانية وخاصة اذا علمنا بان 70% من الثقافة السودانية واردة من تلك المناطق او بالاحرى كان لها الاثر الطيب فى اثراء الساحة السياسية و الاجتماعية و الثقافية السودانية وان المنتوج الثقافى لتلك المناطق قادر على جعل السودان مركزأ ثقافيا على مستوى افريقيا و العالم العربى بعد ان اصبحت الثقافة مدخلا لصناعة السياحة. وحتى يتثنى لنا معرفة الاثار السالبة للحرب على ثقافة المناطق الثلاث لابد من دراسة مجموعة من العوامل و التى احسب ان لها الاثرفى الاندثار و التدهور الثقافى لتلك المناطق. اولأ:عامل الحرب: يعتبر من اكثر العوامل تاثيرا على الثقافة السودانية ككل وثقافة المناطق الثلاث على وجة الخصوص وقد وجد اغلب القاطنين لتلك المناطق بعد ان وضعت الحرب اوزارها وعودتهم لمناطقهم وجدوا بعض الاثار قد دمرت كليا وفقدانهم لمخزونهم الثقافى وبعض المناطق السياحية و الاثرية قد تعرضت للازالة و المحو الكلى وهذا فاتورة الحرب التى دفعها السودان وتلك المناطق على وجة التحديد. علما ان الارتباط الثقافى لتلك المناطق لصيق ببيئتهم الرعوية و الزراعية و المجتمعية والتى تتسم ببعض العادات والتقاليد والتى تتميز بالخصوصية و التفرد بمعنى هناك ممارسات ثقافية مرتبطة بطبيعة تلك المناطق. وعندما اشتدت الحرب فى تلك المنطقة الجغرافية ونزوح اهالى تلك المناطق شمالا حدث تدمير متعمد و غير متعمد لتلك الاثار المتنقلة منها والثابتة مما ادى الى اندثار ارث ثقافى كامل واغلب الموجودات قديمة منذ الاذل ارتبط بعضها بحقب الاستعمار وبعض الاخر من مقتنيات العصر الحالى كل هذة الاشياء تمثل حضارة تلك المناطق. بالرغم من المحاولات التى قام بها هؤلاء النازحين شمالا للمحافظة على الانتاج الثقافى لهم من عادات وتقاليد عن طريق ممارستها الا ان ممارستها فى الشمال تختلف عنها فى القرية او الوطن الام والذى يتسم بالابداع وان النقل الثقافى من مكان لاخر قد يتاثر بالحركة عن طريق الحذف او الاضافة مما يودى الى بترثقافى كلى او جزئى ونجد ان الايقاع السريع للحياة فى الشمال قلل من التناول الثقافى مما جعل الثقافة المنقولة عرضة للضياع و الانهيار لفقدان الجانب النفسى فى الممارسة. ويعتقد بعض المهتمين بالشان الثقافى ان الاهتمام الثقافى فى الريف او القرية يكون اكثر من المدن لان الريف يتمتع بالدافعية والمعينات المعنوية للثقافة النابعة من الطبيعة وتوفر الجانب المعنوى للذين يتعاطون الثقافة كجزء مهم من حياتهم المجتمعية. و نجدان الذين يمارسون نشاط ثقافى معين يجيدونة اكثر من غيرهم اذا كانوا فى بيئتهم الاصلية لان المدلول الثقافى فى هذة الحالة يكون اكبر واعظم بخلاف الذين يمارسون النشاط الثقافى فى بيئة غير الاصل وليس ببعيد عن الاذهان رقصة الكمبلا والتى تعتبر من بنات افكار جبال النوبة الثقافية تلك الرقصة التى اضحت قومية واحدى ركائز ثقافة السلام. ثانيا:العامل الدينى: ان المفهوم الصحيح للدين هو التفقة فية بصورة شاملة لجميع النواحى و المعانى حتى يكون الانسان اكثر ادراكا وفهما فى التعامل مع كثيرمن العادات و التقاليد وياتى تاثير هذا العامل لاعتقاد كثير من المتدينين بان هناك بعض الممارسات الثقافية لا علاقة لة بالدين وعزوفهم عن التعاطى الثقافى مع هذة العادات و التقاليد باعتبارها ضرب من ضروب اللهو لا علاقة لها بالدين وينبغى لانسان تلك المناطق تركها واغلب هؤلاء قليين التفقة فى الدين وبدوا الترويج لها باعتبارها ثقافى غير اسلامية. وقد اتفق معهم فيما ذهبوا الية من راى باعتبار ان هناك بعض الممارسات الثقافية لاتمت للدين بصلة وان الدين برىء منها براء الذئب من دم يوسف ولكن ليس كل الثقافات لا تتفق مع المعايير الاسلامية بل هناك ببعض الممارسات الثقافية لا تسىء الى الاسلام وترتب على تلك الفتاوى ترك كثير من اهالى المناطق الثلاث لبعض عاداتهم وتقاليدهم والتى تعتبر من صميم الثقافة ونتج من هذا الترك ايضا نوع من الذوبان الثقافى. ثالثا:اللغة العربية: لاشك ان اللغة العربية هى لغة القران وان التداول بين سكان المناطق الثلاث للغة العربية امر طبيعى بحكم ديانتهم الاسلامية وقد ادى النزوح شمالا بفعل الحرب ان تتاثراللغة المحلية باللغة العربية بحكم التعاطى اليومى للغة العربية باعتبارها لغة التعامل الرسمى والشعبى فى الشمال وينبع تاثير اللغة المحلية باللغة العربية من خلال ترك سكان المناطق الثلاث للغتهم المحلية و التوجة نحواللغة العربية اكثر من اللغة الام والتى كانت قادرة على التواصل الثقافى اكثر من غيرها باعتبار ان هناك بعض الكلمات فى اللغات المحلية من الصعب ترجمتها الى العربية الا عن طريق ممارستها فى شكل نشاط ثقافى لانها اسهل وسيلة تعبير و اتصال يمكن ان تمتدللعالم الخارجى وتعرفهم بهذة الثقافة. ان الاهتمام باللغة العربية على حساب اللغة المحلية من قبل سكان المناطق الثلاث ذات مدلول ثقافى بعيد المدى يترتب علية اندثار اللغة المحلية واضمحلالها وتصاب بالاحلال عن طريق الذوبان الثقافى خاصة اذا علمنا ان اللغة المحلية ذات مخزون ثقافى استراتيجى يصعب على اى شخص ان يتجاوزة . رابعا:العامل السياسى: ان العامل السياسى لايقل اهمية ان العوامل الاخرى باعتبار ان السياسة هى المحرك الاساسى لالة الحرب وان السياسة لعبت دورا فى ارثاء ثقافة الحرب بقدر ما كان لها الدور نفسة فى التقليل من ثقافة السلام ابان فترة الحرب والسياسة الخاطئة كانت معول هدم ثقافى اكثر من اداة تطوير لثقافة المجتمع لذلك نجد ان الاهتمام بثقافة الامن والطمانينة وهى الاعمدة التى تقوم عليها التنمية الثقافية قد قلت خلال الفترة السابقة بينما نال الكسب السياسى قصب السبق دون النظر لمردود هذا الكسب واثرة على بيئة المناطق الثلاث ثقافيا واصبح الاهتمام السياسى جل شان انسان تلك المنطقة. خطوات البناء الثقافى: 1-ترسيخ مفهوم ثقافة السلام و الطمانينة فى المناطق الثلاثة بدلا من ثقافة الحرب والتى اضرت بالثقافة السودانية ككل واذا كانت التنمية تحتاج الى امن واستقرارفان الانتاج الثقافى بمكوناتة لا ينمو الا فى ظل الشعور بالامن والاستقرار ومتى ماتوفرت هذة العوامل فان السودان موعود بثورة ثقافية شاملة يكون احد اضلاعها ثقافة المناطق الثلاث. 2-على الاعلام ان يستثمر الجو الثقافى الصحى للسلام فى البحث وتسليط الضو على ثقافة تلك المناطق وابرازها اعلاميا عن طريق الزيارة الميدانية خاصة ان تلك المناطق تحتوى على ذخيرة ثقافية هائلة لم ترى النور بعد بفعل البعد الاعلامى ويقع هذا العبء على وزارة الشئون الاجتماعية و الثقافية الاتحادية و الولائية. 3-لابد ان تحظى اللغة المحلية بمزيد من الاهتمام اسوة بغيرها من اللغات الاخرى باعتبار ان اللغة هى ثقافة و وسيلة المرء فى التواصل مع العالم الاخر وحتمية المحافظة على اللغتين العربية و المحلية كما تفعل بعض القبائل فى شمال السودان كالمحس و الدناقلة والحلفاوين ونجد ان هؤلاء نادرا مايستخدمون اللغة العربية فى حياتهم الخاصة و اليومية لذلك نجد ان عنصر المحافظة على لغتهم المحلية كان حاضرا فى كل الاوقات. 4-اعادة ترميم مادمرتة الحرب خلال الفترة السابقة من اثار تاريخية ودور قديمة ذات علاقة بحضارة تلك المناطق. 5-ضرورة تسويق المخزون و الانتاج الثقافى لتلك المناطق اعلاميا خاصة هناك بعض المناطق فى جنوب السودان و جبال النوبة تمتاز بالجمال و السحر قادرة على الجذب السياحى بمعنى ان يكون الاهتمام بالشأن الثقافى و السياحى مدخلا لصناعة السياحة فى السودان. 5-يجب ادراك واستيعاب التنوع الثقافى فى تلك المناطق والتامين لها كما ورد فى اعلان المبادىء بنيروبى (مايو 2004) وحماية التراث الثقافى المتنوع واللغات المحلية(نصوص بروتكولات نيفاشا الخاصة بجبال النوبة والنيل الازرق abdalla kafi [[email protected]]