حكايه سودانيه..كيف تكون الشروق شمسنا يوسف عماره أبوسن [[email protected]] تداوم قناة الشروق الفضائيه علي بث فقره دراميه أقل من فيلم وأكبر من سكتش كل يوم خميس بإسم حكايات سودانيه من إخراج عروة محمد وهو -مع إحترامي- لم يسمع به الكثيرين حتي أننا سمعنا وشاهدنا أعمال مساعده أبوبكرالشيخ علي المسرح والشاشه مخرجا وممثلا لكن بغض النظر عن أنه لا وجود يذكر له بخارطة الدراما السودانيه فإن العمل المسمي حكايات سودانيه لا أعتقد بأنه سيضع له رجل بجانب عبادي محجوب وسيف الدين حسن ومحمدنعيم سعد الذين كانو الأولي بتولي أمر (حكايات سودانيه) لأنها تناقش مواضيع حساسه وعميقه بقدر عمق أشياء أهل السودان وتحتاج لمعرفة من يعالجها، لكن العمل مع هدفه النبيل وإسمه الكبير لايرقي لأن يكون عملا ناجحا بكل المقاييس فالسيناريوهات متشابهه لدرجه كبيره أو متطابقه أحيانا وكلها تناقش أنماط الحياه أما بصوره موغله في الخيال أو بصوره تبسيطيه أما مناقشتها لموضوع الوحده الوطنيه والتعايش السلمي فهو يتم في قوالب نمطيه كالزواج والمساكنه ورفقة السلاح وآثار الحرب، وضعف بناء السيناريو والحوار سبب خلخلة في الحبكه الدراميه بحيث إذا إنتهي العمل الذي يميل دايما للميلودراما لاتعرف بماذا إنتهي أو ماهي المعالجه الحاسمه للقضيه المطروحه ،كذلك من العيوب الفنيه لحكايات سودانيه التطويل والمط للمشاهد وبتر بعضها وإشغال المشاهد بصور ثابته أوبطيئه جدا تصاحبها موسيقي تصويريه حزينه وكلها صوت ناي أو أنين متداخل بصوت أمال النور في كل المواضيع وفي معظم المواقف التي قد لا تحتاج لمؤثر صوتي ليتضح أنها مواقف حزينه فهذا يترك لقدرة الممثل علي تجسيد الحزن سواء بنفسه أو بمساعدة خبراء المكياج وكذلك نجد سيطرة المشاهد الليليه مع إضافة مؤثرات تقليديه كالدخان أو المشاهد قليلة الإضاءه وذلك للتغطيه علي ضعف الديكور الذي هو الحلقه الأضعف في العمل بعد السيناريو وأحيانا يكثرون من الظلال علي الشخصيات إذا كانت محتاجه لمكياج أو إكسسوار ومن المعروف أن الأضواء تسلط علي وجه الشخصيه مع قليل من بودرة التبييض مع كريم الأساس علي الوجنتين والجبين لتعطي إنطباعا بالبهجه أما الظلال فتعطي إنطباعا بالمزاج السيئ أو التأثر أوتردي الحاله النفسيه.. كل هذه عيوب فنيه يمكن تداركها لكن الشي الأخطر من هذا كله التحامل علي الشماليين وإظهار الشمالي العادي بأنه عنصري وجاهل وسادي وإستعلائي بالفطره ولا يعرف أصول الجيره وليس حريصا علي التعايش مع الآخر وإظهار الجنوبي دائما بأنه مظلوم ومكافح ومتسامح والحرب أثرت عليه وحده فقط وهذا مايظهر جليا مدي التهافت الإعلامي نحو الوحده بمواد إعلاميه يدرك كل المشاهدين أنها دعايات لإستجداء الوحده الوطنيه وهي تكثر كلما إقترب موعد تقرير مصير الجنوب.. عرفنا أن المشرف العام علي العمل هو إياد الداوود وهو مدير قناة الشروق وهو فلسطيني لا يعرف السودانيين أكتر من أنفسهم لكن بقية الفريق هل يعتقدون أن السودان هو ما تنشر أخباره الجميله المبشره بمستقبل زاهر فقط؟ وربما يعتقدون أن القري البائسه التي يصورون فيها هي (locations) مواقع تصوير بنيت بواسطة خبراء الديكور ليتم فيها تصوير "حكايات سودانيه" فقط وأن أهلها كومبارس يعمل بلا أجر محبة في "شمس السودان" هناك سودان آخر وحكايات سودانيه أخري غير مايعرفها صبيان الكاميرات سودان حكاياته تؤرق وتوجع وتفرح وتبهج في آن واحد سودان أهله يحثون الصبر علي الصبر معهم قليلا ريثما تصفو السماء حكايات أهله كلها تدور حول الكدح والجد في كسب لقمة العيش والسعي للإستغناء عن الآخر حتي لو كان هذا الآخر هي الحكومه،بعض أهله يفكرون بمنطق (مد رجليك قدر لحافك) وبعضهم يمدون لحافهم أطول من رجليهم.. لا داعي للتنكيد والنكد لكن أعتقد أن المشاهد العادي يري أن (حكايات سودانيه) يصلح أن يكون حشو برامجي أو ملهاة مسليه في حال وجود نجوم الشباك أمثال جمال عبدالرحمن وعبدالعظيم أحمد ومحمد الفادني لكن أن يعتقد بأنه يؤدي هدف سياسي أو إجتماعي فهذه لا يقدر عليها.. هناك بدائل يمكن أن تلجأ إليها قناة الشروق بعد فشل الكادر السوداني لأنه لا توجد دراما سودانيه إلا تخاريف الفرق الكوميديه التي فضحتنا في موقع اليوتيوب فقد علق أحد العرب علي مقطع كوميدي سوداني ب (صحيح أن الفن ولد بلبنان وترعرع في مصر وإنتحر بالسودان)، من بين بدائل قناة الشروق التعاقد مع مخرجين كبار مثل نجدت أنزور أو حاتم علي أو أيمن شيخاني فهؤلاء من الشام لكنهم هم من أسس مايسمي بالدراما الخليجيه والكويتيه علي وجه الخصوص ولتكون الشروق في خارطة المشاهد العربي لا بد أن تدخل عبر ما يطلبه الجمهور بإنتاج ضخم ذو ميزانيه مفتوحه وإشراك كوادر عربيه ليست من الدرجه الثالثه كما في مسلسل عثمان دقنه الذي أنتجناه وخجلنا منه لضعفه في كل النواحي إلا الإنتاج، وكذلك فتح الباب للإعلان التجاري لتغطيه نسبه من الإنفاق.. أما البديل الآخر للشروق فهو إستجلاب مسلسلات بوليسيه من جنوب أفريقيا أو أي أعمال مناسبه ومحترمه من القاره السمراء ودبلجتها باللهجه السودانيه ليصل "الزول" مع "الزلمه" سويا للمشاهد العربي حتي ولو عبر الصوت لأن السيده لورا أبو أسعد لم تترك جهه لم تدبلج لها من أسبانيا وتركيا والمكسيك وأمريكا والخليجيين دبلجو الأعمال الهنديه والإيرانيه.. هناك من يعارض هذه الخيارات بسبب أن الشروق قناة سياسيه تتبع لحزب محافظ لكن القناة تحتاج لجمهور والجمهور من بين مئات الخيارات لن يشاهد قناة كل برامجها متشابهه بنفس المذيعين طوال الوقت فالقنوات الحزبيه تقدم مادتها السياسيه مغلفه بشي يغري المشاهد، مثلا في لبنان هناك قناة لكل واحد من ملوك الطوائف لكنها قنوات خاصه جدا وحره جدا مثل الOTV والمستقبل والMTV لبنان والمنار وقنوات هدفها الربح والأجندات معا وهذا هو الإعلام.. أخيرا قناة الشروق هي قناة السودان فلن ننتظر من التلفزيون الرسمي تغيير وجه التسعينات الذي هو عليه فهو الراعي الإعلامي للجمود الفكري والثقافي بوطننا مثله مثل كل التلفزيونات الرسميه بالوطن العربي.. يوسف عماره أبوسن 00971505134424