أتحدث إليكم اليوم بصفتي طالب من جامعة جوبا الذين سيتضررون من انفصال جنوب السودان و الذي بدوره أدى إلي ترحيل الجامعات الجنوبية إلي مقرها بجنوب السودان. أولاً: أتاحت هذه الجامعات فرص للذين يريدون الذهاب إلي الجنوب و مواصلة دراستهم هناك و لكن من المنطق ليس هنالك جامعة تقوم من غير أصطاف تدريسي فالجامعات اليوم و بالأخص جامعة جوبا لا تمتلك أصطاف تدريسي كامل و بالأخص الكليات العلمية نسبة لان كل الأساتذة الشماليين اليوم يرفضون تماماً الذهاب للجنوب لعدم توفير كل المقومات من سكن و إعاشة و صحة بالإضافة إلي الظروف الأمنية، وهذا حسب تقديري هو سبب كافي لرفض الطلاب الذهاب إلي الجنوب ،بالإضافة إلي ما ستؤول إليه الأوضاع بعد أن تم إعلان الانفصال رسمياً ، و كذلك مسألة تأمين السكن و المعيشة بعد أن يرفع الصندوق القومي لرعاية الطلاب يده من هذه المسألة، و من الواضح جداً حسب المعلومات التي وردت من زملائنا الذين يستقرون الآن في جنوب السودان أن الدولة الوليدة الآن ترتب فقط لطلابها الجنوبيين الذين يمثلون الأغلبية في الجامعات الثلاثة (جوبا- بحر الغزال – أعالي النيل )و الذين يعتبر أغلبهم لا يمتلكون سكن في الجنوب بعد ذهابهم ، و لذلك سوف تسقط كل مخصصات الطلاب الشماليين من سكن و إعاشة باعتبارهم طلاب أجانب و الكل يعلم جيداً أن المعيشة و السكن الآن من أغلى الأشياء في جنوب السودان خاصة في مدينة جوبا، فالفرد الواحد لكي يعيش معيشة عادية (معيشة مساكين) يحتاج الآن إلي حوالي 4500 جنيه في الشهر (أربعة مليون و نص) و هذا حسب تقديري 99% من الطلاب الشماليين في الجامعات الجنوبية لا يستطيعون ذلك. ثانياً: مسألة استيعاب الطلاب في جامعة جديدة ؟؟؟ في تقديري الشخصي أنه مقترح جيد جداً إذ يضمن لكل الطلاب إكمال العام الدراسي أو ما تبقي لهم من دراسة في كل إستقرار يكون هذا الحل عمليا أو مرضيا لجميع الطلاب إذا كان هنالك بروتوكول تعاون بين الجامعة الجديدة و الجامعات الأم لكي ينال الطلاب شهاداتهم من الجامعات ألام، كما أضمن تماماً أنه مطلب جميع الطلاب و بالأخص جامعة جوبا. لماذا أنا أرفض شهادة جديدة؟ الكل يعلم جيدا أنه عندما تجد إعلان لوظائف في أي قطاع يكون هنالك شرط أساسي هو أن يكون مقدم الطلب حاصل على شهادة من جامعة معترف بها. دعوني أتحدث قليلا عن جامعة جوبا بصفة خاصة، كل السودان يعلم جيدا أن جامعة جوبا تدرس طلابها باللغة الإنجليزية، و قد تكون هذه صفة مشتركة مع بعض الكليات في الجامعات الأخرى و ليست ذات أهمية و لكن جامعة جوبا تمتلك تاريخ خاص ومشهود به عالمياً وهذا التاريخ صنع هنا في الشمال لان جامعة جوبا عندما انتقلت إلي شمال السودان كان بها ما لا يزيد عن 600 طالب ، فما بال اليوم طالب تبقى له عام دراسي أو عاميين لكي يتخرج من جامعة جوبا ، و لسؤ حظه استخرجت شهادته من جامعة ...............لا أريد أذكر اسمها لأنه لم يتفق عليه إلي الآن ، سوف تكون تلك السنوات قد ضاعت سدىً، فقضية الاعتراف بالجامعة محلياً و عالمياً لا يتم بين ليله و ضحاها خاصة عالميا (هذا حسب فهمي البسيط) . تعال نمسك شخصي الضعيف درس أربعة سنة في جامعة جوبا و الآن يمتلك شهادات تدريب من عدة مؤسسات و شركات و مصانع محلية و عالمية و هذه الشهادات باسم جامعة جوبا، هل من المنطق في آخر المطاف أحمل شهادة من جامعة.............. و الكل يعلم أن الشهادات التدريبية هي تساعد في عملية التوظيف خاصة للخريجين. لا أريد أن اقلل من شان الجامعات الأخرى و لكن الآن خريج جامعة جوبا هو أكفا من خريجي معظم الجامعات السودانية الأخرى (واسألوا أهل العلم إن كنتم لا تعلمون) ،إضافة إلى ذلك طالب كلية العلوم التطبيقية و الصناعية قسم صناعة المواد يدرس 104 كورس في خلال خمسة سنوات بينما طالب جامعة الخرطوم كلية العلوم بجميع أقسامها لا تتجاوز كوراساته ال70 كورس كل هذا يعود إلي مسمى الجامعة التي أنتمي إليها و تعلمون أن التعامل الآن أصبح بالشهادات و ليس هنالك أحد يعلم أن هذا الطالب أو الخريج الذي يحمل شهادة............... قد درس في جامعة جوبا و لكن نسبة لظروف الطلاق بالثلاثة أكمل دراسته بجامعة.................. ،حتى ولو كان ذلك على مستوى السودان معلوماً فإنه لن يكون معلوم عالميا.لماذا؟ لأننا هنا في السودان كل يوم نسمع بجامعة جديدة لم نسمع بها من قبل فما بال العالم الآخر الذي لم يسمع حتى بجامعة الزعيم الأزهري مثلا . و كذلك هذه السمعة تعود إلي الأساتذة الذين يدرسون في هذه الجامعات و يعلمون جيدا أن طلابهم أكفأ من طلاب كثير من الجامعات الأخرى و لكنهم ينسون أو يتناسون، و زي ما بقول المثل (سمعه ولا طولة عمر). أخيراً: ما هو الحل إذنً؟ في تقديري أنه بسيط جداً، مقارنة بالقضايا العالقة لما بعد الاستفتاء فنحن لسنا بترول ولا حدود ولا آبيي. إنما نحن طلاب. و هذه بعض المقترحات: 1- أن يكون هنالك جامعة توفيقية لاستيعاب جميع الطلاب مع الاتفاق بين الحكومتين في الشمال و الجنوب على بروتوكول تعاون بين الجامعة الجديدة و الجامعات الأم على أن ينال الطلاب شهاداتهم من الجامعات الأم، و لكي ينجح هذا المقترح هنالك عدة كروت ضغط يجب إستعمالها. 2- أن يواصل الطلاب وفق سياسة التجفيف المتبعة في السنين الماضية و هذا ما نصت عليه اتفاقية نيفاشا. أخيرا أختم حديثي و أقول أنحنا في مسؤوليتك يا السيد الرئيس و إلا سوف يضيع مستقبل عشرات الطلاب المؤهلين الآن لتشغيل مصنع اسمنت كامل أو مصنع سيراميك أو مصنع زجاج ، هذا فضلا عن عشرات الطلاب في المجالات الأخرى ، و السودان الآن يحتاج إلي كثير من هذه المجالات التي لم تكن موجودة أصلا إلا في جامعة جوبا. ثقتي في الله و فيكم ثانيا يا القائمين بأمر الدولة السودانية و السودانيين. و جزاكم الله خيرا...