لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاقات السودانية الأمريكية والحرب ضد الإرهاب ... بقلم: عاصم عطا صالح
نشر في سودانيل يوم 13 - 03 - 2011

الحديث عن الإرهاب أشكاله ومسبباته ونتائجه بل وتعريفه تناولته العديد من الأقلام والدراسات وورش العمل، بل أصبحت له أقسام في مراكز الدراسات لاستراتيجية وأجهزة الأمن في كل الدول المعنية به أو المكتوية بناره ومنها السودان، خاصة بعد أن حصرت الاستراتيجية الامريكية بالنسبة للسودان في الحاضر والمستقبل اهتمامها بالارهاب وأهمية التنسيق والتعامل في هذا المجال. ورغم أن أمريكا حددت إستراتيجيتها نحو السودان والتي أعلنت عنها وزيرة الخارجية الامريكية بعد أن استكملت الجهات المعنية دراساتها حصرتها في الثلاث نقاط المعروفة والمعلنة وهى التعاون لتنفيذ اتفاقية السلام الشامل ثم حل قضية دارفور والتعاون لمكافحة الارهاب، وبما أن نيفاشا ودارفور في طريقها للوصول الى نهايات حاسمة إلا أن القضية الاساسية في الاستراتيجية الامريكية نحو السودان تظل هى قضية الارهاب لأنها القضية المستمرة والمتوقع لها أن تستمر لفترة غير محدودة. ولقد تقدم أحد الصحفيين بعد انتهاء مؤتمر استكهولم والذي كان من أهم المؤتمرات التي ناقشت قضية الارهاب، تقدم بسؤال للخبير الامريكي في شؤون الإرهاب وهو أحد الذين قاموا باعداد الدليل الامريكي للتعامل مع الارهاب سأله الصحفي كم ستدوم هذه الحرب ضد الارهاب فأجاب الخبير بأنها يمكن ان تستمر ثلاثين عاماً اذا احسنا التعامل معها ومائة عام إذا أسئنا التصرف.
وعلى هذا القياس فإن هذه القضية ستظل من أهم القضايا بالنسبة للأمن القومي السوداني وعلاقاته مع الغرب وامريكا على وجه الخصوص وهى تتطلب بالضرورة تضافر كل الجهود وأن لا تصبح مسؤولية جهة حكومية واحدة أو حتى حكومة أو نظام واحد ،فهى ستظل تؤثر على النظام الحالي والانظمة المتعاقبة على مدى عقود قادمة ولقد انعقد مؤتمر استكهولم المشار اليه في عام 8002 والذي شهد حضوراً مكثفاً من جانب الخبراء بأجهزة الاستخبارات والعسكريين ورجال الشرطة ودبلوماسيين وباحثين وصحفيين إلى جانب مندوبي المبيعات من الشركات التي تعرض آخر الاختراعات من الاجهزة والمعدات الخاصة بالحماية والتي تزداد الحاجة لها في عالم اصبح محفوفاً بالمخاطر. واختلف المجتمعون حول نقطة البداية وهى تصنيف أو تسمية الصراع بينما كان يطلق عليه الرئيس الامريكي بوش دائماً اسم الحرب على الارهاب فضل البعض تسميته بالتمرد أو العصيان وهى أيضاً ليست صحيحة تماماً فالصراع نفسه يشكل متاهة بالنسبة للجميع فالغرب وخصومه الاسلاميون مثلاً يخوضون سباقاً وتنافساً حول كسب الرأى العام الاسلامي وهو يشمل الرأى العام في اوساط المسلمين في المدن الغربية والاسلامية ويبقى السؤال الهام في اطار هذه المعركة التي تسعى لكسب العقول والقلوب هو كيف يمكن حماية المسلمين الذين يلتزمون بالقانون ويحترمونه مع مواصلة اتخاذ الاجراءات الصارمة بما في ذلك الأسر والقتل لاولئك الذين يلجأون للعنف. والسؤال الاكثر أهمية هل يمكن التأكد فعلاً من إمكانية التمييز بين النوعين من المسلمين وهنالك اختلاف في الحرب بين نظرة الامريكيين للصراع بإعتباره شكلاً من اشكال الحرب والاوروبيون الذين يميلون الى النظر اليه كأحد أصناف مكافحة الجريمة.
بل أن مؤتمر استكهولم كشف ان الاوربيين انفسهم ابعد ما يكونون عن الفهم الموحد بشأن تصورهم لقضية التطرف الاسلامي في اوروبا والكيفية التي يمكنهم عبرها حماية مجتمعاتهم ودولهم ،فهنالك اعتراف على نطاق واسع بأن كسب عقول وقلوب المسلمين امر يعني الكثير بما يفوق النجاحات العسكرية، فالمعركة الاكثر اهمية هى معركة الافكار.
وهنالك من يرى بوجود علاقة بين الديمقراطية والحرب على الارهاب وكلمة حرب اصبحت غير واضحة في هذا المجال لعدم إمكانية تحديد هدف مجموعات وليست دول ذات سيادة لشن الحرب ضدها أو فرض عقوبات عليها وهو عمل ليست له استمرارية ويتم على نطاق اضيق عن ما يحدث في الحروب المعروفة ولكنه ايضاً يختلف عن الجريمة، لأن العمليات التي توصف بالارهابية لها أهداف سياسية أبعد من الاهداف التي تكون حافزاً للنشاط الاجرامي.
والإرهاب ليس جديداً وقد ظهر في أماكن مختلفة وفترات مختلفة في التاريخ وتم أيضاً بواسطة آيديولوجيات متعددة وهو مرتبط بظروف سياسية وهناك اعتقاد لدى البعض في امريكا بأن انعدام الديمقراطية هو احد أهم اسباب انتشار الارهاب حيث تأثر الرئيس بوش بكتاب يوضح هذه الفكرة وهى من إعداد (Natan sharansky) والذي كان أسير حرب في الاتحاد السوفيتي واصبح بعد ذلك وزيراً باسرائيل حيث يرى بأن الديمقراطية تمنع أو توقف انتشار الإرهاب وإن غياب الديمقراطية وما يتولد عنه من قهر هو الذي يلهم ويحرض على الارهاب، حيث يصبح هو الطريق الوحيد للتعبير عندما تمنع الحكومات الوسائل السلمية والقانونية للتعبير. لذلك إن ازالة الدكتاتوريات واستبدالها بنظم ديمقراطية يعيد فتح القنوات السلمية للتعبير. وحسب هذا المفهوم فإن الاعمال الارهابية تهدف الى جذب اهتمام الناس للافكار والبرامج والتي لا تجد فرصة للتعبير عنها ولكن الديمقراطية لا تمثل بالضرورة حلاً مجدياً وشاملاً لمشكلة الارهاب على مستوى العالم ،بل أن الشواهد أوضحت بأن الاعمال الارهابية يسهل القيام بها في ظل الديمقراطية فالعمليات الارهابية انتشرت في دول اوربا الغربية الديمقراطية في الستينيات والسبعينيات مثل جماعة بادرماينهوف في ألمانيا الغربية والالوية الحمراء في ايطاليا والتي مارست العديد من الاغتيالات والاختطافات الى جانب عمليات أخرى كالتفجيرات التي أتهم في بعضها شباب مسلمون ولدوا وتعلموا في اوربا ،كل هذه العمليات قامت بها مجموعات تعيش في دول بها أنظمة ديمقراطية تمكن الجميع من الوصول للسلطة عن طريق الانتخابات الحرة الى جانب ان النظام الديمقراطي والانتخابات الحرة يمكن أيضا ان تمكن منظمات توصف وتصنف بأنها إرهابية من الوصول للسلطة مثل منظمة حماس في فلسطين.
واذا كانت الديمقراطية يمكن ان تقلل من انتشار العمليات الارهابية في نظر البعض فإنها تؤدي لتقييد سلطة الحكومات في مراقبة المنظمات والسيطرة على العمليات الارهابية.
فالنظام الديمقراطي يعطي الجميع مجالاً اوسع للحركة بما فيهم الارهابيون والسيطرة على الارهاب يمكن ان تتم بفعالية اكبر في الدولة البوليسية وربما يفسر ذلك ما حدث في امريكا بعد 11 سبتمبر والصراع بين الرئيس بوش والكونغرس حول التعامل مع المتهمين بالاعمال أو النوايا الإرهابية حيث رفض الرئيس التوقيع على قرار الكونغرس بمنع أجهزة الاستخبارات من استخدام بعض وسائل التعذيب في مذكرة اوضح فيها بأن هنالك ما يستدعي ان تكون لوكالة المخابرات اساليب استجواب سرية وفعالة في مواجهة الارهابيين والمشتبه بهم والذين لديهم معلومات هامة حول عمليات محتملة ضد امريكا، مضيفا بأن هذا البرنامج ساعد على إحباط هجوم معسكر للمارينز في جيبوتي والقنصلية الامريكية في كراتشي وخطط إرهابية لاستخدام الطائرات لضرب برج بمدينة لوس انجلوس ومطار هيثرو بلندن وكان بإمكان القاعدة النجاح في تنفيذ عدة هجمات داخل الاراضي الامريكية.
وإذا كانت امريكا التي تقود الحملة الدولية لمكافحة الارهاب تركز جهودها وتعتبر أن الحظر يأتي بصورة اساسية من جانب التطرف الاسلامي ومنظمة القاعدة على وجه الخصوص فهل نجحت في حربها ضد هذه المنظمات؟
لقد حققت أجهزة الأمن الامريكية والاوروبية نجاحات هامة في مجال تجنيد مخبرين وزراعة عناصرها داخل الجماعات الاسلامية في هذه الدول أى من اوروبا وامريكا مما مكنهم من تفكيك شبكات في عدة مدن منها ميامي ونيويورك ولندن وكوبنهاجن ولكن القيادة المركزية للقاعدة في باكستان وافغانستان ظلت محصنة بعد ان قامت بتشديد اجراءات الأمن وهى اجراءات اصلا متقدمة وفعالة.
ويقول الخبير الامني الفرنسي والمتخصص في مكافحة الارهاب لويس كابر يولي (اننا نواجه منظمة على درجة عالية من الانضباط خاصة وأنهم يعلمون سعينا لتجنيد وزراعة عناصر في صفوفهم).
أما الخبير الامريكي مايكل شوير والذي كان مسؤولاً عن الوحدة المكلفة بمتابعة تحركات بن لادن فيرى بأن أجهزة المخابرات الباكستانية والعربية والتي تتعاون مع امريكا في هذا المجال لها هموم اخرى تأخذ الكثير من وقتها وجهدها مثل متابعة القضايا السياسية الداخلية والمخاطر التي تهدد هذه الانظمة. ويضيف بأنه تعامل في خلال الفترة من عام 2991 وحتى تاريخ تركه للعمل بوكالة المخابرات المركزية في عام 4991م مع أكفأ أجهزة الأمن العربية لكنهم فشلوا في تجنيد مصدر واحد يمكن ان يمدهم بمعلومات قيمة وهامة عن قيادة القاعدة ولقد حاولوا بعد 11 سبتمبر استخدام اسلوب الإغراءات المالية بتخصيص مبلغ 52 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تمكنهم من الوصول الى بن لادن أو أى من الظواهري ولكن ذلك الاسلوب لم ينجح في دفع أى احد للتبليغ عنهم مما يؤكد فشل الأساليب التي كانت متبعة في مرحلة الحرب الباردة ضد هذه التنظيمات، مؤكداً بأن الهدف الذي تحاربه الوكالة الآن اصعب كثيراً من السوفيت فهؤلاء الناس مؤمنون وهم يعيشون استناداً على إيمانهم الذي لا يستبدلونه بأية إغراءات مادية.
ويمكن في ذلك الاشارة للعملية التي قامت بها أجهزة الأمن الاسبانية بالقبض على 41 متهماً بتهمة التحضير لمهاجمة قطارات الانفاق في عدة مدن اوربية ولكن المحققين فشلوا بعد استخدام كل الوسائل في الحصول على اعترافات أو العثور على المتفجرات أو اية ادلة ضد المتهمين حتى اضطر الاسبان لكشف مصدرهم أمام المحكمة وهو مخبر باكستاني زرعته المخابرات الفرنسية في معسكرات تدريب الاسلاميين في باكستان ،الامر الذي اثار غضب الفرنسيين الذين فقدوا مصدرهم بعد ان اضطروا لسحبه من المعسكر.
ورغم ان الحديث عن التطرف الاسلامي وتهديدات القاعدة هو اساس الحملة العالمية ضد الارهاب وتركيز الاعلام على هذا الجانب، إلا أن هنالك منظمات ارهابية تمثل خطراً وتهديدا أمنياً اكبر باعتراف اجهزة الأمن الامريكية.
فاستناداً على تصنيف مكتب التحقيقات الفيدرالي F.B.I فإن منظمة نمور التأميل تعتبر اخطر المنظمات المتطرفة في العالم وان وسائل عملها هى التي ألهمت المنظمات المتطرفة في العالم ومنهم القاعدة، وهذه المنظمة هى التي طورت عملية استخدام التفجيرات الانتحارية بل هى التي اخترعت الاحزمة الناسفة وكانت اول من استخدم النساء في الهجمات الانتحارية.
ولقد عمم مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكي على موقعه الالكتروني طلباً من كل دول العالم للتنسيق من اجل محاربة النشاطات السرية لهذه المنظمة والتي تجمع الاموال لتمويل نشاطاتها بواسطة هيئات تعمل تحت غطاء منظمات انسانية، ولقد استفادت منظمة نمور التاميل واستغلت الحملة العلمية لجمع الاموال لضحايا التسونامي لجمع أموال لاعمالها. ولقد تمكن جهاز F.B.I من القبض على عدد من عناصر هذه المنظمة في العام الماضي وتمت محاكمتهم بتهمة تصدير صواريخ ارض جو واسلحة اخرى ومناظير ليلية كل ذلك يدل على ان الاعمال الارهابية ليست بصناعة إسلامية.
ونحاول هنا الإجابة عن السؤال المهم وهو ماهو موقف امريكا اذا لم تتمكن من ضمان دعم السودان الكامل لها في حربها ضد الإرهاب، باعتباره العامل الاساسي او الثابت في هذه العلاقة، استناداً إلى الاولويات التي أعلنتها وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في نهاية الاجتماعات التي شارك فيها المهتمون بالشأن السوداني، والخاصة بوضع استراتيجية تحدد الاطار العام لتعامل الادارة الاميركية الحالية مع السودان الذي حدد لها ثلاثة محاور اساسية، وهي التنفيذ لاتفاقية نيفاشا، وحل قضية دارفور، والتعاون في الحرب ضد الارهاب.
وفي حوار مع برزنسكي وهو رئيس سابق لمجلس الامن القومي واحد الخبراء الاميركيين في مجالات العمل الامني والاستراتيجي، حذر الادارة الحالية من تكرار خطأ اميركا في اليمن، مما يؤدي الى ان تصل الامور في السودان الى ما وصلت اليه في اليمن، واهمية تدارك الامر قبل فوات الاوان.
ورغم أن هنالك تعاونا تاما ومعلنا بين السودان واميركا في الحرب ضد الارهاب بصورة مباشرة او عن طريق مشاركة السودان في تجمع رؤساء اجهزة الامن الافريقية الذي عقد عدة دورات في عواصم افريقية منها الخرطوم وبحضور خبراء من اجهزة مخابرات الدول الغربية، الا ان اميركا لديها تخوف من وجود عناصر اسلامية داخل بعض الاجهزة الامنية لا تلتزم بسياسة دولها لتحفظها او رفضها لهذا التعاون. فقد سبق لاميركا ان وجهت اتهاما مباشراً لرئيس المخابرات الخارجية الباكستانية السابق عبد الحميد غول، بالعمل ضد السياسة الباكستانية المعلنة في التنسيق التام مع أجهزة المخابرات الاميركية خاصة في فترة حكم الرئيس الباكستاني برويز مشرف، وأن غول كان على صلة مع عناصر في حركة طالبان ومدهم بمعلومات استفاد منها تنظيم القاعدة.
ولقد ظل السودان يؤكد تعاونه في الحرب ضد الارهاب على لسان عدد من المسؤولين، منهم وزير الخارجية علي كرتي في اللقاء الذي نظمه له مركز وودرو ويلسون بواشنطون في زيارته الاخيرة لها، وهو احد اهم مراكز المعلومات الاميركية التي تسهم في صنع القرار. وينظم المركز لقاءات مع الخبراء والمختصين في المجالات السياسية والاستراتيجية والامنية، وكان المركز نادراً ما يستضيف مسؤولا سودانيا خاصة في ظل تدهور العلاقات السودانية الاميركية الذي ساد معظم فترة حكم الانقاذ. ويحسب للوزير علي كرتي أن فترة عمله في الخارجية قد شهدت تطوراً في العلاقات بما بذله من جهد ومثابرة حتى وصلت مرحلة اللقاء مع وزيرة الخارجية الاميركية، ومخاطبة المهتمين بالشأن السوداني في واشنطون من منبر وودرو ويلسون الذي كان محظوراً على المسؤولين السودانيين.
ولكن يبدو أن اميركا تساورها الشكوك حول استمرار التعاون الامني في مجال مكافحة الارهاب من جانب الحكومة الحالية في الخرطوم او اية حكومة تأتي بعدها، لذلك بدأت دعوات تقسيم البلاد، حيث يشهد انفصال الجنوب ترتيباته الاخيرة ليصبح دولة صديقة او حليفة لاميركا، وظهور بوادر الدعوات الانفصالية في دارفور وجنوب النيل الازرق. والتشجيع الاميركي لهذه الدعوات لا يحتاج إلى دليل اكثر من تصريحات المبعوث الاميركي الجنرال غرايشن بأن السودان بلد كبير يحتمل قيام اكثر من دولة.
والسؤال المهم هو ماذا يمكن أن تفعل اميركا اذا فشلت كل خططها في احتواء السودان وضمان تنفيذه لسياساتها. ولعل البعض يستبعد التدخل العسكري المباشر خاصة من جانب الادارة الاميركية الحالية التي طرحت امكانية التوصل لتفاهم عن طريق الحوار مع ايران، ولكن لا استبعد التدخل العسكري الاميركي اذا ما استدعت الظروف. ولا اقول ذلك استناداً على تحليل او استقراء، ولكن بنقل كلمات مسؤول عسكري اميركي كان قائداً للقيادة العسكرية الاميركية التي كان يتبع لها السودان.
فقد اشار الجنرال تومي فرانك القائد السابق للقيادة المركزية الاميركية، صراحة بأن السودان من الدول التي تملك قيادته خططا للتدخل العسكري فيها.
فعندما طلب منه وزير الدفاع الاميركي السابق رونالد رامسفيلد بعد ضربة 11 سبتمبر أن يقدم له خطة متكاملة لضربة عسكرية لدولة تقع في نطاق سلطة القيادة المركزية، لم يذكر له في البداية اسم الدولة المعنية، لأن نوايا الرئيس بوش وتشيني ورامسفيلد بغزو العراق لم تكن معروفة في ذلك الوقت حتى لأعضاء مجلس الأمن القومي الاميركي، ومنهم وزير الخارجية الجنرال كولن باول الذين كانوا يرون بأن الاولوية ستكون توجيه الضربة لافغانستان مقر تنظيم القاعدة ورئيسها أسامة بن لادن الذي اعلن مسؤوليته عن ضربة 11 سبتمبر.
وعندما جمع الجنرال تومي فرانكلس مساعديه بمقر قيادته بمدينة تامبا بولاية فلوريدا، قدم تقريره الاولي للوزير الذي جاء فيه بأن قيادته تستطيع تجهيز قوة تتكون من مائة ألف جندي ومائتي مدرعة، ومائة هيلكوبتر هجومية ومئتين وخمسين طائرة مقاتلة في فترة ستة أشهر.
وبما أن الجنرال فرانكلس ومساعديه لم يتم اخطارهم حتى ذلك الوقت بالدولة التي سيتم الهجوم عليها، فقد أشار قائد القيادة المركزية في تقريره إلى الدول التي كان يتوقع أن تقوم قيادته بالهجوم عليها، فقد اضاف في ختام تقريره لوزير الدفاع الجملة التالية: ربما دعت الحاجة لبعض أو كل هذه القوة في الصومال أو السودان او افغانستان.
All or some of the force might be needed in Somalia, the Sudan or Afganistan


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.