عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخزي المبين: عندما مرغ شباب الثورة أنف أمريكا في الوحل!! .. بقلم: د. ابوبكر يوسف إبراهيم
نشر في سودانيل يوم 18 - 03 - 2011


بسم الله الحمن الرحيم
هذا بلاغ للناس
إستهلالة: أنقل لكم من مواقع وصحف إلكترونية وورقية هذه الأخبار والتعليقات عن زيارة كلنتون لمصر والتي كانت تعتقد أنه سيكون حافلاً وسترمي عليها أكاليل القرنفل أو بإمكانها الضحك على الشارع العربي واستقطابه وممارسة الخداع والنفاق والتدليس السياسي على الشعوب . المعروف أن للغرب عموماً بقيادة أمريكا عقيدتان ؛ الأولى داخلية تطبق فيها الديمقراطية والحرية ورفاهة شعوبها أما الثانية فهي للخارج ونفس العناوين فتنافق بها شعوب العالم الذي يرزح تحت أنظمة حكم الطغاة المدعومين من جانبها ؛ فهى كالنصاب الذي يمارس لعبة الثلاث ورقات ؛ فهو يغريك بالربح أول مرة ثم ينقلب عليك فيستعيد ما أربحك إياه ويسرق كل ما لديك ؛ وهذه اللعبة أصبحت مكشوفة ومعلومة وأصبحنا نطبق معها المثل الدارج القائل ( دابليك ، قال ليهو شايفك)!! . وسأسوق تشبيهاً لم أجد أنسب منه رغم عدم لياقته وليعذرني القاريء الكريم على ذلك ؛ ولكن ما باليد حيلة فليس هناك أنسب ولا أقرب منه ؛ فالغرب بقيادة أمريكا كالداعر الذي يمارس الرزيلة ليلاً – أعزكم الله- ؛ ويصحو الصبح ويدعي للفضيلة في العلن ؛ فهكذا سياسة أمريكا التي تُمارس معنا ؛ وكل هذا من بالطبع من أجل الحفاظ على مصالحها ؛ فالدول والغربية بالذات لا تحكمها القيم أو المباديء بل تحكمها المصالح الاقتصادية الاستراتيجية العليا.. وفي هذه الحالة بالذات فمصالحها هي تأمين منابع النفط واستمرارية تدفقه ؛ وأنقل إليكم الآتي:
1) قامت كلينتون بالتجول في ميدان التحرير الذي شهد اندلاع الثورة المصرية وسقط فيه المئات من الشهداء حتى سقط نظام مبارك بعد 30 عاما من الحكم، وقامت كلينتون بالسلام على المارة. واستمرت رحلة كلينتون بالميدان لمدة 10 دقائق، توجهت بعدها للمتحف المصري الذي يبعد خطوات عن الميدان. ولم تكن كلينتون أول مسؤول يزور الميدان، حيث سبقها وزير الخارجية البريطاني والمستشارة الألمانية.وقد وصلت كلينتون إلى القاهرة يوم الثلاثاء في أول زيارة رسمية لها بعد سقوط نظام مبارك. وقد قامت بزيارة المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وأكدت على حرص بلدها علي التحول الديمقراطي في مصر. كما قامت بزيارة نبيل العربي، وزير الخارجية، وكذلك رئيس الحكومة، عصام شرف.وفي الوقت ذاته رفض شباب ائتلاف الثورة مقابلة كلينتون، وأرجعوا ذلك إلى أن الإدارة الأمريكية تتبنى الحوار مع أي قوى سياسية، بناء على مصالحها ''الخاصة'' داخل مصر والشرق الأوسط حتى لو تعارض ذلك مع رغبة الجماهير المصرية، مستندا في ذلك إلى موقف أمريكا المتخاذل إزاء الثورة المصرية في بدايتها. وأضاف ''ائتلاف الشباب'' أن من أسباب رفض اللقاء، الدعم والمساندة اللذين تقدمهما الإدارة الأمريكية لكثير من الأنظمة القمعية غير الديمقراطية في المنطقة، مضيفا أن ''أي قرار يخص مطالب الجماهير المصرية هو قرار يؤخذ ويقر بواسطة المصريين أنفسهم ولا دخل للإدارة الأمريكية في مناقشته أو توجيهه''.
2) صرح محمد جمال ممثل ائتلاف مصر الحرة باللجنة التنسيقية العامة لائتلاف شباب ثورة 25 ينايرلموقع أخبار مصر الالكترونى إن شباب الائتلاف يرفضون لقاء "كلينتون " والتحاور معها حول أهداف وتداعيات ومطالب ومبادىء الثورة لأنهم يعارضون أى نوع من الوصاية الدولية فى شأن ثورة وطنية قام بها الشعب المصرى وحده وأثبت للعالم كله أنه قادر على التظاهر السلمى والضغط لتوصيل صوته وتحقيق مطالبه ومحاربة الفساد من أجل مستقبل أفضل لمصر حرة بعيدة عن التدخلات الأجنبية أو المخططات الأمريكية مثل مشروع الشرق الأوسط الكبير. وأعلن "ائتلاف شباب الثورة" في بيان بصفحته على "الفيسبوك " الاثنين، رفضه دعوة اللقاء انطلاقا من حرص الائتلاف على العمل بوضوح مع جماهير الثورة ،وبناءً على موقفها السلبي من الثورة فى بدايتها ومواقف الادارة الامريكية فى المنطقة .وصرحت مصادر في السفارة الامريكية بالقاهرة لوكالة الانباء الكويتية (كونا) بأن "كلينتون" ستلتقي خلال زيارتها لمصر التى تستمر يومين كلا من رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي ورئيس الوزراء الدكتور عصام شرف ووزير الخارجية الدكتور نبيل العربي للتأكيد على دعم واشنطن لثورة 25 يناير في مصر.
3) وكانت "كلينتون" قد أعلنت قبيل جولتها عن تقديم مساعدات اقتصادية لمصر تصل الى 150 مليون دولار.،وتعد أعلى مستوى لمسئول أمريكي يزور مصر في أعقاب ثورة 25 يناير حيث زارها وفد يضم عضوين من الكونجرس الامريكي هما جون ماكين وجوزيف ليبرمان فى 26 فبراير/شباط الماضي ، وسبقهما وكيل وزارة الخارجية الامريكية للشئون السياسية وليم بيرنز في زيارته 21 من الشهر نفسه . يذكر أن آخر زيارة لوزيرة الخارجية الامريكية لمصر كانت في 24 سبتمبر/أيلول 2010 لحضور الجولة الثالثة من المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي بشرم الشيخ!!.
4) وقد صرح المتحدث الإعلامي لحركة شباب 6 أبريل المصرية أن يكون لديهم "فوبيا من الغرب" على الرغم من "رفض مقابلة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون"، أثناء زيارتها للقاهرة الثلاثاء وكان ائتلاف شباب الثورة الذي تشكل الحركة جزء منه قد أعلن في بيان رفضه للقاء الذي دعت إليه كلينتون بسبب موقفها السلبي من الثورة في بدايتها . وقال محمد عادل في تصريحات لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء الثلاثاء، إن الرفض جاء بسبب "دعم الحكومة الأمريكية المفتوح لنظام (الرئيس السابق حسني) مبارك وقد كان موقفا واضحا يتمثل بالدعم الكبير لمبارك"، وأضاف أن الحركة أيضا "تريد أن تقول إن الثورة مصرية خالصة وليس للخارج يدا فيها كما كان يدعي البعض" من أنصار النظام السابق . وتابع أن "اللقاء مرفوض في الوقت الحالي لكن ربما يكون هناك لقاء في المستقبل"، ونفى عادل أن يكون سبب عدم مقابلة كلينتون هو عدم رغبة التعامل مع الغرب وقال "ليس لدينا فوبيا من الغرب على الرغم من أنه يعمل لصالحه وليس لصالح الشعوب"، وقد "حضرنا اجتماعات مع وفود غربية رسمية مثل ديفيد كاميرون" رئيس الوزراء البريطاني .
5) خبرٌ أخر في نفس الاتجاه : رفض ائتلاف شباب الثورة الدعوة التي وجهتها لهم وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون والتي من المنتظر أن تزور القاهرة الثلاثاء 15 مارس فى إطار جولة تشمل تونس لبحث تبعات الثورات التي اندلعت مؤخرا بالمنطقة. وأوضح شباب الائتلاف في بيان لهم "انطلاقا من حرص الائتلاف على العمل بوضوح مع جماهير الثورة يعلن الائتلاف أنه تمت دعوة أعضاء من الائتلاف للقاء وزيرة الخارجية الامريكية هيلارى كلينتون وبناء على موقفها السلبى من الثورة فى بدايتها ومواقف الإدارة الامريكية فى المنطقة فقد تم رفض هذه الدعوة".
6) أنتقل لموضوع أخر ذو صلة رغم قدمه النسبي ولكنه يسلط الضوء على مدى الصلة بين الخبر أعلاه وبين احداثيات حدثت أثناء الثورة: فما هو دور أحمد شفيق بعد يوم من أحداث "الأربعاء" الدامية في ميدان التحرير ، خرج الرئيس المصري حسني مبارك على الملأ في 3 فبراير بتصريحات جديدة أكد خلالها أنه يريد مغادرة منصبه لكنه لا يستطيع في الوقت الراهن بسبب التزاماته تجاه بلاده وشعبه . وفي مقابلة أجراها مع شبكة "إيه بي سي" الأمريكية " ، أضاف مبارك " فاض بي الكيل وأود الرحيل ولكن أخاف أن تدخل مصر في فوضى ، لايهمني ما يقوله الناس عني وإنما أهتم ببلدي". تابع " الحكومة المصرية غير مسئولة عما حدث يوم الأربعاء الموافق 2 فبراير في ميدان التحرير" ، متهما جماعة الإخوان المسلمين بالمسئولية في هذا الصدد. واستطرد مبارك " لن أهرب أبدا وسأموت على تراب البلد ، لا أزال أقيم في القصر الرئاسي مع العائلة وتحت حراسة مشددة ". وفي تعليقه على الدعوات الأمريكية المتكررة لنقل السلطة في مصر فورا ، قال مبارك :" الرئيس باراك أوباما لا يفهم في الثقافة المصرية ، أي انتقال سريع للسلطة سيتسبب بفوضى ، أخشى من فوضى واسعة إذا تنحيت" . ورغم أن تصريحات مبارك السابقة ليست الأولى من نوعها منذ تفجر ثورة الشباب في 25 يناير ، إلا أنها تحمل دلالات هامة جدا في توقيتها خاصة وأنها جاءت قبل ساعات قليلة من انطلاق احتجاجات ما أطلق عليه "جمعة الرحيل".
7) آثار الأربعاء الدامي : معروف أن الشباب المعتصمين في ميدان التحرير وسط القاهرة قاموا في وقت سابق بالدعوة لمظاهرات مليونية جديدة يوم الجمعة الموافق 4 فبراير على غرار تلك التي جرت في مطلع الشهر ذاته لحسم الوضع وإجبار مبارك على الرحيل بصفة نهائية ، إلا أن الرئيس المصري كان له على ما يبدو رأي آخر ، حيث استبق احتجاجات "جمعة الرحيل" بالتأكيد مرة أخرى أنه لن يتنحى بل وجدد أيضا التصريحات التي أدلى بها في مطلع فبراير حول أنه يريد أن يموت على تراب مصر. ولم يقف الأمر عند ما سبق ، فقد استبق مبارك أيضا احتجاجات "جمعة الرحيل" بإجراءات سريعة لتدارك تداعيات "المجزرة " التي تعرض لها الشباب المعتصمون في ميدان التحرير يوم الأربعاء الموافق 2 فبراير عبر تأكيد استيائه الشديد لما حدث ، بالإضافة إلى قيام رئيس الوزراء المصري أحمد شفيق بالاعتذار رسميا عن تلك المأساة بل والتعهد أيضا بتشكيل لجنة تحقيق على الفور لمحاسبة الجناة والذين يعتقد على نطاق واسع أنهم من "بلطجية" الحزب الحاكم . ورغم أن واشنطن شنت هجوما لاذعا على الحكومة المصرية عشية مظاهرات "جمعة الرحيل" ، إلا أن الرئيس مبارك لم يأبه بما سبق ، بل إنه بدا أيضا وكأنه يخطط لأن تكون المظاهرات المعارضة له هي الأخيرة من نوعها بعد اتخاذ خطوة فعلية لتهدئة المحتجين والمقصود هنا قرار النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود بمنع أمين التنظيم السابق في الحزب الوطني الحاكم أحمد عز ووزراء السياحة والإسكان والداخلية وعدد آخر من المسئولين من السفر للخارج وتجميد حساباتهم في البنوك وهو الأمر الذي قوبل بارتياح في الشارع المصري . وبالتزامن مع قرار النائب العام ، خرج كل من رئيس الوزراء أحمد شفيق ونائب الرئيس عمر سليمان أيضا وعشية "جمعة الرحيل" بتصريحات بدت وكأنها "خطة طريق" لتنفيذ مطالب المحتجين بعيدا عن الوعود الزائفة التي كان يتم إطلاقها في الماضي . بل واللافت للانتباه أيضا أن سليمان وجه الشكر صراحة لشباب 25 يناير وأكد أنهم الشرارة التي أوقدت الإصلاح في محاولة ضمنية على ما يبدو لرد الاعتبار لهم بعد اتهامات بالخيانة وجهها البعض لهم في وسائل الإعلام الرسمية. ولم يقتصر الأمر على ما سبق ، فقد حاول شفيق والذي وصفه البعض بأنه شخص "مهذب ومقبول وأثبت نجاحا كبيرا عندما كان وزيرا للطيران" طمأنة المحتجين أيضا بطريقة إنسانية بعيدا عن أسلوب "الغطرسة" الذي اتسم به سلفه أحمد نظيف ، فهو طالب الشرطة بعدم التصدي لمظاهرات "جمعة الرحيل " .
كما أكد استعداده للتوجه إلى ميدان التحرير لمحاورة المعتصمين ، بل وأجاب على مطلبهم الأساسي بتنحي الرئيس مبارك بطريقة غير معتادة في مثل تلك الظروف ، قائلا :" ترك الرئيس مبارك موقعه يجب أن يتم بشكل كريم ، ثورة 23 يوليو عندما أطاحت بالملك فاروق قامت بأداء التحية الملكية له وهو يغادر مصر، يجب أن نعود لأصولنا وأخلاقياتنا ،من غير المعقول والمقارنة ليست في وضعها أن يقوم ابن بطرد والده من المنزل لوجود خلافات بينهما لا نريد أن نهين أنفسنا أمام العالم فنحن بلد الحضارة.!!
8) التدخل الأمريكي سافر :
ورغم أن واشنطن سارعت لشن أقوى هجوم من نوعه ضد نظام مبارك والحكومة المصرية عشية "جمعة الرحيل" ، إلا أن هناك من يرجح أن هذا الأمر قد يصب في مصلحة مبارك بالنظر إلى رفض المصريين الشديد للتدخل الأمريكي في شئونهم الداخلية . وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيليب كراولي جدد في تصريحات له مساء الخميس الموافق 3 فبراير الدعوة للبدء بإجراءات نقل السلطة في مصر على الفور ودون تأخير. وأشار في هذا الصدد إلى تلقي واشنطن معلومات حول وقوف محسوبين على النظام الحاكم وراء أحداث الأربعاء الدامي ، مرجحا أن تخرج مظاهرات ضخمة يوم الجمعة الموافق 4 فبراير. وسرعان ما خرجت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون هي الأخرى بتصريحات انتقدت خلالها بشدة الهجمات على الصحفيين والمعارضين في ميدان التحرير ، مطالبة الحكومة المصرية وممثلي المعارضة ببدء مفاوضات نقل السلطة على الفور. ولم يقف الأمر عند ما سبق ، فقد حملت كلينتون أيضا الجيش المصري وحكومة أحمد شفيق مسئولية حماية المحتجين ، وما أن انتهت من تصريحاتها السابقة إلا وسارع نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن لإجراء اتصال هاتفي بنظيره المصري عمر سليمان لدعوته لإجراء حوار مع المعارضة على الفور وتشكيل حكومة ديمقراطية. وكان آخر فصول التدخل الأمريكي السافر في الشأن الداخلي المصري هو تقديم مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي يطالب مبارك بنقل السلطة في مصر فورا إلى حكومة مؤقتة ، الأمر الذي أعاد للأذهان ذكريات الوصاية الدولية وعقود الاحتلال والإمبرالية العالمية. ويبدو أن واشنطن لن تقف عند حدود ما سبق بالنظر إلى أن نظام مبارك الذي كان حتى أيام قليلة مضت من أقرب حلفائها في المنطقة بدا وكأنه بات يشكل عبئا عليها وقد يهدد مصالحها في حال تفجرت الأوضاع بطريقة غير محسوبة من وجهة نظر مصالحها في المنطقة . ولعل تخبط التصريحات والمواقف الأمريكية منذ تفجر ثورة شباب 25 يناير يدعم صحة ما سبق ، فبعد أسبوع من إعلان واشنطن أن حكومة الرئيس مبارك مستقرة إذا بها تتراجع مع تصاعد حدة الاحتجاجات وتدعوه إلى بدء إجراءات نقل السلطة على الفور. وبصفة عامة ، فإنه رغم أن ثورة الشباب التي تفجرت في 25 يناير أصرت بشدة على تنحي مبارك ، إلا أن الأمر الذي يجمع عليه المصريون أن الأزمة الحالية ينبغي أن يتم حلها في إطار داخلي بعيدا عن أية تدخلات أمريكية.
9) ويبقى التساؤل اللغز " ماذا سيحدث في جمعة الرحيل ؟
وبالنظر إلى أن الإجابة ليست بالسهلة في ظل وتيرة الأحداث المتسارعة والتي تحمل مفاجآت كثيرة بين لحظة وأخرى ، فقد تباينت التفسيرات في هذا الصدد ، فهناك من يرى أن صوت العقل قد يحسم الأمر في النهاية خاصة بعد تعهد مبارك بعدم البقاء في السلطة عقب نهاية فترته الحالية في سبتمبر/أيلول المقبل وتعهده أيضا بتعديل الدستور ومكافحة الفساد واحترام أحكام القضاء بشأن دعاوى التزوير في الانتخابات البرلمانية السابقة بالإضافة إلى تعيينه نائبا له وهو مطلب تجاهله منذ توليه السلطة قبل 30 عاما ، الأمر الذي يعني أنه قبل معظم مطالب المحتجين وفي مقدمتها الرحيل عن السلطة ولو بشكل غير فوري. أيضا فإن تأكيد مبارك أكثر من مرة أنه يريد أن يموت في مصر قوبل ببعض التعاطف الشعبي ، بل وذهب البعض في هذا الصدد إلى أن كل تلك التنازلات من جانب رئيس لم يعتد على ذلك طوال 30 عاما أمر يجب تقديره حتى لو جاء تحت الضغط الشعبي. ورغم غياب الثقة بين المحتجين ونظام مبارك ، إلا أن التفسير السابق يرى أن الشعب قد تغير وعرف أخيرا طريقه للتظاهر والضغط من أجل التغيير وبالتالي يمكنه التحرك مجددا إذا لم ينفذ الرئيس تعهداته. وفي المقابل، يرى البعض الآخر أن استجابة مبارك لمطالبهم جاءت متأخرة جدا وأن تصريحاته منذ تفجر ثورة شباب 25 يناير تؤكد أنه لا يدرك حجم الرفض الشعبي ولا يأبه إلا بالتشبث بالسلطة بدعوى تجنيب البلاد ويلات عدم الاستقرار. بل وذهب هذا التفسير إلى أن تنازلاته غير المعتادة جاءت تحت وطأة الضغوط وأنه استنكف عن مجرد تقديم الاعتذار لأسر من قضوا من المحتجين برصاص الشرطة . وأيا كان صحة ما سبق وإلى حين يتم حسم الجدل في هذا الصدد خلال الأيام المقبلة ، فإن الأمر الذي لاجدال فيه أن ما حدث في ميدان التحرير يوم الأربعاء الموافق 2 يناير بات يشكل وصمة عار في التاريخ المصري العريق ولذا لابد من تخلي الجميع عن حساباتهم الشخصية سريعا لتفويت الفرصة على المتربصين وخاصة إسرائيل من جهة واستعادة مصر دورها الريادي في العالمين العربي والإسلامي من جهة أخرى.!!

وختاماً ؛ يبدو أن على أمريكا والغرب عموماً أن يستوعبا أن أسلوب التعامل الفوقي مع الحكومات المستبدة التي تنتهك حقوق شعوبها قد وّلى لغير رجعة ؛ وإن شعوبنا ليست خانعة كما يتصوران وإن صبرت على الطغاة المدعومين منها . إن على أمريكا والغرب إعادة النظر في تصنيفاتها للدول التي لا تطلب إلا أن يتم التعامل معها وفق معايير الندية وإن للدول وحكامها كرامة وسيادة مستمدة من كرامة شعوبها ؛ كما أن قائمة الارهاب بدأت تفقد قيمتها كوسيلة إبتزاز ؛ كما أن تصنيف الحكومات لممانعة ومعتدلة أصحت مثلها مثل فرية مصطلح " المجتمع الدول" الذي اخنزل دول العالم في الخمسة الكبار ومجلس الأمن ، ، فالمقصود بالأنظمة المعتدلة هي تلك التى يرضى عنها الغرب لأنها تدور في فلكه وتنفذ أجندته مع قمع شعوبها ؛ بينما يغض الغرب النظر عن انتهاكات وقمع وسحل تلك الأنظمة لشعوبها . وعلى كل حال أصبحت الممانعة شرفاً يُفخر يه وليس عاراً إلا على من يريدون أن يورثوا الحكم لأبنائهم ؛ كما أن هذه الأنظمة المسماة " الاعتدال " أصبحت مفضوحة لدى شعوبها وحتقرة خاصةً بعد أن إنهار حكم سي الزين في تونس ومبارك في مصر. أصبحت دول " الاعتدال في حرجٍ شديد أمام شعوبها وقد بدأت تنتفض أيضاً . أما تصنيف دول عربية بعينها كدول راعية للإرهاب فأصبح تصنيفاً مكشوفاً والغرض منه معلوم ؛ فهدفه فقط حماية إسرائيل إذ أن دول قادة الاعتدال ما هم إلا حرس لحدود إسرائيل ولحرمان شعبٍ عربيٍ مسلمٍ شقيق لم يطلب إلا حقه المشروع في الحياة والحرية ؛ شعب يطالب باستقلاله من الاحتلال الصهيوني العنصري البغيض ا.أليست مفارقة أن تكون إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تمارس الاحتلال في القرن الواحد والعشرين وتدعى واحة الديمقراطية؟!! كما إن المفارقة الأكبر هي أنها مدعومة من أمريكا والغرب وهما من أرهقا وشنفا مسامعنا بشعارات حقوق الانسان والديمقراطية والحرية !! . أما السقوط الكبير فكان من نصيب فزّاعة الطرف الاسلامي التي استبزوا بها العالم العربي والاسلامي وأهانوا بها كرامة كل انسانٍ مسلم ؛ فهذه الفزّاعة سقطت مع تلك الانظمة المستبدة في تونس ومصر والبقية تأتي فليبيا واليمن في طريقهما للإنعتاق كما أنه قد إنكشفت لعبة التشويه المتعمد للإسلام المتطرف حينما توحد الشعب في ميدان التشهداء " التحرير" فلم ترفع أي شعارات دينية رغم مشاركة الأخوان فيها ؛ كانت الشعارات وطنية محضة أذهلت الغرب وكذبته فوقف مذموماً مدحورا!! عموماً أن شباب ثورة 25 يناير مرغ أنف أمريكا في الوحل عندما رفض طلب كلنتون للقائها في ميدان الشهداء ( التحرير سابقاً)!!
abubakr ibrahim [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.