بسم الله الرحمن الرحيم هذا بلاغٌ للناس قال تعالى:(هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ) .. بقلم: ابوبكر يوسف إبراهيم في جمهورية السودان (الأم – الشمال) ذات شعار صقر الجديان ؛ كثرت فيها العجائب فأعتاد على ذلك الناس فأصبحت تلك هي القاعدة العامة ؛ أما ما عكس ذلك فهو الاستثاني. فالحيكومة السنية يا ولدي قررت من (داي ونDay One ) تبنِّي سياسة اقتصاد السوق ، وأعلنت أنها حطمت جميع الاغلال التي كانت تكبل الاقتصاد واعلنت عن تحريره ليخضع لمبدأ لعرض والطلب وبذلك يحدث التنافس وتعم الوفرة- دون الاهتمام ولا مؤاخذة - بمن يشتري من شعب الله الغلبان في جمهورية صقر الجديان !! ؛ كذلك ما أحدثته سياسة التحرير من صدمة أفرغت جيوب الغلابة الكحيانين يومها – الآن على الأقل فيهم رقشة - برغم ضعف المداخيل ؛ فقد أنهكت سياسة التحرير العباد في مبتدأ تطبيقها وكشفت حال ناس كانت ساتراهم الجلاليب!! ؛ حتى أن أسعار ارتفاع أسعار الخدمات كالكهرباء جلب معها " بلوة زرقا " إسمها الجمرة الخبيثة وهو ذاك العداد المسبق الدفع الالكتروني والذي هو كالموت لا مهرب منه أو زوغان ؛ وبذلك ضربت الحيكومة الرشيدة عصفورين بحجر ؛ الأول أن تحصل قيمة ما يستهلك المواطن مقدما شندي بندي حتى ولو سرق ؛ ثانياً أنه لا مجال لاختلاس الكهرباء بالاضافة أنه لا مجال للتمتع بالخدمة إلا بعد حتى ولو كنت مختلس محترف ولا مجال لذلك مثلما كان الحال سائداً في نظام العداد ابوطارة الذي يمكن إيقاف دورانه بنيجاتيف صورة فتوغرافية ؛ فصبر العباد وحتىمع تنفيذ نظام "الجمرة الخبيثة" قامت شركة الكهرباء بخوصصة عمليات التحصيل لتقوم بها شركات خاصة وشملت الخوصصة كذلك التميدات و فأصبحت في يد شركات خاصة إن لم تدفع لها مقدماً فلا تحلم أيها المواطن الهمام .. وبحمدلله تحسن حال العباد قليلاً بعد طول صبر على المر والمراير فانفرجت العسرة بحمدالله ومنته سِنّة!! . ثم قامت الحكومة السنية بخوصصة كل شركات القطاع العام حتى " سودانير " الناقل الوطني لم تسلم من الخوصصة ولم يشفع لها أنها الطائر الميمون الذي يحلق في الفضاء حاملاً رمز السيادة الخفاق الذي كان مرفرفاً في فضاءآت الله حيث لا قيود ولا كابح لها إلا الله ؛ حيث حرية الطيران مطلقة . أما العجب العجاب فأن الحيكومة السنية التي خوصصت هي ذاتها قامت بتأسيس شركات وأحسب أن مصطلح " القطاع العام " بالتالي ينطبق عليها ، بسم الله ما شاء الله لا ينحصر نشاطها في منشط اقتصادي معين بل تعمل في كل شيء ؛ دا الشغل اللآ بلاش!!؛ فبدأت بنشاط فسح وإجراءآت سيارات المغتربين الذين يصلون البلاد لقضاء عطلاتهم أي "التربتيك" مروراً بتأجير السيارات من شركة المهاجر ؛ حلوة حكاية المهاجر دي ؛ المهم وهكذا دواليك ...!! ؛ ثم توجهت بإتجاه إقامة مراكز طبية ومستوصفات وصيدليات وكافتريات ومتنزهات يعني " حيكومة بتاعت كلو" !! ؛ مع العلم ومع كل الانشطة فلا يوجد في لافتاتها ما يدل أو يشير على أنها ممتلكات عامة ؛ أي أنها ملكٌ للشعب أي قطاع عام ؛ وكأن الحكومة تخاف من الحسد ولا تريد أن يظهر ما يدل على ذلك إما خوف من العين أو أنها رجس من عمل الشيطان ينطبق عليه فقه " السترة"!! . ما علينا ؛ ولكن المصيبة أن هذه الشركات تتمتع بحماية واعفاءآت جمركية واستثناءآت ضريبية كما يشاع حتى أصبحت منافساً شرساً للقطاع الخاص الذي شنفت الحكومة مسمعنا بما تقدمه للقطاع الخاص من دعم حتى ينهض بإقتصاد الوطن فقررت - كما تزعم- دعمه وتشجيعه حتى يصار إلى نجاح سياسة تحرير الاقتصاد . ومن أجل ذلك خوصصت وباعت معظم شركات القطاع العام الرابح منها والخاسر وأبقت فقط على البقرة الفريزيان الحلوب سوداتل التي ندفع لها مقابل كلام كثيره فارغ في الهوا وقليله نافع . أما أم المصائب فهي عندما طالت يد الحيكومة الرشيدة بالخوصصة الناقل الوطني رمز السيادة )سودانير The National Flag) ولم تنجو من ذلك والذي يفترض الحفاظ عليه وتمكينه وتطويره لأنه يعتبر مصدر فخر في الأجواء الدولية ؛ فأوكل أمرها لسعادة الوزير كمال عبد اللطيف الذي لم يقصر . كل هذا تم لأن الدولة السنية تبنت سياسة تحرير الاقتصاد والخوصصة ؛ لذا فإن الأمر يصبح مثيراً للتساؤل قبل الدهشة لماذا تنهي حكومتنا السنية عن أمرٍ وتأتي بمثله ؟! أما القطاع الخاص والذي تزعم حكومتنا الرشيدة أنها تدعمه فحقيقةً لم يضف للإقتصاد الكلي الحقيقي أي قيمة مضافة إلا كونه يبحث عن الربح السريع عبر منتجاته استهلاكية وكل يوم نسمع عن منتج جديد من شراب شعير وشرائح البطاطا " شيبسي" ناهيك عن أن مثل هذه المنتجات ضارةً صحياً لإحتوائها على مواد حافظة زمضارها أكبر من فوائدها؛ فبالله ماذا يضبف الشيبسي أو عصائر الفواكه غير الطبيعية أو الحليب المجفف الذي يصنع منه الزبادي للإقتصاد الوطني؟! . بلادنا بلد زراعي ومنتج للخضروات ومن ضمنها البطاطس ، ويمتلك ثروة حيوانية ترفد البلاد بمنتجات الألبان الطازجة وهناك مصنع ألبان أقيم في فترة حكم الرئيس الأسبق عبود – عليه رحمة الله في بابنوسة ؛ فهل نحن فعلاً في حاجة فعلية لمثل هذه المنتجات الاستهلاكية ؟! . إذا توجهنا بالأنظار نحو أوروبا نكتشف أن إيطاليا كانت أقلها تأثراً بالازمة المالية العالمية والسبب أن إيطاليا هي البلد الوحيد الذي يعتمد في اقتصاده على الصناعات الصغيرة وهي المُصَدِّر وتحتل مرتبة متقدمة ضمن قائمة الدول المصدرة بل والشريك الأكبر في مجال التبادل التجاري مع دول الشرق الأوسط والدول العربية كما أن منتجاتها تحوز على رضا المستهلك لجودتها . إيطاليا تنتج الملاعق والشوك والسكاكين والاطباق والخلاطات والدراجات الهوائية والفيسبا ؛ تنتج أجود الملابس والأحذية ؛ تنتج مطابخ الغاز والثلاجات والغسلات . تنتج معدات ومكائن المخابز ؛ إن جميع منتجاتها هي من ريادة الصناعات الصغيرة لسلع رأسمالية معمرة ؛ إنها تنتج معدات النجارة والسباكة وأدوات ومعدات المباني والمخارضة ومعدات ومكائن السبك.. إيطاليا تنتج السيارات والشاحنات والقطارات . وهي تصدر ماكينات تصنيع العجنات ؛ إيطاليا تكتفي ذاتياً وتصدر الفائض من منتجاتها الزراعية الغذائية ومشتقات الألبان ؛ إيطاليا تصنع أرقي منتجات السباكة والسيراميك وجميع ومختلف الادوات الصحية والأجهزة الكهريائية المنزلية والتلفزيونات والتلفونات . وقطاعنا الخاص يفخر ويشنف آذاننا باعلاناته التلفزيونية بأنه يضيف منتج آخر إستهلاكي يتمثل في شراب شعير ؛ ندفع مقابله مالاً لنتبوله في النهاية !! وليته خضع لمعايير سلامة الأغذية بل إكتشف وجود مواد ضارة تؤدي للسرطان كما أشيع.!! الأسواق الحرو والمعارض الدولية هي عمل من صميم أعمال القطاع الخاص أو شراكة بين المؤسسات المتخصصة والقطاع الخاص ولكن في بلاد صقر الجديان فالأمر مختلف ؛ يفترض أن الدولة تدعم القطاع الخاص ليعرض منتجاته وبالطبع إن أصبح شريكاً فسيكون صاحب مصلحة مباشرة ويعمل على إنجاح العمل لأنه يتحمل جزء من الكلفة ويشترك في الادارة. الحال عندنا مقلوب واللعه المستعان. يفترض أن القطاع الخاص يبادر بالدخول في شراكات عالمية متخصصة في مجال الصناعات الصغيرة المغذية لصناعات متوسطة وكبيرة مستقبلاً وذلك لجلب التقانة والمعرفة والتدريب لتوطين الصناعات المغذية . فالسودان به ثروة من الأصول المتحركة أصبحت مشهودة بعد عام 2001 وهي من منجزات الانقاذ التي يجب أن نعترفلها بذلك ولا نبخسها من أجل المكايدة وهذه الثروة تستوجب المحافظة عليها بالصيانة المستمرة التي تتطلب قطع غيار : تبديلية " . هذه الثروة تتمثل في السيارات والشاحنات والحافلات بمختلف فئاتها ؛ فهل لدينا مصانع إطارات ؟! هل لدينا مصانع لأقمشة وتيل الفرامل؟! ؛ هل لدينا مصانع للرديترات أو إعادة تصنيعها؟! .. هل لدينا مصنع واحد لصناعة سيور مراوح تبريد المحركات عموماً ومن ضمنها المولدات والمركبات والمكيفات؟!.. عند قيام هذه الصناعات الصغيرة توفر عملات صعبة على الدولة وتؤمن وظائف وعمالة فنية ؛ وتوفر منتج نحتاجه فعلاً ونصدر ما يفيض منه. بالممارسة يتم تجويد وتعميق هذه المنتجات ؛ ونكون بذلك قد وفرنا البنى التحتية للصناعة المغذية لصناعة المركبات مثلاً بدلاً من تجميعها كما يحدث الآن!!.. إن واجبات القطاع الخاص واجبات مزدوجة منها الاستثمار في الصناعات الصغيرة التي توفر وظائف تحرك الاقتصاد وتقويه ؛ وتزيد من قدرة المواطن الشرائية ؛ توفر منتج صناعي وسيط وضروري ؛ إمكانية التصدير وتوفير العملات الحرة وتقوية العملة الوطنية. كفانا منتجات مثل مشروب الشعير ؛ أو منتج آخر من البطاطا لا تضيف للإقتصاد إلا رفع كلفة الطبابة لما تسببه من أمراض مزمنة ، وكفانا منتجات مصانع الدهانات التي أصبحت أكثرمن الهم على القلب ناهيك عن اعلاناتها بعضها المستفزة والتي تكرس للجهويات والقبليات والتي تسخر من لهجات أهل السودان تحت سمع وبصر الدولة وتبثها الفضائيات . ثم هناك سؤال يطرح نفسه لماذا تتمركز المصانع ذات النشاط الواحد في الخرطوم فقط ، أين التنمية المتوازنة المستدامة ؟ أين التنمية الاجتماعية المستدامة ؟ أين التنمية البيئية المستدامة أم أن الحكومة الرشيدة قررت أن تكون العاصمة أن تتميز باحتكار تلوث البيئة والمساهم الرئيس في الاحتباس الحراري بالسودان ، الحفاظ على البيئة هو من أهم ايجابيات التوزيع العادل للتنمية بين الولايات وهناك ايجابيات أخرى فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ ايقاف الهجرة من الريف إلى العاصمة إذ ستوفر هذه الاستثمارات الصناعية الصغيرة العديد من الوظائف . ترقية انسان الولاية مادياً ومجتمعياً واسهامه في الاقتصاد المحلي والكلي. من المفيد أن يكون لنا مجلس أعلى للتخطيط يضم في جنباته الخبراء للتخطيط لسودان 2050 وليبدأ بالتعليم الذي هو الركيزة الأساسية لكل نهضة حقيقية كما أن تاريخ 2050 يعتبرتاريخ قصير في عمر الشعوب إذ أن دولة اليوم تعمل لتمكين الأجيال القادمة من توفير حياة آدمية كريمة . الحكومات الرشيدة تعمل من أجل تنفيذ رغبات شعوبها وليس لتنفيذ سياسات حزبية ضيقة وآنية .. دعونا نرى صقر الجديان محلقاً في فضاءآت السودان حاملاً في منقاره شعار الوطن للجميع دون تفرقة فتصبح التنمية المتوازنة أساس شعور المواطن بالعدالة والرضا حينها يصبح التباين الثقافي والعرقي ثروة حقيقية.!! عموماً هذا بلاغ لولاة أمرنا حتى يطمئن عامة الناس أن قلوبهم وعقولهم وصدروهم منفتحة ومفتوحة للنصيحة والتناصح بين الراعي ورعيته ولانبتغي عليه أجراً إن أجرنا إلا على الله ربنا تبارك وتعالى وهو ربهم أيضا وهو القاهر فوق عباده. - Dr. Abubakr .Y. Ibrahim (Bsc Mech.Eng.,MBA, PhD HR) Em:[email protected]