سقط لوران قباقبو , ( اللهم كل الشماتة ) ! راق لى هذا التعبير ( البلدى ) السودانى ( اها , أخير كدى ؟ )للتعبير عن مال المدعو لوران قباقبو رئيس ساحل العاج المتحول من ( الرئيس المنتهية ولايته ) الى الرئيس ( المخلوع ) . العالم كله يامسيو قباقبو رأك بالفنلة ذات الحمالتين او ( الكط ) كما نسميها فى السودان . . والذين امسكوا بك كان بامكانهم بعد أن (جابوك حى ) ان يعرضوك للكاميرا ( بلبوط ) كما يقول المصريون او ( ام فكو او ميطى ) كما يقول السودانيون . أهى النتيجة التى اردتها لنفسك ؟ هذه ( الهندبة ) المهينة ؟ . . افريقيا كلها يامسيو قباقبو كانت تكاد تتوسل اليك ومنذ شهور أن ارحل . . الاتحاد الافريقى , الاوروبى ,امريكا ومجلس الامن جميعهم , اقروا بمشروعية تولى خصمك المحترم الحسن وتارا , لكنك ( ركبت راسك ) ورفضت التنحى زاعما فوزك الذى لم يصدقه احد , سوى شخصك واقلية عرقية اثرت مناصرتك , ومنذ القدم عرف تاريخ الجماعات البشرية من جعلوا شعارهم ( لنا الصدر دون العالمين او القبر ) وهذه هى علة علل المجتمعات . بالمقابل كان هناك القادة الحكماء الذين خلدهم التاريخ : عمر بن الخطاب الذى قال لمن اقترح عليه ان يسمى ابنه عبدالله خليفة له : كفى ال الخطاب منها واحدا . كان الظن وفى هذه الالفية الثالثة ان يكون القادة الافارقة قد ملكوا الحكمة وترسخ عندهم الايمان بالديمقراطية والتداول السلمى للسلطة , حتى تهنأ هذه القارة المنكوبة بالقيادات الفاسدة , بالاستقرار والتنمية . ان المسيو قباقبو لم يستوعب الدرس , اذ ان مناطحة المجتمع الدولى لن تؤدى سوى الى الخسران المصحوب بالاذلال . ألم يخرجوا صدام حسين من حفرته , الم يجلسوا سلوبودان ميلوسيفيتش فى القفص ؟ وسوف نرى غدا فى حاكمى اليمن وليبيا ( وغيرهما ) ! الحقيقة التى لامراء فيها ان النصر معقود لواؤه للشعوب لان الحق فوق القوة التى يعتبر الطغاة انها عاصمتهم من غضب الله وغضب الشعوب .والذاكرة الشعبية تقول ( الكثرة تغلب الشجاعة ) ونفس المعنى بالتعبير السودانى ( ايد الرجال بتحوق ) السلطة بيد من ؟ . . المجتمعات ( المتحضرة ) والمجتمعات ( التى غير كذلك ) قدمت اجوبة مختلفة لهذا السؤال : فالمتحضرة توصلت الى خلاصة تجاربها عبر التاريخ : ان افضل اسلوب لحكم الشعوب هو التداول السلمى للسلطة الذى يضبطه دستور توافقى ديمقراطى يكفل الحقوق الاساسية والحريات الديمقراطية ويصون كرامة وحقوق الانسان . اما المجتمعات ( الاخرى ) فقانونها قانون الغاب والاستئثار بالسلطة لمصلحة اقلية عرقية او سياسية او طائفية او جهوية . مسيو لوران قباقبو لم يكن استثناء من ذلك , كما ان المجتمعات العربية التى تحاول الان اعادة اختراع العجلة والتعرف على افضل السبل لحكم الشعوب ينتظرها مخاض عسير . . اليس عجيبا ان شعوب العالم الثالث تستورد تكنلوجيا العالم الاول وتستمتع بها فى شتى مناحى حياتها من الطائرة الى الكمبيوتر وفى نفس الوقت تستنكف من ان ان تقتبس اساليبه فى الحكم والادارة ! ؟ لست ادرى ان كان هنالك مصطلح اسمه ( علم النفس السلطوى او السياسى ) ولكنى اعجب كل العجب لهذه الاستماتة و (الكنكشة ) فى كرسى السلطة التى نشاهدها فى كثير من دول العالم الثالث . . احيانا اميل الى الاعتقاد بانها فطرة بشرية او جبلة ( instinct ) ولكنها جبلة مرذولة قامت المجتمعات المتحضرة بتشذيبها و( انسنتها ) عبر الثقافة والترقية المجتمعية فكانت الديمقراطية والتداول السلمى للسلطة .. قال الامام المهدى : أمروا من مالت اليه القلوب ( صاحب كاريزما ) وتقلد بقلائد الدين ( ذو خلق ) وهذا القول يمكن ان ينظر اليه كمساهمة سودانية فى الجهد الانسانى لايجاد الاشتراطات والضوابط لتشذيب و ( انسنة ) النزوع والتكالب السلطوى . حكاية طريفة تكشف ان مسالة التشبث بالسلطة هذه غريزة بشرية : حكى لى خالى المرحوم موسى على موسى وكان رجل اعمال معروفا فى نيالا ومناطق دارفور , انه كان طالبا فى المدرسة المتوسطة بالفاشر فى الاربعينات وكان ( ألفة ) للفصل , الا انه تم ( خلعه ) ذات يوم لسبب ما . . قال لى الخال عليه رحمة الله : ( ان مسالة خلعى من (وظيفة ) الألفة مازالت محفورة فى ذاكرتى كما لوحدثت بالامس , ليس ذلك فحسب بل اننى غاضب وحزين حتى الان )! ! ان المسيو قباقبو قضى فى السلطة ثمانية اعوام , اما كانت كافية ؟ انها تماثل فترتين رئاسيتين امريكيتين , وهاهم كارتر , وكلينتون وبوش الابن يعيشون فى مجتمعاتهم كاناس عاديون ولم ينتقصهم البعد عن البيت الابيض شيئا . قباقبو ارادها رئاسة ممتده ونسى انها لو دامت لسلفه لما الت اليه . دكتور / محجوب حسن جلى / السعودية / الطائف