الأستاذ/ مكي المغربي الكاتب بالسوداني الغراء، مفكر استراتيجي علي طريقته، لذلك حينما أقلب البصر في بستان الصحف والتصفح ويضيق جيبي ولا ينطلق وقتي ممهلاً متمهلاً، يكون المغربي ضمن الدائرة الضيقة التي لا أخضعها للاختيار العشوائي علي طريقة (يا إيدي شيليني ختيني في بيت الله العاجبني)، وفي مقاله/ أيها الصحفي هل تريد أن تربح لاب توب؟ الإثنين, 11 نيسان/أبريل 2011 15:50 بعموده الدسم (نهاركم سعيد) بموقع السوداني علي الانترنت، أعرب المغربي عن غضبه، إن لم نقل قرفه، مما يمكن أن نطلق عليه الكسل التقني للمثقفين السودانيين علي غرار الأمية التقنية. وقبله سخر الأديب والشاعر والدبلوماسي الأستاذ/ جمال محمد ابراهيم من مفوضية الاستفتاء التي كان عضواً بها ثم تركها مستقيلاً، فعيَّرها بأن رجالها، أي المفوضية، عمالهم علي بطالهم، لا يملكون لابتوبات، عداه وحاشاه، وعموماً الأستاذان/ مكي وجمال وغيرهما كثر، كثيراً ما ينسبون هذه المنقصة التقنية بل والثقافية والعلمية الي عوامل ذاتية للكتاب والمثقفين كالكسل والتكاسل، فقط لا غير، وفي رأيي أن في هذا تجنياً كبيراً علي هؤلاء المدَّعَى عليهم في قضية عدم حمل أو امتلاك الكمبيوتر المحمول المعروف باسم الشهرة الانجليزي الطريف "لابتوب"، تلك الكلمة المركبة تركيباً مزجياً لطيفاً من "لاب" و"توب". ولنترك خبز اللابتوب لخبازيه وصانعيه ومصانعيه ومداعبيه العابثين بلوحته الغندورة وندلف الي صلب مزعمي الشخصي بأن الذنب في عدم امتلاك مثقفينا للابتوب قد لا يعود الي هؤلاء المثقفين. فإذا استثنينا الكسالى منهم والذين يتبرمون من استخدام الحاسوب عموماً ليس لعدم الاستطاعة اليه سبيلاً ولكن لأنهم أدركوه علي الكبر والهرم فصار علمهم به نقشاً في البحر، نجد أن الأغلبية الساحقة من النشطاء وذوي الهمة الحاسوبية العالية والهم اللابتوبي الدائم، بل وحتى الكثير من الكسالى أمثالي ممن يصرفون أعينهم عن محال بيع الحواسيب وهي تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينقدونه ولا حتى ما يدفعونه علي أقساط قيمةً للاّبتوب، نجد هؤلاء وهؤلاء جميعاً لا يمنعهم عن امتلاك أو حمل اللابتوب ولا يصرفهم عنه صارف من كسل أو غيره سوى ضيق ذات اليد، إذاً فالعتب والعتاب هنا علي الفيل والعود لا الظل، أي علي الجهات المخدمة أو الراعية التي تتولى تخديم أو رعاية هؤلاء المثقفين والكتاب، خاصةً وقد ذكر الأستاذ/ مكي المغربي أن بين من لا يملكون اللابتوب مع عدم العزوف عن امتلاكه رئيس قسم بإحدى الصحف، كما كان في مفوضية أستاذنا جمال البروفات "جمع بروف وليس بروفة" ممن سبقت لهم حسنى السفارة والوزارة والاستشارة. فإذا كانت المؤسسات المخدمة راغبةً وقادرة علي توفير معدات ومسهلات ومقبلات العمل لمستخدميها كتمليكهم السيارات بل والتكفل بتعليمهم قيادة السيارة ومنحهم رخص القيادة وأية وثائق أخرى لازمة علي نفقتها، فلماذا لا تدرج ضمن أَوْلَى أولوياتها تمليك العاملين فيها أخص وأهم وسائل العمل كاللابتوب الذي أصبح قلم اليوم بالنسبة للكاتب والباشكاتب وحتى اللي موش كاتب، وبذلك حل محل الآلة الكاتبة بعد حذفها أو استنساخ نطفتها في جيل مختلف بالمرة عن الأصول والجينات الكتابية الموروثة والمتعارف عليها من عهد الكتابة المسمارية والهلغروفية والى الأبجدية الصينية الحالية ذات العشرة آلاف حرف وحرف والعبرية أو اليديتشية المختلف علي أصلها وفصلها. وعلي ذكر رعاية الثقافة والمثقفين نجد كل الدول فالحة وفصيحة في ادعاء خدمة الثقافة والإبداع ولكنها في نائبات المثقفين والمبدعين قليلة العدد، مغلولة اليد. وفي عصرنا الطائر هذا يا ترى كيف نتصور تمكُّن الكاتب والمبدع، أديباً كان أو صحافياً شهيراً، أو حتى ميكانيكياً ماهراً تشد اليه الرحال، من متابعة شؤون البلاد والعباد والمخترعات الحديثة دون لابتوب وخدمة انترنت؟، من أول أخبار متحصل رسوم النفايات الذي يطرق عليه باب بيته قبل أكثر من أربعٍ وعشرين ساعة من غروب شمس اليوم الأخير من أي شهر، الي أخبار وصول متطفل الي باحة الأنس الحميم (الونسة الدقاقة) بين سيد العالم الأول الحالي وسيدته الأولى في البيت الأبيض، الي خرق سيدة البيت الأبيض الأولى الأسبق ووزيرة الخارجية الحالية/ مسز كلنتون لبروتوكولات امبراطور وإله اليابان سيدنا/ أكهيتو هيريهيتو...و...الخ. رجائي أن يكون هجائي للاسم صحيحاً أو "شيني هكا". لذلك من هذا المنبر أدعو المغربي وغيره من مغاربة العالم العربي ومشارقته الي رفع شعار (لابتوب جديد لكل مبدع وكاتب) كمرحلة أولى لمشروع طموح لخدمة الثقافة والمثقفين، ولست بخيلاً ولا حسود ولا بغران حتى أحصر فئة المبدعين علي متعاطي الكتابة فقط أو المصابين بحمَّاها كما يقول الأدباء، بل أراها، أعني تلك الفئة المبغي عليها، تضم كل مخترع لشيء أو حتى سلوك ذاتي خاص مفيد للانسان أو البيئة، وهو عين ما تتبناه منظمة الملكية الفكرية العالمية "الوايبو" والله أعلم. ونهاراتكم سعيدة وقشطة إن شاء الله.