يصادف اليوم الثالث من مايو اليوم العالمي لحرية الصحافة، وقبل الحديث عن حكاية هذا اليوم، لا بد أن أرسل عددا من التحايا الخاصة المستحقة لأناس لا يمكن أن يمر علينا مثل هذا اليوم دون أن تقفز أسماؤهم إلى ذاكرتنا، التحية الأولى تحية المحبة والتوقير والإجلال للأستاذة آمال عباس التي كرمتها جامعة الأحفاد للبنات بمنحها الدكتوراة الفخرية في السادس والعشرين من شهر أبريل المنصرم، وقد سبق أن نالت الأستاذة آمال جائزة (أشجع صحفية في العالم) للعام 2001 بالاشتراك مع ثلاثة صحافيات أخريات من منظمة الإعلاميات الأمريكيات ، لمواقفها الجسورة التي قادتها إلى السجن عندما كانت ترأس تحرير صحيفة الرأي الآخر، فهي أول امرأة سودانية تصل لهذا المنصب وقد أثبت فيه جدارة واقتدار المرأة السودانية في مجال الصحافة ليس فقط من الناحية المهنية بل من الناحية الأهم وهي المسئولية تجاه المصلحة العامة والصلابة في الحق والجسارة في التصدي للفساد في ظل نظام دكتاتوري، لها التحية كصحفية رائدة، وكإنسانة ذات خلق رفيع وقلب كبير ومعشر طيب، ولها العتبى حيث لم نحضر احتفال الأحفاد بها ولكننا كنا حضورا بقلوبنا. التحية الثانية هي تحية الإخاء والتضامن لزميلنا جعفر السبكي المعتقل منذ أكثر من سبعة أشهر دون تقديمه لمحاكمة، لا لسبب إلا قيامه بواجبه المهني في تغطية أخبار دارفور، كل لحظة يقضيها جعفر في المعتقل دون محاكمة هي خصم على حرية الصحافة وعلى مجمل حقوق الإنسان وعلى رأسها الحق في المحاكمة العادلة. التحية الثالثة تحية الإخاء والتضامن لزميلنا وصديقنا العزيز أبو ذر علي الأمين السجين بسجن كوبر حيث يقضي عقوبة السجن لعامين عقابا على كتابته لتحليل سياسي عن نتائج الانتخابات الأخيرة! كان ذلك التحليل سببا في سجن كل من ابوذر وأشرف عبد العزيز والطاهر أبو جوهرة وإغلاق صحيفة رأي الشعب ومصادرة ممتلكاتها! فك الله سجنك أبا ذر وطوى لك الأيام وجعل موعدنا وإياك وطنا ينعم بالحرية! اليوم العالمي للصحافة نبعت فكرته من قارتنا الأفريقية، حيث سعت مجموعة من الصحفيين الأفارقة في أعقاب سقوط جدار برلين وانهيار القيود التي كانت مفروضة على وسائط الإعلام في أوروبا الشرقية إلى تحقيق تقدم مماثل في قارتهم، فتعاونوا مع منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) لتنظيم حلقة دراسية عُقدت في عام 1991 في ويندهوك بناميبيا، فصدر عنها إعلان ويندهوك التاريخي بشأن وسائط الإعلام الحرة والمستقلة، وهو الإعلان الذي استلهمته الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد عامين لإعلان الاحتفال بهذه المناسبة في الثالث من مايو من كل عام. وما أجدر صحفيي القارة الأفريقية بأن يكونوا في صدارة الباحثين عن حرية الصحافة والساعين لتوطيد أركانها وحمايتها، لأن حرية الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية هي رأس الرمح وضربة البداية في أية عملية جادة للتغيير، وأفريقيا أكثر قارات العالم تعطشا للتغييرلأنها الأكثر تخلفا، فهي قارة موبوءة بالحروب الأهلية والفقر والمجاعات والأمية، ورغم وفرة وتنوع وندرة مواردها فإن شعوبها من أكثر شعوب العالم عذابا ومعاناة نظرا لأمراض الاستبداد والفساد المستوطن في القارة! والبيئة المثالية لنمو هذه الأمراض الفتاكة وتفاقم آثارها المدمرة على الشعوب هي بيئة (الظلام) والتعتيم وإخفاء الحقائق وكتم الأصوات الصادعة بالحق وحجب الأضواء الكاشفة المتتبعة لفساد الفاسدين، ولممارسات الجلادين. rasha awad awad [[email protected]]