أبيي: الأزمة باتت مستفحلة مع غياب المعالجات الجذرية لها على شريكي الحكم الاعتراف بالتعدية العرقية واعتبارها كمصدر للقوة والثراء والوحدة فى أبيي الاستفتاء أو الاقتراع فى أبيي لدينكا نقوك ومواطنون آخرون، ولا يقضى على مشاركة المسيرية صراحة ولا ضمنا تجدد الصراع بين المسيرية ودينكا نقوك، حول الاستفتاء والاقتراع القادم لمنطقة أبيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب، وأصبح الوضع فى طريقه إلى أزمات متجددة من حين الى أخر، خاصة بعد استفتاء جنوب السودان الذي بموجبه سيصبح فى التاسع من يوليو 2011 دولة فى الشطر الجنوبي للسودان صاحب اكبر رقعة جغرافية سابقاً، فى القارة الأفريقية والعالم العربي. تمثل منطقة أبيي الغنية بالنفط حجرة عثرة فى العلاقة بين الشمال والجنوب، وستظل دائماً فى الأفق إعلامياً طالما استمر الصراع القائم حالياً بين قبيلتى المسيرية ودينكا نقوك، بالإضافة إلى تدخل الأجندات السياسية لطرفي اتفاق نيفاشا المؤتمر الوطني (NCP) والحركة الشعبية لتحرير السودان (SPLM/A) بأجندتهما الخفية التى ساعدت فى دفع المسيرية ودينكا نقوك فى اتجاه ألا تسوية تعود جذور النزاع القائم بين قبيلتى دينكا نقوك والمسيرية الى أكثر من قرنين من الزمان..على خليفة الصراع بينهما على المراعى حيث تهاجر قبيلة المسيرية فى موسم الجفاف الى منطقة بحرب العرب أو "كير يمر" لتوافر المراعى فى تلك المنطقة فى هذا الموسم من العام وهو ما تحتج عليه قبيلة دينكا نقوك، فيندلع الصراع بين القبيلتين وحينذاك يتدخل السلاطين الدينكا ونظار المسيرية بحل تلك النزاعات بالطريق التقليدية السائدة آنذاك مثل العدالة الانتقالية. بعد المواجهات الأخيرة بينهما فى أبريل ومايو 2011 الحالين أثارت أجواء عودة الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب برغم من إحالة النزاع إلى المحكمة الدولية فى لاهاي 2009 على خليفة الأزمة، ولكن قرار المحكمة لم يحسم هذا النزاع سواء كان على مستوى الاراضى بنسبة لدينكا نقوك أو المراعى للمسيرية حتى الآن. ونص قانون الاستفتاء أو الاقتراع فى أبيي لدينكا نقوك ومواطنون آخرون، ولا يقضى على مشاركة قبيلة المسيرية صراحة ولا ضمنا.. مما يطرح سؤلاً ماذا أذا ألحقت أبيي بالجنوب؟ مما يعنى سيفقد المسيرية مياه بحر العرب والمراعى فى مواسم البيات الصيفي، من ناحية أخرى تجرى مفاوضات تحت أشراف شركاء الإيقاد ولايات المتحدةالأمريكية فى محاولة لتوصل إلى حل وسط، يتفادى من أجله العودة ألى المربع الأول"الحرب بين الشمال والجنوب"، ولكن أذا باءت المفاوضات بين الطرفين بالفشل..فالعودة إلى الحرب سيفجر أزمة تطال دول الجوار الإفريقي، و يعتبر اندلاع حرب أهلية أخرى بين "دولة شمال السودان والدولة الوليدة فى الجنوب"، سوف تكون أزمة ثانية تزيد من أزمات السودان المتكررة، مما يعنى أن أزمة أبيي الغنية بالنفط سوف تتصدر إلى واجهة الأحداث بشكل ربما يحمل كثيراً من الإثارة الغير المتوقعة. وفى الوقت الذي أعلن فيه شريكي نيفاشا، توصلهما لشبه اتفاق بشأن حل القضايا الخلافية بشأن أبيي، فى نفس الوقت التى أعلنت فيه قبيلة المسيرية رفضها جملة وتفصيلا لقرار المحكمة الدولية فى لاهاي. ومن ناحية أخرى أعتبر خبراء سياسيون وقانونيون ومحللون أن رفض قبيلة المسيرية لهذا القرار بمثابة إنذار تستوجب وقفة سياسية لطرفي نيفاشا من أجل بحث السبل الكفيلة بإبعاد المنطقة عن أي مواجهة جديدة قادمة. وتشير الدلائل أن هذه الأزمة باتت مستفحلة مع غياب المعالجات الجذرية لها، مثل وقف العدائيات المستمرة بين الطرفين فى الفترة الماضية، فيما هددت عشائر قبيلة دينكا نقوك فى مؤتمرهم التشاورى الأخير الذي أنعقد فى جوبا 2010، بمنع رعاة المسيرية من دخول أبيي، إذا لم تشكل الحكومة المركزية فى الخرطوم قانوناً منظماً لاستفتاء المنطقة فى مدة أقصاها نهاية شهر نوفمبر 2011، وهذا يعنى إعلان حرب قبل الوصول إلى تسوية أو معالجة جذرية للأزمة فى ظل الوضع الراهن. ومن الضروري يجب على شريكي الحكم الاعتراف بالتعدية العرقية واعتبارها كمصدر للقوة والثراء والوحدة فى أبيي، فضلاً على اعتبار المواطنة هى أساس الحقوق والواجبات دون تمييز، بسبب العرق، الجنس أو الثقافة، واعتبار أبيي منطقة تكاملية بين الشمال والجنوب ولمواطنيها حق التمتع بالجنسية المزدوجة تفادياً لتجدد الصراع من جديد لا يحمد عقباها إلا الله.