عبد الله حمدوك.. متلازمة الفشل والعمالة ..!!    بريطانيا .. (سيدى بى سيدو)    كريستيانو يقود النصر لمواجهة الهلال في نهائي الكأس    المربخ يتعادل في أولى تجاربه الإعدادية بالاسماعيلية    شهود عيان يؤكدون عبور مئات السيارات للعاصمة أنجمينا قادمة من الكاميرون ومتجهة نحو غرب دارفور – فيديو    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    دورتموند يسقط باريس بهدف فولكروج.. ويؤجل الحسم لحديقة الأمراء    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    واشنطن: دول في المنطقة تحاول صب الزيت على النار في السودان    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    شاهد بالصور.. المودل والممثلة السودانية الحسناء هديل إسماعيل تشعل مواقع التواصل بإطلالة مثيرة بأزياء قوات العمل الخاص    شاهد بالصورة والفيديو.. نجم "التيك توك" السوداني وأحد مناصري قوات الدعم السريع نادر الهلباوي يخطف الأضواء بمقطع مثير مع حسناء "هندية" فائقة الجمال    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني الشهير "الشكري": (كنت بحب واحدة قريبتنا تشبه لوشي لمن كانت سمحة لكن شميتها وكرهتها بسبب هذا الموقف)    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    طبيب مصري يحسم الجدل ويكشف السبب الحقيقي لوفاة الرئيس المخلوع محمد مرسي    "الجنائية الدولية" و"العدل الدولية".. ما الفرق بين المحكمتين؟    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فلوران لم يخلق من فسيخ النهضة شربات    رئيس نادي المريخ : وقوفنا خلف القوات المسلحة وقائدها أمر طبيعي وواجب وطني    لأول مرة منذ 10 أعوام.. اجتماع لجنة التعاون الاقتصادي بين الإمارات وإيران    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    دولة إفريقية تصدر "أحدث عملة في العالم"    والي الخرطوم يدشن استئناف البنك الزراعي    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صيد السمك وتشريك الطير .. بقلم: هلال زاهر الساداتي
نشر في سودانيل يوم 04 - 06 - 2011

إن طال العمر وإن تنوعت وتعددت تجارب وأحداث الحياة من مباهج تسعد النفس وتسر الخاطر أو تكدر صفو الحياة السلسة فهناك دوماً ما يعلق ويتشبث بالذاكرة من ألعاب الطفولة ومباهجها , ولقد أتاحت لنا سكنانا قريباً من البحر (النيل) أن ننعم بخيرات هذا النهر المعطاء , نعوم ونمرح في مائه لاهين ومسرورين تارة ونصيد الأسماك منه تارة أخري , ونلعب عابثين نقذف بعضنا البعض بكرات الطين بينما يلعب أندادنا بكرات الثلج في الشتاء في البلاد الباردة
كان ذاك النشاط الطفولي مسرحه أمدرمان , وكان الزمان في أعوام الاربعينات من القرن العشرين , وكنا في التاسعة والعاشرة من أعمارنا , وكان شاطئ البحر الممتد من حي الموردة والي حي أبوروف هو الميدان الذي نلعب ونلهو فيه . وكانت كلمة تشريك أو نشّرك نقصد بها الطيور في المكان الأول ولكن نستخدمها لصيد السمك أيضاً فنقول (ماشين نشرك سمك) , وكانت أدوات الصيد للسمك بسيطة وميسورة للكل وتسمي الجبّادة وهي تتكون من خيط متين مربوط في طرفه سنارة والخيط مربوط الي عصا من الجريد , ويلي السنارة قطعة من الفلين وهذه تغطس وترتفع في الماء عندما تبدأ سمكة في محاولة التهام الطعم العالق في السنارة , فيتنبه الصائد ويحاول جذب الخيط (وشَكْ) السمكة بالسنارة واخراجها من الماء , وكان الطعم المفضل للسمك هو (الصارقيل) وهو دودة رفيعة خمراء تعيش في التربة الطينية أسفل الاشجار وكنا نتحصل عليه من حديقة برمبل (كازينو الريفيرا حالياً) , أو من جنينة الهادي بقرب مبني التلفزيون الحالي علي شاطئ النهر , وكان هذا الموقع المفضل لدينا لأنه يوجد فيه أسماك البلطي الكبير الحجم . وكنا نسمي الطعم للسمك الطعام فكان الواحد يسأل الآخر (عندك طعام ؟ أو بالله أديني شوية طعام ).وكان لنا شجرة ليمون في منزلنا يوجد أسفل تربتها الصارقيل .
والأداة الأخري لصيد السمك هي (الرمّاي) , وهذا يتميز بخيط طويل ويحتوي علي عدد من السنارات يبلغ الست أو أكثر ويربط في مقدمته (تَقّالة) من القصدير أو حجر ليبقي الخيط تحت الماء مشدوداً والرماّي يحتاج الي خبرة لإستعماله فهو يقذف به الي مسافة كبيرة في النهر , كما يحتاج الي صبر , فقد يبقي عدة ساعات في الماء , ثم إن الصائد بعد أن يخرجه ربما يجد به سمكة واحدة أو إثنتين .
ولنعد الي الجبادة , فهي سريعة الاستعمال سريعة العائد وذلك لأن بعض الأسماك تسبح قريباً من الشاطئ بخلاف الأسماك الكبيرة التي تسبح بعيداً من الشاطئ والتي لا تطال إلا بالرماي , ومن الأسماك سهلة الصيد سمك البلطي وكنا نسمي الواحدة منه ( العارة ) , وهو الاسم المتداول , أو ( خادم الميري ) , ثم غلب اسم البلطي , وهناك من أنواع الأسماك الشلبي والقرقور والقرموط والكاس أو الكوار , وهذا نوع حذر مراوغ مثل الغراب في البر , وكنا نمقت الكاس لأنه يستنفذ طعامنا من الصارقيل ويفلت من الامساك به وهو لايصلح الا لعمل الفسيخ .
وكعادة بعض البشر فانهم يتطيرون من الحسد , فقد كان السؤال المعتاد عندما تذهب الي البحر وتجد من سبقك (في شيل أو الشيل كيف؟) , والمعني هو هل يوجد سمك ؟ وكان أخي عدنان ساخطاً من أحدهم فيقول لي (الراجل الفقري ده في كل مره أسأله عن الشيل يقول لي : استرزقنا) , فضحكت وأسمينا الرجل استرزقنا .
وكنا نجذب السمك الي الموضع الذي اخترناه للتشريك بنثر حفنات من الذرة فيهرع اليه السمك ويجد هناك مائدة شهية من الصارقيل فيكون هلاكه في سناراتنا .
وكنا نعود الي منازلنا سالمين غانمين بحصيلة من السمك الطازج الشهي .
كانت المنطقة مما يلي سجن أمدرمان جنوباً وحتي حديقة برمبل عبارة عن غابة مصغرة تملأها أشجار وشجيرات اللالوب والحنبق والعشر والنبق , وكانت تغشاها أو تضع أعشاشها فوق أشجارها أنواع الطيور المختلفة والتي رحلت أو اندثرت عندما احتلت بيئتها غابات البيوت الاسمنتية , واذكر من تلك الطيور الغباشي والبلوم وقرين حشاش والقماري وعصافير الجنة الصغيرة الملونة وود أبرق والأخير لا زال موجوداً لأنه يسكن في البيوت مع أصحابها في الأسقف . وهنا كان نشاطنا في تشريك الطير , ويتم ذلك بوسيلتين أولهما بشرك القلوبية , وهذه مصنوعة من السلك القوي علي شكل دائرة مقسومة الي قسمين بينهما ياي به مؤشر من السلك رأسه كالابرة ويوضع الطعم علي رأس المؤشر والطعم يكون دودة ونسميها (دوسة) , ثم توضع القلوبية تحت شجرة وتغطي بطبقة رقيقة من التراب ويكون ظاهراً منها الدودوة فقط ويرك الطائر وينقر الدودة ليأكلها فتنطبق القلوبية بشدة عليه فلا يستطيع الفكاك من الشرك . ونتحصل علي الدود بتقليب الأحجار من ضفة البحر ويكون بأسفلها نوع من الدود أخضر اللون وعادة ما يذهب اثنان لتشريك الطير , فالأول يختص بنصب شرك القلوبية والثاني (يحاحي الطير) , فكان أخي الأكبر أنور هو الذي (يكج) ينصب القلوبية , وكان عليّ أن أحاحي الطير , وعمل الحاحاي هو أن يجري الواحد الي الشجرة التي بها طيور وأن يحاول أن يدفعها الي الشجرة التي تحتها القلوبية , والطريقة التي يتبعها في ذلك هي اصدار جلبة وأصوات وكلمات منغمة ويدق صدره بيده , وكنا نقول حسب ما أذكر منها الآن
(حا حا يا غباشي) (اسم الطائر)
ويدق صدره
حا حا جبنا الدوسة – يدق صدره
حا حا في المالوفة – يدق صدره
وأما الطريقة الثانية لصيد الطير فهي بواسطة النبلة وأحسب ان الكثيرين يعرفون النبلة , ولكن لمن لا يعرفها , فهي تصنع من سلك غليظ قوي ويطوي السلك من أسفله لصير مقبضاً ويرفع جانبا السلك ويعقفان ليدخل في كل فتحة سير من المطاط ( لستك داخلي قديم لعجلة عربية) , ويربط السير الي قطعة مربعة من الجلد , ويوضع حجر في قطعة الجلد ويشد السير فيطلقه ويقذف بالحجر نحو الطائر الذي يكون عادة (راكي) فوق شجرة . والذي يستعمل النبلة لابد ولان يكون ماهراً في الرماية واصابة الهدف (يعني نيشنجي) كما نقول اليوم لمن يستعمل البندقية .
ولقد كان أخي أنور – يرحمه الله - حاذقاً في صنع النبلة وماهراً في اصابة الهدف بها حتي انه ذات مرة اصطاد بنبلته حدأة (حداية) كبيرة .
هذه شذرات من أنشطة طفولتنا السعيدة ولطالما استمتعنا بها .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.