كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون ينقلون معهم عاداتهم في الأعراس إلى مصر.. عريس سوداني يقوم بجلد أصدقائه على أنغام أغنيات فنانة الحفل ميادة قمر الدين    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالفيديو.. جنود بالدعم السريع قاموا بقتل زوجة قائد ميداني يتبع لهم و"شفشفوا" أثاث منزله الذي قام بسرقته قبل أن يهلك    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    السودان يردّ على جامعة الدول العربية    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    البرهان يزور تركيا بدعوة من أردوغان    المريخ يحقق الرمونتادا أمام موسانزي ويتقدم في الترتيب    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    تقارير: الميليشيا تحشد مقاتلين في تخوم بلدتين    جنوب إفريقيا ومصر يحققان الفوز    مجلس التسيير يجتمع أمس ويصدر عددا من القرارات    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    سيدة الأعمال رانيا الخضر تجبر بخاطر المعلم الذي تعرض للإهانة من طالبه وتقدم له "عُمرة" هدية شاملة التكاليف (امتناناً لدورك المشهود واعتذارا نيابة عنا جميعا)    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السمك 2 ..بقلم: شوقي بدري
نشر في سودانيل يوم 26 - 12 - 2009

قرأنا انه كان للعرب ايام مشهودة مثل يوم تحلاق اللمم. ويوم ذي غار عندما غدر العرب بحلفائهم الفرس وانضموا الى بقية العرب وهم في المعركة وهزموا الفرس. وذي غار البلد الان موجود في العراق.
كانت لنا ايامنا المشهودة في امدرمان وكنا نسمع (ياخي من يوم الصارقيل انا ما شفتك) او (ياخي اسبوع من يوم الصارقيل حصل كده وكده...). ويوم الصارقيل هو يوم تمتلئ فيه نجيلة الرفيرا بالصارقيل .فعندما يكبس النيل ويحيط بالحديقة تمتلئ النجيلة بالماء . فيخرج الصارقيل خوفا من الغرق . ويمكن ان يجمع الانسان ملء بسلة من الصارقيل.
يخرج اغلب اهل الموردة وبانت والعباسية تحت ويكون هنالك فستفال وتلاقي خاصة في يوم الجمعة. البعض قد يحضر بفطوره وسندوتشاته والحلل والسكاكين والبصل والصلصة والابسطة . وكفتيرة الشاي وما يدخن من سجاير حمراء وخدرا.
وتبدا العملية بدكان الشايقي الذي كان غرب الجزر. وكان متخصصا في بيع معدات الصيد, مثل هاوس اوف سبورت الذي كان يبيع البنادق وكل معدات الصيد البري والبحري. طبعا مع الفارق. كخيط الرماي, من الكتان القوي. والفتقة تلاته قروش. و السنارات تلاتة بتعريفة . والرماي يحتاج لفتقتين لكي يذهب بعيدا. حوالي ستين سبعين متر داخل الماء. ويقتطع مترين من هذا الطول لصنع نشالة او الجباده . وهي عبارة عن خيط يربط على جريدة, او قناية صغيرة. وتزود بقطعة من الطرور لكي تطفؤ او فلينة. والفلين كان متواجد بكثرة في الرفيرا لأنه يغطي زجاجات الشري . ويجلس الجميع على طول رصيف الكازينو. فالصارقيل هو احسن طعم لصيد السمك. واجود الصارقيل هو صارقيل الرملة. فله جسم متماسك ولايموت حتى بعد غرزه في السنارة. يقال صارقيل الرملة ينادي السمك. وهو اصغر حجما من الصارقيل الطيني. والصارقيل يتغذى بصفق الشجر.وإن كان يبتلع الطين لمساعدة عملية الهضم. ويخرج برازه في شكل طين. ويحسب الناس انه يتغذى بالطين ولهذا يقولون الصارقيل بياكل الطين.
يندر في ذلك اليوم ان لا يصطاد الانسان سمكا. واكثر الأسماك التي تصطاد في بداية الدميرة هي القراقير. وكنا نصنع منها شوربة . فالقرقور او (الكنكيج) له رأس ضخم. لا يمكن قرقشته مثل الاسماك الاخرى. وثلث حجمه عبارة عن رأس ضخم. الا ان له سنام مليء بالدهن يعطي الشوربة طعما مميزا. وقديما كان يمكن ان تشاهد ثلاثة مجموعات كبيرة , ولكل مجموعة نيرانها وحللها.
المجموعة الاكبر كانت في منطقة الطابية. المجموعة الثانية كانت مجموعة ابدبر. وابدبر هو مرتفع صخري يبدو في شكل كرة ضخمة, نصفها مطمور في الارض وهذا جنوب الرفيرا.
والمجموعة الثاثة والاصغر كانت مجموعة بخيت ابو الجوخ التي كانت تتواجد امام المسرح القومي. بخيت كان آخر الصياع في امدرمان مثل ودالرومي وتوم شم العيش(قدماء المغنيين)وكان يسكن في الكبري الذي امام المسرح . وهذه مجموعة دائمة كانت تتواجد طيلة السنة من روادها الدائميين بعض المتعلمين. اخي (شحرر) حسن عبدالفراج, احمد باب الله ومصطفى كتلة الذي كان محضر معمل في مدرسة الاحفاد الثانوية. وكنت انا اصغر افراد الشلة وسمعت كثير من القصص والحكاوي من هذه المجموعة.
ثقافة السمك في الموردة هي التي اعطت فريق الموردة اسمهم (القراقير). والقرقور هو السمك الوحيد الذي يصدر صوتا مسموعا عندا يقبض وهو(غووق...غووق...غووق) ولا يموت بسهولة. ويحاول عادة الرجوع الى الماء. واكتشفت انا طريقة لقتله ببساطة وهي إدخال قشة او عود صغير عن طريق فتحة صغيرة بين عظام جمجمته. فيموت بصدمة دماغية. وللقرقور ثلاثة شوكات مميتة كنا نقوم بكسرها مباشرة بعد القبض عليه. وهذه الشوكات تشبه الكوكاب (مشرشرة) . ولقد شاهدت الكنكيج عندما يصير كبيرا يسبح بالقرب من التمساح والتمساح يتجاهله. والقراقير انواع كثيرة وهي تسبح عادة وبطنها الى اعلى حتى تستطيع ان تلتهم الطحالب والعوالق التي تلتصق بالأغصان والحجارة من اسفل. ويقول له البعض ود القلباوي. الكنكيج انواع منها ابوريالة وتغطي جسمه مادة سميكة لذجة تفوق المعدل العادي لأن كل القراقير مغطاة بمادة لذجة ولهذا ندعكه بالحجارة وبالرمل. وهنالك الكنكيج المنقط وهذا قد يصل وزنه الى 2 كيلو او 3 وهذا اسود اللون ولسؤ الحظ كان هذا يعرف بأكل العبيد . وهنالك كنكيج فضي اللون كنا نسميه الالمونيا والكنكيج نهم مثل القرموط ولهذا يقع في الجبادة بسهولة.
بما أنني قد كنت حواتي ونواتي وتربال فلابد انني قد تأثرت بجو الحواتة فعند وفاة الدكتور خالد الكد بعد حادث سير في لندن وكان يتحدث معي في التلفون قبلها بيوم قلت
كربل طرين سكن الفؤاد يا ابروف
مات الفارس الما بعرف الخوف.
ومنها كذلك
كنكيج الحجر الما بهاب تمساح
ات راجل الفريق اللدموع مساح
والكربل هو آلة لصيد النهر ومن نفس اسرة البديقا او البدينقا كما يقول البعض او ام حنيف وهذه حراب ضخمة برأس عريض مزودة بحبل وعوامة من الطرور الضخم او اسطوانة من خشب الدبكر الخفيف الذي تصنع منه قداح الطعام. ولهذا يقولون عن الرجل الكريم ( سيد الدبكر)
وام حنيف اصغرها حجما والبديقا لضرب الاسماك الكبيرة او التمساح والكربل اكبرها يضرب به حتى القرنتي (العينسيد) ولقوة فرس البحر يزود الكربل بحبل متين مصنوع من جلد العينسيد ولهذا يقول المثل السوداني... العينسيد بدقو بي جلدو...
اهلنا الرباطاب كانوا يجيدون صيد التمساح وابن عمي الدكتور حسن فرح الموجود الآن في جمهوريات البلطيق, كتب عن عمه الحاج وعمه الآخر الذين كانوا يصطادون التمساح بالشرك. وهو خطاف كبير مزود بوتد قوي وقطعة كبيرة من اللحم او البديقا او البدينقا. واحسن مكان لقتل التمساح هو الفقرة عندما تنتهي عظام الجمجمة. وعندما يقع في الشرك يضربونه ب دلدماية الحديد على حاجبه او بالفرار على فقرته. ويقاوم التمساح لآخر لحظة. ولقد قام التمساح بعض عمنا الحاج والتمساح يحتضر وثقب يده بأنيابه. وواصل العم الحاج مهنته كصائد تماسيح واشهر صائدي التماسيح كان على الاطلاق ابنعوف ويغنى له وغني له الصيادون
ابنعوف ولدا ما بخاف
كتف التمساح بالخلاف.
من قصص الموردة والتي يحكيها الاخ ابراهيم الجزولي عازف الكمان وزميلنا في تشيكوسلفاكيا والمخرج التلفزيزني في الإمارات , فعندما كانوا في مدرسة الموردة الاولية سألهم استاذ جديد عن الحواس الخمسة وسأل الحواس الخمسة العارف منو؟. فقال زميله شمت , جناها , كبروس عشري ...واكمل العدد الى خمسة . فطار صواب الاستاذ فشمت كان يفكر في الحواته الخمسة وليس الحواس الخمسة.
وعندما كانت حواتيا كان شيخنا هو الغول وهو رجل بشخصية طاغية ولون حالك السواد وقوة جسدية خارقة. اخرج تمساح بنفسه عندما وقع في شباك الكر الطويلة التي تصل لمئات الامتار. وفي رواية الحنق التي تتطرق كذلك لحياة النواته وصانعي المراكب ذكرته كأحد شخصيات الرواية. وهو الوحيد الذي لم اغير اسمه. وكان هنالك حجير. وحجير ليست من الحجر ولكن بلغة النواته هو النهر الصغيروكان هنالك قرض وحميدة و آخرين.
في الخمسينات ظهر النقادية في الموردة وكانوا ابرع من صيادي الموردة والسودان. وكانوا يعملون طيلة السنة ليلا و نهارا وكان يتبعهم اطفاله منذ السابعة. وكنت اشاهد نساءهم في بعض الاحيان. وكانت لهم اساليبهم المختلفة في الصيد. يقال عنهم انهم يربطون البراز في صرر صغيرة من الدلاقين كطعم لايقاع اسماك العجل. صناراتهم كانت ما كنا نسميه دق ابظرته. عبارة عن صنع الحداد لها نهاية مبططه لربط الخيط والخطاف عبارة عن فتحة بالشاكوش والأجنة وسناراتهم ملوية سوداء اللون ليست مستقيمة كسناراتنا (كجل). وكانوا يكتفون فقط بالصريمة والطراحة.
الصريمة هي عبارة عن خيط قوي وقد يصل الى مئات الامتار . وتتدلى من هذا الخيط مئات السنارات. والسماكي انسان يتطير ويؤمن بالنحس. فمثلا لا ينزل الصريمة الا بعد عد كل السنارات والعدد يجب ان يكون فرديا. واذا كانت احد السنارات قد قطعت فتنتف سنارة اخرى حتى يعود العدد فرديا. الطراحة هي الشبكة المستديرة ولها حبل لا يزيد عن مترين او ثلاثة يربط حول المعصم الايسر ثم ترص حول الكوع وتنشر بطريقة معينة وتحتاج لمهارة فائقة وشهور من التدريب. وتزود اطرافها الخارجية بأثقال من الرصاص. وكنا نأخذ الرصاص من دروة الجيش السوداني بعد إنزال العلم, بين الفتيحاب وبانت. وقبل الرصاص كان الحواته يستعملون عرق الحجر. ففي بعض الاماكن الحجرية تكون المياه قد ساعدت في تآكل الشوطيء الكلسية وتبقى عروق من حجر الصوان الاسود من داخله لأنها لا تتآكل. وتصير في شكل عروق. يأخذها الحواته ويربطونها في اطراف الطراحة لكي تغوص بسرعة.
والحواتي بالممارسة يعرف اين يطرح الشبكة وكم ينتظر بعد إلغاء حجر في الماء لجذب الاسماك. الإنسان يتذكر بعض الاشياء اول سيارة يشتريها الانسان وانا اذكر ان اول سمكة اصطدتها بعد ان اتقنت عملية الطراح المعقدة كانت دبسية . والدبسي له رأس صغير وقشور مثل البلطي الا ان جسمه إنسيابي ويمكن قرمشة راسه مثل البلطي . واليوم 25 ديسمبر, يأكل كثير من الاوربيين خاصة في وسط وشرق اوروبا سمكا الكارب . وهذا إلزامي مثل الديك الرومي عند الانجليز. وفي تشيكوسلفاكيا يعرف ب كابر. ويباع حيا في احواض . والكارب يشبه الدبسه الى حد كبيرالا ان الدبسه اقل عرضا.
الغريب ان الدبسه لا تقع ابدا في السنارة وتقع فقط في الشباك. وكثير من السودانيين لا يعرفون الدبسه ولحمها لذيذ.
من الذ لحوم الاسماك هي البرده ولحمها هش وشوكها قليل. ولكن لأن سمعتها سيئة ويقال انها تغرق الناس, لأنها تعطي صدمات كهربائية قوية تعرضت لها عشرات المرات. وعندما تقع في الصريمة او الرماي يكون السمك المجاور لها ميتا او دايخا. وفي احد صرايمي كان هنالك ثلاثة بردات متجاورات.
جلد البرده سميك وقد يزيد عن السنتمتر الجزء الخارجي قوي وله بطانه من دهون و انسجة ويستعمل في تجليد الشتم والطبلة هذا بعد إزالة الشحوم. وعادة ما يستخدم لحم البردة والتامبيرا في سمك السندوتشات او سمك الصاج.
من العادة ان تباع البطاني بأسعار عالية والبطاني هي الفلي او كما نقول في السودان فليتو وهي اللحم بدون عظم. والقطعة الصغيرة وتعرف بقلبة الضهر يأتي الباعة المتجولون ويشترونها ويطوفون بها الاحياء. خاصة بنوك الدم وبنك الدم هو بيت المريسة والعسلية. وينادون على بضاعتهم....يا حمام النيل....سمك...سمك...سمك مقلي ب زيت. ويبيعون القطعة ب تعريفة. اربعة قطع ب قرشين ورغيف كبير ب قرش وجبة كاملة لرجل كبير. الجنيه مئة قرش.
من حوادث امدرمان ان رجلا قتل آخر لأنهم اتكاجروا في قطعة سمك وكل واحد كان يقول بس انا عاوز القطعة دي. وكان البعض يقول عندما يسأل ماذا يريد ان يأكل؟ ..يقول ناكل السمك البكتلو فوقو ده..
في قصيدة البدينقا والمحجان قلت
خسران البدل البدينقا بالمحجان
وقمحان الخلى السلب وشال القيطان.
فصاحب البدينقا هو من يصطاد التمساح او فرس البحر ويخاطر بحياته ويعود بالمال الوفير بعد غيبة. والمحجان هو عصا طويلة معكوفة يستعملها الراعي لهز الشجر لإسقاط البراعم او زهرة السنط (الشبش) لإطعام البهم وهو راضي برزقه الهزيل. ويبدو انني عندما قلت هذا الكلام كنت متأثرا بأهل البديقا. احد صيادي القيقر فقد ذراعه في معركة مع فحل قرنتي عرف في الخمسينات بابغره . اثار الفزع في المشرع. وفحل آخر قلب شروك وهو مركب الشلك الذي هو عبارة عن جذع شجرة واحد. وكان هذا في جنوب ملكال وخرج بعض الفتيات والنسوة عائمات. الا ان الشلكاوي صاحب الشروك سبح خلف الشروك لأنه يساوي ثروة وقد يعمر الشروك لمائة عام فقتله القرنتي.
وهناك قرنتيه قتلها العم حسن سمك مسؤول مصائد الاسماك في بداية عام 1959 امام منزل العم حمو مدير السجن. خرجت بعد اربع ساعات من اصابتها بالرصاص. قسم لحمها على بوليس ملكال. خاصة المستجدين. فالقرنتي عندما يموت يطفؤ بعد ساعات.
القرنتي قد يقتل التمساح بسهولة ولقد شاهدت تمساحا عشاريا وقد قلمه القرنتي الى نصفين وكان السمك الصغير يأكل فيه . وعندما رثيت صديقي واستاذي مبارك بسطاوي الذي لازمته لسنتين ونصف. وكان لنا (سرتق) قارب حراز وصريمة ضخمة وطراحة وطوف كبير من الطرور وكان يزرع في الراس الطيني في الجزيرة الهلالية التي تجاور جزيرة ودكين التي تحت اقدام كبري امدرمان الحديدي العتيق. كنت اساعده كتربال وكنا نزرع الخضروات والبطيخ والشمام والخضروات والعجور. ونسقي الخضروات بالجوز او النبرو.
ولان والده العم بسطاوي كان متعهد المعدية بين امدرمان وتوتي ومعديتين صغيرتين بين توتي والخرطوم بحري. فلقد تعلمت إدارة المعدية على يد ميرغني والذي هو من ود راوه ويحمل شلوخ الشايقية وصرت في بعض الاحيان ادور المعدية لوحدي. او اساعد مبارك عندما صار ريس. والمركب مليئة بالناس والخضار...ونعيي لصديقي واستاذي مبارك بسطاوي قلت.
الريح قلب والموج فات الدير
والقرية ميلت وانقطعوا العيايير
كنت بدور اشوفك لكن حكموا المقادير
الاتعلمتو منك البجيبو الله كلو خير
والعمر عارية ما بربطوهو بي سير
واللدر العشاري يوما بياكلو الصير
يا العوا والسماك ما مداخلو هجير
ثابت زي ام كبك والحال بدورلو نفير
هذا جزء من القصيدة ولا اذكر الآن الباقي الا انه موجود.
الدير هو حافة المركب وتكون عبارة عن الواح افقية والقرية هي الصاري والعيار هو الحبل الذي يربط القرية بالكونية. وعمود الكونية هي الواح متقاطعة تمتد من اطراف المركب وتضمن ثبات الاطراف. العوا والسماك هم آخر منازل المطر الثمانية في وسط السودان, اولها الذراع والنترة والطرفة والخرسان. وإن كان البعض خاصة في شمال الجزيرة لا يعتبر الذراع من منازل المطر بل من الصيف. والمنزل هو اسبوعين.
امكبك هي شبكة قوية تثبت في منطقة الدواما بصخور ضخمة جدا وعندما تأتي الاسماك الكبيرة مندفعة, تعلق فيها وترفع اطرافها العليا بعوامات ضخمة او جوالين ملحومة. وهنالك نوع آخر اصغر هو دق فوق لا يصل الاعماق.
اذكر انني في حديثي مع البروفسور ود الريح ان تتطرقنا لمجاعة سنة 6 وانه سألني..ليه يا شوقي الناس ما اتجهت للبحر... السمك والحيوانات البحرية؟..ولم اجد اجابة لهذا السؤال. ولكن عند قراءة مذكرات فوزي باشا ذكر انه في ايام حصار الخرطوم ان غردون باشا اشتهى السمك. ولكن في تلك الايام انعدم السمك من النيل وعزا هذا لقعقة السلاح واصوات المدافع ولكن هذا ليس بصحيح.
في سنة 63 كانت سنة سيئة بالنسبة للحواتة اختفى فيها السمك في منطقة الخرطوم وكان هناك وارد كثير من الصعيد. وانخفض سعر الكوارة لثمانية عشر مليم للرطل والكوارة هي التي تملح وتصير فسخا. وكان هنالك وارد كثير من الصعيد واشتكى الحواته وكانوا يقولون (والله السنة دي سروال ما قدرنا نشتري). بالرغم من هذه المصائب ظهر موظفي مصلحة الاسماك وظهرت لنشاتهم لاول مرة واصروا على تحصيل الرخص عشرة جنيه من كل قارب صيد. و 150 قرش على كل فرد حتى ود القيروانة. والقيروانة هي صفيحة الذي يحملها صبي ويتابع صاحب الطراحة الذي كان يناضل لكي يكسب بعض القوت. وكانوا متغطرسين
عندما احتج كبار الحواتة بأن الانجليز كانوا متساهلين اذكر احد الموظفين يقول ...انحنا ما بهمنا. وانحنا الطلعنا الانجليز من البلد. واذكر انهم قد قبضوا على سرتق حراز قديم كان مليئا بقش الجزائر . وهو القش الذي ينمو ايام الفيضان ويحش ويباع كعلف. فقال صاحب القارب بأنه قد اشترى القارب و اصلحه للنقل فقط. ولكن لأن القارب كان مزود برقم ولوحة من الالمونيوم صغيرة فلم يقبلوا, حتى بعد ان قال لهم صاحب السرتق ...اقلعوا نمرتكم وخلو لي مركبي..
وفي رواية الحنق صورت هذه الحادثة بتسلط المسوؤلين الجدد الذين كانوا اقل تفهما من الانجليز...
ونواصل..
التحية ....
شوقي....
Shawgi Badri [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.