الناس المصابين بمرض صيد السمك تجدهم فى كل مكان فى العالم . شاهدتهم فى الدائره القضبيه . وهم يحملون بريمه يدويه ضخمه لعمل ثقب فى الجليد لاصطياد الاسماك . ويجلسون فى درجه حراره قد تكون اكثر من عشرين درجه تحت الصفر . وهم مستمتعون . شاهدتهم فى امريكا وكثير من الانهر الاوربيه . وهم فى الماء الى اعلى من وسطهم . ويرتدون ملابس خاصه غاليه . ومعدات مكلفه دفعوا ثروه من اجلها . وهم سعداء . وصيد السمك يعنى لهم الكثير . قبل سنوات كنت فى مقهى يتردد عليه الاجانب . وأتت قوه من رجال الشرطه السريه وعلى رأسها مفتش الشرطه كالامان . وسألوا الموجودين عن هويتهم خاصه اللذين لم يكونوا معروفين . فاحتج صاحب المقهى . وقال للمفتش . هل صار موضوع التردد على المقهى احد هواياته . فقال المفتش لا , ان هوايتى هى صيد السمك. وكان هذا فى التسعينات . وتلك فتره كادت ان تختفى فيها الاسماك فى شواطئ السويد الجنوبيه . بعد وفره . فقلت له مستهزئأً واين ستجد السمك . فقال انه قد اصطاد احدى اسماك الكوت ويبلغ وزنها اكثر من عشره كيلو جرامات . وبعفويه سألته اين عثرت عليها ؟. وما هو نوع الطعم ا لذى استعملته وما هو نوع الثقل الذى استعملته اربعين جرام ام ستين جرام ؟. ولفترة نصف ساعه كنت اتناقش مع المفتش ومجموعته فى حاله وقوف . والمفتش قد نسى نفسه وانا كذلك . وصرت كلما الاقيه نتحدث عن صيد السمك . وفى السويد كان خروجنا لصيد السمك مكملاً للحياه اليوميه . وكان يندر ان نرجع بدون عشرات الاسماك الكبيره والمتوسطه . ومعدات صيد السمك لا تفارق سياراتنا . منذ ان كنت فى السادسه من عمرى كنت اذهب لصيد السمك فى السودان . وكان يمكن ان اجلس كل اليوم بدون ان آكل وبدون ان اتحدث لاى انسان , وانا فى قمه السعاده . وكان وجودى على شاطئ النيل يكاد ان يكون مكملاً للشاطئ . فيندر ان اغيب عن النيل . وكنت اقضى كل الاجازه المدرسيه بالقرب من النيل . وصيد السمك اتاح لى الجلوس مع من انا فى عمر احفادهم . وكانوا يتحدثون معى بوصفى احد زملائهم وكنت اسمع الكثير من القصص . وبعضهم من كبار رجال الدوله خاصه اهل المورده . عندما كنا فى مدرسه ملكال الاميريه كان الذهاب يوم الجمعه الى المدينه من الداخليه يعتبر متعه كبيره لا تضاهيها اى متعه . وانا فى طريقى برفقه الاخ عبد الله خيرى مدير بنك البركه الحالى . توقفنا لزياره الاخ مسعود حمو . لانه كان مريضا . وكان يسكن فى منزل عمه حمو مدير السجون ووالد معاويه حمو ضابط البوليس فيما بعد . وكان من المفروض ان نتطمئن على صحته ونواصل . وجدناه يصطاد السمك لان المنزل كان على شاطئ النيل وجنوب سجن ملكال . وصرنا نتبادل الجباده ونصطاد الاسماك الصغيره . وبعد قليل كانت عندنا كومه كبيره . ولم نحس بالوقت الى ان أتى موعد الغداء فرجعنا للداخليه بدون الذهاب للمدينه ونحن فى غايه السعاده . كل الاسماك التى اصطدناها كانت من اسماك البلطى الصغيره . او خادم الميرى . والكبار يسمون البلطى عار . واظن ان كلمه بلطى اتت من مصر . وتعرف عالميا بنايلوتكا تلابيا . والبلطى اكثر الاسماك انتشاراً فى السودان . وقد يصل حجمه فى بعض الاحيان الى خمسه كيلو جرامات . وبالنسبه لاعالى النيل فهى مليئه بالاسماك . لان اعشاب النيل وابو صوفه والجزر العائمه تعنى مساكن ومظلات للاسماك الصغيره والكبيره . وتعتبر جزورها وازهارها غذاءً للاسماك . والشلك عادةً يصطادون الاسماك لكثرتها بالكوكاب وهو رمح عادى به اشواك يقذفونه فى الماء وفى الاماكن الضحله وبعد عدة محاولات يصطادون سمكه . عندما تنخفض المياه فى الخيران . يقوم النوير والدينكا بغرز اغصان متقاربه فى قاع المجرى . ويقفون والكوكاب فى ايديهم وعندما تصطدم الاسماك بالاغصان يطلق الصيادون رماحهم . وقد يصيب رمحين نفس السمكه . ويضحك الصيادون جزلاً . وتكون السمكه من نصيب الذى يكون رمحه اقرب الى الرأس . النساء كن يتزودن بسلال ضخمه مصنوعه من الاغصان المتينه . ويقفن صفاً يغطى كل المجرى ويقمن برفع السلال وانزالها فى وقت واحد . وعندما تحس احداهن بأن احد الاسماك قد علقت فى السله تقوم بادخال يدها من الفتحه الصغيره فى اعلى السله واخراج السمكه . الاسماك التى تصطاد بهذه الطريقه . هى القرموط او البلبوط ودبيب السمك الذى له جسم خشن واشواك قويه على طول الظهر . وشاهدت احدى نساء النوير وهى تناضل لكى تحكم قبضتها على دبيب حوت كاد طوله ان يبلغ المتر . وعندما امتلأت اصابعها بالدم اطلقت الدبيب . الاطفال الصغار كانوا يقفون على ضفه الخور ويلتقطون الاسماك التى تطوح لهم بها النساء . واكثر الاسماك تواجداً فى نهر السوباط والنيل ونهر اكوبو والبيبور . هى النوق . والنوق لحمه اصفر . وليس من اجود الاسماك . ولكنه يجفف ويصير مؤونه الاكل لاغلب السنه . وهذا ما يعرف فى السودان بالكجيك او المندجي . بالجيم المعطشه . وعندما يكثر الشئ يقولون رقد مندجى . وفى الشمال قد تكون كله نوق اساءه للانسان وتعنى الرداءه . وهذه الاسماك التى ينحسر عنها الماء ويلتقطها الناس بأيديهم والطيور بمناقيرهم . القرموط والذى يعرف عالميا بالكات فيش هو السمك الذى يتنفس برئته . وعندما ينحسر الماء يدفن نفسه فى الطين . ويترك فتحه صغيره يصعب رؤيتها لكى يتنفس منها طيله فصل الشتاء وبدايه الصيف . واللذين يخبرون دروبه , يبحثون عنه ويحفرون مخابئه وقد يصل وزنه فى كثير من الاحيان ثلاثه الى اربعه كيلو جرامات . ويضرب به المثل فى المقدره على العيش . ويقولون القرموط قال لامه ما تقنعى منى لحدى ما يقولوا ليك ختونى فى الحله . والقرموط قد يقضى يوما كاملا خارج الماء اذا وجد ظلاً وبعد عن الشمس . وله مقدره خارقه فى ان ينطلق نحو الماء . اذا وضع بعيدا بعد اصطياده . والقرموط يتواجد فى كل مناطق السودان . ولكن دبيب السمك او دبيب الحوت لم اشاهده الا فى الجنوب ومناطق النيل الابيض . العجل هو سيد السمك النيلى . نسبه لضخامته وقله الاشواك فيه . وقد يصل حجمه الى ستين كيلو جرام ويسمى بقره حوت . ولا يمكن صيده فى هذه الحاله الا بشباك الكر التى يبلغ طولها مئات الامتار . ولها حبال طويله يمسكها رجل على الشاطئ . لكى يندفع ( السرتق ) القارب الخفيف من خشب الحراز يحتاج الانسان لاربعه رشاش . وهى مجاذيف السرتق الخفيفه . ورجل سادس لكى يلقى بالشباك . وهذه الشباك تعرف بشباك الكدن والفتحه تسعه قواريط . ولا تصمد الا لموسمين او ثلاثه لان اسماك الكدن القويه التى تأتى فى ايام ( الترده ) الفيضان تمذقها . وفى بعض الاحيان قد يعلق فيها فرخ تمساح او تمساح كبير كذلك . او السلاحف . العجل يعرف عالميا بنايل بيرش . ويتواجد بكثره فى اثيوبيا خاصه فى بحيره تانا . ولحمه يشبه لحم سمك الهامور المشهور فى الخليج . ويعرف عالميا بقروبر . والاخ عبد المنعم مالك بشير كان يستورد هذه الاسماك من اثيوبيا فى التسعينات الى الامارات وكان يصعب التفريق بين لحمها ولحم الهامور . اغلى الاسماك سعرا فى الخرطوم كان هو سمك البياض . وكان سعره اربعين قرشا فى الخرطوم للكيلو .عندما كان سعر لحم البقر الخالى من العظم 16 قرشاً والفليتو عشرين قرشا . ويعرف ذكر البياض بالكبروس . وله لحيه وشوارب ولونه ابيض فضى وله جسم انسيابى جميل , المشكله انه لا يتواجد بكثره اغلى المكنسات الكهربائيه فى اوربا هى الدنماركيه المستعمله فى الاعمال الكبيره و المعروفه بنيل فيسك او سمكه النيل وشعار الشركه هو سمكه خشم البنات التى لها فم وكأنه منقار طويل وفتحه صغيره لا تزيد من بضع ملمترات . ولهذا تعرف فى السودان بخشم البنات . وليس لها اى وسيله للدفاع مثل القرقور او الشلبايه التى لها حراب للدفاع . والبرده تدافع باللسعات الكهربائيه . والتامبيرا تنتفخ حتى لا يبتلعها السمك الكبير . ولكن خشم البنات لها سرعه غير طبيعيه . وسرعتها تعتمد على الذيل الذى لا يمكن اكله لانه ملئ بالاعصاب والعضلات . وخشم البنات يمكن ان تملح وتصير فسيخاً . وكنا نحشيها بالملح وندفنها فى الارض ولها فسيخ رائع . وعندما تعلق فى الجباده او الرماى لا تبدى اى مقاومه ونقول حيلو ميت ذى خشم البنات . هنالك سمكه تشبه خشم البنات ولها نفس الفم الصغير الا انه يلتصق بالرأس مباشرة وهذه هى الترزه . والترزه كذلك يمكن ان تملح . فلا يمكن تمليح الاسماك التى بدون قشور . ولكن هنالك اسماك بقشور لا يمكن تمليحها مثل البتكويا . وهى فطحاء وشكلها اقرب الى القرص عندما تكون صغيره تعرف بالتجه . بالجيم المعطشه . وهى مليئه بالاشواك لا يمكن اكلها الا وهى كبيره . ولسوء الحظ انها تأتى فى مجموعات كبيره خاصه فى ايام ( الزلقه ) انخفاض النيل . وتعلق فى شباك الكر مع الكواره والكاس التى تملح . ويقوم السماكه بطرحها على الشاطئ . فى داخل التجه هنالك قطعه حمراء تشبه الاصبع الصغير . تعرف بتمره الفؤاد كنا نستخرجها ونطعم بها الصريمه . والصريمه عباره عن خيط سميك تتدلى منه مئات السنارات . وتزود بحجر ضخم . والمجموعه من السنارات الاقرب للحجر تعرف بجبادات الشك . لانه تشك فيها اسماك حيه . وهى سنارات ضخمه تعرف بنمره اربعه قد يبلغ طولها عشره سنتمترات . والقرموط قد يستعمل عدة مرات حتى بعد ان يوقع باحدى اسماك العجل الكبيره . فيظل عائشا داخل فم العجل او الكبروس . وللحصول على اسماك القرموط الصغيره يستعمل الصيادون شبكه الكر الصغيره وهى شبكه لا يزيد طولها عن مترين لها عصى من كل جانب . يمسكها رجلين . وتعلق فيها الاسماك الصغيره بالقرب من الشاطئ . ثم تشك فى السنارات الكبيره . البتكويا لها زعانف حمراء اللون . وكذلك الكواره وهى صغيره الحجم لها كذلك زعانف حمراء وجسم فضى . ولها موسمين التردا والزلقه . الكاس يبلغ طولها نصف المتر . ولها اسنان مرعبه وهى قويه جداً عندما تقع فى الرماى او الجباده تقوم بقطعها باسنانها . ولكنها اجمل اسماك الفسيخ . والبعض يقول ان الكاس هو الكواره عندما تكبر ولكنى اعتقد انها سمكه قائمه بذاتها . للكواره شباك خاصه وبعيون صغيره . وعندما تضم شباك الكر على الشاطئ تنطلق الكواره طائره فى الهواء مثل الكاس الذى يطير لعدة امتار حتى يعود الى الماء . وهذه العمليه تعرف بالسنيق واللويب وتعنى الضم او رفع الشبكه من جانب واحد حتى لا تطير اسماك الكواره وتعود الى الماء . والكواره تصطاد كذلك بالطراحه . وهى الشبكه المستديره التى تطرح بواسطه كوع الصياد . ولها حبل دائرى على اطرافها مزود باثقال من الرصاص . كنا نتحصل عليها من دروه ضرب نار غرب فريق الصغور فى امدرمان . احدى طرق اصطياد سمك العجل هى الشرل . والشرل عباره عن حبل قصير فى آخره جباده نمره اربعه تزود بذنب خروف مصبوغ بالتفته . او سمكه شك حيه . ويمسك الانسان بالشرل بيده اليسرى وبيده اليمنى يمسك ما يعرف بالوجله . وهى خطاف مثبت فى عصى . ولهذا يقولون الناس عن الانسان سريع النهمه او الذى يأكل بشراهه او يخطف ( ايدو ذى الوجله ) . وعندما يعلق سمك العجل الكبير او كبروس كبير يصعب اخراجه بدون الوجله التى تشك فى جسمه ثم يرفع الى القارب . وهذه الطريقه تحتاج لدرايه ومعرفه بالاماكن التى يتواجد فيها سمك العجل . وفى ايام الترده تتواجد هذه الاسماك فى المناطق التى تغطيها اشجار السنط بظلالها . وقد تأكل الاسماك الشبش وهى زهره السنط التى تتساقط فى الماء . وتأتى الاسماك الكبيره خلف الاسماك الصغيره . ونواصل ...... ع.س شوقى .... Shawgi Badri [[email protected]]