(الإنفصال مع السلام) أفضل من (الوحدة مع الحرب) هكذا كانت بعض القيادات النافذة في حزب المؤتمر الوطني تمني النفس بسلام دائم وتزف البشري لجموع الشعب السوداني بأن الخلاص قد إقترب وأن زمن التشاكس إنتهي إلي غير رجعة بذهاب الجنوب (العلماني والافريقاني) وبالتالي كانت التضحية بثلث مساحة السودان تحت مبررات الهوية وغيرها لتطل أحداث كادقلي ولعلعة صوت الرصاص في داخل الجسد الشمالي الذي كان يعتقد البعض أنه تخلص من(سرطان الجنوب) لتكون الخلاصة أننا خسرنا الوحدة ولم نكسب السلام. (1) التطورات الدراماتيكية للأحداث في جنوب كردفان وقبلها أحداث أبيي كشفت عورة جسد نيفاشا وترتيباتها ونصوصها التي إجهضت الوحدة القديمة رغم علاتها وجعلت الانفصال جاذبا وحققت نتائج عكسية في معظم بنودها ونصوصها وذهبت أحلام بناء سودان جديد وعلي أسس جديدة أدراج الرياح ، وفي نظر المراقبيين أن النخب السياسية في الشمال والجنوب دفعت الأمور نحو الانفصال دون أن البلاد مستعدة لهذا الحدث علي كل الأصعدة(سياسيا واقتصاديا وأمنيا) وفي الجانب الاقتصادي بدأت ملامح التدهور الاقتصادي في اقتصاد الشمال والجنوب معا، ويقول الدكتور حسن بشير الانفصال وقع، دون ان تكون البلاد مستعدة لذلك، يجب البحث عن أهم معوقات التنمية وأفضل السبل التي تمكن من تجاوزها بشكل يحقق اكبر قدر ممكن من الاستقرار ويجنب البلاد الانزلاق الي ما يشبه الانهيار الاقتصادي التام والشاهد ان تكاليف المعيشة أصبحت فوق طاقة احتمال أي إنسان عادي مهما كانت مهنته ومصدر رزقه. (2) وكانت تطورات الأحداث في كادوقلي حاضرة في كل الحورات والنقاشات وأحاديث المدينة في ليالي الخرطوم وفي مركز الخاتم عدلان تحديدا وتحت عنوان هل سنخسر الوحدة والسلام معا إبتدر الدكتور الطيب زين العابدين نقاشا عميقا حول تداعيات الأحداث في جنوب كردفان وذكر زين العابدين أن الصورة غير واضحة ومفتوحة علي كل الإحتمالات ومضي قائلا مايحدث في جنوب كردفان مؤسف لأبعد الحدود وتعكس صورة قاتمة لمستقبل الأوضاع في سودان مابعد الانفصال، وقدم الطيب خلفيات للصراع الحالي وقال المؤتمر الوطني تسبب في تعقيد الأوضاع وذلك بالتشاكس المستمر مع الحركة الشعبية طوال الفترة الانتقالية وإصراره علي الإستحواذ علي كل الوزرات الهامة(المالية والطاقة) وبالتالي كانت تلك المرحلة بداية لشراكة الصراع والتشاكس المتصل . يقول الأستاذ محجوب محمد صالح نحن الآن علي بعد شهر فقط من إعلان دولة الجنوب ونهاية الاتقاقية التي صممت لإيقاف الحرب وجلب السلام والسؤال الذي يطرح نفسه هل سيكون الانفصال سلسا وكيف سيتم الانفصال؟ ولكن الواقع كان له رأي آخر لتطل نذر الحرب عبر بوابة جنوب كردفان وكانت الاتفاقية قد رفعت سقف السلام إلي حد تقرير المصير وهانحن خسرنا الوحدة وهل سنخسر السلام؟ (3) يقول الطيب زين العابدين المؤتمر الوطني منذ بدايات مفاوضات السلام كان لايمانع في فصل الجنوب والبند الوحيد في إتفاقية نيفاشا الذي كان دون تعريف هو (جعل الوحدة جاذبة) ويضيف زين العابدين الوحدة ذهبت والمطلوب الآن هو جعل الانفصال سلسا وذلك بخلق حدود مرنة وبالعمل علي تخفيف مرارة الانفصال بتسهيل الحركة في الحدود بالجنسية المذدوجة وغيرها من الاجراءات التي تسهل حركة الناس في الحدود. من جانبه يري الدكتور فاروق محمد ابراهيم القيادي السابق بالحزب الشيوعي السوداني أن الحل يكمن في خلق حركة جماهيرية تستند علي برنامج وطني ديموقراطي يعمل علي إعادة صياغة الحلول لمشكلات السودان ومنها الاوضاع في جنوب كردفان وعدم ترك الأمور لشريكي نيفاشا وأخذ زمام المبادرة لمعالجة التدهور في الاوضاع السياسية والاقتصادية. (5) يرسم محجوب محمد صالح صورة غير متفائلة لمألات الأوضاع الحالية ويقول نحن فشلنا في جعل الوحدة جاذبة وفي خلق علاقات ودية وحسن جوار وسوف تنشأ دولة الجنوب دون وجود حدود مرسومة ومعلومة ومناطق حولها صراع ونزاع وبها بؤر ملتهبة، ولكن محجوب عاد وبث تطمينات وقال: رغم كل تلك المخاطر والعقبات إستبعد وقوع حرب شاملة بين الشمال والجنوب قبل 9-يوليو القادم لأن الحركة الشعبية مشغولة بيوم التاسع من يوليو وهو يوم مقدس ولاتريد تعكير صفو ذلك اليوم ولذلك أدارت معركة أبيي وتداعياتها بمنهج الخيار الدبلوماسي وكسبت المعركة الدبلوماسية، وفي سياق غير بعيد من حديث محجوب محمد صالح وتداعيات الأحداث في جنوب كردفان أعلن مالك عقاررئيس الحركة الشعبية بشمال السودان ردا علي الدعوات التي إنطلقت في الخرطوم بتجريد الجيش الشعبي من السلاح رفضه القاطع لتنفيذ قرار انسحاب قوات الجيش الشعبي جنوباً، قبل نهاية الفترة الانتقالية ،مشيراً إلى أن القرار قوبل بعدم الإرتياح داخلياً وخارجياً ،وأن تداعيات غير مرغوبة ستترتب عليه. (6) التداعيات غير المرغوبة التي تحدث عنها عقار في النيل الأزرق أطلت برأسها في جبال النوبة وهي علي حسب مايري محجوب محمد صالح أخطر من أحداث أبيي ويمكن أن تجر البلاد إلي مربع الحرب الشاملة ويضيف محجوب في حالة إستمرار هذا النهج العدائي في التعامل بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني ستشهد فترةما بعد التاسع من يوليو الحرب بالوكالة في الشمال والجنوب وهي حرب مكفلة وسوف تلحق أبلغ الأضرار بالشمال والجنوب معا.!! hassan berkia [[email protected]]