كلمة رئيس الحزب الإمام الصادق المهدي بسم الله الرحمن الرحيم حزب الأمة القومي المؤتمر رقم (37) تحت عنوان: كيفية تجنب حرب على الهوية ومواجهة دولية في السودان كلمة رئيس الحزب الإمام الصادق المهدي 14 يونيو 2011 أخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي، ممثلي الصحافة والإعلام الوطني والدولي نشكركم على تلبية دعوتنا لحضور مؤتمرنا الصحافي رقم (37) الذي يعقد والبلاد تواجه مخاطر احتراب على الهوية في بلادنا: الحزبية أو الاثنية، ويواجه خطر مواجهة سودانية دولية حادة. ونبدأ بالتنبيه لسبعة معالم من فاتت عليه أدركه الخسران هي: 1. كل حرب على الهوية في الظروف الحالية بما فيها من فاعلية الحروب غير المتكافئة والتناصر الدولي حرب خاسرة، وكل مواجهة مع الأسرة الدولية كذلك مواجهة خاسرة. 2. أكثر المواجهات المسلحة في بلادنا بدأت من إخفاق في إدارة قوات مسلحة- مثلا- تمرد 1955م الذي أعقب عصيان في القيادة الجنوبية في توريت، وإطلاق سراح ضباط وجنود شاركوا في العصيان في 1963م دون برنامج استيعاب مما جعل منهم نواة لحركة انيانيا الأولى. وانطلاق الحركة الشعبية الذي أعقب أحداث الكتيبة 105 في توريت. والآن هنالك خلل في التعامل مع الجيش الشعبي قطاع الشمال، ومليشيات مثل الفرتيت بقيادة التوم النور دلدوم، ومصير الضباط والجنود الذين اشتركوا في الحرب الأهلية كأعضاء في القوات المسلحة السودانية. 3. اتفاقيات السلام المعيبة أو التي يساء تطبيق أحكامها تؤدي بعد حين إلى احتراب أسوأ من الذي عالجته اتفاقية السلام المعنية – مثلا- اتفاقية1972م، واندلاع حرب 1983م الأوسع والأخطر من حرب أنيانيا الأولى. 4. المساجلة الكلامية الإقصائية وما فيها من قذائف ورصاصات لفظية تنبت الاقتتال فالحرب أولها كلام. 5. الانتخابات في مناخ مشحون بالعداء وانعدام الثقة يختلف على نتائجها، وحدة الاختلاف على النتائج يحول الانتخابات من تمرين في التنافس السياسي إلى تمرين في المفاصلة الحربية- مثلا- ما حدث في الجارة كينيا وزمبابوي وغيرهما. 6. إطار الاتفاق الثنائي الذي أسسته الإيقاد وجسدته اتفاقية السلام أثبتت التجربة أنه إذ قام على ركيزتين أعطى كل شريك حق النقض، وغيب القوى السياسية الأخرى، وأغفل أصحاب الشأن الميداني ما ضيع جدواه، وفي كل الحالات انسداد التعامل الثنائي في طريق مقفول زاد من حجم المداخلات الأجنبية والدولية، وهي مداخلات في أكثر الحالات غير مدركة للتشخيص الصحيح، وغير محايدة. 7. الدرس السابع المستفاد هو أن الاتفاقات الثنائية ضرورية ولكنها غر كافية. بعد هذه المقدمة نقول: أولا: اتفاقية السلام أوجبت ترسيم الحدود في ظرف ستة شهور ومع أن اللجنة الفنية فرغت من بعض مهامها إلا أن خمسة مناطق هي: هجليج، وحفرة النحاس/ كافي كنجي، والجبلين، وجبل المقينص، وكاكا التجارية؛ لم تتمكن من الفراغ منها لأن فيها عنصرا سياسيا، ولأن فيها رؤية لسكانها ينبغي أن تؤخذ في الحسبان. ثانيا: اتفاقية السلام وصفت بالسلام الشامل في وقت كان فيه الاحتراب في غرب البلاد وشرقها قائما، وقسمتها المنافع على اثنين قفلت الباب أمام أية قسمة أخرى. ولكن بصرف النظر عن ذلك فإن الاتفاقية نفسها استثنت من بنودها ثلاثة مناطق: أبيي وتركت أمرها لاستفتاء، ومنطقتي المشورة في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ومنحتا عبر المشورة الشعبية حق طرح الثقة في الاتفاقية بالرفض أو القبول. ثالثا: موضوع أبيي تعددت فيه الاتفاقيات وأسند للتحكيم مرتين: تحكيم "الخبراء" والتحكيم الدولي، وفي كل الحالات استعصى الحل الحاسم فأدى ذلك لإعلانات من طرفي الاتفاقية بضم أبيي، وانتهى الأمر إلى حركة القوات المسلحة السودانية فاشتد التأزم وصحبه التدخل الدولي. رابعا: قلنا الانتخابات في الظروف القائمة حاليا غير مجدية واقترحنا بديلا لها بالتراضي لتجري مستقبلا ولكن هذا الرأي لم يؤخذ به والنتيجة أن الانتخابات فجرت الموقف، وصارت جنوب كردفان مسرحا قتاليا منذرا بالانتقال لجبهات أخرى ومؤديا لخسائر في الأرواح والأموال وتشريد عدد كبير من المواطنين في مأساة إنسانية كبيرة. ما العمل؟ نحن نرى الخطوات الآتية، وقمنا بالاتصال بكل الأطراف المعنية، ونناشد الرأي العام الوطني والدولي عبركم لتأييدها بأسرع وأقوى صورة ممكنة، وبالأمس وجه حزبنا الدعوة لممثلي لفصائل سياسية ومدنية من جنوب كردفان لتعبئة قومية واسعة من أجل هذا النداء وهي: 1. التزام كافة الأطراف بوقف إطلاق النار فورا ودون شروط. 2. تنظيم إغاثة إنسانية واسعة النطاق وطنيا ودوليا، نحن من جانبنا ساهمنا بما نستطيع ولكن الخرق واسع لا سيما أن تداعيات انفصال الجنوب نزوح عدد من قبائل شمالية شمالا ويعانون من حالة إنسانية قاسية أرسل حزبنا وفدا لهم برئاسة الأمين العام وعضوية ممثلين لأجهزة الحزب. يمكن للأخ د. حسين عمر عثمان مساعد الأمين العام للسلام إلقاء مزيد من الضوء على الحالة الإنسانية لنازحي النيل الأبيض وجنوب كردفان، كذلك الحالة الإنسانية السيئة لمئات الآلاف النازحين جنوبا من الجنوبيين الذين كانوا مقيمين في الشمال، ومن النازحين من أبيي مؤخرا وتتحدث المنظمات العالمية عن بلوغ أعدادهم 96 آلاف نازح يواجهون ظروفا صعبة أهمها انتشار الألغام المزروعة حديثا، والافتقار للإغاثة الإنسانية. 3. الامتناع عن أية تصرفات انفرادية في القضايا الخلافية. 4. الالتزام بالخطوات الآتية بالنسبة للمناطق الثلاث: أ. أبيي: وقف إطلاق النار- انسحاب قوات الشريكين إلى مسافة محددة شمالا وجنوبا- تكليف شرطة من العناصر السكانية في المنطقة- آلية حفظ سلام دولية من دول مختارة لحيادها- إغاثة عاجلة للنازحين- عودة النازحين لمناطقهم وتعويضهم عن الخسائر- تكوين إدارة مدنية قومية مؤقتة- يجري سحب القوات المسلحة السودانية بالتزامن مع النظام الوفاقي المقترح لكيلا ينشأ فراغ يغري من يشاء بأخذ القانون في يده، ويؤجل الاستفتاء إلى ما بعد قيام دولة جنوب السودان. ب. بالنسبة لجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق: يتفق على الحقوق الآتية نتيجة للمشورة الشعبية: صلاحيات ذاتية محددة في العلاقة ما بين المركز والولاية. حقوق تنموية وخدمية محددة لإزالة أسباب التهميش. القوات المسلحة التي كانت جزءا من الجيش الشعبي قوات شمالية ولكن لا يجوز التعامل معها بصورة روتينية بل يجب الاتفاق على إطار سياسي مع قياداتها ضمن بنود المشورة الشعبية بما يوفق بين مطالبها ووحدة القوات المسلحة السودانية. قطاع الشمال التابع للحركة الشعبية يمثل قوة اجتماعية معينة ويتفق مع قيادته على إعادة هيكلته كحزب من أحزاب السودان، وما يتفق عليه يكون أساسا للمعاملة بالمثل في دولة جنوب السودان. 5. المشاكل التي لم تحسم بعد تسند لمفوضية الحكماء المقترحة. 6. إبرام اتفاقية جديدة بين دولتي السودان باسم التوأمة أو اتفاقية المصير الأخوي لتنظيم العلاقة بين الدولتين. 7. استجابة قومية سودانية لمشاركة إيجابية في مناسبة إعلان دولة جنوب السودان على أن يكون وفد السودان قوميا ومجتمعيا، نحن من قبلنا سوف نلبي الدعوة بوفد سياسي- أنصاري- ثقافي- فني، وسوف ننسق مع الآخرين ليعبر السودان عن مشاركة حضارية تساهم في غرس يحجم الفصال في نطاقه الدستوري ويفسح المجال للوصال المجتمعي العريض. هذا وبالله التوفيق. نحن على استعداد للرد على أسئلتكم وتعليقاتكم مع الشكر على حسن الاستماع.