[email protected] الحيرة تملكتني وأنا من وراء "شباك" أتابع المؤتمر الصحفي لرئيس حزب الامة وإمام الانصار الصادق المهدي الذي عقد امس بدار حزبه بامدرمان الحيرة جاءت من رقم المؤتمر الذي حمل رقم (37) ولا أدري إن كان هذا الرقم يقصد به عدد المؤتمرات التي عقدت في قضية "كيفية تجنب حرب على الهوية ومواجهة دولية في السودان" التي كانت عنوان المؤتمر ام قضايا متعددة واذا كان الاخير صحيحا يكون الرقم مخل باعتبار ان الامام يقضي وقته بين الدعوة لعقد مؤتمر والتحضير لعقد مؤتمر آخر. أما إذا كان الرقم المذكور من أجل القضية محل العنوان يكون للإمام السبق في أخذ الرقم القياسي في متابعة الأحداث وإصدار آراء سياسية حولها. الحيرة الثانية الحيرة الثانية مصدرها أن في هذا المؤتمر الصحفي لعبت إحدى بنات الامام الصادق دورا آخر غير الذي عهدنا عليه فبعد ان تلفت يمنة ويسري باحثا عن "الأميرات " د.مريم والاستاذة رباح افتكرت ان الاميرات غير حضور في هذا المؤتمر وهذا الامر غير معهود فكنا نلاحظ في اغلب المؤتمرات يقمن بدور السند للامام الا أني اكتشفت ان "عيني ظلمتني" فبعد ان فرغ الامام من "منجياته" للوضع في السودان وفتح باب الاسئلة فاجأتنا "الاميرة" رباح بأخذها المكرفون وقالت "رباح الصادق صحفية من جريدة حريات" وبعدها طرحت عددا من الأسئلة حول الوضع في جنوب كردفان مطالبة "الامام الوالد" بأن يجيب عليها ولم يخيب الامام عشمها في ذلك وبهذا تكون رباح بالاضافة لكتابتها الصحفية الراتبة نزلت الميدان الصحفي ولكن لا ندري ان كان هذا النزول فقط مخصص لدار الامة ام أننا قد نجدها يوما في دار المؤتمر الوطني تٍسأل د. نافع علي نافع عن مستقبل الحوار مع حزب الأمة "مثلا"!!. تحذيرات المهدي بالرجوع لحديث الامام فقد حذر من ان البلاد تواجه خطر الاحتراب على أساس الهوية والحزبية بجانب مواجهة دولية حادة مشيرا الى ان كل هذه المواجهات خاسرة مرجعا أن المواجهات المسلحة جاءت نتيجة للاخفاق في إدارة القوات المسلحة منذ 1955 معتبرا أن هذا وضح في التعامل مع الجيش الشعبي في الشمال داعيا إلى أن يتوسع عمل مفوضية DDR حتى تقوم بمعالجة قضايا كافة المسحلين الراغبين في التسريح، كاشفا ان تسرب أعداد من قوات جيش الأمة للحركات المسلحة الدرافورية بسبب عدم إعادة دمج هذه القوات بشكل صحيح. حذر الامام ايضا من أن الحرب التي تأتي بعد السلام تكون أوسع وأشرس مستشهدا بتجدد الحرب في العام 1983 معتبرا أنه في ظل التراشق اللفظي بين الشريكين تكون الارض مهيأة لاشتعال الحرب مرجعا شدة الاختلاف لثنائية اتفاقية السلام الشامل وإغفالها لأصحاب الشأن وأن انسداد التعامل الثنائي زاد من حجم المداخلات الأجنبية والدولية غير المحايدة. وأشار المهدي الى ان اتفاقية السلام أوجبت ترسيم الحدود في ظرف ستة شهور ومع أن اللجنة الفنية فرغت من بعض مهامها إلا أن خمسة مناطق " هجليج، وحفرة النحاس, كافي كنجي، والجبلين، وجبل المقينص، وكاكا التجارية" لم تتمكن من الفراغ لعدم أخذ رؤية سكانها في الحسبان. بجانب أن الاتفاقية وصفت بالسلام الشامل في وقت كان فيه الاحتراب في غرب البلاد وشرقها قائما، وقسمتها المنافع على اثنين قفلت الباب أمام أية قسمة أخرى. كما استثنت من بنودها ثلاثة مناطق" أبيي وتركت أمرها لاستفتاء، ومنطقتي المشورة في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ومنحتا عبر المشورة الشعبية حق طرح الثقة في الاتفاقية بالرفض أو القبول. وأن قضية أبيي التي تعددت فيها الاتفاقيات وأسند للتحكيم مرتين للتحكيم الدولي، وفي كل الحالات استعصى الحل الحاسم فأدى ذلك لإعلانات من طرفي الاتفاقية بضم أبيي، وانتهى الأمر بسيطرة القوات المسلحة عليها . منجيات المهدي بعد هذا التشريح للوضع السياسي وأزمة أبيي وجنوب كردفان طرح المهدي عددا من الخطوات لعودة الأوضاع لما كانت عليه وهي متمثلة في التزام كافة الأطراف بوقف إطلاق النار فورا ودون شروط بجانب تنظيم إغاثة إنسانية واسعة النطاق وطنيا ودوليا لنازحي النيل الأبيض وجنوب كردفان، كذلك الحالة الإنسانية السيئة لمئات الآلاف النازحين جنوبا من الجنوبيين الذين كانوا مقيمين في الشمال والامتناع عن أية تصرفات انفرادية في القضايا الخلافية. كما قدم مقترحا لحل قضايا المناطق الثلاثة اولها أبيي التي طالب بأن يتم وقف إطلاق النار فيها، وانسحاب قوات الشريكين إلى مسافة محددة شمالا وجنوبا وأن يتم تكليف شرطة من العناصر السكانية في المنطقة بجانب اختيار آلية حفظ سلام دولية من دول مختارة لحيادها وتقديم إغاثة عاجلة للنازحين وتأمين عودتهم لمناطقهم وتعويضهم عن الخسائر بجانب تأجيل الاستفتاء في المنطقة إلى ما بعد قيام دولة جنوب السودان. أما بالنسبة لجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق دعا المهدي لتضمين عدد من الحقوق كنتيجة للمشورة الشعبية وهي إعطاء صلاحيات ذاتية محددة في العلاقة ما بين المركز والولاية وحقوق تنموية وخدمية محددة لإزالة أسباب التهميش بجانب عدم التعامل مع القوات المسلحة التي كانت جزءا من الجيش الشعبي وتتبع للشمال بصورة روتينية بل يجب الاتفاق على إطار سياسي مع قياداتها ضمن بنود المشورة الشعبية بما يوفق بين مطالبها ووحدة القوات المسلحة السودانية. كما طالب قطاع الشمال التابع للحركة الشعبية بإعادة هيكلته كحزب من أحزاب السودان، وما يتفق عليه يكون أساسا للمعاملة بالمثل في دولة جنوب السودان. لم ينس الإمام العلاقة المستقبلية بين دولتي الشمال والجنوب حيث طالب بأن تبرم اتفاقية جديدة بين دولتي السودان باسم التوأمة أو اتفاقية المصير الأخوي لتنظيم العلاقة بين الدولتين. وفي ختام حديثه أعلن المهدي عن مشاركة حزبه في احتفالات دولة الجنوب بإعلان الاستقلال بوفد ثقافي سياسي أنصاري لمشاركة الجنوبيين تلك اللحظات التي بالتأكيد سيكون الحزن فيها مخلوطا بالفرح.