لدينا سبق وعراقة لا يشق لها غبار والشواهد كثيرة وشاخصة.. سودانير أحتفلت بعيدها الماسي (50) عاما قبل عدة سنوات.. مشروع الجزيرة أكبر وأضخم مشروع زراعي في إفريقيا والوطن العربي أسست قبل (86) عاما.. سودانير اليوم تتنكب الطريق ليس هناك مقارنة بينها وبين الخطوط القطرية التي أسست في 1993م أي قبل 18 عاما فقط!! واليوم تقدم خدماتها لأكثر من 85 وجهة في الشرق الأوسط، آسيا، أفريقيا، أوروبا، أمريكا الشمالية وأستراليا.. وكالة سونا للأنباء وهي اليوم موضوع (تباكينا) أسست في العام 1970م وهي اليوم وبعد (41) عاما محلك سر و(كأنك يا تيتا لا رحت ولا جيتي).. طلبت في هذا العام الدراسي من طلاب تمهيدي ماجستير الإعلام إعداد بحث بعنوان: (إشكاليات وكالات الأنباء في العالم الثالث – سونا نموذجا).. هالتني نتيجة الأبحاث وقد بذل بعض الطلاب جهودا مقدرة بما في ذلك الزيارات الميدانية للوكالة (العريقة).. أحد الطلاب ذكر أن الجواب من عنوانه حين قال: (ذهب للوكالة ومن عتبة الاستقبال عرفت بقية الحال حيث صعوبة الحصول على المعلومة البحثية).. العاملون محبطون ويعيشون حالة من الكآبة.. أحد الطلاب ذكر أنه زار الوكالة في العام 1998م فلم يجد فروقا تذكر (الحال يا هو الحال) بينما العالم يتطور بسرعة الصاروخ في مجال التقنية الإعلامية!!.. الوكالة تم تحويلها إلى هيئة منذ العام 2007م ورغم ذلك لم تطبق لوائح وشروط خدمة العاملين وأصبحت الأوضاع معلقة ما بين الوضع القديم ووضع الهيئة، ومعروف أن قانون الهيئات تحكمه قوانين ولوائح إدارية ومالية الهدف منها رفع كفاءة الأداء.. أكثر ما يقعد الوكالة (المسكينة) أنه ينظر إليها باعتبارها جهازا حكوميا يهتم بأخبار الحكومة والمسؤولين (المسؤول دخل والمسؤول خرج وسافر المسؤول وجاء المسؤول من السفر وهلم جرا..).. نعم كان لسونا في بعض الأوقات (شنة ورنة) فقد كانت هذه الوكالة أول وكالة من نوعها في افريقيا توفر خدمة اخبارية متميزة حيث أصدرت ما يعرف بالجريدة المضيئة في أواخر السبعينات من القرن الماضي حيث تم تركيب شاشة ضخمة في إحدى البنايات بميدان الأممالمتحدة حيث كانت سونا تبث أخبارها بعد غروب الشمس وحتى وقت متأخر من الليل.. ماتت الفكرة ولم تطوّر وتنشر على نطاق أوسع!!.. في نفس الفترة تحديدا في العام 1979م تمكنت الوكالة من ارسال (3) صور إلى صحيفة الديلي ميل البريطانية الشهيرة والصور تتعلق بأسرة بريطانية كانت تحتجزها الجبهة الشعبية لتحرير اريتريا.. سونا عانت من (فوضى) تأسيس وإغلاق المكاتب الخارجية.. كانت هناك العديد من المكاتب في كل من القاهرة، كمبالا، جيبوتي، مقديشو، انجمينا، نيروبي.. كل هذه المكاتب أغلقت (بجرة قلم) عدا مكتب نيروبي الذي تفتقت (عبقرية) المسؤولين عن فكرة الحاقه بوزارة الخارجية!! وأصبح جزءً من سفارة السودان في كينيا وبعد ذلك يمكن أن نتخيل نجاح ذلك المكتب؟!. إعادة سونا لسيرتها الأولى ليست مهمة مديرها ولو كانت بيده عصا موسى!!.. الأمر يحتاج إلى حالة من الفهم المتقدم وتغييرا جذريا في عقلية المسؤولين.. توفير المال ربما يكون أمرا ميسورا إذا ما تمت إذابة التكلس الذي أصاب تلك العقليات.. وكالات الأنباء في البلدان الأخرى واحدة من مؤسسات السيادة الوطنية حتى الوكالات التي ينظر إليها باعتبارها خاصة.. (رويترز) ينظر إليها كل بريطاني بفخر وهي ثروة وطنية وركيزة من ركائز الدولة البريطانية.. لك الله يا سونا. Yasir Mahgoub [[email protected]]