في حوار أجراه الصديق أحمد المكرم مع السيد مالك عقار رئيس الحركة الشعبية في الشمال و نشر في جريدة أجراس الحرية قال السيد عقار في إجابة علي سؤال عن الوضع بالنسبة للحركة الشعبية في الشمال بعد 9 يوليو موعد إعلان دولة الجنوبالجديدة قال عقار " أن الحركة الشعبية باقية ما بقي السودان أما الجنوب فقد أصبح دولة قادمة بذاتها و بالتالي عضوية الحركة الشعبية الآن مكونة من القيادة إلي القواعد من سودانيين شماليين" و أضاف السيد عقار " بدأنا في تكوين مكاتبنا و إعادة التنظيم و معالجة النقص الناجم عن ذهاب عضوية جنوب السودان" و بهذا الحديث قد وضع السيد مالك عقار حدا للجدل الدائر خاصة وسط قيادات المؤتمر الوطني حول حركة الشعبية بعد انفصال الجنوب و قد أكد عقار أن الحركة كتنظيم سوف تبقي في الشمال بعضوية شمالية و ليس لها أية ارتباطات تنظيمية مع الحركة الشعبية في جنوب السودان. و رغم هذه التأكيدات من رئيس الحركة الشعبية بشمال السودان نجد أن هناك بعض القيادات التي تحاول أن تضع شروطا للحركة لكي تمارس دورها السياسي في شمال السودان حيث قال الدكتور إبراهيم غندور أمين أمانة الإعلام في المؤتمر الوطني للصحفيين يوم الخميس الماضي " بعد التاسع من يوليو ستصبح الحركة الشعبية حزبا ينتمي لدولة أخرى و رئيسها رئيس دولة أخري و إذا أرادوا الاستمرار في ممارسة العمل السياسي عليهم أن يؤسسوا حزبا أخر باسم أخر" أعتقد أن وضع الشروط ليس من مصلحة معالجة المشاكل التي تعاني منها البلاد و أن مبدأ الوصايا الذي فيه شيء من الاستفزاز ليس في مصلحة تضميد جراحات الوطن و أن حزب المؤتمر الوطني ليس هو الذي يقرر تغير الاسم و استمرارية الحركة الشعبية فإذا قررت جماهير الحركة الشعبية في الشمال مواصلة العمل السياسي و بذات البرنامج السياسي و ذات الاسم لهم الحق و وحدهم و ليس لأية حزب أخر أن يضع لهم الشروط و يجبرهم علي تغيير الاسم و البرنامج و الحركة الشعبية لها جماهيرها الغفيرة جدا القادرة علي الدفاع عن اسم تنظيمها و علي برنامجها و قد ثبت ذلك تماما في الانتخابات الأخيرة التي جرت في جنوب كردفان حيث كان الفارق قليل بين المتنافسين وكانت عددية الجماهير التي صوتت للحركة أكبر من عددية المؤتمر الوطني كما أن الحركة كانت قد فازت بمقعد والي النيل الأزرق في النيل الأزرق رغم أن الحركة الشعبية لم تخوض الانتخابات في دوائر شمال السودان. يقول السيد مالك عقار " اليوم الحركة الشعبية في الشمال هي حزب شمالي يمارس نشاطه وفقا لعقيدته المعروفة " فكر السودان الجديد" و بالنسبة لنا أن هذا الفكر يتعلق بكيفية إدارة التعددية و الإجابة علي سؤال كيف يدار السودان و ليس من يدير السودان" يؤكد السيد عقار أن الحركة الشعبية سوف تسير علي ذات البرنامج دون تغيير في البرنامج السياسي الداعي إلي السودان جديد و يحق للمؤتمر الوطني أن يمارس نقدا فكريا لبرنامج الحركة الشعبية باعتبار أنه برنامجا فكريا مطروحا للحوار أن كان هذا الحوار يجري من قبل الأحزاب السياسية المنافسة أو من الأفراد السودانيين و الحوار و النقد و حدهما الطريق إلي الإقناع و تشكيل الوعي الإنساني و الحركة نفسها لديها الرغبة أن تدخل في مثل هذا الجدل الفكري باعتبار أنه يطور فكرها و يصحح أخطائها و يعالج مشاكلها و يفتح لها نوافذ مع النخب الفكرية في البلاد. تحدد الحركة الشعبية وحدها مستقبلها في الشمال بعد ما أكد السيد مالك عقار أن الحركة الشعبية سوف تظل في الشمال و بعضوية شمالية و هذا لا يمنع أن تكون للحركة علاقات سياسية مع قوي سياسة خارج السودان مثل بقية القوي السياسية الأخرى التي تتطلع لعلاقات خارج حدودها فحزب المؤتمر الوطني الآن له مكتب و ممثل دائم في جمهورية مصر العربية و يتطلع حزب المؤتمر الوطني إلي علاقات شراكة مع القوي السياسية السودانية و كذلك حزب الأمة القومي و الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل و هناك وفدا من حزب المؤتمر الشعبي يطوف علي القوي السياسية المصرية بهدف خلق علاقات وطيدة معها و هي علاقات مطلوبة كما للحركة الشعبية في شمال السودان أن تقيم علاقات مع القوي السياسية في جنوب السودان بعد ما أكدت ليس هناك أية ارتباطات تنظيمية بين الحركتين أنما كل تنظيم قائم بنفسه و هذا لا يمنع من أن تكون هناك قواسم فكرية بين الاثنين. و في عملية الصراع الفكري بين الحركة الشعبية و المؤتمر الوطني يعتقد السيد مالك عقار أنهم لا يجدون غضاضة أن يبشر المؤتمر الوطني بالدولة الدينية كما بدأوا أول أمرهم و نحن لا نخاف ما دام الحكم هي الجماهير هي التي تختار و تمايز بين الدولة الدينية و الدولة الديمقراطية و لكن علي المؤتمر الوطني أن لا يستخدم أدوات الدولة في عملية التبشير و هي ما نسميها الفرص المتساوية في الدولة الديمقراطية و أعتقد أن حديث السيد عقار في قضية الفرص المتساوية هي الضمانة الوحيدة في أن تلزم كل القوي السياسية في التمسك بمبدأ التداول السلمي للسلطة و لكن احتكارية استخدام مؤسسات الدولة من قبل حزب واحد و استخدام إيراداتها للدعاية السياسية و حرمان القوي السياسية هي معادلة غير عادلة و كان من المفترض أن تكون هناك مسافة بين الحزب و الدولة و هي الفكرة التي يحاول السيد عقار أن يؤكد عليها و لكن في ذات الوقت يؤكد السيد عقار التزام حزبه بديمقراطية الدولة و العمل وفق دستور متفق عليه يعزز ديمقراطية الدولة و لكن في الجانب الأخر يرفض المؤتمر الوطني هذه المعادلة و هذا الرفض يؤثر سلبا علي الحوار السياسي مع القوي السياسية الأخرى و يجعل الأزمة تنتج ذاتها و تتفجر الصراعات المستمر دون توقف. أن العصي المحمولة في يد قيادات المؤتمر الوطني و يلوحون بها دائما في وجه القوي السياسية و محاولة فرض شروط للعمل السياسي يجب أن تتبعها القوي السياسية هي لا تستطيع أن تنقل المؤتمر الوطني من موقف الدفاع إلي موقف الهجوم باعتبار أن الأزمات المستمرة هي نفسها توضح أن المؤتمر الوطني فشل في إيجاد مخرج لأزماته و أزمة البلد و في ذات الوقت يؤكد أن المؤتمر الوطني ليست له رؤية فكرية و منهج يحاول العمل به بهدف أيجاد مخرج من حالة التوتر التي تشهدها الساحة السياسية و قدر السودان و الأجيال السودانية أن تورث أزمات من نخبها السياسية رغم هناك فرصا متاحة من أجل الخروج من كل هذه الأزمات و لكن الرؤية للأشياء بعين واحدة هي التي تجعل المؤتمر الوطني لا يري كل الصورة و جوانبها المختلفة أنما يري في الصورة ما يريد فقط أن يراه و هذا السلوك يعمق الأزمة و تفتح لها أبواب لكي تدخل معها أزمات أخرى مصاحبة هذا المنهج الذي يتبعه المؤتمر الوطني هو الذي يجعل المؤتمر الوطني عاجزا في اغتنام الفرص المقدمة الآن من بعض قيادات الحركة الشعبية في احتواء ما هو متفجر في عدد من المناطق و في ذات الوقت كان من المفترض أن تكون قيادات المؤتمر الوطني ذكية في كسب الحركة الشعبية في الشمال و لا تتعامل معها بانعكاسات الصراع بين الحركة الشعبية في الجنوب و المؤتمر الوطني خاصة بعد ما أكدت قيادات الشمال ليس هناك رابطا تنظيميا بين الحركتين بعد الانفصال. كانت بعض قيادات الحركة الشعبية قد استبقوا عملية انفصال الجنوب و أثاروا العديد من التساؤلات الفكرية حول مستقبل الحركة الشعبية و كان قد كتب الدكتور الواثق كمير عددا من المقالات في كل من جريدتي الأحداث و الرأي العام كان الهدف منها هو أثارة حوار فكري داخل قاعدة الحركة الشعبية و خاصة قطاع الشمال و هي تظل قضايا تحتاج لمزيد من الحوار الفكري و الاجتهادات من قبل نخبة الحركة الشعبية علي القاعدتين الفكرية و التنظيمية كما أن الحركة الشعبية نفسها بعد انفصال الجنوب تكون قد وضعت العديد من علامات الاستفهام التي تحتاج لتوضيحات فكرية و سياسية و هو الجدل الذي سوف تتعرض له الحركة الشعبية في مقبل الأيام باعتبار أن الحركة الشعبية كانت تدعو إلي السودان الجديد الموحد و لكنها خالفت ذلك الطريق و ذهبت في اتجاه مخالف تماما للشعارات التي كانت ترفعها في الماضي و بموجبها تم استقطاب الجماهير و لكن قيادات الحركة في الجنوب قد فضلوا الدعوة للانفصال بدلا عن الوحدة التي بموجبها يتخلق السودان الجديد بعد الثورات التي قامت في الهامش و لكن هذا التغيير لم يحدث أية دراسة نقدية توضح للجماهير لماذا خالفت الحركة شعاراتها أنما ظلت السكوت و الصمت هي السمتان اللتان حفظت عليها قيادات الحركة في الشمال و هل سوف تحافظ علي ذات المنهج في المستقبل؟ هل تعتقد الحركة الشعبية في الشمال أنها بصدد التطبيق السياسي الموجود في الجنوب؟ و هل تعتقد أن الحرية و الديمقراطية تعتبر أساسا للدولة الديمقراطية و مطبق الآن في جنوب السودان وهي تريد أن تسير في ذات الاتجاه باعتبار أن التنظيمين يحملان نفس المفاهيم و الأرضية الفكرية؟ هناك العديد من التساؤلات الفكرية سوف تتعرض لها الحركة الشعبية ليس تساؤلات بهدف النيل من الحركة الشعبية أو محاولة لهدمها بقدر ما هي تساؤلات منطقية و حوار مع قيادتها بالصوت العالي الهدف منه هو عملية تطوير العمل السياسي و إكمال الناقص في فكر الحركة الشعبية و هي حوارات تبني التراكمات المفقودة في البناء الثقافة الديمقراطية. zainsalih abdelrahman [[email protected]]