ثقافة الاعتزال وترك مجالاً حيوياً ومكانة مرموقة لا نسمع بها الا نادراً بشرقنا الاوسطى ، ونكاد لا نسمع بها الا بالملاعب الرياضية خاصة بعد ان يتعرض احدهم لاعاقة تمنعه من ممارسة تلك اللعبة الشعبية التى يشتهر بها المعتزل ، او تكون السنين اسرعت به نحو الكبر ، اما فى السياسة فان يعتزل المرء فهى معجزة فانه يفضل البقاء بالسجون ولو كان شيخاً كهلاً ، وان يكون ضيفاً ثقيلاً بالمعتقلات الامنية رغم ما بها من محن ، هكذا السياسة فى بلاد محمد احمد ولادو ودينق واسحاق وادروب ، لاول مرة اسمع وربما هنالك حالات آخرى لم اسمع بها عن شخص يتنازل عن السياسة التى قضى فيها اكثر من نصف عمره طواعية رغبة منه لافساح المجال للجيل الصاعد من شباب الانترنت شباب الدوت كم ، ليتفرق لاختصاصه الذى ابعدته السياسه عنه عقوداً من الزمان فصار غير مستغراً يتجول من الشرق الى الغرب ، حاملاً هموم شعبه الذى كرس حياته من اجلهم ، يشرح ويوضح للمسئولين عن حجم الظلم والقهر الذى يتعرض له شعب اكثره آمية وجهل يخيم بارضهم ، وتنمية لا توصف باقل مستويات الوصف بعالم المقايس . سار بارجاء الارض يبحث عن من يقف معه ويسانده لرفع الظلم ومحاولة انقاذ من يمكن انقاذهم من الجهل والمرض .لم يدخر جهداً بحياته ليس تلميعاً لرجل لامع بانجازاته القادرة ان تدافع عنه ، بحث عن كرامتنا كبشر مخلوقين من قبل الله تعالى كغيرنا ، لكننا اعطيناه ظهرنا وشوهنا صورته وجعلناه عميلاً لا يريد مصلحة الجنوب ، جعلناه عميلاً للمندكورو بالرغم من وجودنا بحكومة المركز التى يتخذ الفريق سلفاكير ميارديت فيها منصب نائب رئيس شرفى بعد اتفاقية السلام . لم نفهم معانى السلام السامية لاننا جيل ولد بالحرب ولم نجد غير لغة الحرب والخراب والدماروالكراهية سائدة ،سامحنا سيدى بونا ان لم نعطيك نصيبك النضالى كاملاً ، لقد تناسينا كل المناضلين حتى المؤسسين الحقيقين للثورة تركناهم بعقول المؤرخين وبدانا نكتب تاريخاً مذيف ، فلا آحد يعرف لانهم يعتبروننا جيل اليوم نجهل الكثير عن الامس ، وكبارنا الذين كانوا هنالك تحالفوا واتحدوا مع الكذبة ، انه قدرك سيدى بونا الذى جاء بك لتولد وسط امة لا تعرف الشكر والتقدير بل تجيد الشتم والتحقير . لا ينام ليله و نهاره الا وقلبه مع اخوته وابناه من السودان ، بعضنا كان لا ينام عندما يسمعه يتحدث بالتلفاز او الراديو او يكتب مقالاً بصحيفة بل كانوا يتمنوا موته ، ليس سوى لانه قال كلمة لا لمن يقود السفينة فكل من يعترض الربان يكون ملعوناً مهان ، هذا هو تاريخ سياسة بلد برحم الغيب الذى سيرى النور قريباً ، فهل سيصحح القادة القائمون ما افسدته الاحقاد والقبلية والكراهية ونحن سائرون نحو مستقبل مزحوم ؟ متى يترك الدكتور لام اكول اجاوين والدكتور رياك مشار السياسة ويتجهوا لتخصصاتهم فى مجال الهندسة التى نحتاج اليها بالجنوب اكثر من السياسة ؟ متى يتفرق المشير البشير والفريق سلفاكير للشئون العسكرية ويبتعدوا عن السياسة الملعونة فيعودوا الى ثكناتهم العسكرية ويتركوا السياسة لاهلها ؟ ترى ما الذى سيحدث بهذا العالم اذا ترك الدرديرى السياسة لاهلها وترك المسيرية يعيشون بسلام مع جيرانهم ؟ ترى ماذا سيحدث اذا تنازل هارون لعبد العزيز الحلو لحكم جنوب كردفان كمواطن نوبى ينتمى الى دولة شمال السودان دعك من الحركة الشعبية اتقوم القيامة ؟ متى نجلس ونكون جيشاً سودانياً حقيقياً ينتسب اليه الدارفورى والنوبى والهدنداوى والجنوبى ليحمى حدود السودان حتى ونحن كدولتين يمكن تحقيق ذلك باتفاقية الدفاع المشترك ، لتتدرب قواتنا بالصحراء الشمالية فيكتسبوا مهارة القتال بالصحارى ويتدربوا بجبال النوبة فيختبروا كيفية التعامل مع المرتفعات ، ونجرى مناورات مشتركة بغابات الجنوب وادغالها فيكون بذلك لدينا جيش لا مثيل له على مستوى العالم . نرسلهم الى البلاد التى تعانى ويلات الحرب فيصبحوا رسل سلام وحفظة الامن والاستقرار ، يعودا الى البلاد بعد نجاحات نفتخر بها ، ليستقلها الطيب صالح اذا ما ترك السياسة واتجه هو الاخر لتخصصه ليكتب عن تلك النجاحات والانتصارات الانسانية الباهرة وليبرز جمال وروعة التعددية العرقية والثقافية لمكونات ذلك النجاح فيصبح عالما ليس اقل من الاديب الطيب صالح فتدعوه المنظمات الدولية لالقاء محاضرات فى الانسانية . هل نستفيد درساً اخيراً باعتزال السيد بوانا ملوال عن السياسة ، فيتقدم كبار قادتنا بالجنوب والشمال باعتزالات جماعية ويتجه كل وزير ليتفرق لما درسه ويبدع فيه ، وليتركوا فرصة لاجيال اليوم والغد ليخططوا لمستقبل بلا حروب ونزاعات ، انها اشبه باحلام مجنون اليس كذلك ؟ ربما يتعبرنى الكثيرين مجنون على الانترنت ..! Atem Atem Bol Atem Ring [[email protected]]