عالم فلك يفجّر مفاجأة عن الكائنات الفضائية    فيتش تعدل نظرتها المستقبلية لمصر    السيد القائد العام … أبا محمد    اتصال حميدتي (الافتراضى) بالوزير السعودي أثبت لي مجددا وفاته أو (عجزه التام الغامض)    تمندل المليشيا بطلبة العلم    الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    ((كل تأخيرة فيها خير))    هيفاء وهبي تثير الجدل بسبب إطلالتها الجريئة في حفل البحرين    قطر.. تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم الصادرة    وصف ب"الخطير"..معارضة في السودان للقرار المثير    والى الخرطوم ينعى نجل رئيس مجلس السيادة    قبل قمة الأحد.. كلوب يتحدث عن تطورات مشكلته مع صلاح    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    وفاة محمد عبدالفتاح البرهان نجل القائد العام للجيش السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. فنانة سودانية تحيي حفل غنائي ساهر ب(البجامة) وتعرض نفسها لسخرية الجمهور: (النوعية دي ثقتهم في نفسهم عالية جداً.. ياربي يكونوا هم الصاح ونحنا الغلط؟)    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تسخر من الشباب الذين يتعاطون "التمباك" وأصحاب "الكيف" يردون عليها بسخرية أقوى بقطع صورتها وهي تحاول تقليدهم في طريقة وضع "السفة"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    واصل تحضيراته في الطائف..منتخبنا يؤدي حصة تدريبية مسائية ويرتاح اليوم    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانقاذ في ذكراها 23 : طول العمر مع سوء العمل .. بقلم: أم سلمة الصادق
نشر في سودانيل يوم 07 - 07 - 2011


بسم الله الرحمن الرحيم
لو بلغ وعينا الجمعي درجةً أدركنا بها هول و مقدار مصابنا الجلل يوم 30يونيو 89 وما ترتب عليه من مصائب كارثية وأخطار على الوطن،لما طار لنا فوق البسيطة طائر- من اليأس وانقطاع الأمل .فقد كان لتلك النكبة السوداء، آثار وعواقب وخيمة على السودان أرضا وشعبا، وما التاسع من يوليو المقبل يوم انفصال الجنوب رسميا إلا وجها منها!
لكن لحكمة يعلمها الله بلطفه وعنايته وفي بلادنا أناس يستغفرون، ظللنا نحن أهل السودان بغير انقطاع يحدونا الأمل الأخضر في فجر قريب ومستقبل مشرق نرقب فيه ،ديمقراطية راجحة ولا شك عائدة ولولا ذلك الأمل، لمات جمعنا وانقطع خبرنا.وظلت غالبيتنا تؤمن ايمان العجائز الذي لا يتزحزح :ما الانقاذ الا سحابة صيف عابرة ستتفرق مهما تطاول زمنها ويذهب باطلها في الأرض زهوقا وجفاء. وليس ذاك من باب الأحلام و التخريف ولكن بما يظهر من أسباب الفشل وفقدان الأهلية حيث سعى حزب صغير لا يجد القبول في وطنه ولا خارجه الى السلطة انقلابا وأخذ يسعى منذ يومه الأول ،في أرض الوطن فسادا يقتل ويفرق ،يكذب ويخادع ويرتكب من الموبقات ما يغضب ربه ويخرب بلده ويسيء الى شعبه ،ومع سوء عمله وعلمنا أن الله لا يبقي الدولة الظالمة وان كانت مؤمنة طال عمره بما يطابق تعريف الشقاء في الشريعة =وهو سوء العمل مع طول العمر.
مع وجود مسوغات موضوعية للاعتقاد بأن الانقاذ فقاعة ذاهبة لا محالة،لكن يكشف هذا الاعتقاد للأسف سذاجة لم تدرك : أن للكارثة التي أسهب الكثيرون في وصفها ،وجه (مخفي في الصندوق)أشد تعقيدا وأبعد غورا وأن العمل على تغيير الوضع الكارثي يتطلب تدابيرا فوق العادة مثلما يقول علماء الكوارث حين تقع كارثة لا بد من تدابير غير عادية تعمل ضمن مصفوفة متناغمة لمجابهة الكارثة ودرأ أثرها .
ووجه السذاجة أن الانقاذ ليست انقلابا عاديا من ذلك الصنف الذي يراود أحلام العسكر يقظة ومناما في الاستيلاء على السلطة غلابا كما أخبرنا العقيد محجوب برير في كتابه:مواقف على درب الزمن.
ولذلك دولته الظالمة لا تزول بالأسباب الطبيعية مثل عدم الأهلية أو استحالة الاستمرارية والتي يكفي لاكتشاف مداها فقط استعراض ما جاء في بيانها الأول مقارنة بين ما كنا فيه قبلها وما حملتنا له الانقاذ اليوم ، مثلما فعل د.الشفيع خضر في مقال عنوانه:ماذا قالت الانقاذ صبيحة 30 يونيو وماذا فعلت حتى صبيحة 30 يونيو 2011(الصحافة 4 يوليو 2011)وما بين القول والفعل في ذلك المقال متنا كمدا وحزنا.وهذه المقارنة بين أمس الانقاذ ويومها بايراد بيانها الأول حجة عليها هي ذات ما فعله الأستاذ قمر الدولة الفكي في نفس الجريدة في ذات التاريخ في مقاله :ما بين الانقاذ الأول والحفاظ على وحدة الوطن!
إذن الانقاذ انقلاب غير عادي لأنه مربوط بأجندة شيطانية ولخدمة أهداف محددة ،فكر من هم وراءها في سبل تحقيقها منذ عام 1958(أي بعد سنتين من استقلال السودان وحركتهم بعد زغب الحواصل ) ووضعوا هذا التفكير حيز التنفيذ العملي منذ عام 1979 بادخال كوادرهم الى المؤسسة العسكرية بصورة متعمدة (علي الحاج في حوار سودانيل)وما كتبه محمد عبد العزيز في السوداني 1يوليو تحت عنوان الوصفة السرية لانقلاب الانقاذ.فتلك الكشوفات تلقي الضوء ساطعا على أبعاد سرطانية معقدة لذلك الانقلاب الجبهوي الذي نزل على بلادنا شرا مستطيرا.
كتب الأستاذ سالم احمد سالم في وسائط الكترونية متعددة مقال عنوانه (الحركات الباطنية احتلت السودان ..وتتربص السعودية ومصر) وقد وافقته على ما جاء في مقاله ذاك الذي يتحدث عن أن للحركة المسماة اسلامية أهدافا باطنية لا تحرم حراما في سبيل تحقيق مراميها الأممية وهم لا يعتبرون السودان الا مرحلة في الطريق للتمدد لذلك لا يؤلمهم بتر أجزاء منه ولا يهمهم نقصان أهله وزرعه وضرعه ،ولكن سواء وافق الناس على ذلك الطرح أو اعتبروا أن به بعض المبالغة فالذي لا يستطيع أحد المغالطة فيه ونراه رأي العين أن ما حدث في 30 يونيو لم يكن انقلابا عاديا مثل انقلاب نوفمبر وظروفه خاصة فقد كان رئيس الوزراء المنتخب قد أوعز للقيادة العسكرية الاستيلاء على الحكم بما تصور أنه سيخرج السودان من مخاطر وشيكة بشروط العودة للحياة النيابية ورغم أن ذلك الترتيب لم يسر كما هو متفق عليه وقد تبين الأميرالاي عبدالله خليل خطأه صبيحة الانقلاب بعد أن سبق السيف العزل، لكن عبود بعد ست سنوات لم يحّكم رأسه ويأبى تسليم السلطة للشعب حين رأى بأم عينيه عدم الرضا الشعبي والاحتجاجات الواسعة في 64 وما أن سقط القرشي شهيدا حتى كان دمه مهرا لتنازل عبود عن السلطة.
كان انقلاب مايو من باب الغرور الذي ينتاب صغار الضباط بمقدرتهم على الاصلاح وانبهارهم بنماذج انقلابات ذلك الزمان مثل انقلاب جمال عبد الناصر في مصر والقذافي في ليبيا وشرعية تلك الانقلابات أتت من ارتباط بلدانهم قبل ثوراتهم بالتبعية للأجانب أي كان لانقلاباتهم تلك أبعادا تحريرية ، لذلك مثلت تلك الانقلابات أو الثورات نماذج يحتذى بها ويقتدى فكان نميري ومن معه أسرى لذلك الاعجاب دون أن تسمح لهم ثقافتهم المحدودة اضافة لغباشة مفاهيم الخطأ والصواب لديهم بادراك أن الديمقراطية حتى وان كانت سيئة هي أفضل وسيلة للحكم.كما لا يمكننا استبعاد العامل المصري في انقلاب مايو فمصر التي تغير مطلبها في السودان من التبعية تحت التاج المصري لشكل آخر يضمن به تبعية الحكومة السودانية وخضوعها للمصالح المصرية أولا لم تكف عن التدخل في الشأن السوداني ومع ذلك قد كاد عمرمايو الأول أن ينقضي بعد 8 سنوات لولا أن نفخ الروح في صورتها ، من قاموا فيما بعد بانقلاب يونيو 89 ،بأجندات انتهازية تريد التمهيد للسيطرة الكاملة على الحكم فيما بعد وقد استفاد حزب الحركة الاسلامية من المصالحة الوطنية في 1977 بما لم يحدث لأي حزب آخر حتى لحزب الأمة الذي قادها وذلك أنهم في الحركة المسماة اسلامية لم يجعلوا معياري الخطأ والصواب ضمن المعادلة التي غرقوا بها في وحل مايو وأعانوها في التهريج باسم الدين .
حاولنا بذلك الاستعراض السريع للانقلابات السودانية التي سيطرت على الدولة السودانية منذ الاستقلال اثبات أن الانقاذ كانت انقلابا من نوع خاص ، هدفه الهيمنة والسيطرة على المجتمع وتلك عقيدة شيوعية المنبت (يرى غرامشي أنه لا يكفي الوصول للسلطة والاحتفاظ بها للسيطرة على جهاز الدولة ولكن لا بد من تحقيق الهيمنة على المجتمع -برهان غليون محاضرة في جامعة قطر بعنوان :المجتمع المدني والدولة )وقد ذّكرنا الامام الصادق المهدي في كتابه بعنوان: الديمقراطية راجحة وعائدة أن هناك اعجابا خفيا يضمره الاخوان للشيوعيين ورغم تباعد التنظيمين عقديا بما يفصل بين الأضداد لكنهما وجهين لعملة واحدة :احدهما يبيع الناس أفكار ماركس ولينين والآخر يستغل الدين أفيونا للشعوب يخدر به المشاعر التي فطرتها التدين ، يعي في مؤخرة رأسه هدفه الذي لا يتزحزح: وهو الاستيلاء على السلطة انفرادا وقد أضافوا لفكر غرامشي أبعادا أخرى لتحقيق الهيمنة الكاملة وذلك عن طريق خطوتين:
1- تهديم بنية المجتمع القائمة وازالتها.
2- ومن ثم إعادة صياغة إنسان السودان لتحقيق هدف التغيير الكلي في أفكار الناس وميولهم وأعرافهم ،بعملية (اعادة الصياغة).وإعادة الصياغة عن طريق ما يعرف في علم الاجتماع باعادة التنشئة الاجتماعية أمر ممكن للكبار مثل ما يحدث في الجيش أوفي السجن والمؤسسات المشابهة التي تحتاج لفرد بمواصفات خاصة.
في ذلك السبيل عمد الانقاذيون الى افراغ المجتمع السوداني من قيمه التي تمثل الشحم واللحم الذي يقي ويحمي عظمه من الانحرافات والانجرافات وتم ذلك بخلق الظروف المؤدية لهشاشة المجتمعات مثل الحروب والمجاعات والفصل للصالح العام والتشريد ومحاولة القضاء على كل ما يمثل السودان القديم مثل مشروع الجزيرة والأحزاب السياسية خاصة ذات الارتباط بالخصوصية السودانية مثل حزب الأمة مما يجعل المجتمع طريا وهشا متجردا من دفاعاته الطبيعية المستمدة من الدين والمنظومات الأخلاقية والأعراف وما تتناقله الذاكرة الجمعية للمجتمعات عبر الأجيال من أجل المحافظة على البقاء وهي وسائل يحافظ بها المجتمع على بنيته وتماسكه في حال الاستقرار .
كيف تم ذلك؟
لو وضعنا على الطاولة عدد سكان السودان وهم حوالي 39 مليون نسمة حسب تعداد 2009 (قبل الانفصال) لنرى مصائرهم على ضوء نظرية الهدم للبناء أو الفوضى الخلاقة حسب رؤية الانقاذ ، لصدمنا من حقائق الأرقام الباردة :
من عدد ال39 نستبعد الأطفال وهم حوالي 43 %أي حوالي 16مليون طفل (0-14) سيتم اخضاعهم لوسائل التنشئة الاجتماعية وفق الرؤى الانقاذية عن طريق المدرسة والمنهج التعليمي والمدرسة من آليات التنشئة الاجتماعية وتأتي الثانية من حيث الأهمية بعد الأسرة حسب علم الاجتماع من حيث التأثير على النشء مع تقليل أثر الأسرة عن طريق الانشغال في سد الرمق ومقابلة تكاليف الحياة المتنامية .
ما بين 6-8 مليون هم عدد السودانيين اللاجئين في أركان الدنيا الأربعة هؤلاء افتراضا يتم عبر سنوات هجرتهم المتطاولة ابدال صورة الوطن في مخيلتهم بانتماءات أخرى وعند البعض في المهجر خاصة الأجيال الجديدة يصبح مصير الوطن بلا أهمية فيتم التخلص منهم بهذه الطريقة.
8مليون هم عدد سكان الجنوب الذي تم التخلص منه بعد أن استعصى على الاخضاع حربا، بانفصال عدائي (بما نشهد من حروب بالاصالة وبالوكالة بين الشريكين أو الدولتين بعد يومين في 9 يوليو).
6 مليون هم سكان السودان في المناطق الحدودية بين الشمال والجنوب ينشغلون بحروب البحث عن الكلأ والمرعى بسبب الانفصال العدائي.
7مليون سكان دارفور المنغمس في حرب تدور رحاها منذ 2003.
4 مليون سكان كردفان التي أمر الرئيس بتصعيد الحرب فيها وهي حرب لم تهدأ أصلا منذ يونيو المنقضي.
ما تبقى من أهل السودان تتكفل به سياسات الفصل للصالح العام والمظالم التي لا تنقضي وسياسات التفرقة القائمة على فرق تسد وكشكش تسد.
وتأتي الأخبار بما يمكن اضافته لهذه السياسات (السكانية) الهدامة التي ترمي لتغيير ديمغرافية السودان بصورة كاملة تهيئة لتحقيق الهدف الثاني وهو اعادة صياغة الانسان السوداني بحسب ما تهوى الانقاذ، والا فكيف نفسر تهجير السكان في مناطق في الشمالية لاقامة بعض السدود التي قال الخبراء أن نفعها ليس للسودان وكيف نفسر هذا الكرم الحاتمي الذي يرحب باستقدام 10مليون مصري وتسكينهم في الشمالية واعطائهم أرض فتلك العشرة ان وزعت على كل السودان لاسهمت في تغيير ديمغرافيته فكيف بعشرة مليون ينزلون على مليون ونصف هم سكان الشمالية.
لا يتحدث احد عن عنصر آري نريد حفظه لكننا لا ندعو الى ضياع هويتنا السودانية والتمازج والعلاقات العابرة للحضارات أمر ايجابي ان تم في ظروف طبيعية تجعل التبادل متدرجا ومتناغما أما ما تتحدث عنه الصحف وتتناقله وسائل الاعلام ، لا شك سيحول منطقة نزول تلك الأعداد الى ولاية تابعة لمصر بدليل زيارة محافظ اسوان برا كما ورد في الصحافة يوم 3 يوليو وهو ما يجعلنا على ضوء التقرير الذي أورده ماجد محمد علي في الصحافة يوم 2 يوليو نقول والحسرة تملؤنا نحن دعاة السودان للسودانيين ( ان الزيارة تأتي لمعاينة حدود محافظته الجديدة) .
نعلم أن لنا مع مصر عرقا يجب أن يكون نابضا ولكن من يدخل في هذا الأمر دون بصيرة سيوردنا موارد التهلكة والبصيرة التي يجب بها تناول مثل هذه الملفات الخطرة تتمثل في وجوب ادراك الخلفية التاريخية لعلاقتنا مع مصر .على مدى تاريخنا الحديث كان المصريون ينظرون للسودان نظرة التابع الذي مرق فالمهدية عندهم تمرد على سلطان مصر والاستقلال كانت مصر عقبته الكؤود حتى تجمعت الأسباب التي لم تكن مواجهتها ممكنة فانحنت الثورة المصرية التي قامت في يوليو 1952 للعاصفة ولكنهم لم يصرفوا النظر عن الشأن السوداني فحاولوا السيطرة عليه عن طريق حكومة تابعة بتدخلات سافرة في الحياة النيابية و بما أنفقوا من أموال أفسدوا بها الديمقراطية الوليدة في انتخابات 1954 وبعد الاستقلال الذي لم يتمكنوا من تحويل مساره ليكون السودان تحت التاج المصري بفضل الاستقلاليين حراس مشارع الحق حاولوا ذلك عن طريق الانقلاب على الحكومات الديمقراطية التي لم ترضخ لمطالبهم فكانت الانقلابات العسكرية التي تخضع لما يراه حكام مصرهي الوسيلة المرحب بها على مدى العلاقات السودانية المصرية.
كنا قد قلنا أن الانقاذ تريد الهدم لتبني انسان السودان وفق رؤى خاصة لكن طبعا العبد في التفكير والرب في التدبير والأمور حينما يكون موضوع معاملتها الانسان لا تمضي حسب ما هو مخطط له،كما أن سنن الله وآياته تؤكد أن المكر السيء لا يحيق الا بأهله كما في قوله تعالى :(استكبارا في الأرض ومكر السيء ولا يحيق المكر السيء الا بأهله فهل ينظرون الا سنت الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا)فاطر آية 45.
فكانت النتيجة أن مشروع الهدم استغرق عمر الدولة كله ولم يكتمل –ولله الحمد والمنة وبالتالي لم تأت الفرصة لمرحلة اعادة البناء وفق الرؤى الانقاذية كما أن المكر السيء كما وعد ربنا أحاط بأهله احاطة السوار بالمعصم :بدأ التشاكس بين الانقاذيين مبكرا وبلغ مداه في عشريتهم الأولى وهم ما زالوا يتناقصون ويتعاركون في عروض على الهواء الطلق بما يذهب بعض غيظنا ويجعلنا نصف بيت الانقاذ ببيت العنكبوت الذي وصفه سبحانه وتعالى في فوله : (مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاوإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون)العنكبوت آية 41 وقد أثبت به العلم اعجاز القرآن حين تفسيره بأن بيت العنكبوت لا يقصد به الخيوط التي تصنعه فليست هي من أوهن البيوت كما يصطاد به حشرات كبيرة ويقتلها والعين المجردة تراه فهناك أصغر وأضعف منه فجاء علم الحشرات ليكشف أن بيت العنكبوت هو أسرة العنكبوت والتي ثبت أنها الحشرة الوحيدة التي يقتل فيها الأب والأم بعضهما بعضا وكلاهما يقتل الصغار وصغارهم يأكلون أمهم وأبيهم متى ما أتيحت لهم الفرصة(عماد وعلاء محمد بابكر ،آذان الأنعام،ص66) .أليست هذه هي حالة أهل الانقاذ؟ فلنستدع من الذاكرة مجلسهم الأربعيني والأسماء التي لمعت في سماء الانقاذ ثم أفلت لندرك أن الانقاذ حالها من حال العنكبوت وبيتها مثل بيته من أوهن البيوت !
نختم بما قاله د.عبد الوهاب الأفندي الفار بجلده من (عمايل الانقاذ) في أحداث الثلاثاء 5 يوليو بعد أن استعرض ما يعتصر الانقاذ من ورطات هي عاملها المشترك مما يجعلنا نقرر اهتداء بقصة موسى القرآنية أن هذا العامل المشترك هو الغوي المبين فان كان هذا العامل المشترك أي الانقاذ مستهدف من القوى الدولية بسبب السياسات الخرقاء أو استضعافا لابد من تغيير جذري يحسم هذه المسألة من أساسها.وبعد الذكر نردد مع الأفندي صحيح نريد تغييرا جذريا يحسم هذا الأمر من أساسه.
وسلمتم
umsalama alsadig [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.